بعد 85 عاما.. اكتشاف مصير جندي كيني قاتل بالجيش البريطاني في الحرب العالمية
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
وفقا لتقرير نشره موقع "بي بي سي"، تعود قصة موتوكو إنغاتي، وهو شاب كيني من جنوب البلاد، إلى نحو 85 عاما مضت، حين غادر قريته ذات صباح ولم ير بعدها قط. كان إنغاتي في الثلاثينيات من عمره عندما اختفى فجأة دون أن يترك أثرا أو تفسيرا، فيما أمضت أسرته سنوات طويلة في البحث عنه، تتبع الخيوط والأنباء التي سرعان ما كانت تتلاشى، حتى فقد الجميع الأمل وعاد الصمت ليغلف الحكاية.
ومع مرور العقود، تلاشى ذكر الرجل من ذاكرة قريته الصغيرة، خاصة أنه لم يكن له أبناء، بينما رحل معظم من عرفوه عن الحياة. لكن بعد أكثر من ثمانية عقود، عاد اسمه للظهور، ليس في كينيا، بل في السجلات العسكرية البريطانية.
فقد أعلنت لجنة قبور حرب الكومنولث (CWGC) – وهي الهيئة البريطانية المسؤولة عن تخليد ذكرى الجنود الذين قتلوا في الحربين العالميتين – أنها عثرت على وثائق تشير إلى أن إنغاتي كان أحد المجندين في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية. وذكرت اللجنة أنها تواصلت مع بنجامين موتوكو، ابن شقيقه، بعد أن استخرجت من الأرشيف العسكري البريطاني وثائق نادرة تكشف ما حدث للرجل الذي اختفى قبل عقود.
وتظهر السجلات أن إنغاتي غادر قريته سياماتاني متجها نحو نيروبي، على بعد نحو 180 كيلومترا غربا، حيث كانت تقع آنذاك مقرّات الإدارة الاستعمارية البريطانية. وهناك، التحق بوحدة الكشافة شرق الإفريقية (East African Scouts) التابعة للجيش البريطاني، والتي شاركت في القتال خلال الحرب العالمية الثانية.
وفي ذلك الوقت، كانت بريطانيا تجند ملايين الرجال من مستعمراتها للمشاركة في المعارك العالمية. وتشير الوثائق إلى أن إنغاتي استجاب لتلك الدعوة، غير أن تفاصيل تجنيده تظل غامضة، فيما تؤكد السجلات أنه قتل في 13 حزيران/يونيو 1943 في أثناء المعارك، من دون أن يعرف مكان أو ظروف وفاته، أو حتى موضع دفنه.
وكما حدث مع آلاف الجنود الكينيين الذين قاتلوا تحت راية الجيش البريطاني، لم تتلقّ عائلته أي إشعار بوفاته، ولم يعثر على قبره حتى اليوم.
ويأتي هذا الكشف بالتزامن مع احتفال بريطانيا بيوم الذكرى (Remembrance Sunday) لتكريم من ساهموا في المجهود الحربي، في وقت يؤكد فيه التقرير أن تضحيات الجنود الأفارقة – مثل إنغاتي – ظلت منسية وغير معترف بها رسميا، بخلاف ما ناله الجنود البيض من تكريم وشواهد وأوسمة.
وبعد مرور كل هذه السنين، يقول بنجامين موتوكو، البالغ من العمر 67 عاما، إنه شعر بالارتياح لمعرفة مصير عمه أخيرا، رغم أنه لم يلتقه قط. ويضيف في حديثه لـ"بي بي سي": "كنت دائما أسأل والدي: أين الشخص الذي سميت على اسمه؟".
لكن فرحته لم تخل من الغضب، إذ يؤلمه أن جثمان عمه يرقد في مكان مجهول بعيد عن أرضه، مخالفا لتقاليد قبيلة أكامبا التي تؤمن بضرورة دفن الميت بالقرب من أسرته. ويقول: "لم أحظ بفرصة رؤية قبره، كنت أتمنى أن أعرف أين دفن".
وأكدت لجنة قبور حرب الكومنولث أنها تعمل حاليا على تحديد مكان مقتل إنغاتي وموقع دفنه، ضمن مشروع أوسع لإعادة اكتشاف قصص الجنود الكينيين والشرق أفارقة المنسيين الذين خدموا في صفوف الجيش البريطاني خلال الحربين العالميتين.
ويضيف التقرير أن اللجنة، بالتعاون مع قوات الدفاع الكينية، نجحت مؤخرا في اكتشاف أرشيف عسكري استعماري نادر يعود إلى فترة الحرب العالمية الأولى، كان يعتقد أنه دمر منذ عقود. وكشف الأرشيف عن أسماء وقصص أكثر من 3 الآف جندي خدموا في وحدة بنادق الملك الإفريقية (King’s African Rifles)، وهي قوة مكونة من جنود من شرق إفريقيا حاربت القوات الألمانية في ما يعرف اليوم بـتنزانيا خلال الحرب الأولى، ثم واجهت القوات اليابانية في ميانمار خلال الحرب الثانية.
ويقول المؤرخ جورج هاي من اللجنة لـ"بي بي سي": "هذه ليست مجرد ملفات قديمة، بل قصص شخصية حقيقية. بالنسبة لكثير من العائلات الإفريقية، ستكون هذه المرة الأولى التي تكتشف فيها أن أحد أقاربها شارك في الحرب".
ومن بين الأسماء التي كشفتها السجلات، اسم جورج ويليامز، وهو رقيب أول في وحدة بنادق الملك الإفريقية، يبلغ طوله نحو 1.70 متر وله ندبة على ذقنه. وقد نال عدة ميداليات تقديرا لشجاعته ودقته في الرماية، قبل أن يقتل في موزمبيق عام 1918، أي قبل أربعة أشهر فقط من نهاية الحرب العالمية الأولى.
كما ورد في الأرشيف اسم عبد الله فادلومولا، وهو جندي أوغندي التحق بالوحدة عام 1913 وعمره 16 عاما فقط، لكنه قتل بعد 13 شهرا أثناء هجوم على موقع ألماني في تنزانيا.
ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن هذه الجهود البحثية تمثل خطوة مهمة نحو إعادة الاعتبار للجنود الأفارقة الذين قاتلوا وماتوا في حروب لم تكن حروبهم، ودفنوا في أماكن مجهولة دون أن تحمل قبورهم أسماءهم، بينما ظلت تضحياتهم بعيدة عن الذاكرة الرسمية لعقود طويلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية كينيا الحرب العالمية بريطانيا بريطانيا كينيا الحرب العالمية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب العالمیة خلال الحرب
إقرأ أيضاً:
اكتشاف جديد حول القلب البشري
توصل علماء أمريكيون إلى اكتشاف جديد حول القلب البشري، وهو أن القلب يمتلك قدرة ذاتية على إصلاح نفسه ذاتيا، في طفرة علمية قد تنقذ حياة مئات الآلاف من المرضى حول العالم.
ووفقا للدراسة التي أجراها الباحثون بكلية إيكان للطب بمستشفى ماونت سيناي في نيويورك، فقد توصلوا في الوقت الحالي إلى إمكانية إعادة تنشيط جين يتوقف بعد الولادة لإنتاج خلايا قلبية جديدة عاملة، فقد كان سابقا عند الإصابة بنوبة قلبية أو قصور في القلب، يفقد العضو خلايا عضلية حيوية دون أن يتمكن من استبدالها، ولم تكن هناك وسيلة فعالة لتجديد خلايا القلب التالفة، ما يضطر المرضى للاعتماد على الأدوية أو الأجهزة الطبية أو العمليات الجراحية أو زراعة القلب.
وقد أجرى الفريق العلمي تجربة خلال الدراسة على مجموعة من المتبرعين أعمارهم 21 و41 و55 عاما، حيث تعتمد التقنية الجديدة على استغلال جين طبيعي يسمى سايكلن إيه 2 Cyclin A2 (CCNA2))، وهو أساسي لانقسام خلايا القلب ونموها أثناء التطور الجنيني، إلا أن هذا الجين يتعطل بعد الولادة بفترة قصيرة، ما يحرم خلايا القلب البالغة من القدرة على الانقسام أو الإصلاح الذاتي عند التلف، لكن الفريق العلمي استخدم فيروسا غير ضار لنقل نسخة نشطة من جين CCNA2 إلى خلايا عضلة القلب المأخوذة من المتبرعين.
وأظهرت النتائج في العينتين الأكبر سنا انقسام الخلايا القلبية البشرية، مع سلوك طبيعي للخلايا الناتجة يشبه خلايا القلب السليمة، وكشف تحليل إضافي أن جين CCNA2 ساعد خلايا القلب على (العودة بالزمن إلى الوراء) من خلال إعادة تنشيط جينات نمو معينة، مكنتها من الانقسام وإصلاح القلب.
وقالت الدكتورة هينا شودري مديرة طب القلب والأوعية الدموية التجديدي في المستشفى: "إن أمراض القلب السبب الرئيسي للوفاة عالميا، بينما تتوقف خلايا عضلة القلب البالغة عن الانقسام بعد الولادة، بحثنا هو الأول الذي يثبت إمكانية تجديد قلب الخنزير بعد الإصابة، وطورنا المجال بإثبات أن خلايا القلب البشرية في منتصف العمر – التي ظل الاعتقاد سائدا بعدم قدرتها على الانقسام – يمكن تحفيزها لإنتاج خلايا جديدة عاملة، وهذا يغير النموذج العلاجي من مجرد إدارة الأعراض إلى الإصلاح الفعلي للقلب البشري".
إعلانوأضافت أن هذه النتائج تمثل تتويجا لجهود استمرت نحو عقدين من الزمن. لقد كنا روادا لفكرة إمكانية تجديد القلب من خلال إيقاظ جينات انقسام الخلايا الخاملة، وها قد اقتربنا بهذه الرؤية خطوة نحو التطبيق السريري. هدفنا هو تطوير علاج يمكن القلب من علاج نفسه بعد النوبات القلبية أو في حالات القصور، ما يقلل الحاجة لعمليات الزرع أو الأجهزة المساعدة".