قد تعجز الكلمات عن وصف ما بداخل كل مصري مخلص محب لوطنه عندما يشاهد هذا الإعجاز الذي أبهر العالم، وهذا المنجز العملاق: المتحف المصري الكبير. وليس هذا فحسب، بل وتعجز الأقلام ويقف المبدعون من الكُتّاب عاجزين عن وصف هذه العظمة والفخامة في حفل افتتاح متحفنا المصري الكبير.

حدث عملاق شهده القاصي والداني، حضوريا أو عبر شاشات الفضائيات أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبكل لغات العالم، تحدث التاريخ المصري قائلاً: نحن هنا، نحن حضارة مصر العملاقة الشاهدة على عظمة أجدادنا الذين خلفوا لنا تراثًا حضاريًا عملاقًا، مما يعد في حد ذاته دافعًا ومحركًا ووقودًا للأجيال القادمة كي تجتهد في المحافظة على هذا التراث.

ليس بالكلام أو الشعارات والهتافات، وإنما بالجد والمثابرة في العمل من أجل مواصلة البناء وإكمال مسيرة الآباء والأجداد.

فلابد أن نكون صادقين مع أنفسنا، بمعنى أن الواحد منا يجلس مختليًا بنفسه تراوده أفكار كثيرة وطموحات وأحلام خاصة، كأن يصبح كذا ويحقق كذا له ولأولاده، وأحلام عامة تتعلق بمستقبل وطنه وأمته العربية وما يحدث لها من تشرذم وشتات وتفرق، وقد نهى الله تعالى عن هذه الفرقة لأنها تذهب الريح، وأن الذئاب لا تأكل إلا الغنم القاصية.

أما العصبة فهي القوة، والاتحاد هو العصبة. وكذلك ما الذي يريده الغرب منا؟! لماذا كل هذه التخطيطات؟ ولماذا كل هذه المؤامرات؟ ماذا تريدون منا؟!

ثم يأخذ الواحد منا نفسًا عميقًا وتأخذه الأشواق والحنين وتفيض عيناه بالدموع عندما يرد على خاطره بلده، وطنه الأم (مصر)، يا ساحرة القلوب، يا قبلة العشاق وروضة الطالبين، مصر الحب، مصر الخير، مصر قلب العروبة النابض بالحنان، مصر النيل، مصر الأهرام، مصر الحضارة، مصر التاريخ، مصر الحاضر.

مصر الآن، مصر المستقبل، مصر المتحف المصري الكبير، مصر الأم الرؤوم التي مهما غبت عنها وعدت، استقبلتك بالحنين. مصر الشعب الطيب، مصر الدفء، مصر الريادة، مصر القيادة، مصر الوحدة، مصر القبطية، مصر الإسلامية، مصر الكنائس، مصر المساجد، مصر رفعت وعبدالباسط وطوبار والنقشبندي، مصر أم كلثوم وحليم وعبدالوهاب. مصر الواحة والراحة. كل ذلك ولا وربي، هناك الكثير والكثير.

ولكن لابد أن يعلم الجميع أنها مهما حيكت ضدها المؤامرات فإنها الصخرة والحصن الحصين الذي تتحطم على أسواره كل هذه الأمور. هل أتاكم نبأ الحملات التتارية، والفرنسية، والإنجليزية؟ العدوان الثلاثي؟ العدوان الصهيوني؟ كل ذلك ذهب إلى حيث ذهب وبقيت مصر رمانة ميزان العرب.

ثم هل أتاكم نبأ ما يفعله التكفيريون الذين نصبوا أنفسهم قضاة وجلاّدين يفتون بالباطل بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، ويستبيحون الدماء وقتل الشباب بغير وجه حق؟ افعلوا ما شئتم، ستذهبون إلى هباء وإلى التلاشي، وستبقى مصر مقبرة لكم أيها القتلة سفّاكي الدم. هل تتذكرون مراجعاتكم؟ إن أردتم تذكرة فارجعوا إلى ما دوّنتموه. ذهبتم وبقيت مصر، لكن في القلب غصة منكم ومن أفاعيلكم. فما ذنب ناسك يتعبد؟ هل لأنه يتعبد يُقتل؟ ما ذنب جندي يحرس فتقتلوه؟ إنها أفاعيلكم، أفاعيل الشيطان، والله ورسوله منكم براء.

ويقول الكثير: نريد إصلاحات في مجال الثقافة، والمجال الديني وتجديد الخطاب بما يتماشى مع العصر ومتغيراته، إصلاحًا اقتصاديًا، خدميًا، طبيًا، تعليميًا، سياسيًا. والنريدات كثيرة. ولكن، لماذا لا نسأل أنفسنا: هل أدينا ما علينا من واجبات حتى نطالب بحقوقنا؟ هي حقوق مشروعة، ولكن هل مددنا أيدينا وتكاتفنا لتحقيق رفعة هذا الوطن؟ هل تركنا اللامبالاة؟ هل أدينا أعمالنا كما أمرنا الله: (وَقُلِ اعْمَلُوا)؟ هل طبقنا المثل القائل: الناجي يأخذ بيد أخيه؟ هل بدأنا بأنفسنا؟

هذا وطننا وهذه حياتنا. بأيدينا نحن رفعتها. نحن أصحاب الكلمة في رفعة شأن هذا البلد. وقد أتعرض للانتقاد، وأن الحكومة دورها توفير كل ما سبق، ولك الحق. ولكن، لماذا لا نتريّث ونصبر ونعمل؟ العمل ثم العمل ثم العمل. التشييد والبناء على كافة الأصعدة والمستويات، نحب ما نفعله ونعتبره مهمة قومية.

وقد ناقشت هذه الفكرة مع إحدى الزميلات الفضليات عن العمل في الكنترولات، وأن العائد المادي قد يكاد أن يكون معدومًا. فقالت بثبات عظيم ثبتني: هي مهمة وكلنا كُلِّفنا بها، هل نؤديها على الوجه الذي يرضي به ربنا عنا؟ قلت: نعم. يا سادتي، المسألة جد مهمة، ووطننا يحتاج منا الهمة. فهل هممنا وشمرنا سواعد الجد لبناء هذا المحبوب؟

والله ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع إلا حبي لبلدي الذي أحيا به وأتنفس هواءه وأشرب ماءه وأسكن تحت سمائه.

نعم، إن وطننا الحبيب مصر يحتاج إلى الكثير والكثير من الجهد والجد والاجتهاد وبذل الغالي والنفيس من أجل إعلاء شأنه بين الدول المتقدمة.

إنها ضرورة ملحة أن نتكاتف ونضع أيدينا في أيدي قادتنا، لماذا؟ حتى نحقق إنجازات في كافة المجالات. وقد أثبتنا بالدليل القاطع أننا قادرون على خلق المعجزة. وشاهدي على ذلك هذا المنجز العملاق: متحفنا الكبير الذي شُيّد بأيادٍ مصرية، وخبرات مصرية، وهندسة مصرية، وزخارف مصرية، وأضواء مصرية، وتقنيات حداثية مصرية. فالذي يشيد متحفًا بهذه العظمة قادر على صنع المستحيل. فليس هناك مستحيل أمام إرادة المصريين الفولاذية.

فهنيئًا لكم أيها المصريون هذا المنجز العملاق الذي جمع بين أصالة الماضي وخبرة الحاضر وتطلعًا إلى مستقبل مشرق، لا أقول لمصرنا فقط، وإنما لكل شعوب العالم المتحضر، لينعم بالمدينة الحديثة.

طباعة شارك المتحف المصري الكبير التاريخ المصري حضارة مصر العملاقة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المتحف المصري الكبير التاريخ المصري

إقرأ أيضاً:

د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: المتحف المصري الكبير.. رمز لنهضة مصر الحديثة أمام العالم

يمثل المتحف المصري الكبير بالنسبة لمصر والمصريين أكثر من مجرد مشروع حضاري أو مقصد سياحي فهو رمز وطني وتنمية اقتصادية متكاملة وامتداد للحضارة المصرية التي تجسد هوية مصر التاريخية في ثوبها العصري الحديث يعيد المتحف إحياء روح الفخر والانتماء في نفوس المواطنين إذ يتيح لكل مصري أن يرى ماضيه العريق ممتدًا في حاضره ويشعر بأن مصر لا تكتفي بتخليد تاريخها بل تصنع مستقبلها بثقة واقتدار وفخر أمام العالم .

كما أرى المتحف المصري يعد أحد أعمدة مشروع الجمهورية الجديدة التي تسعى لربط التنمية الثقافية بالنهضة الاقتصادية والاجتماعية ونشر الثقافة والتاريخ المصري للعالم وتداخل الثقافات العلمية من دول العالم لكي يستفيد منها الأجيال القادمة وتبقي مصر منفتحة على الثقافات العالمية وأيضًا تسعى مصر لخلق مشروعات استثمارية جديدة و آلاف فرص العمل للشباب في مجالات السياحة والخدمات والبنية التحتية وساهم في تطوير منطقة الجيزة وفي القاهرة الكبرى وتحويلها إلى مركز حضاري واقتصادي عالمي .

وللمتحف أيضًا بعد تعليمي وثقافي مهم حيث أصبح منصة لتعليم الأجيال الجديدة عن حضارة أجدادهم بأساليب حديثة وتفاعلية تعزز الانتماء الوطني وتربط الطلاب بمفهوم الهوية الثقافية الحية .

ويظل المتحف المصري الكبير جسرًا بين الماضي والمستقبل يجسد فكرة أن الحضارة ليست ذكرى تروى بل قوة ناعمة تصنع الحاضر وتبني الغد لتبقى مصر — بتراثها وثقافتها — في مقدمة الأمم القادرة على قيادة العالم بحضارتها .

وأرى المتحف المصري الكبير يمثل رؤية مصر السياسية والاقتصادية في بناء دولة عصرية تستعيد مكانتها الحضارية والدولية عبر القوة الناعمة والتنمية المستدامة .

وأرى ذلك منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي قيادة الدولة حيث أصبح الاهتمام بالهوية الوطنية والتراث الإنساني أحد ركائز مشروع "الجمهورية الجديدة" .

اقتصاديًا، يشكل المتحف مصدرًا مستدامًا لدعم الاقتصاد الوطني من خلال تنشيط السياحة الثقافية وزيادة تدفق العملة الأجنبية، كما يرفع من ثقة المستثمرين في قدرة مصر على تنفيذ مشروعات عالمية بمعايير دولية.

 ويمثل المتحف مشروعًا اقتصاديًا قوميًا عملاقًا يجسد إيمان الدولة المصرية

ومصدرًا مستدامًا لدعم الاقتصاد الوطني 

من خلال تنشيط السياحة الثقافية وزيادة تدفق العملة الأجنبية كما يرفع من ثقة المستثمرين في قدرة مصر على تنفيذ مشروعات عالمية بمعايير دولية .

وأرى أن الحضارة والتراث هما أدوات قوة هامه حقيقية في وقتنا الحاضر والمستقبل وأن الثقافة يمكن أن تكون أحد أهم محركات الاقتصاد والتنمية .

والمتحف يعد مشروع وطني ودولي يجسد قدرة مصر على تأكيد صورتها أمام العالم ليؤكد أنها دولة تمتلك تاريخًا عظيمًا وحاضرًا قويًا ومستقبلًا واعدًا توحد بين عبقرية الماضي ورؤية المستقبل بين أصالة المكان المصري وقدرته على صناعة الحضارة مرة أخرى في القرن الحادي والعشرين .

وأرى من الناحية السياسية والجيوسياسية يأتي افتتاح المتحف كرسالة واضحة للعالم بأن مصر مركزًا للاستقرار في الشرق الأوسط وبوابة العالم الحضارية منذ آلاف السنين ونقطة توازن في محيطها الإقليمي المضطرب ومثالًا لدولة تمتلك مقومات الأمن والتنمية والثقافة معًا .

فالقوة الثقافية هنا تتحول إلى أداة دبلوماسية ناعمة تعزز مكانة مصر في منظومة العلاقات الدولية وتؤكد دورها الجيوسياسي كقوة مؤثرة في شرق المتوسط و تربط بين إفريقيا وآسيا وأوروبا وتعيد تعريف صورتها أمام العالم بوصفها جسرًا بين الحضارات لا ساحة للصراعات .

أما من الناحية الاقتصادية فإن المتحف المصري الكبير ليس مشروعًا تراثيًا فحسب، بل استثمار استراتيجي طويل الأجل يمتد أثره للأجيال القادمة. 

لانه يشكل حجر الزاوية في خطة مصر لتطوير السياحة الاقتصادية إذ يتجاوز دوره حدود العرض المتحفي إلى كونه قاطرة للتنمية السياحية والاستثمارية .

فالمتحف أيضًا يحول منطقة الأهرامات إلى منطقة اقتصادية عالمية تجمع بين التاريخ والتكنولوجيا والخدمات المتكاملة .

والعائد من الرؤية الاقتصادية للمتحف هو مبدأ السياحة المتكاملة بحيث لا يكون السائح مجرد زائر بل شريك في التجربة الاستثمارية والثقافية و تخلق كل زيارة للمتحف سلسلة من الأنشطة الاقتصادية في جميع القطاعات بما ينعكس مباشرة على دخل المواطن المصري .

 فإن افتتاح المتحف المصري الكبير هو رسالة دبلوماسية وحضارية وجيوسياسية للعالم بأن حضارة مصر التي صنعت التاريخ لا تزال تصنع المستقبل بثقة وثبات تحت قيادة تدرك أن الثقافة هي الأمن القومي والهوية هي أساس التنمية والتراث هو بوابة الحاضر نحو العالم و رمز لنهضة مصر الحديثة وواجهة تعكس مكانتها كقوة حضارية وثقافية واقتصادية وجيوسياسية فاعلة في القرن الحادي والعشرين .

طباعة شارك المتحف المصري الكبير المتحف المصري هوية مصر التاريخية

مقالات مشابهة

  • ليلة مصرية عظيمة.. عمرو أديب يشيد بحفل افتتاح المتحف المصري الكبير
  • تعرف على شيرين أحمد طارق.. السوبرانو التي أبهرت العالم في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير
  • أحمد الأشعل يكتب: المتحف المصري الكبير… عندما تحوّلت مصر إلى منصة تسويق عالمية
  • افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. كل ما تريد معرفته عن الحدث الذي ينتظره العالم
  • د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: المتحف المصري الكبير.. رمز لنهضة مصر الحديثة أمام العالم
  • عادل نصاريكتب: المتحف الكبير..افتتاح القرن الذي سيغيّر وجه السياحة في مصر
  • عاطف عبداللطيف : المتحف الكبير تجسيد حيّ لعظمة المصري القديم الذي سبق عصره
  • رئيس ألمانيا: سأحضر افتتاح المتحف المصري الكبير ذلك الحدث الذي ينتظره العالم كله
  • افتتاح المتحف المصري الكبير.. فيديو يوثق رحلة تشييد أيقونة مصرية لإبهار العالم