تحصد الممثلة البريطانية المخضرمة هيلين ميرين واحدة من أرفع التكريمات في مسيرتها اللامعة، إذ أعلنت رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود عن منحها جائزة "سيسيل بي. ديميل" ضمن حفل جوائز الجولدن جلوب 2026، تكريمًا لإنجازاتها المهنية وتأثيرها الكبير في صناعة السينما العالمية.

 وسيُقام حفل التكريم في 8 يناير المقبل ضمن ليلة خاصة تحمل عنوان "الليل الذهبي".

تكريم مستحق لمسيرة استثنائية

تُعد جائزة سيسيل بي. ديميل إحدى أرقى الجوائز التي تُمنح في الجولدن جلوب، إذ تُخصص لتكريم الفنانين الذين أسهموا في تغيير ملامح الفن السينمائي عبر أعمالهم الخالدة. 

وبهذا التكريم، تنضم ميرين إلى قائمة من الأساطير الذين نالوا الجائزة من قبل، مثل والت ديزني، وإليزابيث تايلور، وروبرت ريدفورد، وميريل ستريب، وأوبرا وينفري.

وقالت هيلين هوني، رئيسة رابطة الغولدن غلوب، في بيان رسمي إن مسيرة ميرين “مذهلة بكل المقاييس”، مشيرة إلى قدرتها النادرة على التنقل بين الأدوار الكلاسيكية والجريئة بأسلوب متفرّد.

من شكسبير إلى الأوسكار

بدأت ميرين مشوارها الفني في سبعينيات القرن الماضي ضمن فرقة رويال شكسبير، حيث قدّمت أداءً لافتًا جذب الأنظار إليها باكرًا. ثم انتقلت إلى السينما، فبرعت في أفلام مثل "يا رجل محظوظ!" و*"الجمعة الطيبة الطويلة"*. لكن انطلاقتها الكبرى جاءت من خلال شخصية المحققة جين تينيسون في مسلسل "المشتبه به الرئيسي"، الذي جعلها من أبرز نجمات الدراما البريطانية في التسعينيات.

في عام 2006، تألقت ميرين في أداء دور الملكة إليزابيث الثانية في فيلم "الملكة"، الذي منحها جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، إلى جانب موجة من الإشادات العالمية التي رسخت مكانتها كأيقونة سينمائية. ومنذ ذلك الحين، واصلت تألقها في أعمال مثل "فتيات التقويم" و*"حديقة جوسفورد"* و*"جنون الملك جورج"* و*"غولدا"*. كما أضفت لمسة صوتية خاصة على شخصية باربي في أحد أفلام السلسلة الشهيرة.

مشاريع جديدة وأفق لا يشيخ

تواصل ميرين اليوم نشاطها الفني، إذ تشارك حاليًا في تصوير فيلم The Thursday Murder Club لصالح منصة نتفليكس، بينما تستعد لدور جديد في سويسرا تجسد فيه الكاتبة باتريشيا هايسميث.

وسيتزامن عرض حفل التكريم مع بث خاص على قناتي CBS وParamount+، فيما ستُقام الفعالية الرئيسية لجوائز الحولدن جلوب في 11 يناير المقبل، حيث يُتوقع أن تقدم ميرين خطابًا مختصرًا بطريقتها المعتادة، الهادئة والواثقة، التي تعكس عقودًا من المجد الفني والاحتراف الحقيقي.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ميرين هيلين ميرين جوائز الجولدن جلوب هوليوود الأوسكار

إقرأ أيضاً:

بين حرية المخرج ورؤيته الفنية وحدود الصدق

يعرف الفيلم الوثائقي ببساطة على أنه فيلم عن الحياة الواقعية، فيلم يروي ويجسد قصة لتجربة شخص ما مع الواقع. تقول باتريشيا أوفدرهايدي -أستاذ دراسات التواصل في كلية التواصل بالجامعة الأمريكية في واشنطن- في كتابها "مقدمة قصيرة جدًا: الفيلم الوثائقي" إن المشكلة أن الأفلام الوثائقية تدور حول الحياة الواقعية، لكنها ليست حياة واقعية، وإنما لوحات ومادة خام عنها، فأبطال هذه الأفلام يقدمون الأدوار بتوجيه من المخرجين مثلما يفعل الممثلون في أي فيلم روائي. فإلى أي مدى يحق لمخرج الفيلم الوثائقي أن يصوغ الواقع؟ سؤال طرحناه على عدد من صُنّاع الأفلام الوثائقية، لنعرف ما إذا كانوا يملكون حرية الترتيب والمونتاج لإيصال الرسالة، وما إذا كان ذلك يهدد صدقهم.

أمانة الواقع

يصف المخرج السينمائي محمد الكندي المخرج بأنه "القائد الفني والفكري" للعمل السينمائي، سواء كان وثائقيًا أو روائيًا أو من أي جنس من أجناس المحتوى البصري، وقال: من خلال الفيلم يستطيع المخرج إيصال رسالته كيفما يشاء، دون المساس بمبادئ وقوانين العمل السينمائي الإنساني النبيل، وهو الصدق دون زيف، لأن الفيلم الوثائقي يرصد وقائع تكون في المستقبل تاريخًا، أو تاريخًا يُعاد صياغة أحداثه بالممكنات المتوفرة في عصره، وكما سبق آنفًا دون تزييف للوقائع، وعليه أن يكون محايدًا في طرح القضايا من حيث اختياره للشخصيات والمتحدثين والمكان والزمان احترامًا لأمانة الواقع.

وأضاف: بالنسبة لحرية الترتيب والمونتاج، بلا شك ذلك حق أصيل للمخرج وللمونتير في صياغة العمل فنيًا حسبما يتطلبه الموضوع، بدءًا من طريقة التصوير إلى اتخاذ خط سير العمل ومعالجته الدرامية إلى أن يصل إلى وحدة المونتاج ومن ثم إلى المتلقي، لذا للمخرج الوثائقي الحق أن يصوغ عمله الواقعي أو التاريخي متى ما كانت إرادته تجسيد الحقيقة بعمق دون تزييف.

سرد الحقيقة

رأت المخرجة السينمائية الفلسطينية رنا أبو شخيدم أن هذا السؤال مهم، خاصة في المرحلة الحاسمة من التاريخ الفلسطيني، وقالت:

"في الحقيقة، كمخرجة أفلام وثائقية، أؤمن بأني أقدم وجهة نظري للحقيقة، وأحاول استخدام كل الأدوات التي تساعدني في إظهار الفيلم بأعلى درجة من المصداقية، مثل استخدام الأرشيفات والصور الحقيقية والمقابلات، حتى أظهر الواقع بكل ما يشمله من تناقضات تُبين الوجع الفلسطيني بكل القوة والصمود على الأرض.

واقع مُعاد

أما من وجهة نظر عراقية، فأجاب المخرج السينمائي حسين رعد بقوله: أنا كمخرج وثائقي أتعامل مع الواقع، لكنه لا يأتي جاهزًا أمامي، أضطر أن أكتشفه وأنتزع قصصه من بيئة مليئة بالتعقيدات والتحديات.

وأضاف: في العراق أواجه معركة مزدوجة مع الواقع نفسه ومع الظروف المحيطة بي، فالقيود اللوجستية والأمنية تحد من حريتي في التنقل والتصوير، وأحيانا تفرض رقابة غير معلنة على المواضيع الحساسة. محدودية الدعم الإنتاجي والتمويلي تجعل من الصعب إنجاز مشاريع مستقلة تُعبّر بصدق عن هموم الناس وتفاصيل حياتهم اليومية.

ورغم كل ذلك، مهمتي أن أصوغ الواقع بصدق فني، لا أن أنقله حرفيًا. فالمونتاج والترتيب ليسا أدوات تزوير، بل وسيلة لإيصال جوهر الحقيقة، طالما أحافظ على أمانتي الأخلاقية في تمثيل الواقع دون مبالغة أو تشويه.

التحدي الأكبر هو أن أوازن بين حريتي الإبداعية ومسؤوليتي الواقعية، لأنتج فيلمًا يكون وثيقة صادقة وموقفًا إنسانيًا في الوقت نفسه."

حرية مسؤولة

معتبرا الفيلم وسيطا بين الواقع والجمهور وليس ناقلًا عنه، يقول مخرج الأفلام الوثائقية العُماني ماجد الإسماعيلي: يحق لمخرج الفيلم الوثائقي أن يصوغ الواقع بحدود، من خلال اختيار الزاوية واللقطات وطريقة السرد، بما يخدم الفكرة أو الرسالة التي يريد إيصالها. لكن هذه الصياغة يجب أن تبقى أمينة للحقائق، فلا يجوز له أن يختلق أحداثًا أو يغيّر تسلسلها بطريقة تضلل المتلقي."

وأضاف: أما فيما يتعلق بالمونتاج والترتيب، فهي أدوات فنية مشروعة في الوثائقي، لأن الفيلم في النهاية عمل إبداعي له إيقاعه ووجهة نظره. غير أن الحرية هنا يجب أن تكون مسؤولة، بحيث لا تُشوّه الواقع ولا تُخفي جوهر الحقيقة. فكلما حافظ المخرج على توازنه بين الصدق الفني والصدق الواقعي، كان عمله أعمق وأقرب إلى الوثائقي الحقيقي.

شعور الواقع

يجد المخرج السينمائي السعودي علي العبدالله أن القوة الحقيقية للمخرج في الأفلام الوثائقية تكمن في المونتاج، لأنه ليس وسيلة لتغيير الحقيقة، بل أداة لتوجيه الإحساس.

وقال: قد تبدو المشاعر التي تظهر على الشاشة مختلفة عمّا عاشه أبطال الحدث في لحظتها، لكنها ليست تزويرًا، بل إعادة بناء للشعور داخل زمن الفيلم، لا زمن الواقع. وهنا تظهر صنعة المخرج، حين يعيد ترتيب المشاهد بطريقة تعبّر عن رؤيته الخاصة وتوجّه إحساس المشاهد نحو معنى معين.

وأضاف: يملك المخرج أدوات كثيرة تساعده في توثيق موضوعه كما يراه، مثل زوايا التصوير، والتكوين، وتسلسل الأحداث في الخط الزمني للفيلم. تقديم مشهد أو تأخيره قد يخلق تأثيرًا شعوريًا مختلفًا، لكنه لا يغيّر من حقيقة الحدث، لأن الوقائع نفسها تظل كما هي، موثقة بصدق. حرية المخرج تكمن في المعالجة لا في التزييف، فالفيلم الوثائقي لا يختلق واقعًا جديدًا، بل يصنع إحساسًا جديدًا بالواقع نفسه.

في النهاية، الوثائقي ليس عن "ما حدث" فقط، بل عن "كيف شعرنا بما حدث"، وتلك هي المساحة التي يعيش فيها الإخراج الوثائقي الحقيقي.

وعي الإخراج

تقول مخرجة الأفلام الوثائقية العُمانية فاطمة سعيد: أؤمن أن دوري لا يقتصر على نقل الواقع، بل على فهمه وتقديمه من زاوية إنسانية تلامس المشاهد. لا أغيّر الحقيقة، لكني أرتبها بطريقة تجعلها أوضح وأقرب للناس. فالمونتاج بالنسبة لي ليس تلاعبًا بالأحداث، بل وسيلة لتنظيم الفكرة وإيصال الرسالة بأفضل شكل.

وأضافت: الحرية في الترتيب لا تعني فقدان الصدق، بل تتطلب وعيًا واحترامًا للحقيقة. هناك دائمًا خط رفيع بين الإبداع والتحريف، والمخرج الحقيقي يعرف كيف يحافظ عليه. صدق الفيلم الوثائقي لا يُقاس بعدد اللقطات الواقعية، بل بصدق نية المخرج في نقل ما يشعر به دون أن يبتعد عن جوهر الواقع. فعندما تكون الرسالة صادقة، يصبح الإبداع جزءًا من الحقيقة لا خطرًا عليها.

مقالات مشابهة

  • منصور بن زايد: حكومة الإمارات تواصل مسيرتها بثقة
  • أول تعليق لصناع «فلسطين 36» بعد فوزه بجائزة بمهرجان طوكيو السينمائي
  • راما دوجي.. الفنانة السورية الأميركية زوجة زهران ممداني
  • جائزة الجمهور لفيلم المستعمرة بمهرجان أفريكالديا السينمائي
  • أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية بنان ويدشن أعمالها للتأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقة والظروف الخاصة
  • الفيلم المصري “المستعمرة” يحصد جائزة الجمهور بمهرجان أفريكالديا السينمائي
  • ICT Misr تتوسع في قطاع البنية التحتية التكنولوجية وتستهدف مضاعفة أعمالها
  • بين حرية المخرج ورؤيته الفنية وحدود الصدق
  • رئيس الوزراء يطلع على مجمل الأوضاع بالولاية الشمالية