توصيات منتدى ثقافة الطفل عن الرسوم المتحركة..
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وإشراف أد.أشرف العزازي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، أقام المركز القومي لثقافة الطفل برئاسة الكاتب محمد ناصف، التابع للمجلس، منتدى ثقافة الطفل بعنوان “تحليل محتوى الرسوم المتحركة وأثرها القيمي عند الأطفال”، بالمجلس الأعلى للثقافة، شارك في المنتدى أد.حنان سمير عبد العظيم أستاذ الرسوم المتحركة بالمعهد العالي للفنون التطبيقية، الفنان أحمد عبد النعيم، وأدارت المنتدى د.
وقد بدأ المنتدى بتقديم د.مروة وحديثها عن أهمية الرسوم المتحركة للأطفال، وانتشار الأعمال الغربية التي تحوي في كثير منها قيما وعادات وسلوكيات غير مقبولة في مجتمعاتنا العربية، وتتعارض مع القيم الدينية.
ثم تحدثت الدكتورة حنان عن تاريخ مصر في الرسوم المتحركة والتي بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى احتلت مصر المركز الثاني في مجال الرسوم المتحركة عام ١٩٣٥، وكيف ظهر أشهر أفلام الرسوم المتحركة وقتها وهو "مفيش فايدة" وشخصية "مشمش أفندي" حين تم طلب تمويل من الاقتصادي الكبير طلعت حرب وفي كل مرة يؤكد إنه "مفيش فايدة" وفي آخر مرة قال "في المشمش"، ومن هنا جاء اسم الفيلم والبطل.
وأوضحت دور الأخوان مهيب في تطوير الرسوم المتحركة، ومن ثم تطورها عبر الأجيال، حتى وصلنا لأنجح هذه الأعمال وأكثرها شهرة عند أجيال كثيرة وهو بكار وأعمال د.منى أبو النصر د.زينب زمزم ود.مصطفى الفرماوي والمخرج أحمد حسن، وغيرهم ممن قدموا أعمالا كثيرة ناجحة أثرت في نفوس الأطفال، وكيف أصبحنا نواجه أزمة ليست في المبدعين، ولكن في عرض هذه الأعمال ووصولها للجماهير، وأكدت على ضرورة بحث أسباب هذه الأزمة للوصول لحلول لها.
ثم تحدث الفنان أحمد عبد النعيم عن اجتياح الغرب لأطفالنا من خلال محتوى يقدم بصناعة متميزة تغزو مجتماعتنا العربية بجودة وتقنية عالية، وهو ما يجب أن نواجهه لا بالمنع ولكن من خلال تقديم محتوى جيد يضاهي جودة الغربي، ونحن نمتلك مبدعين يستطيعون تقديم ذلك، ولكن أزمتنا تكمن في عدم تعامل الدولة في مصر مع الرسوم المتحركة كأداة تعليمية قادرة على تقديم القيم والسلوكيات الإيجابية التي يجب التأكيد عليها من خلال محتوى درامي جذاب، فالرسوم المتحركة ليست مجرد وسيلة للترفيه فقط.
وتحدث عن تجربته الشخصية في لقاء عظماء العالم في الرسوم المتحركة، وكذلك في مجال الأنمي ورسوم المانجا، وكيف يتعاملون مع هذا الفن كصناعة، يشترك فيها الكثيرون، ودور كل منهم التخصص فقط في مجاله، فالكاتب يتفرغ للكتابة والرسام يظل طوال العام وقد يظل لأكثر من عامين يرسم فقط في تفصيلة صغيرة لفيلم كامل دون باقي الرسوم، وكيف أنهم في الملك الأسد ظلوا يوميا لمدة ستة أشهر يتواجدون في غابات مفتوحة ومحميات بوسائل آمنة يشاهدون ويرسمون الأسود بكل تفاصيلها.
وأضاف عبد النعيم أنه يجب على الدولة تبني مشروع قومي للرسوم المتحركة كأداة تربوية وتثقيفية وتعليمية بالإضافة لوظيفتها الترفيهية، حتى نستطيع أن ننافس ما يقدمه الغرب، وعدم ترك المجال مفتوحا أمامهم لملء عقول أطفالنا بما يفسد مستقبلهم.
وتحدثت د.منى العيسوي أستاذ الرسوم المتحركة عن ضوررة الاستفادة من كل الجهات التابعة لوزارة الثقافة والقادرة على إنتاج رسوم متحركة، وكذلك المعاهد الأكاديمية التابعة لها، لنتعاون فيما بينها بشكل منظم لتقديم أعمال جماعية تليق باسم وزارة الثقافة؛ يمكن عرضها للجماهير فيما بعد، وتسويقها بالشكل الملائم، مما يستوجب عمل تعاون مع كليات الفنون المختلفة التي تحوي أقساما للرسوم المتحركة، لنصل في النهاية إلى تطوير محال الرسوم المتحركة في مصر بما يليق ببداية مصر الكبيرة عبر التاريخ في الرسوم المتحركة، وبما يليق باسمها وتاريخها كما يجب أن تكون في المستقبل في ذات المجال.
ثم تحدث السيناريست وليد كمال عن تجربته في مجال الكتابة للطفل وبخاصة الرسوم المتحركة والتي تم إنتاج العديد من الأعمال له وعرضت بالتليفزيون المصري، من خلال منتج خاص ويقوم ببيع المسلسل لشركة صوت القاهرة آنذاك، وما كان يوجه ذلك من روتين، حتى توقفت الجهات الإنتاجية الحكومية ومنها التليفزيون وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج عن الإنتاج بشكل شبه كامل.
وأضاف كمال أن المشكلة في مصر في التعامل مع الفن كتجارة وليست كصناعة مثل الغرب، ففي الغرب يقوم المؤلف فقط بالتأليف ويقوم وكيل الأعمال بتسويق ما يكتبه سواء كان مطبوعا أو مسرحيا أو سينمائيا أو تليفزيونيا بعكس ما يحدث عندنا، فالمؤلف يجب أن يكتب ويقوم بتسويق ما يكتبه، وهو ما يعيق المؤلف عن استكمال إبداعه.
وأكد على ضرورة وجود وكيل أعمال ومسوقين وفريق لعمل دراسات جدوى اقتصادية ليتحول الفن في مصر مثل كثير من دول العالم ومنهم الهند إلى صناعة وليس تجارة.
وتحدث الفنان محسن عبد الحفيظ عن امتلاك مصر لمواهب شابة وخبرات كبيرة أنتجت أعمالا ناجحة مثل بكار، ولكن لم يتم العمل على تطوير هذه المواهب بما يتلائم مع تطور العصر، ودخول أدوات الذكاء الاصطناعي لمجال الرسوم المتحركة، فأي مجال يجب أن يتم تطوير العاملين فيه، ولكن نظرا لضعف الإمكانات، وضعف التسويق فإن كثير من المبدعين أصبحوا غير قادرين على تطوير أنفسهم لمنافسة الغرب، ومن ثم نشكو من اجتياح وغزو أفلام الغرب بكل مضامينها لأطفالنا.
وطالب عبد الحفيظ بضرورة تبني وزارة الثقافة لمسابقة ضخمة في مجال الرسوم المتحركة بجوائز مالية كبيرة تشجع على المنافسة، وتعطي بارقة أمل لأجيال جديدة لتطوير أنفسهم، وتقديم أعمال جيدة من حيث المحتوى والشكل، فالمسابقات لها دور كبير في خلق أجيال جديدة وتشجيعهم على الاستمرار.
ثم قام الحضور بعمل مداخلات ونقاشات كثيرة ومنهم مبدع في مجال الرسوم المتحركة يأمل في أن تقوم وزارة الثقافة بعمل قناة متخصصة أو موقع ويب لعرض كل أعمال الرسوم المتحركة، وتسويق القناة أو الموقع بما يدر دخلا من الإعلانات يساعد على تطوير المجال.
واختتمت د.مروة عادل المنتدى مؤكدة أن الحوار لم ينته بعد، وسوف يتم استكماله في مرات قادمة، وأنه سوف يتم رفع هذه التوصبات للمجلس الأعلى للثقافة، للاستفادة منها والعمل على تفعيلها، ثم قدمت الشكر للمجلس ووحدة أمانة المؤتمرات على دعمهم الكامل للمنتدى الذي يقيمه المركز القومي لثقافة الطفل شهريا.
مقررا المنتدى د.مروة عادل، الباحث حسن الحلوجي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الثقافة المانجا مجال الرسوم المتحرکة فی مجال من خلال یجب أن فی مصر د مروة
إقرأ أيضاً:
غزة تفضح حقيقة الغرب المتحضر
لطالما قدّم الغرب نفسه على أنه حارسُ القيم الإنسانية ومهدُ الحضارة الحديثة. وكم تحدّثت عن ذلك حتى النخب المحلية بمبالغة عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان كما لو كانت اختراعاتٍ أوروبية خالصة، ورفعوا شعاراتٍ خلّدتها خطابات الزعماء ومواثيق الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية.
لكنّ كلَّ هذا البريق سرعان ما انطفأ أمام مشاهد الدم والنار في غزة، حين سقطت الأقنعة وتجلّى وجه الحضارة الحقيقي: فهو وجه دموي يبرّر القتل الجماعي ويغضّ الطرف عن الأطفال الممزّقة أجسادهم، بحجة «حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها».
ليس خافيًا على أحد أنّ كلّ قذيفةٍ تسقط على غزة تحمل بصمةً غربية — صُنعًا وتمويلًا وتغطيةً سياسية. فصواريخ F-16 الأمريكية، وقنابل GBU البريطانية، ومدافع M109 الأوروبية، كلها تشارك في المذبحة دون أن يرفّ جفنٌ في العواصم التي تملأ الدنيا حديثًا عن السلام وحقوق الإنسان، لقد تحوّل شعار «الدفاع عن النفس» إلى ترخيصٍ مفتوحٍ بالإبادة، وصار القاتل والمموّل والمبرّر شركاء في جريمةٍ واحدة، بينما يكتفي الضمير الغربي بنشر بياناتٍ إنسانيةٍ باهتة أو قوافل غذاءٍ لا تصل إلى أحد.
حين يُقتل مدنيّ في أوروبا، تُعلن الحدادَ الأمم، وتُستنفرُ مؤسساتُ العالم للتنديد بالإرهاب. أمّا حين يُبادُ آلافُ الفلسطينيين في أسبوعٍ واحد، فإنّ «التريّث في الحكم» يصبح لغة الغرب الرسمية، لقد سقطت أخلاق الغرب في امتحان غزة، لأنّ ما فعله لم يكن تواطؤًا عابرًا، بل سياسةً ممنهجة تعيد تعريف مفاهيم الإنسانية وفق مصالحه. فالضحية، في ميزانه، إن لم تكن غربيةً بيضاء، فإنها لا تستحق العدالة، ولا حتى الحزن.
ما يزيد الفاجعة عمقًا هو أن كلّ صوتٍ يندّد بهذه الجرائم يُتّهم تلقائيًا بـ”معاداة السامية”، وكأنّ السامية — في المفهوم الغربي الحديث — تعني الحق الحصري لليهود في ارتكاب الإبادة.
لقد تحوّل هذا المصطلح من أداةٍ لمكافحة الكراهية إلى درعٍ أيديولوجي يحمي الكيان الصهيوني من أيّ مساءلة، ويُسكت كلّ من يجرؤ على وصف الجرائم بأسمائها. وهكذا صارت الحرية التي يتغنّى بها الغرب حكرًا على من يردّد خطابه، لا على من يواجهه بالحقائق، ومن المفارقات المأساوية أنّ القتلة اليوم لا يخرجون من الكهوف ولا يرفعون رايات سوداء، بل يرتدون بزّاتٍ رسمية ويتحدثون بلغة القانون والديمقراطية. يقتلون الأبرياء، ثم يبرّرون القتل على شاشات التلفاز باسم «محاربة الإرهاب».
أيّ حضارةٍ هذه التي تضع القيم تحت أقدام المصالح؟ وأيّ إنسانيةٍ تلك التي تُفرّق بين دمٍ ودم؟ الغرب الذي كان يُبشّر العالمَ بالمدنية عاد اليوم إلى بدائيته، لكن بوسائل أكثر تطورًا وقدرةً على التدمير.
إنّ ما يجري في غزة ليس مأساةً محلية، بل مرآةٌ كاشفةٌ لزيف النظام الدولي بأسره. فهي تختصر العالم الحديث في مشهدٍ واحد: الضحية تحت الركام، والقاتل يطالب بالاحترام، والمجتمع الدولي يكتفي بالتفرّج.
بهذا المعنى، لم تعد غزة مجرد مدينةٍ محاصرة، بل صارت اختبارًا أخلاقيًا للقرن الحادي والعشرين، فشل فيه من ادّعى الحضارة والتقدّم.
فالحضارة الغربية، كما تُمارس اليوم، ليست سوى قشرةٍ براقةٍ تخفي خواءً روحيًا عميقًا. فقد فقدت إنسانيتها يوم اعتبرت أن دم الطفل الفلسطيني أقلّ قيمةً من دم أيّ طفلٍ آخر، ويوم قررت أن الصمت أهون من قول الحقيقة.
وإذا كان معيار التقدّم هو القدرة على القتل دون شعورٍ بالذنب، فإنّ الغرب حقق تفوّقًا لا يُبارى، لكنه فقد بالمقابل حقّه في الحديث