تقرير - أمل رجب 

يمثل مشروع الإطار المالي والاقتصادي لتقليل الاعتماد على النفط والغاز بحلول عام 2050 خطوة استراتيجية نحو تعزيز المكتسبات الواسعة التي حققتها سلطنة عُمان في مسارها نحو الاستدامة منذ بدء تنفيذ "رؤية عُمان 2040"، ويهدف المشروع إلى تعزيز النمو، ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وتنويع مصادر الدخل من خلال وضع إطارين اقتصادي ومالي، مدعوما بحزمة من البرامج تساندها مجموعة من السياسات والتشريعات الممكنة لتنفيذ المشروع على المدى القصير والمتوسط وطويل المدى.

وأشار تقرير رؤية عُمان إلى أن النصف الأول من عام 2025 شهد انتهاء المرحلة الأولى من المشروع بنجاح، ويتم تنفيذ المشروع من قبل وزارة الاقتصاد وبإشراف البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي "تنويع"، وبالتعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية، وتضمنت المرحلة الأولى للمشروع تحليلًا شاملاً للوضع الراهن، بالرجوع إلى أكثر من 150 وثيقة استراتيجية، والتشاور مع ما يزيد على 80 جهة معنية، وأثمرت عن تسليم 25 تقريرًا تأسيسيًا يغطي كافة القطاعات الاقتصادية، والممكنات، والسياسات المالية، والاتجاهات العالمية، بالإضافة إلى تطوير نماذج مالية واقتصادية ديناميكية ستشكل الأساس للمرحلة الثانية من المشروع.

وتأتي هذه الخطوة ضمن المبادرات الاستراتيجية التي تواصل الحكومة تطويرها وتنفيذها لتعزيز الاستدامة، وتستكمل سلطنة عُمان من خلال هذا الإطار المالي والاقتصادي ما حققته من تقدم واسع وملموس نحو الاستدامة خلال المرحلة الأولى من تنفيذ رؤية عُمان من خلال تعزيز الاستقرار المالي ودعم نمو الاقتصاد وأداء القطاعات غير النفطية، حيث انطلق التمهيد لتنفيذ رؤية عُمان بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتطوير عدد من التشريعات وحزمة تحفيز واسعة للأنشطة الاقتصادية، وتلاها تنفيذ متسارع لمستهدفات استراتيجية التنويع الاقتصادي ومبادرات عديدة لتمكين القطاع الخاص من الشراكة الفاعلة في التنمية المستدامة، كما نفذت سلطنة عُمان بنجاح الخطة المالية متوسطة المدى 2020-2024 واستكملت ذلك بإطلاق البرنامج الوطني "استدامة" إضافة إلى برامج ومبادرات الضبط المالي ورفع كفاءة الإنفاق العام وإصدار قانون الدين العام.

وكانت من أهم النتائج المحققة على صعيد الاستدامة المالية والاقتصادية خلال المرحلة الأولى من رؤية عُمان، انتقال الاقتصاد من التراجع في عام 2020 إلى نمو متواصل منذ عام 2021، وارتفاع معدل نمو القطاعات غير النفطية بمتوسط نحو 4 بالمائة خلال السنوات الأربع الماضية، كما شهد الدين العام تراجعا متواصلا ليسجل 14.1 مليار ريال عُماني في نهاية النصف الأول من عام 2025، وقد استعادت سلطنة عُمان تصنيفها عند درجة الجدارة الاستثمارية، وتقدمت في تنفيذ مستهدفات اجتماعية مهمة يتصدرها تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية المتطورة التي تغطي العاملين في القطاعين العام والخاص وتقدم منافع غير مسبوقة لفئات عديدة من المجتمع. وقد أشار تقرير رؤية عُمان إلى أنه في ظل قراءة المؤشرات الحالية والجهود المبذولة وتوافر الأدوات والممكنات لأولوية التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية، واصلت المؤشرات المالية تحسنها مدعومة بتحسن أسعار النفط والجهود المبذولة في جوانب تعزيز الاستدامة المالية ورفع كفاءة الإنفاق العام، وفي جانب الاستدامة المالية، تضمنت البرامج والمبادرات مبادرة ضبط الإنفاق العام، التي تتم من خلالها متابعة تنفيذ الميزانية الجارية لضمان التزام كافة الجهات الحكومية بالميزانية المعتمدة لها، من خلال نظام إلكتروني يوضح الميزانية المقدرة مقارنة بالأداء الفعلي للجهات المعنية، وتطوير أدوات الرقابة المالية، من خال إنشاء نظام إلكتروني حديث لإدارة المالية العامة "نظام مالية"، الذي يستهدف تطبيق أفضل الممارسات في إدارة المالية العامة للدولة وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المالية، وتطبيق هيكل موحّد لكافة الحسابات البنكية الحكومية (حساب الخزينة الموحد)، الذي يستهدف الاستخدام الأمثل للموارد النقدية الحكومية وتحسين ورفع الكفاءة والشفافية والانضباط في إدارة النقد والسيولة، وتنفيذ حزمة من السياسات والإصلاحات المالية خلال الخطة الخمسية العاشرة 2021 - 2025 ، وتطوير الأنظمة الضريبية وتوسيع قاعدة الإيرادات العامة، وتحسين إدارة المال العام، ومعالجة ظاهرتي تعدد السجلات التجارية والتجارة المستترة، وتسوية الغرامات والالتزامات المالية المسجلة على الأفراد وأصحاب الأعمال في نظام وزارة العمل، وتحسين أداء الحساب الجاري، وإعداد العديد من التقارير والدراسات عن الاقتصاد العُماني وتحديد الفرص والتحديات واقتراح التوصيات المناسبة لتحسين أداء الاقتصاد العُماني، وتنفيذ استراتيجيات ناجحة في إدارة الالتزامات المالية والمحفظة الإقراضية، والعمل على السداد المبكر لبعض المستحقات واستبدال بعض القروض ذات الكلفة المرتفعة بقروض أقل كلفة، وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الدين العام (الصادر وفقا للمرسوم السلطاني رقم 2023 / 68 )، والتي تستهدف تعزيز الإدارة الفاعلة للدين العام من خلال وضع قواعد واضحة للاقتراض الداخلي والخارجي بما يضمن استدامة المالية العامة، وفي جانب التنويع الاقتصادي، أشار التقرير إلى أن مؤشرات التنويع الاقتصادي في مسار تحقيقها للمستهدفات، إلا أنها ليست بالوتيرة التي تنشدها الرؤية، وهو أمر متوقع، حيث إن الأثر على حركة المؤشرات الاقتصادية قد يأخذ وقتا أطول بسبب طبيعة الجهود المحركة للجوانب الاقتصادية، إذ تتطلب التشريعات والسياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية والتنظيمية للمنظومة الاقتصادية وقتا أطول لتنعكس نتائجها على المؤشرات، ومن خلال الجهود التي تمت في مختلف القطاعات، حقق مؤشر مساهمة القطاعات غير النفطية أعلى نسبة منذ بدء احتسابه، وهو ما يشير إلى أن جهود التنويع قد بدأت في إحداث الأثر على المؤشرات الاقتصادية، ويتضح من خلال حجم الجهود المبذولة على مستوى القطاعات الاقتصادية الحاجة إلى الانتقال بالاقتصاد العُماني إلى مزيد من الترابط والتشابك بين مختلف القطاعات، بما يعزز من قدرة هذه القطاعات على النمو والاستدامة، والعمل على تنشيط سلاسل القيمة المحلية، واستغلال الموارد الطبيعية بشكل أكثر كفاءة، كما أن هناك حاجة إلى توظيف المعرفة كمحرك لنمو القطاعات الاقتصادية، من خلال ربط منظومة البحث والابتكار بالمنظومة الاقتصادية لضمان تنافسية الاقتصاد العُماني واستدامته، وبما ينعكس إيجابا على تنويع مصادر الدخل وخلق فرص

عمل مستدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القطاعات غیر النفطیة التنویع الاقتصادی الاستدامة المالیة الاقتصاد الع مانی المرحلة الأولى من خلال إلى أن ع مانی

إقرأ أيضاً:

ثاني الزيودي:81% نمو التجارة غير النفطية مع دول«الشراكات الاقتصادية الشاملة»


المنامة(أبوظبي)
 أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التجارة الخارجية، أن المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تشكل فرصة لاستحداث شراكات تجارية واستثمارية بناءة لتحفيز النمو والازدهار، مشيراً إلى أن برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تواصل الإمارات تنفيذه منذ سبتمبر2021، يعد مثالاً يحتذى به لمواجهة السياسات الحمائية وتحفيز التدفقات التجارية عالمياً، لاسيما بعد أن أسهم في زيادة الصادرات الإماراتية غير النفطية إلى الدول ال13 الشريكة في هذه الاتفاقيات بنسبة 130% بين عامي 2021 و2024، وفي نمو التجارة الإجمالية بنسبة 81% خلال الفترة نفسها.

جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في منتدى بوابة الخليج للاستثمار، والذي عُقد في العاصمة البحرينية المنامة. ويُعد هذا المنتدى السنوي منصة مهمة لمناقشة التحديات الناتجة عن تقلبات الأسواق العالمية والتحولات الجيوسياسية التي تعيد تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي. وتحدث معاليه في جلسة بعنوان «التعامل مع حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية»، حيث تناول تأثير حالة عدم اليقين المتعلقة بالرسوم الجمركية والسياسات التجارية على الوصول إلى رأس المال، ومدى جاهزية الجهات المالية والاستثمارية للتعامل مع هذه التحديات، خصوصاً في منطقة الخليج.

وشارك في الجلسة إلى جانب معاليه كل من معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير المالية والاقتصاد الوطني في مملكة البحرين، والسير أليستير كينغ، عمدة مدينة لندن.وقال معالي الدكتور الزيودي: «في ظل المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، أصبحت منطقة الخليج وجهة جاذبة لرؤوس الأموال العالمية، إذ إن المستثمرين يبحثون عن بيئة أعمال تتسم بالوضوح والاستقرار والحياد، وهذه العناصر الثلاثة توفرها دول الخليج. وتُعد الإمارات في طليعة الدول الجاذبة للاستثمار عالمياً، حيث سجلنا تدفقات قياسية في الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2024، وحللنا في المرتبة الثانية عالمياً في عدد المشاريع الجديدة للاستثمار الأجنبي المباشر».

أخبار ذات صلة النسخة الأولى من «خلوة قطاع الفضاء»: بناء منظومة فضائية مرنة ومستدامة الزيودي يفوز بعضوية الاتحاد الدولي للتايكواندو

وأضاف معاليه: «هذه الأوقات غير المستقرة في الاقتصاد العالمي تحمل فرصاً كبيرة، إذا ما استثمرنا بجرأة في قطاعات المستقبل، واستفدنا من هذه المتغيرات لتوسيع التجارة بدلاً من الانسحاب منها. ومن خلال بناء شراكات قوية وتوظيف قدراتنا المشتركة في دول الخليج، يمكننا دفع عجلة النمو والازدهار ليس فقط لدولة الإمارات، بل للمنطقة بكاملها والعالم بأسره». وأشار معالي الزيودي إلى برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تواصل دولة الإمارات تنفيذه منذ سبتمبر 2021 يعد مثالاً على كيفية مواجهة السياسات الحمائية من خلال توفير بيئة تجارية واضحة وشفافة تُمكّن الشركاء التجاريين والشركات من النمو. وقد توصلت الإمارات بموجب هذا البرنامج إلى 32 اتفاقية، دخلت 13 منها حيز التنفيذ حتى تاريخه.

وأسهمت هذه الاتفاقيات في تعزيز التجارة غير النفطية وتدفق الاستثمارات، حيث ارتفعت الصادرات الإماراتية غير النفطية إلى الدول الـ13 الشريكة في هذه الاتفاقيات بنسبة 130% بين عامي 2021 و2024، فيما نمت التجارة الإجمالية بنسبة 81% خلال الفترة نفسها.

ويُعد منتدى بوابة الخليج للاستثمار منصة سنوية تجمع المسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال والمستثمرين والخبراء من دول الخليج وخارجها، بهدف مناقشة الفرص الاستثمارية والاتجاهات الاقتصادية وتعزيز التعاون الإقليمي. وتكمن أهمية المنتدى في دوره في تسليط الضوء على الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، وتسهيل الشراكات العابرة للحدود، ومواجهة تحديات التنويع والنمو المستدام، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعم أجندات التنويع الاقتصادي لدول الخليج.

مقالات مشابهة

  • «الإنماء العربية» تجري مفاوضات لتأسيس شركات لنقل التكنولوجيا المتقدمة للنفط والغاز
  • وزارة العمل و«استدامة» توقعان وثيقة تعاون لإعداد التقرير الوطني للكفاءات في القطاع المالي
  • وزير الاستثمار: مصر تسعى لتحسين تنافسيتها الاقتصادية وتحقيق 145 مليار دولار في 2030
  • “الاقتصاد والسياحة” ومؤسسة التمويل الدولية تبحثان تعزيز التعاون
  • «الاقتصاد والسياحة» تبحث التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية
  • وزير الطاقة والبنية التحتية: نمو الطلب العالمي على النفط والغاز مدفوع بتوسع مراكز البيانات الضخمة
  • كهرباء دبي تطرح مناقصة لتنفيذ المرحلة السابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية
  • ثاني الزيودي:81% نمو التجارة غير النفطية مع دول«الشراكات الاقتصادية الشاملة»
  • وزير النفط والغاز يشارك في حوار حول التعاون لضمان استقرار سوق النفط العالمي