صراحة نيوز- كتب أ.د. محمد الفرجات

لطالما شكّلت الدبلوماسية الأردنية أحد أهم عناصر القوة الناعمة للدولة، وأداة فاعلة في حماية مصالحها الوطنية، وإدامة حضورها على الخارطة الإقليمية والدولية رغم محدودية الإمكانيات. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، برز هذا الدور بشكل مكثّف في ظل تصاعد التوترات في الإقليم، واندلاع حرب غزة، وتزايد التهديدات للأمن الإقليمي، ما دفع جلالة الملك عبدالله الثاني إلى تحركات متواصلة لحماية المدنيين، ووقف العدوان، والدفاع عن القدس والمقدسات، والحؤول دون تهجير الفلسطينيين إلى الأردن.

لقد كانت تلك الدبلوماسية صوت الضمير الإنساني، وحائط الصد السياسي عن فلسطين والمنطقة.

غير أن انشغال الأردن الكبير بالملفات الإقليمية يجعلنا نتساءل عن تبعات غياب الجهد الدبلوماسي الخارجي الموجه لدعم القضايا التنموية والاقتصادية في الداخل.

فالأردن اليوم يواجه أعباءً مركّبة؛ مديونية مرتفعة، ضغوطًا مالية، تحديات في سوق العمل، تراجعًا في الخدمات العامة، وشحًا مائيًا متفاقمًا. وهذه ليست نتيجة سياسات داخلية، بل حصيلة تراكمية لعقود من تحمّل الأردن مسؤوليات إنسانية وإقليمية بالنيابة عن العالم.

فمنذ نحو عقدين استقبل الأردن موجات متتالية من اللجوء من دول الجوار، حتى أصبح من أكثر دول العالم استقبالًا للاجئين قياسًا بعدد السكان، ما ترتب عليه أعباء مالية وكلف جارية إضافية وضغوط على البنية التحتية والمياه والتعليم والصحة وفرص العمل.

ومن هنا، فإن الدبلوماسية الأردنية اليوم مطالبة بإعادة التوازن بين الموقف السياسي والبعد التنموي الاقتصادي. فكما نجحت في كسب احترام العالم لمواقفها الأخلاقية الثابتة، يمكنها أن تنجح أيضًا في تحويل هذا الاحترام إلى دعم اقتصادي مستدام. ويبرز هنا الدور الحيوي المطلوب للدبلوماسية الخارجية في إطفاء جزء من المديونية عبر التفاوض مع الدول الصديقة والدائنة، ومبادلة جزء آخر منها بمشاريع خضراء ومناخية تُنفّذ على الأراضي الأردنية لصالح تلك الدول، بما يخدم مصالح الطرفين.

فالأردن دولة تأثرت بشدة بالتغير المناخي وليست سببًا فيه، وهو ما يمنحه الحق الأخلاقي والسياسي في أن يكون طرفًا مستفيدًا من آليات التعويض المناخي، والتمويل الأخضر، والصفقات التنموية العادلة.

إن العالم يدرك أن الأردن تحمّل ما لم تتحمله دول أكبر منه حجمًا واقتصادًا، دفاعًا عن الاستقرار الإقليمي، وعن القيم الإنسانية، وعن أمن أوروبا والمنطقة. لذلك فإن من حقه اليوم أن يحظى بمكانة استثنائية في المبادرات الدولية الخاصة بالمناخ والتنمية، وأن تكون الدبلوماسية الأردنية رأس الحربة في إعادة تعريف الأردن أمام العالم: دولة معتدلة، مستقرّة، ذات كفاءة بشرية عالية، لكنها تحتاج إلى إنصاف اقتصادي وتمويلي يمكّنها من الاستمرار في أداء أدوارها الإقليمية.

ولعلّ التحدي القادم يكمن في بناء دبلوماسية اقتصادية–مناخية موازية للدبلوماسية السياسية، تتوجه إلى المؤسسات المالية الدولية وصناديق التنمية والمناخ، وتعمل على استقطاب التمويل الميسر والمنح، وتشجيع الاستثمار الأخضر، وجذب مشاريع الطاقة المتجددة وإدارة المياه والنقل المستدام. فبهذا فقط يمكن تحويل الضغوط إلى فرص، والموقع الجيوسياسي إلى مكسب تنموي.

إن المطلوب ليس تخفيف الحضور الأردني في القضايا الإقليمية، بل توسيع معادلة العمل الدبلوماسي ليشمل دعم الداخل، وتحقيق العدالة المالية والمناخية للأردن، بما يضمن استدامة دوره الإقليمي وقوته الداخلية معًا. فالدبلوماسية القادرة على المساهمة بإيقاف حرب يمكنها أيضًا أن تبني اقتصادًا متعافيًا ومستقبلًا أخضرًا للأجيال القادمة.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام الدبلوماسیة الأردنیة

إقرأ أيضاً:

من سنة لـ7 سنوات.. هل تعاقب سوزي الأردنية بالأحكام المشددة؟.. تفاصيل

أحالت نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال، التيك توكر سوزي الأردنية إلى المحكمة الاقتصادية، على خلفية اتهامها بـ غسل الأموال المتحصلة من نشاط غير مشروع، بعد أيام من صدور حكم  بحبسها سنة واحدة وغرامة 100 ألف جنيه بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء.

 

- قضية جديدة تواجه سوزي الأردنية

القضية الجديدة، بحسب مصادر قضائية مطلعة، تُعد الأخطر في مسيرة المتهمة، إذ تواجه بموجب قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 عقوبات تصل إلى السجن من 3 إلى 7 سنوات وغرامة تعادل قيمة الأموال محل الجريمة، حال ثبوت إدانتها أمام المحكمة.

 

- من بث مباشر إلى اتهام مالي

التحقيقات كشفت أن سوزي حققت أرباحًا مالية ضخمة من خلال بث مقاطع خادشة وأفعال فاضحة عبر حسابها على “تيك توك”، قبل أن تعمل على تحويل تلك العائدات إلى ممتلكات نقدية وعقارية لإخفاء مصدرها.

وجاء في أوراق القضية أن المتهمة استخدمت محافظ إلكترونية وحسابات بنكية متعددة لتحويل الأموال، الأمر الذي أثار الشبهات ودفع النيابة لفتح ملف غسل الأموال بالتوازي مع القضية الأصلية.

 

- التحفظ على الأموال والممتلكات

قررت محكمة جنايات القاهرة، بناءً على طلب النيابة، التحفظ على أموال سوزي الأردنية ووالديها ومنعهم من التصرف فيها، وشمل القرار شقة بالقاهرة الجديدة ومبلغًا ماليًا يتجاوز 139 ألف جنيه تم العثور عليه داخل محفظة إلكترونية، بالإضافة إلى هاتف آيفون 16 برو ماكس ذهبي اللون ضمن المضبوطات.

 

- خلف القضبان في انتظار مصيرها

ومن المقرر أن تنظر المحكمة الاقتصادية في القضية خلال الأسابيع المقبلة، في وقت تنتظر فيه المتهمة أيضًا جلسة استئنافها في قضية الفيديوهات الخادشة المقررة في 24 ديسمبر المقبل.

وبذلك تقف سوزي الأردنية أمام قضيتين متزامنتين: الأولى تتعلق بمحتوى مسيء للحياء العام، والثانية تدور حول مصدر الأموال التي جنتها من ذلك المحتوى.

وبين الحكم السابق واحتمال مواجهة عقوبة قد تصل إلى 7 سنوات سجنًا وغرامة مالية ضخمة، تبقى سوزي واحدة من أكثر القضايا التي أثارت الجدل في ساحات المحاكم الاقتصادية خلال العام الجاري.



مقالات مشابهة

  • ( 3 ) مليارات دينار فائض تأميني خلال (6) سنوات ذهبية للضمان
  • باحث اقتصادي يوضح أسباب تراجع السوق السعودية بالجلسات الـ «3» الأخيرة
  • الصفدي يؤكد دعم الأردن للفلسطينيين وحماية المقدسات والجهود الإقليمية
  • من سنة لـ7 سنوات.. هل تعاقب سوزي الأردنية بالأحكام المشددة؟.. تفاصيل
  • 79 مستثمرًا يحصلون على الجنسية الأردنية خلال عام 2025
  • البرلمان العربي يختتم ورشة العمل الإقليمية حول دعم سنّ تشريعات عربية للحد من فقد وهدر الأغذية
  • وزيرة الثقافة الأردنية: مصر تمثل للمملكة نموذجا حضاريا في بناء المستقبل الثقافي
  • رئيس بيت المصريين بالسويد يشيد بروح المصريين في الداخل والخارج واحتفائهم بالمتحف المصري الكبير
  • الساعات الأخيرة قبل افتتاح المتحف المصري الكبير.. العالم يترقب حدثًا تاريخيًا