أعلنت شركة Perplexity AI عن شراكة استراتيجية متعددة السنوات مع عملاق الصور العالمي Getty Images، تتيح دمج مكتبة الصور الضخمة التابعة لجيتي داخل أدوات البحث والاكتشاف التي تطورها بيربلكسيتي.

 هذه الاتفاقية، التي وُقعت في ظل تصاعد الجدل العالمي حول حقوق استخدام المحتوى المرئي، تُشكل نقطة تحول في علاقة الذكاء الاصطناعي بصناعة الإعلام المرئي، وتعد بتقديم تجربة أكثر موثوقية للمستخدمين والمبدعين على حد سواء.

وبموجب الاتفاق، ستستفيد Perplexity من واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بـ Getty Images، ما يمنح مستخدميها وصولًا مباشرًا إلى واحدة من أضخم مكتبات الصور الفوتوغرافية والتحريرية في العالم. 

هذه الخطوة ستُدمج المحتوى المرخص بشكل قانوني داخل أدوات البحث الخاصة بـ Perplexity، مع التركيز على عرض الإسناد الصحيح للصور وروابط المصدر، وهي نقطة شددت عليها جيتي في بيانها الرسمي.

وقالت الشركة في بيانها الصحفي إن Perplexity ستعمل على تطوير واجهة عرض الصور بطريقة تضمن نسب كل صورة إلى مالكها الأصلي، مع توفير روابط مباشرة للمصدر، لتوعية المستخدمين بأهمية احترام حقوق الملكية الفكرية وفهم كيفية استخدام الصور المرخصة قانونيًا.

وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس للغاية لصناعة الذكاء الاصطناعي، حيث تتزايد الشكاوى والدعاوى القضائية المتعلقة بانتهاك حقوق النشر والاستخدام غير المصرح به للمحتوى، فمع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تعتمد على تحليل كميات هائلة من البيانات من الإنترنت، باتت مسألة الترخيص والاستخدام العادل أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.

بيربلكسيتي نفسها تواجه عدة دعاوى قضائية في هذا السياق، ففي أغسطس الماضي، رفعت مؤسستان إعلاميتان يابانيتان — هما صحيفة نيكي وأساهي شيمبون — دعوى ضد الشركة، تتهمانها بنسخ وتخزين محتوى مقالاتهما من خوادمهما دون إذن، فضلًا عن نشرها معلومات غير دقيقة منسوبة إليهما. 

كما كانت الشركة واحدة من أربع شركات استهدفتها منصة ريديت في دعوى قضائية الشهر الماضي، تتهمها باستخدام بيانات تم جمعها من المنصة دون الحصول على ترخيص رسمي، وحتى القواميس الإلكترونية لم تسلم من هذا الجدل، إذ رفعت إحدى المؤسسات اللغوية دعوى ضد الشركة بدعوى استخدام بياناتها دون إذن مسبق.

من ناحية أخرى، تُدرك Getty Images جيدًا حساسية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، فقد كانت من أوائل الشركات التي فرضت حظرًا شاملًا على الأعمال الفنية المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي في عام 2022، بعد تصاعد المخاوف بشأن ملكية الصور المُنتجة ومدى قانونية استخدامها.

 كما خاضت الشركة معركة قانونية مع منصة Stable Diffusion، متهمة إياها بنسخ ملايين الصور المحمية بحقوق نشر من أرشيفها لاستخدامها في تدريب خوارزمياتها.

لذلك، يُنظر إلى شراكتها الجديدة مع Perplexity على أنها محاولة لإعادة ضبط العلاقة بين قطاع الإعلام المرئي وشركات الذكاء الاصطناعي، فبدلًا من المواجهة القانونية، تسعى الشركتان إلى بناء نموذج تعاوني يسمح للذكاء الاصطناعي بالاستفادة من الصور بطريقة قانونية وآمنة، مع ضمان عوائد مالية عادلة للمصورين ومالكي الحقوق.

نيك أنسورث، نائب رئيس التطوير الاستراتيجي في Getty Images، أوضح في تصريح رسمي أن مثل هذه الشراكات تُمكّن منصات الذكاء الاصطناعي من تحسين جودة ودقة المعلومات التي تقدمها للمستهلكين، ما يؤدي في النهاية إلى تجربة أكثر جاذبية وموثوقية.

 وأضاف أن الاتفاقية تفتح الباب أمام استخدام مسؤول للذكاء الاصطناعي في عرض الصور الإخبارية والمحتوى التحريري دون المساس بحقوق المبدعين.

ويرى محللون أن هذه الخطوة قد تُشكل نموذجًا جديدًا للعلاقة بين مؤسسات الإعلام وشركات الذكاء الاصطناعي، خاصة في وقت تتسابق فيه كبرى الشركات مثل OpenAI وAnthropic وGoogle لإبرام اتفاقات مماثلة مع مؤسسات إعلامية عالمية.

 ففي ظل تصاعد الانتقادات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي لبيانات غير مرخصة، قد تصبح اتفاقيات الترخيص المسبق مثل اتفاقية بيربلكسيتي وجيتي شرطًا أساسيًا لاستمرار الابتكار في هذا القطاع.

كما تُعد الاتفاقية بمثابة فرصة لجيتي لإعادة ترسيخ مكانتها كشريك موثوق في عالم الإعلام الرقمي، في الوقت الذي تتجه فيه الصناعة نحو الاعتماد المتزايد على المحتوى الذكي والمُولّد آليًا. ومن جهة أخرى، ستحصل Perplexity على دعم قوي في معركتها لتحسين دقة نتائج البحث المرئي وتقليل الأخطاء في نسب الصور والمصادر — وهي مشكلة كانت تسبب لها انتقادات واسعة خلال الأشهر الماضية.

في النهاية، تمثل هذه الشراكة علامة فارقة في الطريق نحو ذكاء اصطناعي قانوني، يوازن بين الابتكار واحترام الملكية الفكرية. وبينما تحاول الشركات التقنية تحسين قدرات البحث والتوليد البصري، يبقى التحدي الحقيقي هو بناء بيئة رقمية تحترم المبدعين وتكافئهم، بدلًا من أن تستغل أعمالهم دون مقابل، اتفاقية Getty وPerplexity قد تكون البداية الحقيقية لهذا التحول الذي طال انتظاره.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی Getty Images

إقرأ أيضاً:

حتى في أبسط أشكاله.. خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي على الطلاب

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لأستاذة الفلسفة في جامعة كاليفورنيا، إيرفين، أناستاسيا بيرغ، تناول استخدام الطلاب للذكاء الاصطناعي ومخاطره عليهم.

وقالت بيرغ، إنه اتضح لها، في الربيع الماضي، أن أكثر من نصف الطلاب في محاضرتها الكبيرة لمادة التعليم العام قد استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي، خلافا لسياستها الصريحة، لكتابة أبحاثهم النهائية المنزلية. (ومن المفارقة أن عنوان المقرر كان "مشكلات أخلاقية معاصرة: قيمة الحياة البشرية").

وكانت قد سألتهم عن بعض الأعمال الفلسفية الحديثة جدا، والتي تصادف أن بعض أجزائها تشترك في عناوينها مع أفكار مختلفة تماما في اللاهوت في العصور الوسطى. ويمكن للقاريء تخمين المواضيع التي انتهى بها المطاف بالطلاب إلى "الكتابة" عنها.

وأكدت الدكتورة بيرغ أن وضعها لم يكن فريدا من نوعه على الإطلاق - فقد تم الإبلاغ عن انتشار الغش باستخدام الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء البلاد لكنها شعرت بخوف شديد كافَحَت للتعبير عنه حتى صاغت إحدى الزميلات المشكلة بعبارات واضحة حيث قالت: "طلابنا على وشك أن يصبحوا غير قادرين على التفكير".

وهذا هو بيت القصيد بحسب الكاتبة، فالأمر لا يتعلق فقط بالمهارات الأكاديمية المتخصصة أو العادات الذهنية الراقية، بل أيضا بأبسط أشكال الطلاقة المعرفية. إن ترك طلابنا لفعل ما يشاءون - أي لأجهزة شركات الذكاء الاصطناعي - هو حرمانهم من فرص لا غنى عنها لتطوير إتقانهم اللغوي، ومعه أبسط قدراتهم على التفكير وهذا يعني أنهم سيفتقرون إلى الوسائل اللازمة لفهم العالم الذي يعيشون فيه أو التعامل معه بفعالية.

وأضافت بيرغ، أن الذكاء الاصطناعي ليس أول تقنية تهدد كفاءتنا المعرفية. فقبل وقت طويل من ظهور ChatGPT والهواتف الذكية والآلات الحاسبة، حذر أفلاطون من الكتابة نفسها. فقد توقع أن البشر المتعلمين "لن يستخدموا ذاكرتهم". لم يكن مخطئا تماما.

وتابعت، أن قلة منا ستعتبر هذا صفقة سيئة. فالكلمة المكتوبة، في نهاية المطاف، هي شرط بقاء هذه الحوارات الأفلاطونية نفسها على مدى ألفي عام. غالبا ما تأتي الهدايا العظيمة بتكلفة باهظة. والسؤال دائما هو: هل الثمن مستحقا؟

وأشارت إلى أنه مع انتشار استخدام الطلاب للذكاء الاصطناعي، ركز العديد من منتقديه على المواهب الفكرية. فكتبت الشاعرة ميغان أورورك في مقال رأي لصحيفة نيويورك تايمز: "يقوض الذكاء الاصطناعي القيمة الإنسانية للانتباه، والفردية التي تنبع من ذلك". و

من بين القدرات الأخرى المهددة: "التعبير الإنساني الفريد"، و"التفكير النقدي المتأني"، و"القدرة على كتابة جمل أصلية ومثيرة للاهتمام". وقالت إنه بصفتها أستاذة في العلوم الإنسانية، فإن كل هذه المخاوف تلامسها بشدة.

وقالت: "ومع ذلك، فقد أدركت أن هناك شيئا أكثر جوهرية يتعرض للخطر. إن تطوير قدراتنا اللغوية - لإتقان مفاهيم متنوعة، ومتابعة حجة معقدة، وتكوين الأحكام، وإيصالها إلى الآخرين - هو في الواقع تطوير لقدرتنا على التفكير".

وأضافت: "بالنسبة لنا نحن البشر، فإن استخدام اللغة ليس مجرد مهارة كأي مهارة أخرى، بل هو الوسيلة التي ننجز بها كل شيء تقريبا. لقد اختلف الفلاسفة حول إمكانية وجود كائنات قادرة على التفكير رغم افتقارها إلى اللغة، ولكن من الواضح أن البشر لا يستطيعون ذلك. فنحن ندرك معالم عالمنا من خلال اللغة. لكننا لا نولد بلغة جاهزة، بل علينا اكتساب قدراتنا اللغوية وتطويرها من خلال الممارسة المكثفة مع البشر الآخرين. ولعدة قرون، كان هذا يعني في المجتمعات المتقدمة تنمية معرفة وثيقة بالكتابة البشرية".

ولفتت إلى أن كثيرين يميزون بين الاستخدامات غير المشروعة للذكاء الاصطناعي (مثل كتابة مسودات كاملة) والوظائف المساعدة البريئة - كالتلخيص، على سبيل المثال. لكن هذه الوظائف التي تبدو غير ضارة هي الأكثر ضررا على العقول النامية. لنأخذ التلخيص كمثال: يبدو أن ترك هذه المهمة الروتينية للذكاء الاصطناعي اختصارٌ غير ضار. صحيح أن الطلاب الذين يقرأون ملخصات الذكاء الاصطناعي فقط سيتعرضون لتحليل متوقع ونثر متجانس، لكنهم سيوفرون الوقت والجهد.

في الحقيقة، إن القدرة على تحديد ما يُجادل فيه وكيفية ذلك ليست أمرا ثانويا. لا يوجد جانب من جوانب الفهم المعرفي سطحي بحسب الكاتبة.

وأكدت بيرغ انه بدون فرصة لتطوير هذه القدرات، لن يتمكن الشباب من فهم تقرير إخباري أو وثائق طبية ونماذج الموافقة أو قيمة أي حجة (بما في ذلك هذه الحجة). من شأن نقص المخزون المفاهيمي أن يجعل حياتنا بدائية وتجربتنا للعالم غير متمايزة وخشنة. والأسوأ من ذلك، أن التدهور المعرفي يهدد حقنا في الحكم الذاتي: ليس من الواضح على الإطلاق أن سكان المجتمع ذي القدرات المعرفية المحدودة سيكونون مؤهلين للمشاركة في العمليات الديمقراطية التي تحدد كيفية تنظيم مجتمعاتنا وحياتنا.

وأكدت أنه مع الأخذ في الاعتبار سلبياته المحتملة، يصر العديد من المعلمين على أن استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في التعليم أمر لا مفر منه. يدعي المتحمسون للذكاء الاصطناعي، مثل د. غراهام بورنيت من جامعة برينستون، أن القراءة والكتابة انحراف تاريخي، لم يعد مناسبا لهذا العالم.

ويجادل الدكتور بورنيت بأنه خارج عدد قليل من المؤسسات النخبوية، لن يكون هناك أي فائدة قريبا من مطالبة الطلاب بقراءة الكتب. يجب على المعلمين بدلا من ذلك أن يطلبوا من الطلاب "القيام بأشياء" بنصوص قصيرة: "غنوها. احفظوها. قطعوها إلى قطع صغيرة والصقوها على الجدران".

وبعبارة أخرى، يجب أن نرحب بالعودة إلى مجتمع حيث تقتصر القراءة والكتابة الوظيفية على قلة قليلة من المتميزين.

وعبرت عن شعورها بالاستياء من تجاهل الدكتور بورنيت السهل لأغلبية طلاب الجامعات الأمريكية وتوجيههم إلى تعليم يبدو أكثر ملاءمة لأطفال الروضة. وتستند ادعاءاته إلى فرضية خاطئة. لا يزال العديد من الطلاب قادرين على القراءة والتفاعل مع النصوص الطويلة - ويرغبون في ذلك. وتستشهد بالطلاب الذين تدرسهم حيث اختار نصفهم أن يفعلوا ذلك بدلا من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.

وأردفت: "لم يكن أي من طلابي - سواء قرأوا النصوص الصعبة التي كلفتهم بها أم لا - سيستفيدون أكثر من استخدام أجزاء صغيرة من مقالاتنا لتزيين الجدران بدلا من ذلك".

وختمت بيرغ مقالها قائلة إن التعليم العالي يهدف إلى تنشئة أفراد ناضجين فكريا، وهذا بدوره يتطلب منا ضمان تعلم الطلاب القراءة والتفكير والكتابة بشكل مستقل. الأمر أسهل مما نتصور: فخلق مساحات خالية من التكنولوجيا وتشجيع الطلاب على قضاء الوقت فيها لا يتطلب موارد جديدة. كل ما نحتاجه هو الإرادة. لا يزال العديد من طلابنا يمتلكونها. فهل يمتلكها معلموهم أيضا؟

مقالات مشابهة

  • العراق يحتل المراتب الأخيرة عربياً و86 عالمياً في استخدام الذكاء الاصطناعي
  • استشاري: الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا من ثقافتنا اليومية وأقرب إلينا من هواتفنا
  • 10 علامات.. كيف تميّز الأخبار التي أُُنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي؟
  • طريقة تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي مجاني.. الرابط والخطوات عبر gemini
  • التوازن بين الذكاء الاصطناعي والنزاهة الأكاديمية
  • من اليابان إلى المكسيك.. إليك جولة في 7 من أكثر الأماكن رعبًا على وجه الأرض
  • حتى في أبسط أشكاله.. خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي على الطلاب
  • مختصة: يوجد تطبيقات قادرة على التمييز بين البحوث الطلابية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي
  • حول صورتك إلى فرعوني.. الذكاء الاصطناعي يعيد ملامح الملوك على وجوه المصريين