معركة في العمق - إسرائيل ترسم ملامح مواجهتها المقبلة مع حزب الله
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
يُكثّف الجيش الإسرائيلي استعداداته العسكرية في الجبهة الشمالية تحسّبًا لمواجهة مستقبلية مع حزب الله، في ظلّ وقف إطلاق النار الهش الذي تواصل تل أبيب انتهاكه وتستغله لتثبيت مكاسبها الميدانية وتعزيز قدرتها العملياتية.
ووفق تقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن حزب الله يعيد تموضعه استعدادًا لمواجهة جديدة، متّبعًا سياسة "الاحتواء المحسوب" تجاه الهجمات الإسرائيلية، عبر "التضحية بقوات تكتيكية على الحدود مقابل تعزيز قدراته في العمق اللبناني".
وفي هذه الأثناء، يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ هجمات تستهدف مواقع في مختلف المناطق اللبنانية بذريعة "إنفاذ" اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، برعاية أميركية.
ويزعم الجيش الإسرائيلي أن الغاية من الهجمات الراهنة هي "منع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية وإحباط استعداده للحرب المقبلة، بل والمساهمة في تشكيل ميدان القتال المستقبلي"، على حدّ تعبيره.
"لا يمكن تجنب المواجهة المقبلة"
وبحسب ما أورده موقع "واللا" الإسرائيلي، قتل الجيش الإسرائيلي منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ نحو 330 عنصرًا من حزب الله، بينهم عشرة خلال الأسبوعين الأخيرين، في سلسلة من الغارات الجوية والعمليات الميدانية.
وبحسب التقديرات اللبنانية، ارتكبت إسرائيل أكثر من 4,500 انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار، ما أسفر عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص، خصوصًا في القرى الحدودية جنوبي لبنان، التي لا يزال معظمها مدمّرًا ويُمنع سكانها من العودة إليها.
بالتوازي، أنهت الفرقة 91 في الجيش الإسرائيلي، أوسع تدريب لها منذ اندلاع الحرب، شمل سيناريوهات دفاع وهجوم في البحر والجو والبر، ضمن مساعٍ إسرائيلية لرفع مستوى الجهوزية لمعركة تعتبرها "معركة حتمية"، وتهدف إلى ضرب "العمق اللبناني وشلّ القدرات الإستراتيجية لحزب الله".
سيناريو الحرب المقبلة
تقدّر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن حزب الله، باعتباره "تنظيمًا عسكريًا محترفًا ومدعومًا من إيران"، يواصل دراسة المعركة الأخيرة واستخلاص الدروس منها.
ويقول مسؤولون أمنيون إنّ "حزب الله تلقّى ضربات قاسية، لكنه حقّق أيضًا بعض النجاحات، وسيحاول تطويرها وتوظيفها في الحرب القادمة".
ويُتوقع أن يسعى الحزب إلى فرض معادلات جديدة واستخدام وسائل مختلفة عن المواجهات السابقة، وهو ما يفرض، بحسب الجيش الإسرائيلي، تحديًا استخباراتيًا كبيرًا يتمثل في "منع مفاجأة مشابهة لهجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023".
لهذا السبب، تعمل شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي ("أمان") على "تحديث نموذج الإنذار المبكر" وتكييفه مع التهديدات المتغيّرة.
معركة في عمق لبنان
وتقدّر إسرائيل أن حزب الله نقل مراكزه الأساسية إلى عمق الأراضي اللبنانية، لا سيما في منطقة البقاع، "ما سيجبر الجيش الإسرائيلي، في أي مواجهة مستقبلية، على تنفيذ عملية برية وجوية واسعة داخل لبنان".
وتشير التقديرات إلى أنّ هذه المعركة ستتطلّب "اجتياحا بريا وتوغلا لفترة أطول بكثير من العمليات التي نُفّذت حتى الآن في غزة أو سورية"، مع استخدام أكبر للمجنزرات والدبابات، وزيادة نيران الإسناد من الجوّ والبرّ، وتوسيع منظومات الحماية للقوات البرية والقدرات اللوجستية.
ويقدّر الجيش الإسرائيلي أنّ حزب الله احتفظ بخطط لشنّ هجمات برّية داخل الأراضي الإسرائيلية، في حين تزعم حكومة بنيامين نتنياهو أنها "أحبطت هذه القدرات".
غير أنّ التقديرات العسكرية لا تستبعد أن يعمد الحزب مستقبلًا إلى "عمليات توغل أكثر اتساعًا وتعقيدًا، تشمل عدة محاور بهدف تشتيت القوات الإسرائيلية وإرباكها".
ويقرّ الجيش الإسرائيلي بصعوبة إحباط إطلاق الصواريخ الموجّهة المضادة للدروع نحو المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للمنطقة الحدودية، دون توغّل بري داخل لبنان.
التهديد المسيّر
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن حزب الله يسعى إلى تطوير قدرات وحدة 127 المختصّة بتسيير الطائرات بدون طيار ضد أهداف داخل إسرائيل.
وأشار موقع "واللا" إلى أن حزب الله أثبت في الحرب الأخيرة أنه قادر على تشغيل فرق صغيرة موزّعة في مناطق متعدّدة بلبنان لإطلاق طائرات مسيّرة نحو العمق الإسرائيلي، بفاعلية.
وترى تل أبيب أنّ المواجهة المقبلة ستكون "حرب عقول" بين أساليب الهجوم والدفاع المتبادلة، في ظل سعي الطرفين لتطوير قدراتهما التقنية والاستخبارية.
التحدي الاستخباراتي
تحذّر أجهزة الأمن الإسرائيلية من أن "انسحاب حزب الله إلى عمق المناطق المدنية وتمركزه في مبانٍ سكنية أو منشآت تحت الأرض يجعل مهمة اكتشافه واستهدافه أكثر تعقيدًا"، وفق ما جاء في التقديرات الأمنية.
وتقرّ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأنّ التجارب في غزة ولبنان أظهرت أن "القوة الجوية وحدها، مهما بلغت دقتها، لا يمكن أن تكون بديلًا عن العمليات البرية والهندسية"، وهو ما يعني ارتفاعًا في مستوى المخاطرة التي ستتحمّلها القوات في الميدان.
الاعتبارات الدولية
وتحاول تل أبيب أن تظّل أي عملية عسكرية في لبنان مقيدة بشرط أساسي هو الحفاظ على "الشرعية الدولية". فالقصف المكثّف لمئات الصواريخ والأنفاق والمخازن — الذي تتوقعه إسرائيل في المرحلة الأولى من أي حرب — قد يخلّف أضرارًا بيئية وبشرية كبيرة، ما يستدعي، "خطة إعلامية ودبلوماسية واسعة النطاق".
وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنّ استهداف العاصمة بيروت أو مناطق مأهولة أخرى قد يُعرّض إسرائيل لضغوط دولية تحدّ من قدرتها على "حسم" المعركة ميدانيًا.
وتسعى إسرائيل، وفق ما تقول مؤسساتها الأمنية، إلى "إحباط إعادة تموضع حزب الله وإضعاف قدرته على مفاجأة إسرائيل في الحرب المقبلة"، عبر الجمع بين العمليات الحالية والهجمات الدقيقة في العمق، لضمان أن تبقى أي مواجهة محتملة "تحت السيطرة الإسرائيلية ميدانيًا وسياسيًا".
غير أن هذه التقديرات تظلّ قائمة على فرضية لم تختبر بعد: أن حزب الله، رغم خسائره، ما زال يمتلك قدرة على المبادرة، وأن أي حرب جديدة — إذا اندلعت — قد تتجاوز حدود التوقعات الإسرائيلية نفسها.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية تنتهي هذا المساء - إسرائيل تلوح بالتصعيد بعد مهلة ترامب لتسليم جثث الأسرى الإعلام العبري: إسرائيل تعرف مواقع 9 من 13 جثة لرهائنها في غزة تفاصيل جديدة بشأن استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة الأكثر قراءة الاحتلال ينتشر بكثافة في طولكرم ويغلق شارع مستشفى ثابت ثابت آيزنكوت: فتح معابر غزة جاء مبكرا وإدارة الأميركيين للقطاع إشكالية الاحتلال يفتح معبري كرم أبو سالم وكيسوفيم لإدخال المساعدات إلى غزة 493 مستوطناً يقتحمون المسجد الأقصى عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار أن حزب الله
إقرأ أيضاً:
البث الإسرائيلية: الجيش ينسحب من المناطق التي تجري فيها حماس أعمال البحث عن جثث
اعلنت هيئة البث الإسرائيلية، منذ قليل، بإن الجيش ينسحب من المناطق التي تجري فيها حماس أعمال البحث عن جثث المحتجزين الإسرائيليين، وفقا للقاهرة الإخبارية.
وعلى صعيد آخر، أضرمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، النار في منزل يعود لعائلة جوابرة في حي المنشية بمخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم.
وأفادت وكالة الانباءالفلسطينية"وفا"، بأن ألسنة النيران شوهدت تتصاعد في أجواء المخيم، في وقت يتعذر فيه الوصول إلى المنطقة أو معرفة تفاصيل ما يجري، بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه قوات الاحتلال.
ويأتي ذلك في ظل استمرار عدوان الاحتلال وحصاره المشدد على مخيم نور شمس لليوم الـ260 على التوالي، وعلى مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ273، حيث تواصل قوات الاحتلال إغلاق جميع مداخل المخيمين بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية، إلى جانب نصب بوابات حديدية على عدد من المداخل الرئيسية، وسط سماع أصوات إطلاق نار كثيف داخل المخيمين.
كما تشهد مدينة طولكرم وضواحيها، وتحديداً ضاحيتي اكتابا وشويكة، تعزيزات عسكرية متواصلة، إذ تجوب آليات الاحتلال شوارعها الرئيسية وتعيق حركة المواطنين والمركبات، وسط حالة من التوتر تسود أجواء المدينة.
وأدى التصعيد المتواصل إلى تهجير قسري لأكثر من خمسة آلاف عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، أي ما يزيد على 25 ألف مواطن، وتدمير أكثر من 600 منزل تدميراً كلياً، و2,573 منزلاً تضررت جزئياً، في ظل تحويل المخيمين إلى مناطق شبه خالية من السكان.
وأسفر العدوان حتى الآن عن استشهاد 14 مواطناً، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما في الشهر الثامن من الحمل، إضافة إلى عشرات الإصابات والاعتقالات، وتدمير واسع طال البنية التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات.