الفاشر تسقط.. والبرهان يبرّر الانسحاب: تجنبنا الدمار وسط صمت دولي
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، الاثنين، إنّ: "القيادة التابعة له الموجودة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور كان تقديرها بأنه يجب أن يغادروا المدينة، نسبة لما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين".
وفي أول تصريحات له عقب إعلان قوات "الدعم السريع" عن كونها استولت على مقر قيادة الجيش في الفاشر، وهي آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، أبرز البرهان: "وافقناهم على أن يغادروا المدينة ويذهبوا إلي مكان آمن حتي يجنبوا بقية المواطنين وبقية المدينة الدمار".
واسترسل البرهان في كلمة نقلتها وكالة الأنباء السودانية (سونا): "هذه محطة من محطات العمليات العسكرية التي فرضت على البلاد"، مبرزا في السياق نفسه أنّ: "القوات المسلحة ستنتصر لأنها مسنودة بالشعب ويقاتل معها كل أبناء الشعب، وهذه المعركة ستحسم لصالح الشعب السوداني".
ومضى مؤكدا على: "العزم على الاقتصاص لما حدث للأهل في الفاشر"، مضيفا بأنّ: "الجرائم التي ارتكبت الآن في الفاشر، وارتكبت قبل ذلك في كل بقاع السودان على مرأى ومسمع من العالم، ووجهت بالصمت من المجتمع الدولي"، وفق تعبيره.
وبحسب عدد من التقارير الإعلامية المحلّية، المُتفرّقة، فإنّ: "الاستيلاء على الفاشر سيمثّل انتصارا كبيرا لقوات "الدعم السريع"، إذ أنّه قد يعجّل بتقسيم البلاد، عبر تمكينها من ترسيخ سيطرتها على إقليم دارفور الشاسع، الذي زعمت أنه مقر حكومة موازية تم تشكيلها خلال هذا الصيف".
وفي السياق نفسه، أظهر مقطعا فيديو نشرتهما قوات "الدعم السريع"، الأحد، عناصرها وهم يهتفون أمام عدّة لافتات تشير إلى قاعدة المشاة السادسة التابعة للجيش. فيما تمكّنت وكالة "رويترز" من التحقق من الموقع، لكن دون تحديد التاريخ.
تجدر الإشارة إلى أنّ قوات "الدعم السريع"، كانت قد أعلنت السبت، عن سيطرتها على مدينة بارا في شمال كردفان، وهي الولاية التي تشكل حاجزا بين دارفور والعاصمة السودانية والنصف الشرقي من البلاد الخاضع لسيطرة الجيش.
يشار إلى أنّ قوات "الدعم السريع" حاصرت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، على مدار الـ18 شهرا الماضية، وذلك خلال معاركها ضد الجيش وحلفائه من المتمردين السابقين والمقاتلين المحليين.
كذلك، استهدفت المدنيين بغارات متكررة بالطائرات بدون طيار وبالمدفعية، فيما أسفر الحصار عن مجاعة لـ250 ألف شخص لا يزالون في غرب المدينة. وكثيرا ما حذّر بعض النشطاء من أن سيطرة قوات "الدعم السريع" على المدينة سيؤدي إلى هجمات انتقامية عرقية، كما حدث بعد الاستيلاء على مخيم زمزم للنازحين إلى الجنوب.
وقالت قوات "الدعم السريع"، في الأسبوع الماضي، إنها تعمل على تسهيل خروج المدنيين والمقاتلين المستسلمين من الفاشر، لكن الذين غادروا أبلغوا عن عمليات سطو واختطاف واعتداءات جنسية وقتل على يد جنود قوات "الدعم السريع" على الطريق.
وعبر مقطع فيديو نشره مسؤول كبير في الحكومة التي تقودها قوات "الدعم السريع"، قال أحد العناصر: إنهم يحمون قافلة طويلة، معظمها من الرجال يغادرون الفاشر، ويقولون إنهم في الغالب جنود. كما لم تتمكن وكالة "رويترز" من التحقق من تاريخ أو موقع اللقطات.
من جهتها، قالت بعثة مفوضة من الأمم المتحدة، الشهر الماضي، إنّ قوات "الدعم السريع" قد ارتكبت جرائم متعددة ضد الإنسانية خلال حصارها الفاشر، كما اتُهم الجيش بارتكاب جرائم حرب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية السوداني الفاشر الشعب السوداني السودان الفاشر الشعب السوداني المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
لماذا تصر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على السيطرة على الفاشر؟
وسط تصاعد الأحداث في إقليم دارفور غربي السودان، برزت مدينة الفاشر كعقدة الصراع في الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وإصرار قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) على السيطرة على الفاشر تجلى خلال الأشهر الماضية؛ إذ لم يكتف بحصار المدينة، بل حولها إلى هدف إستراتيجي ومركز ثقل في معادلة القوة العسكرية والسياسية بدارفور، حسب آراء خبراء ومحللين تحدثوا للجزيرة نت.
وجاء ذلك في ظل سيطرة قوات الدعم السريع أمس الأحد على المدينة وانسحاب قوات الجيش السوداني منها بعد معارك طويلة وضارية، تخللها حصار خانق وإغلاق تام للمنافذ الإنسانية، مما دفع الجيش للانسحاب من مواقع رئيسية لأسباب وصفها مصدر عسكري للجزيرة بأنها "تكتيكية"، غير أن محللين يرون في هذا التطور نقطة تحول تعيد رسم حدود النفوذ في الإقليم المضطرب.
وترتبط أهمية مدينة الفاشر عسكريا وإستراتيجيا بكونها العاصمة التاريخية لدارفور، وهي آخر مركز رئيسي للجيش السوداني في الإقليم، فضلا عن قربها من شمال السودان وتمثل قاعدة انطلاق لأي جهود لاستعادة السيطرة على المناطق الأخرى.
ويعد الإصرار على الفاشر نتاجا لتداخل الأبعاد التاريخية والسياسية والرمزية للمدينة في الصراع على دارفور؛ فالفاشر تمثل آخر قلاع القوات النظامية في الإقليم، ورمزا للسيادة المركزية منذ توحيد دارفور مع السودان عام 1916.
كما أن موقعها الإستراتيجي يجعلها نقطة ارتكاز لأي طرف يسعى لإحكام قبضته على جغرافيا غربي البلاد، ويمنح المنتصر ورقة ضغط فعّالة في أي مفاوضات مستقبلية، بما في ذلك سيناريوهات الانفصال أو إعادة توزيع السلطة والنفوذ السوداني.
ومن هذه الزوايا تتضح تفسيرات الإصرار على الفاشر من منظورات متعددة، إذ يقول المدير الأسبق لمركز البحوث والدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة السودانية اللواء ركن أسامة عبد السلام إن "الفاشر، برمزياتها التاريخية وكونها عاصمة شمال دارفور، كانت الجزيرة الوحيدة التي بقيت معزولة في محيط تسيطر عليه القوات المتمردة".
إعلانوأضاف عبد السلام -في تصريحات للجزيرة نت- أن "السيطرة على الفاشر تعني استكمال السيطرة على معظم إقليم دارفور". مشددا على أن "إسقاط الفاشر يضع القوات النظامية خارج معادلة الوجود الفعلي في مناطق متعددة، ويمنح هذه المليشيات موطأ قدم أوسع"، معتبرا أن هذا يفسر الإصرار الكبير على المدينة من قبل حميدتي والدعم السريع.
والأسباب السابقة يؤكدها أيضا الكاتب والمحلل السياسي ضياء الدين بلال "فالسبب الأساسي والمركزي لإصرار حميدتي على الفاشر هو السيطرة الكاملة على دارفور". مستدركا بأن حميدتي "بسيطرته على الفاشر سيكون أحكم السيطرة على الإقليم ككل"
ويذهب بلال أكثر في ذكر أسباب إصرار الدعم السريع على وجوده في مدينة الفاشر، ومن ذلك "وجود مؤشرات لمحاولات انفصال أو تكرار التجربة الليبية في السودان، وذلك بأن يحكم حميدتي سيطرته على هذه المنطقة ويهيمن عليها". مؤكدا أن "السيطرة على الفاشر تمثل ورقة ضغط تفاوضية مهمة عندما تقام المفاوضات القادمة"، حسب تصريحاته للجزيرة نت.
كيف استولى الدعم السريع على الفاشر؟
يسوق المحللون والخبراء العديد من الأسباب التي أسهمت في سيطرة الدعم السريع على الفاشر، ومن ذلك الدعم الخارجي الذي أسهم في ترجيح ميزان القوة لصالحها عبر توفير المرتزقة والأسلحة الحديثة والمسيرات، وأضافوا كذلك العائق الجغرافي والعزلة التي عانت منها الفاشر فلم يتمكن الجيش السوداني من كسر الحصار أو توفير الإمداد الكامل.
ويشرح اللواء عبد السلام هذه الأسباب بأن الدعم السريع اعتمد على الدعم الإقليمي المكثف لتحقيق أهدافه، مبينا أن هذا "الدعم الإقليمي ترافق مع أجندة سياسية وعسكرية، ولهذا تراهن القوى الإقليمية على سقوط الفاشر وتدفع ثمنا باهظا عبر الاعتماد على المرتزقة والأسلحة والمسيرات".
ويتابع عبد السلام بأن "الجيش لم يتراجع تماما، بل قاتل حتى الرمق الأخير وظل يحاصر مدة طويلة رغم الهجمات المتكررة والقاسية"، موضحا أن "الاعتماد المطول على الضربات الجوية مكلف للغاية مقارنة بخيار فتح طريق بري". مشيرا إلى أن القوات السودانية ظلت محرومة من الطعام والدواء، مما قيّد قدرتها على الصمود.
ويوافق هذا الرأي ما ذهب إليه بلال، وأضاف أن "القوات المشتركة (من الحيش السوداني والقوات الإقليمية المتحالفة معه) ظلت تقاتل بالفاشر لأكثر من عام ونصف العام، وتم شن أكثر من 267 هجوما على المدينة".
ويبيّن المحلل السياسي أن الدعم السريع "تمكن من الحصول على إمدادات دائمة عبر مثلث ليبيا وجنوب السودان وتشاد، مما منحه أسلحة متطورة كالطائرات المسيرة". في حين "عانت قوات الجيش من القطيعة اللوجستية وانعدام الدعم إلا عبر الإسقاط الجوي، الذي أصبح معقدا وخطرا مع قدرة المليشيا على الحصول على مضادات طيران حديثة".
ويلفت بلال إلى أن "جغرافيا الفاشر وبعدها عن أقرب مركز حكومي" شكّلا عائقا أمام الإمداد والتواصل، مما أسهم في ترجيح كفة الدعم السريع في هذه المعركة.
مستقبل المدينة وإقليم دارفور
يرتبط مستقبل الفاشر وإقليم دارفور كله بمدى قدرة القوى المسيطرة على تحويل السيطرة العسكرية إلى نظام حكم وسيادة فعلية، مع القدرة على توفير برامج اقتصادية أو أمنية وخدمية مستقرة، وبلورة رؤية شاملة لإعادة بناء المؤسسات المحلية وضمان الحقوق الفردية والجماعية.
إعلانويتفق المحللان على أن مستقبل المنطقة بات رهنا بتطورات الصراع وتحركات القوى الإقليمية. ولذلك يقول المدير الأسبق لمركز البحوث والدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة السودانية إن "المليشيات المسيطرة لا تملك برنامجا سياسيا أو اقتصاديا أو أمنيا متكاملا.
وأضاف عبد السلام أن هذه القوات تعد "أدوات لنهب الثروات بواسطة القوى المسلحة أو عصابات التعدين العشوائي، ولم تقدم برامج تنموية لسكان المناطق المحتلة". مشددا على أن "الأمن تحول إلى خدمة لحماة النهب بدلا من حماية المواطنين، في حين تغيب مشاريع استثمارية حقيقية أو شراكات تنموية".
ويستدرك على ما ضياء الدين بلال بأن "حميدتي يريد جعل دارفور نقطة ارتكاز للتمدد في كردفان، وتصبح ورقة تفاوضية رئيسية إذا دخل في مفاوضات، أما إذا لم يفاوض فإنه يسعى لتأسيس نموذج قريب من النموذج الليبي في السودان".
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى فرار أكثر من مليون شخص من الفاشر خلال الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع منذ 18 شهرا، وبقاء ما يقرب من 250 ألف مدني وسط أزمة غذائية خانقة وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية والمعيشية، مع نقص شديد في الأدوية والمستلزمات في المستشفيات نتيجة القصف.
وتواجه قوات الدعم السريع وحلفاؤها اتهامات بالمسؤولية عن موجات من أعمال العنف بدوافع عرقية في دارفور خلال الحرب، وخلصت الولايات المتحدة العام الماضي إلى أن تلك القوات ارتكبت إبادة جماعية.
لكن قيادتها تنفي إصدار أوامر بمثل هذه الهجمات، وتقول إن الجنود المارقين المخالفين للأوامر سيمثلون للعدالة.