الثورة نت /..

تحل ذكرى الشهيد للعام 1447هـ واليمن يرسّخ موقعه سياسيًا بعد أن تحولت ثقافة الشهادة إلى مشروع وطني يصنع الردع ويحمي كرامة الأمة ويجسّد انتماءها لقضاياها العادلة وفي طليعتها “فلسطين”.

فدماء الشهداء وتضحياتهم أنبتت وعيًا وإرادة صُلبة في مواجهة قوى الاستكبار والهيمنة “أمريكا وإسرائيل”، وأدواتهما وعملائهما في المنطقة.

وغدت الشهادة في الوعي اليمني، رؤية استراتيجية تحدّد اتجاه الموقف الوطني والسياسي، وترسم حدود الفعل العسكري والأمني والاقتصادي، وأصبحت جزءًا من هوية الدولة الجديدة التي تتشكل من رحم الصمود والتضحيات.

وعلى مدى 11 عامًا من مواجهة العدوان والحصار والتداعيات الصعبة، تبلورت إرادة اليمنيين في صيغة جديدة من القوة المستقلة التي جعلت اليمن لاعبًا إقليميًا فاعلًا ومركز ثقل أخلاقي وسياسي يعبر عن وجدان الأمة ويقود مسارات النضال مع قوى الاستكبار والاحتلال.

ثقافة الشهادة، نجحت في تحويل الدماء إلى مراحل بناء ومكاسب، فكل شهيد كان جسرًا نحو وعي أعمق، وجيلًا أكثر صلابة، وجبهة أوسع، حتى أصبحت التضحية منهجًا يُبنى عليه القرار الوطني.

ومن هذا الوعي، انبثق موقف اليمن المبدئي تجاه القضية الفلسطينية، موقف يُقاس بالعمل والميدان، وحين امتدت يد العدوان إلى غزة كان اليمن مبادرًا من البحر الأحمر إلى باب المندب، معلنًا أن الشهداء صاروا فعلًا مستمرًا في نصرة فلسطين، ودماء الشهداء تحولت إلى طاقة عمل تقود الأمة.

ما يميز التجربة اليمنية اليوم انتقالها من مفهوم المقاومة المحدودة إلى مفهوم الردع الفاعل، حيث يُدار الصراع من موقع المبادرة، وتُوظَّف القدرات الوطنية في حماية السيادة والمصالح الحيوية، وتأمين الممرات الإستراتيجية، وإرباك حسابات القوى المعادية.

وفي الذكرى السنوية للشهيد، يستحضر اليمنيون صور الفداء ونتائجها العملية في شكل استقلال القرار اليمني وقدرة حقيقية على حماية السيادة ووفاء متجدد للعهد الإلهي الذي حمله الشهداء في وجدان الأمة، المتمثل في الحضور الدائم في مواجهة الطغيان مهما كان الثمن.

اليمن اليوم، يحتل موقعًا متقدمًا في معادلة المقاومة، جامعًا بين الإرادة والقدرة، والعدل والقوة، والوفاء للشهداء والالتزام بنصرة المظلومين في كل مكان، حيث صاغت دماء الشهداء مسارًا جديدًا للأمة نحو التحرر من الهيمنة والوصاية ورسخت نهجًا سياديًا يُعبر عن إرادة الشعوب في تقرير مصيرها.

الشعب اليمني بوعيه الإيماني وقيادته الثورية، بلغ مكانة عالية في مواجهة مشاريع الهيمنة والاستكبار وأثبت قدرته على فرض معادلات ردع إقليمية تحمي الأمة وتغير موازين القوة، فالإرادة اليمنية التي ولدت من عمق المعاناة أصبحت اليوم درعًا واقيًا لكل الأحرار في وجه الطغيان ومحورًا مركزيًا في إعادة صياغة المشهد العربي والإسلامي على قاعدة الحرية والكرامة والسيادة.

وتمكن اليمن خلال السنوات الأخيرة، بفضل تضحيات الشهداء وصمود الشعب وإرادته الحرة، من تحقيق قفزات نوعية في مجالات التصنيع العسكري، فأصبحت مشاريع الإنتاج الدفاعي عنوانًا للاعتماد على الذات ورمزًا للاكتفاء الوطني، لتُعبر عن قدرة اليمن على صناعة ردعه بجهده وخبرته وكفاءته، ليضع هذا الإنجاز البلاد في موقع متقدم بين دول المنطقة القادرة على بناء قدراتها من داخلها واستثمار طاقاتها في حماية مقدراتها وأمنها القومي.

ومن ثمار المسيرة التي صاغها الشهداء بدمائهم، التفاف الشعب اليمني حول قيادته، وهو الالتفاف الذي شكل السند الصلب لمشروع الصمود والبناء، إذ مثل التلاحم الشعبي الركيزة التي تعزّز الإرادة الوطنية وتمنح القرار السياسي قوته واستقلاله، وبهذه الوحدة تجسّدت العلاقة الوثيقة بين القيادة والشعب على أساس الإيمان بالمشروع الإلهي والرؤية الوطنية التي تجعل من اليمن قلعة حصينة أمام كل محاولات الإخضاع والهيمنة.

وفي هذا السياق، يرى محللون، أن اليمن اليوم بات الأنموذج الأكثر اكتمالًا في الجمع بين الفكر الإيماني والعمل الثوري، وتجربته في الصمود قدّمت للعالم العربي صيغة جديدة من القوة المعنوية التي توازن بين الشهادة والسيادة، وبين الدفاع عن الوطن ونصرة فلسطين.

باتت ذكرى الشهيد في اليمن، شهادة حيّة على أن الأمة التي تمتلك وعي التضحية تمتلك سر البقاء وقوة النهوض، وأن دماء الشهداء مثلت منطلقًا لوعي الأمة وتوجيه بوصلتها نحو التحرر والسيادة، لتواصل مسيرتها بثباتٍ وإيمان من صنعاء إلى القدس، ومن البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، في طريق يرسم ملامح مستقبل تصنعه الشعوب بدمائها وإرادتها الحرة.

سبأ

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

فعالية خطابية لمجمع الساحل الغربي الطبي بالحديدة بذكرى سنوية الشهيد

الثورة نت / أحمد كنفاني

نظم مجمع الساحل الغربي الطبي بمحافظة الحديدة اليوم السبت، فعالية خطابية بالذكرى السنوية للشهيد 1447هـ، تحت شعار “شهداؤنا عظماؤنا”.

وفي الفعالية، أوضح وكيل المحافظة لشؤون الخدمات محمد سليمان حليصي، أن في هذه الذكرى، نستحضر تضحيات الأبطال الذين قدموا أرواحهم دفاعا عن الوطن، ونعاهدهم بأن تبقى دماؤهم نبراسا يوجه خطانا.

وأكد أن الوفاء لدماء الشهداء، والتأكيد على التعبئة والجاهزية العالية، هما الضمان الحقيقي لاستمرار صمود الوطن، وحماية مكتسباته، ومساندة المستضعفين في غزة.

فيما أشار نائب مدير المجمع أحمد عامر، إلى أن الشهداء هم الأبرار الذين صاغوا بدمائهم الزكية ميثاق الكرامة والاصطفاء الإلهي، ميثاقا خالدا ينادي في الأجيال القادمة بأن العيش في ظل الذل موت، وأن الموت في سبيل العزة حياة لا تنتهي.

وجدد التأكيد العهد للشهداء بأن نظل ثابتين على طريق الجهاد، متسلحين بالقرآن والثقافة القرآنية، متمسكين بنهج الشهداء، عاملين بتوجيهات قيادتنا الحكيمة.

من جانبه أستعرض نائب رئيس جامعة دار العلوم الشرعية الشيخ علي عضابي، فضل الشهادة في سبيل الله تعالى، واصفا الشهادة بأنها أعلى مقامات التشريف الإلهي، ومحطات الفوز العظيم، الذي يختص الله تعالى به، من يشاء من عباده، المجاهدين في سبيله.

ولفت إلى أن أبناء الشعب اليمني يتسابقون إلى جبهات العزة والكرامة، مجاهدين بأنفسهم وإمكاناتهم، متفانين في التضحية بما هو أكثر من النفس، ولو امتلكوا ما هو أغلى من أرواحهم، لجادوا به في سبيل الله دون تردد.

تخللت الفعالية، بحضور مدير المجمع العقيد عبدالرزاق المضواحي، والكادر الطبي، قصيدة شعرية واوبريت انشادي عبرتل عن عظمة الذكرى ووهج أرواح الشهداء التي ما غابت ولن تغيب عن سماء العزة، وعلى خطاهم سيبقى اليمن سائر نحو تحقيق النصر المبين.

مقالات مشابهة

  • فعالية لإدارة أمن تعز بالذكرى السنوية للشهيد
  • مشاريع ومهرجانات ومعارض وزيارات.. الشعب اليمني يُحيي ذكرى شهدائه الأبرار
  • اجتماع بوزارة الكهرباء يناقش التحضيرات لإحياء ذكرى سنوية الشهيد
  • مفتاح: تضحيات الشهداء وضعت اليمن في موقع ريادي أمام قوى الاستكبار
  • فعالية خطابية لمجمع الساحل الغربي الطبي بالحديدة بذكرى سنوية الشهيد
  • العلامة مفتاح: تضحيات الشهداء وضعت اليمن في موقع ريادي
  • وزارة الإعلام تدشّن الخطة الإعلامية العامة لإحياء ذكرى سنوية الشهيد
  • عظمة الشهادة في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي
  • دم الشهيد سبب في الحرية والاستقلال