رئيسة اللجنة الدولية لحماية الصحفيين: واشنطن مارست ازدواجية في ملف شيرين
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
اعتبرت جودي غينزبرغ، الرئيسة التنفيذية للجنة الدولية لحماية الصحفيين، تساهل واشنطن في التعامل مع ملف التحقيق بمقتل مراسلة الجزيرة في فلسطين، الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة، يعكس ازدواجية قد تعزز إفلات قتلة الصحفيين من العقاب في العالم.
وكان العقيد الأميركي المتقاعد ستيف غابافيكس قد أعرب عن اعتقاده، أن واشنطن خففت نتائج تحقيقها في مقتل شيرين أبو عاقلة من أجل إرضاء إسرائيل، حسب صحيفة نيويورك تايمز.
وقُتلت مراسلة قناة الجزيرة أبو عاقلة يوم 11 مايو/أيار 2022، إذ أصيبت برصاصة في الرأس في أثناء تغطيتها اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.
وقالت غينزبرغ في حديثها لقناة الجزيرة من نيويورك، إن مسألة الإفلات من العقاب تمثل خطرا وجوديا على العمل الصحفي، لأنها توصل رسالة مقلقة مفادها أن قتل الصحفيين يمكن أن يمرّ دون مساءلة، وهو ما يمنح الحكومات في العالم "شيكا على بياض" لارتكاب انتهاكات بحق الإعلاميين.
وأوضحت أن الولايات المتحدة خففت من أهمية جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة، رغم أن القانون الدولي الإنساني واضح في اعتبار الصحفيين مدنيين يجب عدم استهدافهم، مؤكدة أن ما جرى يُعد انتهاكا صارخا لمبادئ هذا القانون.
غياب المساءلة
وشددت على أن إسرائيل لم تُحاسب على أي من عمليات قتل الصحفيين، سواء بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أم خلال أكثر من عقدين ماضيين، مشيرة إلى أن غياب المساءلة عزز من ثقافة الإفلات من العقاب.
وانتقدت غينزبرغ تعامل الإدارة الأميركية السابقة مع قضية أبو عاقلة على أنها ازدواجية، إذ لم تُبدِ واشنطن الحزم ذاته الذي أظهرته في حالات أخرى عندما تعلّق الأمر بصحفيين أميركيين احتجزتهم دول معادية.
وأشارت إلى أن الحكومة الأميركية تصرفت بسرعة عندما أوقفت روسيا صحفيا من "وول ستريت جورنال"، لكنها في المقابل تهاونت في قضية شيرين رغم أنها مواطنة أميركية، معتبرة أن هذه المفارقة تكشف عن "انتقائية في تطبيق القوانين".
إعلانوأضافت أن القيم الدولية وحقوق الإنسان لا تُطبق وفق طبيعة العلاقة السياسية بين الدول، مؤكدة أن العدالة لا يمكن أن تكون حكرا على الأعداء دون الأصدقاء، لأن القانون الدولي "ينبغي أن يسري على الجميع بلا استثناء".
وأعربت غينزبرغ عن قلقها العميق حيال ما يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون في قطاع غزة، مؤكدة أن إسرائيل استهدفتهم عمدا في حالات عديدة، ثم ادعت أنهم "إرهابيون" دون أن تقدم أدلة تدعم هذه المزاعم.
سلوك مستمر
ولفتت إلى أن عشرات الصحفيين، ومنهم زملاء في شبكة الجزيرة مثل أنس الشريف، قُتلوا في غزة دون أي مبرر، معتبرة أن هذا السلوك يعكس استمرار السياسة الإسرائيلية في استهداف الإعلاميين.
وربطت بين الإفلات من العقاب في قضية شيرين أبو عاقلة وبين التصعيد اللاحق ضد الصحفيين في غزة، موضحة أن تجاهل المجتمع الدولي تلك الجريمة فتح الباب لمزيد من الانتهاكات التي تُرتكب اليوم بصورة علنية.
وأكدت أن إسرائيل خرقت القانون الدولي الإنساني بشكل فاضح، إذ تواصل قتل الصحفيين دون خوف من المحاسبة، مستفيدة من الغطاء السياسي الذي يوفره حلفاؤها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.
وحين سُئلت عن احتمال محاسبة إسرائيل على جرائمها ضد الصحفيين، قالت غينزبرغ، إن ذلك "سؤال مؤلم ومحبط"، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي فشل حتى الآن في إلزام تل أبيب بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية.
ومع ذلك، أعربت عن إيمانها بأن العدالة وإن تأخرت، فإنها "ستتحقق في النهاية"، مؤكدة أن لجنتها تواصل توثيق الانتهاكات بحق الصحفيين، ودفع المجتمع الدولي نحو مساءلة الجناة لضمان عدم تمرير هذه الجرائم بلا عقاب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات شیرین أبو عاقلة من العقاب مؤکدة أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
نهاية مبكرة لشراكة الرياضات الإلكترونية بين السعودية واللجنة الأولمبية الدولية
في تطور غير متوقع، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) يوم الخميس عن إنهاء شراكتها مع اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية (SOPC) في مجال الرياضات الإلكترونية، بعد أقل من عام على توقيع اتفاقية طموحة كان يُنتظر أن تُحدث نقلة نوعية في مستقبل الألعاب الإلكترونية على المستوى الأولمبي.
البيان الرسمي الصادر عن اللجنة الأولمبية الدولية أشار إلى أن الطرفين "اتفقا بشكل ودي على إنهاء الشراكة"، دون الخوض في تفاصيل دقيقة حول أسباب القرار، ومع ذلك، فإن هذه الخطوة جاءت بعد أسابيع قليلة من استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إلى جانب مجموعة من المستثمرين، على شركة ألعاب الفيديو العملاقة EA في صفقة بلغت قيمتها نحو 55 مليار دولار، ما أثار العديد من التساؤلات حول خلفيات الانفصال المفاجئ.
كانت الشراكة بين اللجنة الأولمبية الدولية والمملكة العربية السعودية قد أُعلنت في عام 2024، على أن تمتد لمدة 12 عامًا، في خطوة هدفت إلى دمج الرياضات الإلكترونية ضمن إطار الألعاب الأولمبية بشكل رسمي، وشملت الاتفاقية آنذاك خطة لإطلاق دورة الألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية كل عامين، على أن تُقام النسخة الأولى في 2027 بعد تأجيلها من العام الجاري.
وقد ترددت أنباء في ذلك الوقت عن محادثات بين اللجنة الأولمبية الدولية وعدد من مطوري الألعاب العالمية مثل Rocket League وStreet Fighter وLeague of Legends، بهدف إدراجها ضمن فعاليات البطولة الجديدة، كما كانت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة ضمن الدول المرشحة لاستضافة النسخ التالية من الحدث.
إلا أن الحلم المشترك يبدو أنه انتهى قبل أن يبدأ، حيث أكدت اللجنة الأولمبية الدولية في بيانها الجديد أنها ستواصل السعي لتحقيق طموحاتها في الرياضات الإلكترونية بشكل مستقل، مع التزامها بنشر فرص المشاركة في الألعاب الأولمبية الإلكترونية على نطاق عالمي أوسع، وأكدت اللجنة أنها لا تزال تخطط لإطلاق النسخة الافتتاحية من دورة الألعاب في أقرب وقت ممكن.
ورغم أن الجانبين وصفا القرار بأنه ودي، فإن التوقيت يثير علامات استفهام كثيرة، فبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، جاء إعلان الانفصال بعد نحو سبعة أشهر من تولي كريستي كوفنتري رئاسة لجنة الرياضات الإلكترونية التابعة للجنة الأولمبية الدولية، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى ربط القرار بإعادة تقييم التوجهات الاستراتيجية الجديدة للجنة تجاه هذا القطاع المتنامي.
اللجنة الأولمبية الدولية كانت قد أبدت في مناسبات عدة رغبتها في جذب الجماهير الشابة عبر الرياضات الإلكترونية، لكنها شددت في الوقت نفسه على ضرورة أن تكون هذه الألعاب متوافقة مع "القيم الأولمبية"، مثل الاحترام والتنافس الشريف وعدم الترويج للعنف أو الممارسات غير الأخلاقية.
وفي المقابل، تُعد السعودية من أكثر الدول نشاطًا واستثمارًا في مجال الرياضات الإلكترونية على مستوى العالم، إذ تستضيف بطولة "كأس العالم للرياضات الإلكترونية" التي تجمع أشهر الألعاب التنافسية مثل ألعاب القتال وألعاب إطلاق النار وألعاب الـMOBA، وتجذب آلاف اللاعبين والمشاهدين سنويًا.
مستقبل غير واضح للألعاب الأولمبية الإلكترونيةيرى محللون أن إنهاء الشراكة قد يؤثر على وتيرة تطوير مشروع الألعاب الأولمبية الإلكترونية، الذي كان يُعوّل عليه ليكون بوابة جديدة للجنة الأولمبية الدولية نحو جيل اللاعبين الرقميين، فبينما تُحاول اللجنة بناء نموذج تنظيمي يحافظ على مبادئها، تواجه تحديات كبيرة في إيجاد التوازن بين روح المنافسة الرياضية والانفتاح على ثقافة الألعاب الحديثة التي تعتمد على الإبداع والسرعة والتفاعل.
ويعتقد خبراء في مجال الرياضات الإلكترونية أن اللجنة الأولمبية الدولية قد تجد صعوبة في المضي قدمًا دون دعم مالي وتنظيمي قوي كالذي كانت توفره السعودية، خصوصًا في ظل النمو السريع لصناعة الألعاب التي تجاوزت قيمتها 200 مليار دولار عالميًا.
بين طموح اللجنة الأولمبية الدولية في الحفاظ على "صورة نقية" وحرص السعودية على أن تكون في مقدمة الدول الداعمة لصناعة الألعاب، يبدو أن الانفصال يعكس اختلافًا في الرؤى أكثر منه خلافًا سياسيًا، ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع اللجنة الأولمبية الدولية بناء منصة إلكترونية أولمبية تجذب الأجيال الجديدة وتواكب ثورة الألعاب دون أن تفقد جوهرها الرياضي التقليدي؟
الإجابة قد تتضح في الأعوام القليلة المقبلة، مع اقتراب الموعد المنتظر لإطلاق أول دورة للألعاب الأولمبية الإلكترونية — إن تمسكت اللجنة بالفعل بهذا الهدف الطموح.