قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن سقوط مدينة الفاشر يشكّل نقطة تحول أساسية في مسار الحرب السودانية، لكنه لا يعني نهايتها، مشيرا إلى أن السيطرة على المدينة تمنح قوات الدعم السريع مكسبا ميدانيا مهما من دون أن تحقق حسما إستراتيجيا.

وأوضح في حديثه للجزيرة أن الفاشر كانت آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في شمال دارفور، وسقوطها يعني أن الإقليم بأكمله أصبح فعليا تحت سيطرة الدعم السريع.

وأشار إلى أن دارفور، التي تعادل مساحتها مساحة فرنسا تقريبا، باتت مفتوحة شمالا نحو ليبيا وغربا نحو تشاد وجنوبا نحو أفريقيا الوسطى، وهو ما يخلق واقعا جديدا على الأرض.

ويرى حنا أن هذا التحول يمنح قوات الدعم السريع "اندفاعة عملياتية" بعد سقوط الفرقة السادسة التابعة للجيش، بما تمتلكه من سلاح وعتاد ومطار كان يستخدم لإمدادها.

لكنه شدد على أن ذلك لا يعني بالضرورة انتقال المعارك مباشرة إلى ولايتي شمال وغرب كردفان، نظرا لاختلاف طبيعة القتال والعقيدة القتالية بين الجانبين.

كر وفر

وأضاف أن قوات الدعم السريع تعتمد أسلوب "الكرّ والفرّ" في القتال، وهو أسلوب يقوم على الحركة السريعة والمباغتة، بينما يستند الجيش السوداني إلى تشكيلات ثقيلة من الدبابات والآليات ويحتاج إلى خطوط إمداد ثابتة.

ويأتي هذا التحليل في وقتٍ أكد فيه وزير الصحة في دارفور بابكر حمدين للجزيرة سقوط آلاف المدنيين في الفاشر خلال اليومين الماضيين، مع انقطاع الاتصالات وخروج المستشفيات عن الخدمة، وسط عمليات سلب ونهب ونزوح واسع للسكان.

ويشير الخبير العسكري إلى أن استعادة الجيش زمام المبادرة في الفاشر تبدو صعبة في المدى المنظور، موضحا أن طبيعة الجغرافيا السودانية تشكل تحديا لوجستيا هائلا، إذ تمتد المسافات الصحراوية بين الأبيض ونهود والفاشر لمئات الكيلومترات من دون بنية تحتية كافية.

إعلان

ويضيف أن أي محاولة للجيش لاستعادة المدينة تحتاج إلى قوات كبيرة، وآليات ثقيلة، ودعم جوي مستمر، وهي متطلبات يصعب توفيرها في ظل تشتيت الجبهات وامتداد رقعة القتال. لكنه يؤكد في المقابل أن قوات الدعم السريع هي الأخرى تواجه معضلة مختلفة تتمثل في محدودية العديد والعتاد أمام تفوق الجيش الجوي.

استقرار طويل الأمد

وفي خلفية هذه التطورات، دان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف ما وصفه بـ«الفظاعات وجرائم الحرب المفترضة» في الفاشر، بينما عبّرت منظمة "إيغاد" عن قلقها من تصاعد العنف عقب سيطرة الدعم السريع على المدينة، ودعت إلى وقف فوري للعمليات العدائية.

ويرى العميد حنا أن مركز ثقل قوات الدعم السريع يقع أساسا في دارفور، وخصوصا في المناطق المحيطة بالفاشر، وهي مناطق مفتوحة على خطوط إمداد خارجية قادمة من شرق ليبيا وتشاد، ويعتقد أن هذا العامل الجغرافي يمنح الدعم السريع قدرة على المناورة الميدانية أكثر من الجيش، لكنه لا يضمن له استقرارا طويل الأمد.

ويشير إلى أن المسافات الشاسعة بين مسارح العمليات تجعل من الصعب على الجيش فرض سيطرته الكاملة، في حين تمكّن الطبيعة الوعرة والطرق الترابية قوات الدعم السريع من التحرك بحرية أكبر، مستفيدة من مرونتها القتالية وارتباطها الاجتماعي في الإقليم.

غير أن الخبير العسكري يخلص إلى أن سقوط الفاشر، رغم رمزيته وموقعه الإستراتيجي، لا يُنهي الحرب في السودان، لأن الصراع بات مركّبا ومتعدد الأطراف، يتجاوز السيطرة على المدن إلى تنازع الهويات وبنية السلطة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات قوات الدعم السریع إلى أن

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور

(CNN)-- قالت قوات الدعم السريع السودانية شبه العسكرية إنها استولت على مقر قيادة الجيش في مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور غرب البلاد.

وأظهر مقطعا فيديو نشرتهما قوات الدعم السريع، الأحد، جنودها وهم يهتفون أمام لافتات تشير إلى قاعدة المشاة السادسة التابعة للجيش. وتمكنت وكالة "رويترز" من التحقق من الموقع، لكن دون تحديد التاريخ. ولم يصدر الجيش السوداني بيانا فوريا بشأن تموضعه الحالي.

وسيمثل الاستيلاء على الفاشر انتصارا كبيرا لقوات الدعم السريع، قد يعجل بتقسيم البلاد، من خلال تمكينها من ترسيخ سيطرتها على إقليم دارفور الشاسع، الذي زعمت أنه مقر حكومة موازية تم تشكيلها خلال هذا الصيف.

ويأتي ذلك بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع، السبت، سيطرتها على مدينة بارا في شمال كردفان، الولاية التي تشكل حاجزًا بين دارفور والعاصمة السودانية والنصف الشرقي من البلاد الخاضع لسيطرة الجيش.

قوات الدعم السريع تحاصر المدينة منذ 18 شهرا

حاصرت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، على مدار الـ18 شهرا الماضية، خلال معاركها ضد الجيش وحلفائه من المتمردين السابقين والمقاتلين المحليين.

واستهدفت المدنيين بغارات متكررة بالطائرات بدون طيار وبالمدفعية، بينما أسفر الحصار عن مجاعة لـ250 ألف شخص لا يزالون في غرب المدينة.

وكثيرا ما حذر بعض النشطاء من أن سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة سيؤدي إلى هجمات انتقامية عرقية، كما حدث بعد الاستيلاء على مخيم زمزم للنازحين إلى الجنوب.

ويعتمد سكان الفاشر على محطات ستارلينك للوصول إلى الإنترنت بسبب انقطاع الاتصالات منذ فترة طويلة.

الأمم المتحدة: قوات الدعم السريع ترتكب جرائم ضد الإنسانية

في الأسبوع الماضي، قالت قوات الدعم السريع إنها تعمل على تسهيل خروج المدنيين والمقاتلين المستسلمين من الفاشر، لكن الذين غادروا أبلغوا عن عمليات سطو واختطاف واعتداءات جنسية وقتل على يد جنود قوات الدعم السريع على الطريق. 

وفي مقطع فيديو نشره مسؤول كبير في الحكومة التي تقودها قوات الدعم السريع، يقول جنود من قوات الدعم السريع إنهم يحمون قافلة طويلة، معظمها من الرجال يغادرون الفاشر، ويقولون إنهم في الغالب جنود. ولم تتمكن "رويترز" من التحقق من تاريخ أو موقع اللقطات.

وقالت بعثة مفوضة من الأمم المتحدة الشهر الماضي إن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم متعددة ضد الإنسانية خلال حصارها الفاشر. كما اتُهم الجيش بارتكاب جرائم حرب.

وقالت لجان مقاومة الفاشر، وهي جماعة ناشطة محلية، في بيان إن القتال من أجل السيطرة على المدينة مستمر، وألقت باللوم على قيادة الجيش لتركها المقاتلين في المدينة يقاتلون بمفردهم.

وأظهرت لقطات من طائرة بدون طيار نشرتها قوات الدعم السريع، والتي تأكدت رويترز من مكانها على الجانب الغربي من الفاشر، سيارات وأفرادا يغادرون المدينة سيرًا على الأقدام. ولم يتضح ما إذا كان هؤلاء مدنيين أم جنودا. وأظهرت لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، عشرات المقاتلين المزعومين المحتجزين لدى قوات الدعم السريع.

الحرب تشرد الملايين وتؤدي إلى المجاعة

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان عام 2023، عندما اختلف الطرفان، اللذان كانا يتقاسمان السلطة من قبل، حول خطط دمج قواتهما خلال فترة الانتقال نحو الديمقراطية.

وأسفر القتال عن تشريد الملايين، وإغراق نصف سكان السودان في الجوع، وانتشار المرض في جميع أنحاء البلاد.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، عقدت الولايات المتحدة اجتماعا مع مسؤولين إماراتيين ومصريين وسعوديين لمناقشة خطة سلام محتملة.

وأعلنت وزارة الخارجية السودانية أن مسؤولين كانوا في واشنطن لإجراء محادثات ثنائية. ومع ذلك، نفى المجلس السيادي الذي يقوده الجيش التقارير التي تفيد بانخراط ممثلين عن كلا الطرفين في محادثات غير مباشرة.

مقالات مشابهة

  • الفاشر.. هل تُغير خارطة الحرب في السودان؟
  • مخاوف على المدنيين بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على الفاشر غرب السودان
  • مخاوف على المدنيين بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على الفاشر في غرب السودان
  • قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور
  • «الدعم السريع» تعلن السيطرة على الفاشر غربي السودان
  • السودان.. قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على مدينة الفاشر
  • الدعم السريع تعلن سيطرتها على مقر الجيش السوداني في الفاشر
  • "الدعم السريع" تعلن السيطرة على آخر معاقل الجيش في الفاشر
  • الدعم السريع يسيطر على مقر الجيش السوداني بالفاشر