تتجه فرنسا إلى خطوة اقتصادية جريئة تهدف إلى كبح طوفان السلع الرخيصة القادمة من الشرق، من خلال فرض ضريبة جديدة على الطرود الصغيرة التي تغزو أسواقها عبر المنصات الإلكترونية الصينية، في محاولة لإعادة التوازن إلى المنافسة التجارية وحماية التجار من الانهيار أمام الأسعار المنخفضة القادمة من الخارج.

أصبحت الضريبة على الطرود الصغيرة حديث الساحة الاقتصادية في فرنسا بعدما أعلنت الحكومة عن نيتها فرض رسم ثابت بقيمة اثنين يورو على كل طرد قادم من خارج الاتحاد الأوروبي، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها داخل القارة.

 

يهدف القرار إلى مواجهة المد الصيني المتصاعد في قطاع التجارة الإلكترونية الذي يهدد مئات الآلاف من التجار الأوروبيين، بينما تثير الخطوة جدلا واسعا بين مؤيدين يرون فيها عدالة اقتصادية ومعارضين يخشون من ارتفاع الأسعار على المستهلكين.

تفتيش ضخم في مطار باريس يكشف حجم الأزمة

داخل أحد المخازن الكبرى في منطقة رواسي شارل ديجول قرب باريس، تحولت الساعات الأخيرة إلى مشهد غير مسبوق، حيث انطلقت حملة تفتيش ضخمة على طرود تحمل شعار Shein، المنصة الصينية التي أصبحت العدو الاقتصادي الأول للسلطات الفرنسية.

انتشر عشرات المفتشين الجمركيين بين أكوام الصناديق القادمة عبر الطائرات، يفتحون كل طرد بحذر، يفحصون محتواه، ويتحققون من مطابقة السلع لمعايير السلامة الأوروبية.

جاءت العملية بتكليف مباشر من الحكومة، استهدفت الكشف عن طبيعة السلع التي تغزو السوق الفرنسية بأسعار زهيدة لا تتجاوز بضعة يوروهات، وتشمل ملابس وألعاب أطفال وأجهزة إلكترونية ومستحضرات تجميل ومنتجات منزلية متنوعة.

رئيس مصلحة الجمارك في مطارات باريس جيلبرت بيلتران أوضح أن حجم الشحنات اليومية القادمة من المنصات الصينية يتراوح بين مائة ألف ومائتي ألف طرد، وهو رقم يعكس ضغوطا هائلة على منظومة الرقابة. 

وأكد أن فرق التفتيش ستواصل عملها لأسابيع حتى الانتهاء من فحص كل الشحنات الواردة، موضحا أن الهدف ليس فقط جمع المعلومات، بل أيضا رصد أي مخالفات أو سلع مقلدة أو خطرة على المستهلكين.

دوافع القرار وتبعاته الاقتصادية

تقول الحكومة الفرنسية إن الضريبة على الطرود الصغيرة تمثل ضرورة اقتصادية وليست مجرد إجراء مالي، فالتجارة الإلكترونية العابرة للحدود، خصوصا القادمة من الصين، باتت تؤثر بشكل مباشر على الحصيلة الضريبية الوطنية وعلى استقرار السوق. 

كثير من السلع تصل من دون رسوم جمركية حقيقية بسبب ثغرات في القوانين الحالية، مما يمنح المواقع الصينية ميزة تنافسية ضخمة أمام المتاجر الفرنسية التي تدفع الضرائب الكاملة.

من المنتظر أن تناقش الجمعية الوطنية مشروع فرض الضريبة على الطرود الصغيرة خلال الجلسات القادمة، وسط مؤشرات على وجود توافق نسبي بين أغلب التيارات السياسية حول أهمية حماية الصناعة والتجارة. 

ومع ذلك، هناك أصوات تحذر من أن الشركات الصينية قد تلجأ إلى التكيف مع القرار بسرعة عبر تجزئة الشحنات أو تحويل مساراتها عبر دول أوروبية أخرى لتفادي الرسوم الجديدة.

مواجهة بين الاقتصادين الفرنسي والصيني

الخطوة الفرنسية تحمل رسالة سياسية بقدر ما هي اقتصادية، ففرنسا تسعى لتأكيد سيادتها على أسواقها الرقمية ولإعادة رسم قواعد التجارة العادلة مع العملاق الآسيوي. 

في المقابل، يتوقع أن تثير الضريبة على الطرود الصغيرة ردود فعل في بكين، خاصة وأن الشركات الصينية العملاقة في التجارة الإلكترونية تعتبر أوروبا أحد أكبر أسواقها الخارجية.

ويرى محللون اقتصاديون أن هذه الخطوة قد تكون البداية لسلسلة من الإجراءات الأوروبية المماثلة، إذا أثبتت فرنسا نجاحها في تقليص تدفق السلع الرخيصة وتحسين موارد الخزانة العامة، وفي جميع الأحوال، يبدو أن المعركة بين الأسعار المنخفضة والتنظيم الصارم قد دخلت مرحلة جديدة عنوانها الحسم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التجارة الإلكترونية فرنسا شي إن الجمارك القادمة من

إقرأ أيضاً:

تحطم طائرة شحن تابعة لـ«يو بي إس» في كنتاكي يربك سلاسل التوريد مؤقتًا

قالت شركة الشحن العالمية «يو بي إس» إن حادث تحطم طائرة الشحن التابعة لها، مساء الثلاثاء، في مركزها الجوي الرئيسي بولاية كنتاكي، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا، سيتسبب في اضطرابات محدودة ومؤقتة في سلاسل التوريد وتأخير بعض الشحنات. 

وأكدت الشركة في بيان أنها فعّلت خطط طوارئ بديلة لضمان استمرار العمليات وتقليل تداعيات الحادث على العملاء.

ووقع الحادث أثناء إقلاع الطائرة في طريقها إلى هونولولو من مركز «وورلدبورت»، أكبر منشأة لوجستية تابعة للشركة داخل مطار محمد علي الدولي بمدينة لويفيل. 

ترامب يأمر باستئناف التجارب النووية بدعوى مواجهة روسيا والصينوحدات الجيش الروسي تتمكن من تحرير 25 مبنى في كوبيانسك خلال يوم واحد

وقد علّقت «يو بي إس» عمليات فرز الطرود في المركز فور وقوع الحادث واستمر التعليق حتى يوم الأربعاء. وبحسب بيانات الشركة، يمكن للمركز معالجة نحو 416 ألف طرد في الساعة، ما يجعله محورًا رئيسيًا في شبكتها العالمية.

ورغم عدم إعلان الشركة عن تفاصيل الشحنة أو عدد الطرود التي كانت على متن الطائرة المنكوبة، قدّر إد أندرسون، أستاذ إدارة سلاسل التوريد في كلية ماكومبس للأعمال بجامعة تكساس، أن الرحلات المغادرة من مركز لويفيل تحمل عادة ما بين 10 و13 ألف طرد في كل مرة.

وأوضح الخبراء أن الحادث، رغم فداحته، لن يترك أثرًا طويل الأمد على شبكة الشحن العالمية للشركة، متوقعين أن تتمكن «يو بي إس» من تجاوز تداعياته قبل ذروة موسم العطلات.

وأشار توم جولدسبي، أستاذ إدارة سلاسل التوريد بجامعة تينيسي في نوكسفيل، إلى أن الشركة بدأت بالفعل في تعزيز الرحلات عبر مراكزها الإقليمية لتعويض توقف «وورلدبورت»، مضيفًا أن تلك المراكز «ستعمل بطاقة مضاعفة حتى يعود المركز الرئيسي في لويفيل إلى نشاطه الكامل».

وفيما لم تصدر «يو بي إس» بعد تفاصيل حول مصير الطرود، أتاح نظام التتبع الإلكتروني للعملاء متابعة شحناتهم، مع وعود من الشركة بالتواصل مع المتضررين خلال الأيام المقبلة لمعالجة الخسائر وتعويض المتأثرين.

طباعة شارك تحطم طائرة طائرة شحن وورلدبورت جامعة تينيسي ولاية كنتاكي شركة الشحن العالمية يو بي إس

مقالات مشابهة

  • أسعار السلع الغذائية بأسواق محافظة الوادي الجديد
  • 3.6 بالمائة ارتفاعا في التجارة الخارجية للصين خلال الأشهر العشرة الأولى
  • حوار لا بد منه مع الجزائر.. وزير الخارجية الفرنسية يؤكد مساعي بلاده للافراج عن صنصال وغليز
  • تحطم طائرة شحن تابعة لـ«يو بي إس» في كنتاكي يربك سلاسل التوريد مؤقتًا
  • حصر دخول البضائع عبر لجنة الواردات.. إغلاق منفذ تهريب لذرع إيران
  • الداخلية الفرنسية: اعتقال منفذ حادثة الدهس في منطقة إيل دوليران
  • سيناتور روسي: ماكرون يدفن فرنسا والشعب يرفض الديكتاتورية الرقمية
  • مساعد وزير الاستثمار: مصر تستثمر التحولات الاقتصادية العالمية لتعزيز مكانتها في النظام التجاري الجديد
  • رئيس اقتصادية قناة السويس: مصر تمتلك فرصة ذهبية لجذب الاستثمارات خلال العامين القادمين