جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-05@18:13:29 GMT

موسكو.. والكرسي الممنوع!

تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT

موسكو.. والكرسي الممنوع!

 

 

حسين الراوي

 

ترشُّح روسيا لعضوية المجلس التنفيذي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يثير دهشة المراقبين ويمثل اختبارًا لضمير العالم؛ إذ يُعقد خلال الفترة من 24 إلى 28 نوفمبر 2025 مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في دورته الثلاثين؛ حيث ستُجرى انتخابات المجلس التنفيذي للفترة 2026–2028.

وما كان هذا الحدث ليحمل طابع المفارقة لولا أن الاتحاد الروسي قرّر الترشّح لمقعد في هذا المجلس الذي يُفترض أن تمثّل عضويته التزامًا صادقًا بمبادئ الاتفاقية وأهدافها. غير أن السلوك الروسي في السنوات الأخيرة يجعل هذا الترشّح شبيهًا بالمثل الشعبي القائل: «يقتل القتيل ويمشي في جنازته».

منذ الاجتياح الروسي لأوكرانيا عام 2022، توالت التقارير الدولية التي توثّق استخدام مواد كيميائية وعوامل مكافحة الشغب المحظورة في النزاعات المسلحة. فقد قدّمت أوكرانيا، بين عامي 2023 و2025، بيانات تفيد بوقوع هجمات متكررة استخدمت فيها ذخائر تحتوي على عوامل كيميائية مثل قنابل K-51 وRG-Vo، وأبلغت عن إصابات وأعراض تنفّسية في صفوف الجنود والمدنيين. كما أجرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) ثلاث زيارات فنية، في نوفمبر 2024 وفبراير ويونيو 2025، أكدت خلالها وجود آثار لعوامل مكافحة الشغب من نوع CS gas (2-Chlorobenzylidenemalononitrile) في عينات أُخذت من مواقع القتال في منطقة دنيبروبتروفسك شرق أوكرانيا، وهو ما يُعد انتهاكًا صريحًا للمادة الأولى من الاتفاقية التي تحظر استخدام هذه العوامل كأسلحة حرب.

شملت التقارير الأوكرانية والدولية عدّة مناطق ومدن، من بينها خاركيف وميكولايف ودونيتسك ولوغانسك وزابوروجيا وخيرسون، إضافة إلى كييف وسومي وأوديسا وتشيرنيغوف وبوتشا، حيث وُثّقت عمليات قصف باستخدام ذخائر عنقودية وصواريخ محرّمة دوليًا أودت بحياة مدنيين وألحقت أضرارًا جسيمة بالبنى التحتية. كما نشرت وسائل إعلام عالمية وتحقيقات مستقلة نتائج تحليل العينات التي بيّنت وجود مواد كيميائية محظورة في مواقع متعددة.

ولا يقتصر سجل الانتهاكات الروسية على أوكرانيا وحدها، بل يمتد إلى سوريا، حيث وثّقت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية استخدام أسلحة محرّمة في الغوطة الشرقية وداريا وإدلب وحلب وحمص، ما أسفر عن مئات الضحايا المدنيين. كما تُذكّر الذاكرة الدولية بما جرى في تشيشنيا وغروزني في التسعينيات، حين استخدمت القوات الروسية قنابل حرارية وفراغية مدمّرة، إضافة إلى ما ورد في حرب جورجيا عام 2008 بشأن استخدام الذخائر العنقودية في غوري ومناطق أخرى.

وتؤكد هذه الوقائع، الموثّقة بالأدلة الميدانية والتحقيقات الفنية، أن ترشّح روسيا لمجلس تنفيذ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يشكّل امتحانًا حقيقيًا لمصداقية النظام الدولي القائم على القانون؛ فالاتفاقية نصّت بوضوح على أن عضوية المجلس ينبغي أن تُمنح للدول التي تُظهر التزامًا كاملًا بمقاصدها، لا لتلك التي تواجه اتهامات متكرّرة بانتهاكها. إنّ انتخاب دولة متهمة بمثل هذه الخروقات لن يكون سوى تبييضٍ دبلوماسيٍّ لسلوكٍ يستحق المساءلة لا المكافأة.

وأودُ التأكيد على أنّ موقف المجتمع الدولي اليوم ليس محايدًا؛ بل هو اختبارٌ حقيقي للالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. وأتمنى أن تقف دول العالم، وبالأخص الدول العربية، بكل قوة ضد ترشّح روسيا لهذا المنصب، وأن تعبّر عن رفضها لأي محاولة لتبييض سجل دولة استخدمت الأسلحة المحظورة ضد المدنيين. فالمبادئ التي تقوم عليها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لا يجوز أن تُساوم أو تُغفل تحت ضغط المصالح السياسية، ويجب أن يكون للضمير الدولي صوتٌ واضح يحمي الأبرياء ويؤكد أن الانتهاكات لا تمرّ دون مساءلة.

إنّ ما يجري اليوم لا يقتصر على مسألة مقعدٍ في مجلسٍ تنفيذي، بل يُمثّل اختبارًا لضمير العالم وقدرته على حماية المبادئ التي أُقيم عليها النظام الدولي. فحين تُقابَل الأدلة بالصمت، ويُكافأ من استخدم السلاح المحظور بعضوية في الهيئة التي يفترض أن تحاسبه، يصبح القانون غطاءً للمنتهكين بدل أن يكون رادعًا لهم. والمطلوب اليوم موقف يقظةٍ ومسؤولية، يعبّر بوضوح عن أن لا مكان في مؤسسات العدالة الدولية لمن جعل من المحظور أداة حربٍ ضد الأبرياء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير التنمية الدولية النرويجي: المجتمع الدولي فشل في نجدة غزة والسودان

قال وزير التنمية الدولية النرويجي أسموند غروفر أوكروست إن المجتمع الدولي "فشل في وقف الحرب في السودان وغزة"، مؤكدا أن هذا الأمر يمثل "عارا على الإنسانية"، متهما الأطراف المتحاربة في البلدين بأنها تنتهك القوانين الدولية عبر عرقلة وصول الإغاثة واستخدام الغذاء والدواء كسلاح في الحرب.

وأوضح أوكروست -في مقابلة مع الجزيرة- أن قوات الدعم السريع في السودان وقوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة تتحملان المسؤولية عن منع دخول المساعدات، رغم استعداد الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لإيصالها فورا، مضيفا أن "الوضع في الفاشر كارثي، والناس هناك بحاجة إلى طعام ودواء ومأوى".

وأشار إلى أن المجتمع الدولي عجز عن إيجاد حلول لقضايا عديدة، من بينها ما يجري في الضفة الغربية، مؤكدا ضرورة أن تحرص المنظمات الدولية على إبراز معاناة ضحايا الحروب في السودان وفلسطين في كل اجتماع دولي باعتباره فرصة لطرح هذه الملفات أمام العالم.

وأكد الوزير النرويجي ضرورة ممارسة كل أشكال الضغط الدولي لوقف الحرب وتمرير المساعدات، مشيرا إلى أنه سعى لطرح ملف السودان خلال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي انعقدت في الدوحة صباح اليوم.

وحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، مؤكدا أن نحو 400 ألف شخص يعيشون ظروف مجاعة حقيقية، بينما يحتاج أكثر من 20 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة.

ووفق تقريرالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، المدعوم من الأمم المتحدة فإن أكثر من 21 مليون شخص واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في سبتمبر/أيلول الماضي.

أما التقرير الجديد، فأشار إلى أن 375 ألفا جُوّعوا في دارفور وكردفان منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وأكثر من 6 ملايين شخص عبروا السودان يواجهون مستويات مرتفعة من الجوع.

وكانت قوات الدعم السريع قد استولت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على مدينة الفاشر، وارتكبت مجازر بحق مدنيين حسب منظمات محلية ودولية، ووفق تقارير حقوقية.

إعلان

وفيما يتعلق بالوضع في غزة، قال أوكروست إن أكثر من مليوني شخص يعانون من الصدمات النفسية ويعيشون في "كابوس يومي"، معتبرا أن رفض الاحتلال الإسرائيلي إدخال المساعدات "غير مقبول على الإطلاق".

وأضاف أن محكمة العدل الدولية أصدرت رأيا واضحا يتحمل بموجبه الاحتلال مسؤولية إدخال المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى أن النرويج تمارس ضغوطا لتفعيل الآليات الدولية، معربا عن تفاؤله بإمكانية إدخال المساعدات "في أقرب وقت".

وختم بالقول إن "المجاعة المؤكدة في السودان وغزة تمثل سابقة خطيرة في التاريخ الإنساني، وعلينا بذل أقصى الجهود لإنقاذ المدنيين وإعادة الأمل بالسلام".

مقالات مشابهة

  • وزير الدولة للتعاون الدولي تجتمع مع وزيرة التنمية الدولية في أستراليا
  • وزير الدولة للتعاون الدولي تجتمع مع وزير التنمية الدولية النرويجي
  • وزير التنمية الدولية النرويجي: المجتمع الدولي فشل في نجدة غزة والسودان
  • «أمناء الشارقة الدولية للتراث الثقافي» يبحث تعزيز مكانة الجائزة عالمياً
  • الخارجية السورية: الأمم المتحدة اعتمدت قرارا يرحب بتعاون دمشق الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية
  • سوريا ترحب باعتماد الأمم المتحدة مشروع اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية
  • سوريا: الأمم المتحدة اعتمدت قرارا يرحب بتعاون دمشق الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية
  • أوليانوف: إيران تحافظ على عضويتها في معاهدة عدم الانتشار رغم غموض الرقابة الدولية
  • تدفّق الأسلحة الكيميائية إلى الحوثيين.. نهج إيراني يحول اليمن إلى منصّة إرهابية