نشر موقع "كونفيرزيشن" مقالا لأستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة أنغليا روسكن، جاستن ستيبينغ، تناول علاجا جديدا لمرض السرطان قد يُحدث نقلة نوعية في علاج السرطان، يعتمد على الضوء وتقنيات النانو.

ويرى الباحثون أن هذا النهج يمكن أن يمهّد لعصر جديد من العلاجات غير الجراحية، الآمنة والميسورة التكلفة، التي تستهدف الأورام بدقة وتقلل من المعاناة الجسدية والنفسية لمرضى السرطان.



وفيما يلي نص المقال:

علاج السرطان قطع شوطا طويلا، لكن العديد من علاجات اليوم لا تزال تُسبب تكاليف باهظة: ليس فقط مالية، بل جسدية ونفسية أيضا. لا يزال العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي أدوات حيوية، إلا أنهما غالبا ما يُلحقان الضرر بالخلايا السليمة إلى جانب الخلايا السرطانية، مما يُرهق المرضى ويُعرضهم لآثار جانبية طويلة الأمد.

ويبحث الباحثون حول العالم عن علاجات فعالة ولطيفة، قادرة على استهداف الأورام بدقة مع الحفاظ على سلامة باقي الجسم.

أطلق باحثون أمريكيون الآن علاجا جديدا واعدا قائما على الضوء، يُمكن أن يُحدث نقلة نوعية في طريقة علاج السرطان. يجمع اكتشافهم بين ضوء LED القريب من الأشعة تحت الحمراء ورقائق نانوية من أكسيد القصدير، تُعرف باسم رقائق SnOx النانوية، لقتل الخلايا السرطانية مع الحفاظ على سلامة الخلايا السليمة.

يُمثل هذا تقدما هاما في مجال العلاج الضوئي الحراري، وهي تقنية تستخدم الضوء لتسخين الأورام وتدميرها. في هذه الحالة، تعتمد العملية على أنظمة LED منخفضة التكلفة وسهلة المنال، بدلا من الليزر المتخصص. يُقلل هذا النهج من تلف الأنسجة المحيطة، وقد يُقدم يوما ما بديلا أكثر أمانا وأقل تدخلا من العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي.

يتمحور هذا الابتكار حول مفهوم بسيط: استخدام الضوء لتوليد حرارة موضعية تستهدف الخلايا السرطانية وتقضي عليها. صمم الفريق رقائق SnOx النانوية لامتصاص ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة بكفاءة، وهو طول موجي يُمكنه اختراق الأنسجة البيولوجية بأمان.

عند إضاءتها، تعمل هذه الرقائق النانوية كسخانات مجهرية، مُنتجة حرارة كافية لتعطيل أغشية الخلايا السرطانية وبروتيناتها، مما يُؤدي في النهاية إلى موت الخلايا. تبقى الأنسجة السليمة غير متأثرة إلى حد كبير لأنها أقل حساسية للحرارة، ولأن الرقائق النانوية يُمكن توجيهها تحديدا نحو الخلايا الخبيثة.

تعتمد عملية التسخين المُستهدفة هذه، المعروفة باسم العلاج الضوئي الحراري، على آلية فيزيائية وليست كيميائية. هذا يعني أنها يُمكن أن تُجنب العديد من الآثار الجانبية الجهازية التي تُلاحظ عادة مع العلاج الكيميائي.

تستخدم أنظمة العلاج الحراري الضوئي التقليدية أشعة الليزر لقدرتها على تركيز الضوء بدقة في أعماق الأنسجة. ومع ذلك، فإن هذه الشدة نفسها قد تُلحق الضرر بالخلايا السليمة، وتتطلب معدات باهظة الثمن، وتُقيد استخدامها في منشآت متخصصة للغاية.



في هذه الدراسة، استبدل الباحثون أشعة الليزر بمصابيح الثنائيات الباعثة للضوء (LEDs)، التي تُصدر طيفا أوسع وألطف من الضوء. تُنتج مصابيح LED تسخينا أكثر اتساقا، وهي أقل عرضة لحرق أو إتلاف الأنسجة السليمة. كما أنها غير مكلفة وسهلة الحمل، مما يجعلها مناسبة تماما للاستخدام السريري أو حتى المنزلي.

في الدراسات المخبرية، دمر ضوء LED، الممزوج برقائق SnOx النانوية، ما يصل إلى 92% من خلايا سرطان الجلد و50% من خلايا سرطان القولون والمستقيم في غضون 30 دقيقة. لم تتأثر خلايا الجلد البشرية السليمة. هذا المستوى من الانتقائية يجعل هذه التقنية واعدة بشكل خاص لأنواع السرطان مثل الورم الميلانيني وسرطان الخلايا القاعدية، والتي يمكن علاجها مباشرة من خلال التعرض للضوء.

هذه الدقة نادرة في تقنيات العلاج الحراري الضوئي، والتي غالبا ما تُخاطر بإتلاف الأنسجة المحيطة.

العلم الأساسي ذو أهمية مماثلة. أكسيد القصدير مادة مستقرة ومتوافقة حيويا، تُستخدم بالفعل في الإلكترونيات. بتحويل ثاني كبريتيد القصدير (SnS₂) إلى رقائق نانوية من أكسيد القصدير المؤكسج، ابتكر الباحثون هياكل تمتص ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة بفعالية أكبر.

يُحسّن هذا التحويل الأداء الضوئي الحراري، ويسمح بتصنيع الرقائق النانوية باستخدام طرق تركيب مائية غير سامة. تتجنب هذه العملية المذيبات الضارة وخطوات التصنيع المكلفة، مما يجعلها قابلة للتطوير ومستدامة ومناسبة للتطبيقات الطبية.

يتصور الفريق أجهزة LED مدمجة يمكن تطبيقها مباشرة على الجلد بعد إزالة الورم جراحيا لتدمير أي خلايا خبيثة متبقية وتقليل خطر تكرارها.

على سبيل المثال، بعد إزالة الورم الميلانيني أو سرطان الخلايا القاعدية، يمكن لجهاز LED يشبه الرقعة الطبية أن يُصدر ضوءا مُركزا لتنشيط الرقائق النانوية في موقع الجراحة. هذا النوع من العلاج المحمول والمنزلي يمكن أن يجعل رعاية مرضى السرطان بعد الجراحة أكثر أمانا وراحة وأقل اعتمادا على زيارات المستشفى.

يفتح هذا الابتكار الباب أيضا أمام العلاجات المركبة. يُمكن للعلاج الضوئي الحراري أن يجعل خلايا السرطان أكثر عرضة لأشكال أخرى من العلاج، مثل العلاج المناعي أو الأدوية المُوجَّهة.

يمكن للحرارة المُولَّدة من الضوء أن تُضعف خلايا الورم، وتجعل أغشيتها أكثر نفاذية، وتُحفِّز استجابات مناعية تُساعد الجسم على تحديد السرطان وتدميره. يُمكن أن يُؤدي دمج العلاج الضوئي الحراري القائم على الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) مع مناهج أخرى إلى جعل خطط العلاج أكثر دقة وفعالية وأقل سُمِّية.

على الرغم من أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن الباحثين يُحسِّنون هذه التقنية ويستكشفون تطبيقات جديدة. ويدرسون كيف تؤثر الأطوال الموجية المختلفة وأوقات التعرض على النتائج، ويبحثون فيما إذا كانت مواد أخرى مُشابهة لأكسيد القصدير قادرة على الوصول إلى أنسجة أعمق، مثل تلك المُصابة بسرطان الثدي أو سرطان القولون والمستقيم.

وهناك مجال آخر للتطوير يتمثل في أنظمة النانو فليكس القابلة للزرع: وهي أجهزة صغيرة متوافقة حيويا يُمكن أن تُوفِّر تحكما ضوئيا حراريا مُستمرا داخل الجسم.

تُعَدُّ إمكانية الوصول أحد أكثر جوانب هذا العمل إثارة. نظرا لأن الأجهزة القائمة على الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) غير مُكلفة التصنيع وسهلة التشغيل، يُمكن استخدامها في المناطق منخفضة الموارد حيث يكون الوصول إلى رعاية مرضى السرطان محدودا.



يمكن أن يُسهّل هذا تعميم العلاج المتقدم بتوسيع نطاقه ليشمل ما هو أبعد من المستشفيات الكبرى. بالنسبة للسرطانات السطحية التي تُكتشف مبكرا، قد يُدمج علاج الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) في إجراءات العيادات الخارجية أو الإجراءات التجميلية، مما يُقلل من وقت التعافي ويُحسّن جودة الحياة.

تُعد السلامة ميزة رئيسية أخرى. يُلحق العلاج الكيميائي الضرر بالخلايا السليمة التي تنقسم بسرعة في جميع أنحاء الجسم، بينما يُمكن أن يُلحق العلاج الإشعاعي الضرر بالأنسجة الطبيعية ويُسبب التعب أو التندب. على النقيض من ذلك، يقتصر العلاج الضوئي الحراري على الموقع المُضاء. لا يُسبب أي سمية جهازية، ولا يُسبب أي تلف تراكمي للأعضاء، ويُسبب أدنى قدر من الازعاج.

تنبع هذه الدقة العالية من كل من الاستهداف البصري والانتقائية البيولوجية للرقائق النانوية، التي تُسخن خلايا السرطان بشكل تفضيلي نظرا لتغير أيضها وحساسيتها الأكبر للإجهاد الحراري.

الخطوة التالية هي ترجمة هذه النتائج المختبرية إلى تجارب ما قبل السريرية، وفي نهاية المطاف إلى تجارب بشرية. في حين لا يزال هناك الكثير من العمل، يُمكن أن يُمثل العلاج الضوئي الحراري المُحرك بالصمام الثنائي الباعث للضوء نقلة نوعية في كيفية علاجنا للسرطان، مما يجعل العلاجات أكثر دقة وبأسعار معقولة وبطريقة أكثر إنسانية.

الضوء، أحد أبسط الطاقات الطبيعية، قد يصبح أداة طبية فعّالة لتدمير الأورام بشكل انتقائي دون الإضرار بالأنسجة السليمة. ومع ابتكارات مثل رقائق SnOx النانوية، تقترب رؤية علاج السرطان غير الجراحي، الموضعي، والمناسب للمرضى، من التحقق بشكل متزايد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة علاج صحة علاج تقنية النانو مرض السرطان المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة صحة صحة صحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخلایا السرطانیة العلاج الکیمیائی الخلایا السلیمة خلایا السرطان علاج السرطان ی مکن أن ی من العلاج التی ت

إقرأ أيضاً:

ثنائية دوائية واعدة قد تغيّر مستقبل علاج سرطان القولون

تشير النتائج إلى أن الجمع بين هذين العقارين قد يمثل اتجاهًا واعدًا في علاج سرطان القولون والمستقيم، ويستحق المتابعة في التجارب السريرية المستقبلية.

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة برشلونة عن إمكانات علاجية واعدة تجمع بين عقاري Palbociclib وTelaglenastat في مواجهة سرطان القولون والمستقيم، والذي يعد ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم. وتشير النتائج إلى أن هذا المزيج الدوائي قادر على تحسين فعالية العلاجات السريرية التقليدية والحد من مقاومة الخلايا السرطانية للعلاج.

نُشرت الدراسة في مجلة Oncogene العلمية، وحددت للمرة الأولى آلية أيضية (استقلابية) حرجة تفسر مقاومة خلايا سرطان القولون والمستقيم لدواء Palbociclib، وهو أحد العلاجات المستخدمة حاليًا في حالات سرطان الثدي المتقدم.

قاد البحث البروفيسورة مارتا كاسكانتي (Marta Cascante)، أستاذة الكيمياء الحيوية والطب الحيوي الجزيئي في كلية الأحياء بجامعة برشلونة، وعضو معهد الطب الحيوي بجامعة برشلونة (IBUB) وشبكة البحوث الإسبانية لأمراض الكبد والجهاز الهضمي (CIBEREHD)، إلى جانب الدكتور تيموثي إم. تومسون (Timothy M. Thomson) من معهد البيولوجيا الجزيئية في برشلونة (IBMB-CSIC) وCIBEREHD، والمدير الحالي لـ معهد البحوث العلمية والخدمات التكنولوجية المتقدمة في بنما (INDICASAT).

وشارك في الدراسة باحثون من جامعة برشلونة ومعهد فرانسيس كريك (Francis Crick Institute) في المملكة المتحدة، إلى جانب منصة المعلوماتية الحيوية التابعة لـ CIBEREHD، وكان الباحثان Míriam Tarrado-Castellarnau وCarles Foguet المؤلفين الرئيسيين للورقة البحثية.

Related الجراحة أم المناعة؟ كيف تؤثر إزالة الغدد اللمفاوية على فعالية علاج السرطان؟ثورة في علاج السرطان.. تقنية صينية لإنتاج ملايين الخلايا القاتلة للأورام بتكلفة منخفضةدراسة تكشف فجوة في التجارب السريرية لعلاج السرطان.. النمو الاقتصادي ليس العامل الحاسم آلية مقاومة معقدة وسبل تجاوزها

يُستخدم دواء "بالبوسيكليب" Palbociclib في علاج سرطان الثدي المتقدم الإيجابي لمستقبلات الإستروجين (ER-positive) والسلبي لمستقبلات عامل نمو البشرة البشري 2 (HER2-negative).

وينتمي الدواء إلى فئة من المثبطات التي تستهدف الكينازات المعتمدة على السيكلين CDK4 وCDK6، وهما بروتينان يتحكمان في انقسام الخلايا ونموها.

ومع أن التجارب السريرية الأخيرة وسّعت استخدام الدواء ليشمل أنواعًا أخرى من السرطان مثل سرطان القولون والمستقيم، إلا أن مقاومة الخلايا السرطانية له ما زالت تمثل تحديًا علاجياً رئيسيًا.

توضح كاسكانتي، الرائدة في مجال الميتابولومكس (Metabolomics) والطب النظامي الموجّه للعلاج الشخصي، أن فريقها سبق أن حدّد آليات مقاومة تشمل فرط التعبير عن الإنزيم الأيضي Glutaminase. وتضيف قائلة:"كنا نعلم أن الخلايا السرطانية تعيد برمجة عملياتها الأيضية لتتغلب على تأثير مثبطات الكينازات، لكننا لم نكن نعرف ما إذا كانت هذه الآليات تمثل أهدافًا علاجية فعالة يمكن الجمع بينها وبين هذه الأدوية".

كيف يعمل المزيج الدوائي الجديد؟

أظهرت الدراسة أن العلاج بـ Palbociclib يؤدي إلى إعادة برمجة أيضية في خلايا سرطان القولون والمستقيم التي تنجو من العلاج، ما يعزز من أيض الجلوتامين (Glutamine metabolism) والنشاط الميتوكندري داخل الخلية — وهي آليات تمكّن الخلايا من مواصلة النمو رغم العلاج.

ولمواجهة ذلك، قام الفريق بدراسة تأثير الجمع بين Palbociclib وTelaglenastat، وهو مثبط انتقائي لإنزيم Glutaminase، المسؤول عن تحويل الجلوتامين إلى جلوتامات.

وأظهرت النتائج أن هذا العلاج المزدوج يوقف التغيرات الأيضية التي تمكّن الخلايا من مقاومة العلاج الأساسي.

وقالت كاسكانتي: "العلاج المدمج يمنع الخلايا السرطانية من الدخول في حالة إعادة البرمجة الأيضية التي تُمكّنها من النجاة من العلاج الأول، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة لتحسين فعالية العلاجات الحالية".

نتائج واعدة في النماذج الحيوانية والمعملية

بيّن الباحثان ميريام تارادو-كاستيلارناو (Míriam Tarrado-Castellarnau) وكارلس فوغيه (Carles Foguet)أن الدواءين ينتجان استجابات أيضية متكاملة، مما يجعلهما مثاليين لمواجهة التأثيرات التعويضية لكل منهما.

وجاء في الدراسة: "الجمع بين Palbociclib وTelaglenastat يؤدي إلى تأثير تآزري قوي يقلل من تكاثر الخلايا السرطانية ويمنع ظهور المقاومة الدوائية، سواء في التجارب المعملية (in vitro) أو في النماذج الحيوانية (in vivo)."

وختم الفريق البحث بالقول: "تشير النتائج إلى أن الجمع بين هذين العقارين قد يمثل اتجاهًا واعدًا في علاج سرطان القولون والمستقيم، ويستحق المتابعة في التجارب السريرية المستقبلية."

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • زيت شائع يعزز قدرتك على مكافحة السرطان .. وآخر يضعفها
  • 4 فواكه خارقة تهاجم السرطان بصمت وتحمي القولون من الأورام
  • باحثون يتوصلون لاكتشاف قد يحدث ثورة في علاج السرطان (تفاصيل)
  • ثنائية دوائية واعدة قد تغيّر مستقبل علاج سرطان القولون
  • علاج مناعي موحد قد يغيّر مستقبل مرضى سرطان الثدي
  • جوستاف روسيه يعلن خصمًا خاصًا على خدمة توصيل الأدوية لمرضى الأورام
  • فرصة جديدة لتمييز الخلايا السرطانية لدى الأطفال أثناء الجراحة
  • اكتشاف جديد يمهد لتطوير علاج فعال لأحد أكثر أنواع السرطان خطورة
  • افتتاح أول قسم حجز إلزامي لمرضى الإدمان بإمبابة