قدمت منظمة كردية بارزة فى ألمانيا شكوى جنائية تتهم الرئيس السورى المؤقت أحمد الشرع بارتكاب إبادة جماعية وجرائم دولية أخرى مما دفع الادعاء الفيدرالى إلى التدقيق بعد أيام فقط من الاستقبال الحار الذى حظى به من قبل كبار المسؤولين الألمان. وقالت الجالية الكردية فى ألمانيا إنها قدمت شكوى إلى المدعى العام الاتحادى فى كارلسروه زاعمة أن الشرع المعروف على نطاق واسع باسمه الحركى السابق أبو محمد الجولانى مسؤول عن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وقيادة المنظمات الإرهابية.

تأتى هذه الخطوة بعد الاستقبال غير المسبوق الذى حظى به الشرع من وزير الخارجية الألمانى يوهان وادفول خلال زيارته إلى سوريا الأسبوع الماضى، حيث صافحه الوزير بحرارة أمام عدسات الكاميرات. وصرح وادفول لاحقا بأن عودة اللاجئين السوريين من ألمانيا لا تزال غير معقولة، مما أثار انتقادات واسعة من أوساط حقوقية وسياسية اعتبرت تصرفه تبييضا لوجه رجل متهم بمجازر.

قال نائب رئيس منظمة الجالية الكردية محمد تانريفردى إن المنظمة تحركت نيابة عن عائلات فقدت أقاربها على يد الميليشيات الجهادية. واتهم الشرع بالمسئولية المشتركة عن الإبادة الجماعية ضد الأكراد الإيزيديين عام 2014 وعن العنف الممنهج والمستمر ضد الأقليات فى سوريا والعراق. وأكد أن كثيرا من الضحايا الأكراد ما زالوا يعيشون فى مخيمات اللجوء فى ألمانيا والعراق وأن العدالة لا يمكن أن تتحقق لهم ما لم يُحاسب المتورطون فى تلك الجرائم.

وأقرت المحاكم الألمانية فى فرانكفورت عام 2021 وكوبلنز عام 2022 وميونيخ عام 2024 بأن هجمات تنظيم الدولة الإسلامية على الإيزيديين فى سنجار تشكل إبادة جماعية، واعتبرت أن تلك الجرائم تضمنت اختطاف الآلاف واستعبادهم وتعذيبهم واغتصابهم وقتلهم، ولطالما عرّفت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أحمد الشرع الذى كان يُعرف باسم الجولانى كشخصية قيادية بارزة فى داعش خلال مجازر أغسطس 2014.

كما يتهم الحزب الديمقراطى الكردستانى الشرع بارتكاب جرائم لاحقة بعد انشقاقه عن تنظيم الدولة الإسلامية، ويزعم أن جماعته الجديدة هيئة تحرير الشام والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما فى ذلك تهجير الأكراد فى عفرين وسلب ممتلكاتهم، وشن هجمات على المدنيين العلويين فى مارس 2025 وعلى السكان الدروز فى جنوب سوريا خلال صيف العام نفسه. وتشير التقارير إلى أن قوات الشرع مارست سياسات تطهير ديموغرافى فى تلك المناطق بدعم من فصائل موالية لأنقرة.

وتُرفع القضية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية فى ألمانيا الذى يسمح بمقاضاة مرتكبى الجرائم الدولية الكبرى بغض النظر عن مكان وقوعها. وتأتى هذه الشكوى فى ظل تحركات دبلوماسية لافتة من برلين إذ دعا المستشار فريدريش ميرز الشرع إلى ألمانيا لإجراء محادثات تتناول مستقبل سوريا وملف عودة اللاجئين، وهو ما أثار انتقادات من اللجنة المركزية للحزب الديمقراطى الكردى الألمانى التى حذرت من أن مثل هذه الزيارة ستكون مقلقة للغاية، متسائلة: كيف يمكن لألمانيا أن تلاحق جنائيًا وتستضيف فى الوقت ذاته من تصفه المنظمة بمجرم حرب مشتبه به. وأوضحت المجموعة أنها طلبت إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق الشرع فى حال زيارته الأراضى الألمانية.

وفى خضم هذه الاتهامات، دعا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون نظيره السورى أحمد الشرع إلى الانضمام إلى التحالف الدولى لمحاربة تنظيم داعش وذلك خلال لقائهما على هامش قمة المناخ المنعقدة فى مدينة بيليم البرازيلية. وقال ماكرون للصحفيين إن الحرب على الإرهاب تبقى أولوية أمنية بالنسبة لفرنسا مذكّرًا بأن هجمات باريس عام 2015 تم التخطيط لها فى سوريا. وأكد أن التعاون مع دمشق بات ضرورة لأمن الفرنسيين.

ورحب ماكرون بقرار مجلس الأمن الدولى رفع العقوبات عن الشرع، معتبرا أن الخطوة رمزية ومهمة قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس السورى إلى البيت الأبيض الاثنين المقبل، ووصف القرار بأنه تأكيد على صحة الاستراتيجية التى انتهجتها فرنسا منذ البداية بالتعاون مع رئيس المرحلة الانتقالية فى سوريا، مشيرا إلى أن باريس تعمل مع دمشق على استعادة وحدة الأراضى السورية ومكافحة الجماعات الإرهابية وإنتاج المخدرات وتسهيل عودة اللاجئين.

فى سياق متصل، أشاد الشرع فى مقابلة مع قناة الشرق بقرار رفع العقوبات المفروضة عليه وعلى وزير الداخلية أنس خطاب بعد أن أيدت أربع عشرة دولة القرار بينما امتنعت الصين عن التصويت. وقال إن هذا أول قرار منذ فترة طويلة يجمع فيه مجلس الأمن على شىء وإن من الإيجابى أن يكون هذا الشىء متعلقًا بسوريا. وأضاف أن القرار خطوة فى الاتجاه الصحيح لأنه من غير المعقول أن يبقى رئيس دولة مصنفًا وممنوعًا من التعامل الدبلوماسى رغم انفتاحه على جميع الدول المعنية.

واعتبر الشرع أن سوريا استطاعت صنع توافق دولى واسع بين دول من الصعب أن تتفق على أمر واحد، وهو ما يمثل مؤشرا إيجابيا على إمكانية حل الكثير من الأزمات العالقة فى العالم. وأكد أن بلاده بدأت تستعيد دورها الإقليمى والعالمى وأن هذا التطور يصب فى مصلحة الجميع، مشيرًا إلى أن سوريا تاريخيًا كانت لاعبًا محوريًا فى الشرق الأوسط وأن وضعها الطبيعى هو إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول.

وأشار إلى أن رفع العقوبات لم يكن ممكنا لولا جهود عدد من الدول العربية والإقليمية التى ساعدت سوريا فى إعادة تموضعها على الساحة الدولية، وذكر بالاسم المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة إضافة إلى الأردن الذى لعب دورا مهما فى دعم هذا التحول.

جاء رفع العقوبات بعد جلسة لمجلس الأمن مساء الخميس حيث تبنت الولايات المتحدة مشروع القرار بدعم من الدول الأعضاء وهو ما مهّد الطريق أمام زيارة الشرع إلى واشنطن ولقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أول لقاء بين الجانبين منذ توليه الرئاسة المؤقتة. ويمثل هذا التحرك منعطفا حادا فى مسار السياسة الدولية تجاه سوريا التى كانت معزولة لعقد من الزمن بينما تتصاعد فى أوروبا دعوات متناقضة بين محاولات احتوائه وتحركات قضائية لمحاسبته على جرائم حرب مزعومة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قبل زيارته للبيت الأبيض ألمانيا الرئيس السوري أحمد الشرع إبادة جماعية دفع الادعاء رفع العقوبات فى ألمانیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

عقب لقائه الشرع.. ماكرون: طلبنا من سوريا الانضمام إلى التحالف الدولي

عقب لقائه الشرع.. ماكرون: طلبنا من سوريا الانضمام إلى التحالف الدولي

مقالات مشابهة

  • ترامب: الشرع رجل قوي ورفعنا العقوبات عن سوريا بطلب من تركيا وإسرائيل
  • ألمانيا تعتقل 18 شخصا في حملة دولية ضد الاحتيال الإلكتروني
  • شكوى ضد أولمرت قبل وصوله إلى ألمانيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب
  • عقب لقائه الشرع.. ماكرون: طلبنا من سوريا الانضمام إلى التحالف الدولي
  • “هند رجب” ترفع شكوى في ألمانيا ضد أولمرت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة
  • الشرع يدعو دول العالم إلى الاستثمار الأخضر في سوريا
  • 18 متهماً ومبالغ تصل إلى 300 مليون يورو... ألمانيا تفكك شبكة احتيال دولية
  • يوتيوب تحذف فيديوهات تفضح جرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية
  • تسببوا في خسائر بـ300 مليون يورو .. ألمانيا تعتقل 18 شخصًا في شبكة احتيال دولية