أثيرت مؤخرًا المخاوف حيال الخطر الذى قد ينجم عن دعوة الولايات المتحدة إلى دمج الأديان في دين واحد، غير أنه لا توجد حتى الآن آية أدلة موثوقة تؤكد وجود دعوة رسمية من الولايات المتحدة بذلك، وهو أمر لو تحقق فمن شأنه أن يهدد خصوصية كل دين وتفرده، بل ويعتبر تحديًا لجوهر العقائد الأساسية، فضلاً عن كونه قد يؤدي إلى احتدام الصراع والتوترات بين الجماعات المختلفة فيما إذا فرض بالقوة، والثابت أن دمج الأديان قد يؤدى بالقطع إلى إضعاف التقاليد والطقوس والهوية الدينية المميزة لكل دين مما يهدد خصوصية كل مجموعة، بل قد ينشب صراع عقائدى عميق عند محاولة دمج أديان ذات أصول، ومعتقدات مختلفة.
في معرض الإشارة إلى ما يثار من دعاوى حول تكوين كيان عقدي يجمع الديانات السماوية في دين واحد تحت مسمى (الديانة الإبراهيمية)، وما يرتبط بها من بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد بمقولة أن ذلك يعد مدخلاً سريعًا للتعاون الإنساني، ويؤدى إلى القضاء على أسباب النزاعات والصراعات في العالم نقول بأن مثل هذه الدعاوى تنطوي على خطر على الدين والدنيا معًا. ولذلك سارع مجمع البحوث الإسلامية، فأكد بأن اختلاف الناس في معتقداتهم وتوجهاتهم هو سنة كونية وفطرة طبيعية فطر الله الناس عليها، وأن الله لو شاء أن يخلقهم على شاكلة واحدة أو لسان واحد أو عقيدة واحدة لخلقهم على هذا النحو، ولكنه جل شأنه أراد هذا الاختلاف، ليكون أساسًا لحريتهم في اختيار عقيدتهم.
لقد أكد بيان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن حرية اختيار المعتقد لا تمنع التواصل الإنساني مع أتباع الديانات الأخرى، والتعاون معهم على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان. وذلك لكونهم أهل كتب سماوية والتعامل معهم يتم على أساس العدل والاحترام المتبادل مما يدعو إليه الإسلام، ولا يجوز الخلط بين احترام عقائد الآخرين والإيمان بها، لأن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى إفساد الأديان والتعدى على أثمن قيمة كفلها الله سبحانه للإنسان، وهى حرية المعتقد والتكامل الإنساني فيما بين البشر.
لقد سبق وأثيرت هذه الدعوة من قبل وحسم الأزهر الشريف أمرها وبيّن خطورتها، وكونها لا تتفق مع أصول أى دين من الأديان السماوية، ولا مع فروعه، ولا مع طبيعة الخلق وفطرتهم التي ترتكز على الاختلاف في اللون والعرق وحرية العقيدة. كما أنها تخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وتخالف ما اتفق عليه إجماع علماء كل دين من الأديان، وكل ملة من الملل.
كان الأزهر الشريف حريصًا على أن يؤكد رفضه القاطع لمثل هذه الدعاوى، وأن رفضه لها لا يتعارض مع التعاون في المشتركات بين الأديان لتقديم العون والمساعدة للناس وتخفيف آلامهم وأحزانهم، ولهذا فإن على هؤلاء الداعين لمثل هذا التوجه أن يبحثوا عن طريق آخر يحققون عبره مصالحهم، وينفذون من خلاله أجنداتهم بعيدًا عن قدسية الأديان السماوية، وحرية الاختيار المرتبطة بها، وأن يتركوا الدين لله، ويذهبوا بأغراضهم حيث يريدون، فإن الله لم ينزل دينه ليكون مطية لتحقيق المآرب السياسية، أو أداة للانحرافات السلوكية والأخلاقية.
إن انفتاح الأزهر الشريف على المؤسسات الدينية داخل مصر، وخارجها إنما هو انفتاح غايته البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السماوية، لانتشال الإنسانية من أزماتها المعاصرة كى تستطيع مواجهة ما حاق بها من ظلم الغادرين، وحتى لا تحول الصراعات العقدية، والنزاعات الدينية عن الوصول لتحقيق غاياتها الإنسانية النبيلة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
من هي نور أبو ركبة التي حملت مهمة أنس الشريف في غزة؟
وتحمل في قلبها وجع سنوات فقدت خلالها إخوتها الثلاثة في الاعتداءات الإسرائيلية، بينما تواصل عملها رغم كل الصعاب.
وتواصل نور عملها الصحفي رغم الصدمة العميقة التي خلفها استشهاد زميلها أنس الشريف، لتصبح أكثر من مجرد ناقلة خبر؛ فهي صوت من لا صوت لهم، ومرآة لمعاناة سكان غزة بين الركام ومخيمات اللجوء.
وتحمل الصحفية الميكروفون في يدها وتفتح عينيها على قصص لم تُروَ بعد، وعلى حياة تتصارع من أجل البقاء.
وتحكي نور في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت عن تجربتها كامرأة تعمل في الميدان، عن الصمت الذي يرافق الصدمة، وعن الغضب الذي يخيم على المشاهد اليومية.
وتؤكد مسؤوليتها في أن تكون جسرا بين العالم وغزة، قائلة: “كل قصة أنقلها هي رسالة للشهداء وللذين فقدوا حياتهم بين لحظة وأخرى. عملي ليس مجرد نقل خبر، بل استعادة لصوتهم وحقهم في أن يروى العالم معاناتهم”.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موسم الزيتون يتحول إلى ساحة مواجهة.. 158 اعتداء استيطانيا خلال أسبوعينlist 2 of 2تقرير أممي يتهم دولا كبرى بالتواطؤ في الإبادة الجماعية بغزةend of listوتنتقل نور بين الشوارع المدمرة والمستشفيات المزدحمة بالمصابين، لتسجل اللحظات التي قد تكون الأخيرة للكثيرين، ولتحمل للعالم صورة حقيقية لما يعيشه أهالي غزة يوميا.
وتروي نور، بعيونها المليئة بالحزن وميكروفونها، شهادتها عن غزة، وقصصها موصولة بعاطفة إنسانية لا تعرف الاستسلام، لتذكّر العالم أن صوت الحقيقة لا يمكن أن يصمت، حتى وسط الدمار.
نانسي موسى
Published On 24/10/202524/10/2025|آخر تحديث: 15:01 (توقيت مكة)آخر تحديث: 15:01 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ