من ميونيخ.. الحائزة على نوبل تدعو الشباب لقيادة التغيير العالمي: قفوا مع غزة واليمن والسودان
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
دعت الحائزة على جائزة نوبل للسلام خلال مشاركتها في القمة العالمية للشباب المنعقدة في مدينة ميونيخ الألمانية، الشباب حول العالم إلى تبنّي دورهم القيادي في مواجهة الظلم وبناء عالم أكثر عدلاً وإنسانية، مؤكدة أن "القيادة اليوم لا تُقاس بالثروة أو القوة، بل بالقدرة على التغيير والتوحيد وإحياء الأمل".
وقالت في كلمتها أمام المئات من الشباب وقادة الفكر والابتكار من مختلف الدول:
"أنتم لستم قادة الغد فحسب، بل قادة الحاضر.
وحذّرت من أن العالم يعيش مرحلة حرجة "تحترق فيها الأرض وتنزف فيها الديمقراطية وتغرق الحقيقة في الأكاذيب"، داعية إلى بناء اقتصادات أخلاقية تحترم الإنسان والبيئة، وترفض الثروة التي تُبنى على معاناة الآخرين أو استغلال الشعوب الفقيرة.
وأضافت: "لا ينبغي لأي اقتصاد أن يزدهر على أرضٍ مسروقة أو كرامةٍ مهزوزة... العدالة للشعوب الأصلية هي عدالة للبشرية، ويجب أن نتعلم من من حَمَوا الكوكب قبلنا."
وفي خطابها الإنساني الجريء، دعت الحائزة على نوبل المجتمع الدولي إلى رفض الصمت أمام الإبادة الجماعية والاحتلال والفصل العنصري، قائلة: "قفوا مع غزة، مع السودان، مع اليمن وسوريا ولبنان وأوكرانيا... قفوا لأنهم بشر، فالنضال من أجل الحرية نضالٌ واحد عبر الأمم والأديان."
وأشارت إلى تجربة ألمانيا التي نهضت من أنقاض الحرب، داعية العالم إلى تجديد وعدها الإنساني "ألا يتكرر الظلم والكراهية والإبادة الجماعية مرة أخرى"، مؤكدة أن السلام لا يعني غياب الحرب، بل وجود العدالة.
وفي دعوة مباشرة لقادة الأعمال، طالبت ببناء اقتصادات قائمة على التسامح والإنصاف، مؤكدة أن "الربح مهم، لكن العظمة والنبل أهم"، وأن "النجاح الحقيقي يُقاس بالتأثير، لا بالثروة."
وتطرقت إلى قضايا الهجرة واللجوء، معتبرة أن "الهجرة ليست أزمة، بل قصة إنسانية وصمود"، مشددة على أن العالم الذي يشتكي من اللاجئين هو غالبًا نفس العالم الذي خلق الظروف التي أجبرتهم على الفرار.
وختمت كلمتها بدعوة الشباب إلى التحلي بالجرأة والأخلاق، قائلة: "ابتكروا بجرأة، ابنوا بأخلاق، قولوا الحقيقة بلا خوف، واحموا الحرية بلا هوادة."
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
ياسمين عبده تكتب: زلزال واشنطن السياسي.. هل تغيّر الانتخابات وجه النظام العالمي؟
ليست واشنطن اليوم مدينةً هادئة كما تبدو في صورها الليلية؛ إنها بركان تحت الرماد، كل صندوق اقتراع فيها يشبه غرفة عمليات تُدار فيها معارك النفوذ على مستوى الكوكب.
الانتخابات الأمريكية الجارية ليست مجرد سباق بين مرشحين، بل معركة وجود بين رؤيتين للعالم، بين نظام دولي يترنح، وقوى صاعدة تنتظر لحظة الانهيار لتملأ الفراغ.
منذ الحرب الباردة، لم يعرف العالم لحظة ترقّب كالتي يعيشها الآن. فكل دولةٍ، من بكين إلى موسكو، ومن طهران إلى القاهرة، تتابع النتائج كأنها معنية بها شخصيًا. لأن السؤال لم يعد “من يفوز؟”، بل “أيُّ عالمٍ سيتشكّل بعد فوز أحدهما؟”
الولايات المتحدة لم تعد مركز القرار فقط، بل صارت قلب العاصفة التي تحدد اتجاه الرياح السياسية في كل القارات.
عودة دونالد ترامب إلى المشهد الانتخابي قلبت الموازين كلها.
الرجل الذي هزّ المؤسسة الأمريكية من الداخل، يعِد من جديد بما يسمّيه “أمريكا أولًا”، وهي الجملة التي تُترجم في عواصم كثيرة إلى “العالم أخيرًا”.
أما خصومه في الحزب الديمقراطي، فيرفعون شعارًا ناعمًا عن “استعادة القيم” و“ترميم التحالفات”، لكنه شعار يخفي خلفه عجزًا عن مواجهة واقعٍ دولي تغيّر أكثر مما تحتمل مؤسسات واشنطن العتيقة.
وراء الستار، تدور المعركة الأعمق: من يملك القرار الأمريكي فعلًا؟
هل هي المؤسسات العسكرية والاستخباراتية؟
أم شركات السلاح والطاقة التي تُموّل الحملات وتُحرّك السياسات؟
أم الإعلام الذي يصنع الرأي العام، فيُسقط رؤساء ويرفع آخرين كما يشاء؟
هذه الانتخابات كشفت أن الديمقراطية الأمريكية، التي طالما قدمت نفسها كنموذج، لم تعد أكثر من واجهة لصراع مصالح تتقاطع داخليًا وتنفجر خارجيًا.
العالم العربي ينظر إلى هذا المشهد بعينٍ أكثر واقعية من ذي قبل.
فقد تعلّم أن لا يُراهن على الإدارات، بل على استقراره الذاتي.
من مصر إلى الخليج، لم تعد العواصم تنتظر إشارة البيت الأبيض للتحرك.
القاهرة وحدها أصبحت تكتب معادلتها الخاصة في ملفات الإقليم: في غزة، وفي ليبيا، وفي البحر الأحمر.
وهذا التحوّل هو ما يقلق مراكز القرار في واشنطن أكثر من أي شيء آخر - أن الشرق الأوسط بدأ يتعلم أن يقول “لا” بلغةٍ واثقة.
أما أوروبا، فترقب المشهد بارتباكٍ واضح:
القارة العجوز فقدت بوصلتها بين ولاءٍ قديم لواشنطن، وحاجةٍ ملحّة لاستقلال القرار بعد الحرب الأوكرانية.
في بروكسل، تُقرأ نتائج الانتخابات الأمريكية كأنها تقرير مصير:
هل تستمر أوروبا ظلًّا للولايات المتحدة؟ أم تبحث عن أمنها بعيدًا عن الهيمنة الأطلسية؟
في آسيا، تُراقب الصين بهدوء من خلف جدرانها العالية، بينما تراهن روسيا على أن الفوضى داخل أمريكا هي أفضل ما قد يخدم استراتيجيتها طويلة المدى.
الكل يعرف أن ما يجري في واشنطن ليس حدثًا داخليًا، بل إعادة توزيع للسلطة العالمية.
الاقتصاد الدولي، أسواق الطاقة، خريطة التحالفات، وحتى الحروب بالوكالة… كلها تنتظر ما ستقرره “الصناديق” الأمريكية.
لكن وسط هذا المشهد المتداخل، يطلّ السؤال الأخطر:
هل ما زالت واشنطن قادرة على قيادة العالم وهي غارقة في انقسامها الداخلي؟
هل تستطيع ديمقراطية مشوَّهة بالحروب الإعلامية والمصالح المالية أن تُلهم الآخرين كما كانت من قبل؟
ربما نحن أمام بداية نهاية “القرن الأمريكي”، حيث تنتقل القيادة من الغرب إلى عالمٍ أكثر توازنًا، أو أكثر فوضى.
القاهرة، بخبرتها التاريخية، لا تقرأ الانتخابات الأمريكية من منظور الأسماء، بل من منظور الاتجاهات.
تعرف أن التغيير في واشنطن لا يُقاس بالوجوه، بل بالتحولات داخل البنية الدولية.
ولأن مصر تعرف جيدًا لغة التاريخ، فهي تدرك أن من يفهم إيقاع واشنطن لا يتأثر به، بل يوظّفه لصالحه.
إن ما يجري اليوم ليس تصويتًا داخل صندوق، بل تصويتٌ على شكل النظام العالمي القادم.
ومن وسط الضجيج الأمريكي، تخرج الحقيقة الهادئة:
أن القوة لم تعد في من يملك السلاح فقط، بل في من يملك الرؤية.
والسؤال الذي يجب أن يبقى بعد أن تُغلق الصناديق هو: هل ما زالت واشنطن تحكم العالم… أم أن العالم بدأ يكتب تاريخه من دونها؟.