جامعة القاهرة تحافظ على ريادتها في تصنيف المجلات العلمية الصادرة باللغة العربية
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
أعلنت جامعة القاهرة أن تقرير معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربي "آرسيف 2025" أظهر استمرار تميز وريادة الجامعة في مجال النشر العلمي باللغة العربية، حيث حافظت الجامعة على موقعها المتقدم عربيًا من خلال تفوق مجلاتها العلمية والبحثية في مختلف التخصصات، وهو ما يعكس نجاح الجامعة في تنفيذ استراتيجيات فعالة لدعم البحث العلمي وتعزيز جودة النشر الأكاديمي.
وأوضح التقرير أن الفرق العلمية التابعة لـ"آرسيف" قامت بتحليل نحو 5,500 مجلة علمية وبحثية صادرة باللغة العربية، تنتمي إلى حوالي 1,500 هيئة علمية في 20 دولة عربية و8 دول أجنبية، وقد نجحت 1,272 مجلة في استيفاء 32 معيارًا دوليًا معتمدًا تماثل المعايير العالمية لمعاملات التأثير الدولية.
واحتلت مصر المركز الأول عربيًا في نتائج معامل التأثير العام لـ"آرسيف"، تلتها السعودية، في حين جاءت الجزائر في صدارة الدول من حيث عدد المجلات العلمية (426 مجلة)، وجاءت مصر في المرتبة الثانية بـ(364 مجلة)، تلتها العراق (122 مجلة)، ثم السعودية (75 مجلة)، والأردن (45 مجلة).
وعن إنجازات مجلات جامعة القاهرة وفق تقرير "آرسيف 2025"، أظهر التقرير في مجال العلوم الاقتصادية والمالية وإدارة الأعمال، محافظة مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة على موقعها في المرتبة الأولى عربيًا، تأكيدًا لريادتها الممتدة ومساهماتها البحثية المؤثرة في قضايا الاقتصاد والتنمية والإدارة العامة.
وفي مجال العلوم السياسية، واصلت مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة تربعها على المرتبة الأولى عربيًا، لتؤكد مكانتها المتميزة بين المجلات الأكاديمية المتخصصة في الشأن السياسي، وما تمتاز به من عمق تحليلي ورصانة فكرية تسهم في تطوير حقل الدراسات السياسية العربية.
وفي مجال علم المكتبات والمعلومات، حققت المجلة العلمية للمكتبات والوثائق والمعلومات – جامعة القاهرة إنجازًا لافتًا بحصولها على المرتبة الأولى عربيًا، بفضل جودة أبحاثها واعتمادها منهجيات بحثية حديثة تستجيب للتحولات الرقمية في إدارة المعرفة والمعلومات.
وفي مجال العلوم التربوية والإنسانية، سجّلت مجلات جامعة القاهرة حضورًا قويًا ومتعددًا، حيث جاءت مجلة العلوم التربوية ومجلة كلية الآثار ضمن الفئة الأولى (Q1) على المستوى العربي، بينما صُنّفت مجلة الدراسات الإفريقية ومجلة الطفولة ضمن الفئة الثالثة (Q3)، وهو ما يعكس تنوع الإنتاج العلمي في مجالات الفكر والتربية والتراث والدراسات الإفريقية.
كما برزت جامعة القاهرة بقوة في مجال العلوم الاجتماعية، حيث احتلت المجلة المصرية لبحوث الإعلام المرتبة الثانية من أصل 33 مجلة ومصنفة ضمن الفئة (Q1)، تلتها المجلة المصرية لبحوث الرأي العام في المرتبة الثالثة (Q1)، وجاءت المجلة العلمية لبحوث الصحافة في المرتبة الخامسة (Q2)، والمجلة العلمية لبحوث العلاقات العامة والإعلان في الفئة (Q2).
في السياق ذاته، حصدت المجلة المصرية للسكان وتنظيم الأسرة تصنيف (Q1)، فيما جاءت مجلة اتحاد الجامعات العربية لبحوث الإعلام وتكنولوجيا المعلومات في المرتبة السابعة (Q3)، إلى جانب المجلة الأكاديمية للبحوث التجارية المعاصرة المصنفة ضمن الفئة الرابعة (Q4) من أصل 192 مجلة عربية.
وصرّح الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، بأن النتائج المتميزة التي حققتها الجامعة في تقرير "آرسيف 2025" تعكس التزامها المتواصل بالتميز البحثي، وحرصها على تطبيق أعلى المعايير الدولية في النشر العلمي، مؤكدًا على أن هذا الإنجاز هو ثمرة جهود الباحثين وهيئات تحرير المجلات، ودليل على الدعم المؤسسي المستمر لمجلات الجامعة.
وأشار إلى أن الجامعة ستواصل تقديم الدعم الكامل لأعضاء هيئة التدريس والباحثين لتطوير قدراتهم البحثية والنشر في مجلات علمية رفيعة المستوى، بما يواكب استراتيجية الجامعة نحو الريادة العالمية.
من جانبه، أشاد الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، بالنتائج المتميزة التي حققتها الجامعة، مؤكدًا أن التزام الباحثين بمعايير النشر الدولي يرسّخ مكانة جامعة القاهرة كصرح أكاديمي رائد على المستويين الإقليمي والدولي.
يشار إلى أن معامل التأثير "آرسيف" يخضع لإشراف مجلس تنسيقي يضم ممثلين عن مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية ببيروت، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، فضلًا عن قاعدة بيانات "معرفة"، ولجنة علمية من خبراء وأكاديميين من عدة دول عربية وبريطانيا لضمان النزاهة والشفافية في عمليات التقييم العلمي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة القاهرة دعم البحث العلمي
إقرأ أيضاً:
المجلات العلمية بين التوثيق التاريخي وإثراء الحياة الثقافية
للمجلات العلمية دور بارز في صناعة الثقافة والمعرفة المستدامة؛ لأنها تشكل رافدًا أساسيًا من هذه المعرفة، وتؤدي غرضًا للتوثيق التاريخي للأطوار التي يمر بها المجتمع والحالة الثقافية والفكرية التي يعيشها، لاسيما تلك التي تناقش المجالات المعرفية والفكرية بحيادية واستقلالية لا تتدخل فيها الأجندة التي يُمكن أن تؤدي إلى نشر أوراق لا قيمة علمية لها؛ وبالتالي فإن محاولة دراسة أو تتبع تأثير المجلات العلمية على الحياة الثقافية وإسهامها في توثيق التطور المجتمعي مهمة لتحسينها ومعرفة جوانب النقص أو التحسين الممكنة، أو محاولة وصف كيفية إسهامها على الأقل وأهمية استقلالها العلمي.
تنقل المجلات العلمية الأبحاث المكتوبة من التخصصية الضيقة إلى الفضاء الثقافي العام، بحيث يُمكن لغير المتخصص أن يقرأ في الموضوع دون الحاجة اللازمة لمعرفة التخصص معرفة دقيقة، وعلى الرغم من أن المقالات عادة تناقش أو تحاول سد فجوات معينة في موضوع الكتابة، إلا أنها لا تتعمق تعمقًا مبالغًا فيه تخصصيًا، سوى في بعض المجلات العلمية أو بعض المقالات، أما الغالب فيمكن للقارئ العادي قراءته، وبالتالي، فإن دور المجلات العلمية هنا هو أن تنقل النقاش أو الحوار من الدوائر الضيقة التي يُمكن أن تكون في غرف الأكاديميا أو المحاضرات الجامعية، إلى النقاش الثقافي الأوسع الذي يشارك في تحسينه أو تجويده أو نقده الجميع، دون الحاجة إلى الرخصة الأكاديمية أو العلمية، لكن هذا لا يدعو أيضًا أن يكون النقاش نابعًا من توجهات أو نظرات تنميطية مسبقة، وإنما يكون نقاشًا يحاول الوصول إلى الموضوعية ولو بشكل قليل، ويسهم في وضع لبنة في بناء النقاش.
هذا يسمح للباحثين والمجتمع أن يتحاوروا بشكلٍ علمي وقادر على البناء المعرفي بشكل أكبر، إذ نقل النقاشات وما يدور فيها إلى المجتمع يطور الحاسة النقدية ويسمح بزيادة «التقدم» المعرفي. فضلا عن ذلك، فإن المجلات العلمية تشكل ذاكرة معرفية تحفظ التحولات الفكرية والاجتماعية للأمم، إذ إن هذه الدراسات المكتوبة في المجلات تتيح للباحثين المستقبليين أن يستخدموها مصادر لتتبع التطور الذي شهدته المجتمعات وما جرى فيها من نقاشات ومطارحات فكرية وعلمية والسياقات المحلية والعالمية التي أدت إلى هذه النقاشات، فعلى سبيل المثال يُمكن دراسة الحالة العلمية والمعرفية للمنطقة خلال الإبادة الجماعية لغزة بعد 2023 من خلال تتبع المقالات والدراسات العلمية المنشورة في المجلات التي كتبت حول هذه المسألة، والمقارنة بين مجتمع وآخر أو دولة وأخرى في المواقف والقرارات.
وفي عمان، شهدت الحياة الثقافية ظهور العديد من المجلات التي تنشر دراسات محكّمة، ينبغي الالتفات لها وتتبعها ودراستها. وقبل الإشارة لعينات تمثيلية من المجلات العمانية، لابد من ذكر مجلة الغدير التي صدر أول عدد لها في 1977 على يد أحمد الحارثي رئيسًا للتحرير، وأحمد الفلاحي مديرًا للتحرير، وتوقفت في 1984، وهي بحاجة لإعادة البحث فيها أو إنتاجها لما تمثله من قيمة علمية وثقافية في وقتها. من ضمن العينات التمثيلية للمجلات في العصر الحديث مجلة التسامح التي صدرت لأول مرة في 2003 عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وكان الهدف المعلن منها كما ورد في العدد الأول أنها ترسخ «الإسلام الذي يقوم على التسامح وحق الاختلاف وتعددية وجهات النظر» و«إعادة الاعتبار للاجتهاد بوصفه مسألة حيوية في الفكر الإسلامي من أجل تجديد ذاته في مواجهة العصر ومتغيراته» و«العمل على إصلاح مواطن الخلل في الفكر الإسلامي» وكانت تعنى بالخطاب الإسلامي في العموم وشؤون الحياة المعاصرة كما ورد في الصفحة الأولى من العدد الأول، والتي تحول اسمها لاحقًا لمجلة «التفاهم». ومجلة نزوى، المجلة الأكثر شهرة على الأرجح، التي صدرت لأول مرة في 1994 عن دار جريدة عمان للصحافة والنشر(آنذاك)، وتذكر في العدد الأول أنها جاءت «كمتطلب ثقافي ضروري في مسار الثقافة العمانية ومحاولة بلورة خصوصيتها وأصواتها وروافدها المتعددة» (ص4)، واستطاعت مجلة نزوى أن تصدر حتى الآن مائة وثلاثة وعشرين عددًا، آخرها كان في يوليو، 2025، واستقطبت العديد من الكتّاب والباحثين وأصبحت مقروءة بشكل كبير في الدول العربية على العموم. وآخر المجلات العلمية التي صدرت مجلة الدراسات الاستراتيجية والدفاعية عن أكاديمية الدراسات الاستراتيجية والدفاعية بوزارة الدفاع، صدر العدد الأول منها في إبريل 2025، والهدف من صدورها هو «نشر بحوث عالية الجودة في مجالات الدراسات الاستراتيجية والدفاعية بهدف تعزيز الحوار العلمي وتقديم المعرفة في هذه المجالات»، وقد نشرت عدة دراسات محكمة في المجلة.
من خلال النماذج السابقة يُمكن تبين أن المجلات العلمية تحفظ السجلات الفكرية والتحولات الاجتماعية والسياسية في المجتمع، وعليه فإنها توثق لفترات تاريخية يُمكن أن تكون مصادر أولية للباحثين الذين يودون تتبع التطور الفكري والمعرفي للمجتمع خلال الفترات المختلفة، فعلى سبيل المثال، يُمكن تتبع التطورات الفكرية والمعرفية والمجتمعية والسياسية من خلال تتبع الموضوعات المطروحة في مجلة نزوى من العدد الأول في 1994 وحتى العدد الأخير في 2025، وإذا افترضنا وجود مجلات عديدة تناقش مجالات مختلفة يصبح التتبع أكثر ثراء وقوة.
وإذا كانت الصحف اليومية تشكّل ثراء راهنًا أو لحظيًّا بما يُكتب فيها من مقالات رأي أو حول القضايا وجوانب الثقافة، فإن المجلات العلمية تُعنى بالعمق التحليلي والمعرفي، وليست بالضرورة مرتبطة براهنية زمنية معينة، إلا بمقدار الفترة التي تشتغل عليها الدراسة الموضوعة في المجلة، وبالتالي فإن وجود الصحف لا يغني عن المجلات المتخصصة، إضافة إلى أن المجلات تفترض سياسات تحكيمية ومعايير علمية أكثر دقة من الصحف اليومية، مما يجعلها أكثر ثراءً وقوة.
بالنسبة للمجلات العمانية، فمن الانتقادات التي يُمكن توجيهها إليها، أنها ليست مستقلة في أغلبها، إذ الأغلب يتبع مؤسسة حكومية معينة تمثّل الممول الرئيس، ولعدم وجود مراكز أبحاث مستقلة، فإن المجلات المستقلة غير موجودة تقريبا، ومن المهم والضروري أن تكون المجلات العلمية مستقلة حتى تحافظ على مصداقيتها وقوتها، إذ هي لا تتبع أي أجندة معينة، وبالتالي تتخذ من المنطلق المعرفي أساسًا لها، وكذلك حتى لا ترتبط بالضرورة بشخصيات معينة، تنتهي بانتهاء فتراتهم الوظيفية، ولذلك فالاستقلالية بالنسبة للمجلات العلمية مهمة وضرورية، وهذا يتعلق أيضًا باستقلالية لجان التحكيم فيها حتى تضمن قبول المقالات ذات المنهجية العلمية الجيدة، وهنا تتكون مشكلة أخرى يُمكن أن تواجه هذه المجلات وهي القدرة على الموازنة بين الجاذبية الثقافية والصرامة الأكاديمية، بحيث إنها تبقى مقروءة وتؤثر في الحياة الثقافية للمجتمع ولا تبقى في معزل عنه، وفي الوقت ذاته تلتزم بالمعايير الأكاديمية التي تحفظ جودتها ودقتها ومصداقيتها، وقد استطاعت العديد من المجلات العربية أن تحافظ على هذه الموازنة وتكوّن جمهورًا دائمًا لها.