عربي21:
2025-11-11@06:19:04 GMT

هل من فرصة لبروز جيل زد عربي؟

تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT

شاع مؤخرا في وسائل الإعلام المختلفة مفهوم «جيل زد»، وهي إشارة إلى الفئة العمرية من الشباب، الذين ولدوا بين أواخر التسعينيات وأوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. وذهبت بعض وسائل الإعلام إلى وصفهم بأنهم أبناء العصر الرقمي، أو الفضاء الافتراضي. ويبدو واضحا أن هذا الجيل ليس محددا بخريطة جغرافية معينة، فهم يتواصلون ويتشاورون ويتناقشون عبر الحدود ومن مختلف الدول.

وليس خافيا على أحد بأنهم قد أحدثوا تغيرات جذرية على عدة مستويات، منها الثقافية والاجتماعية والسياسية بسبب تواصلهم المستمر عبر العالم.
من البيرو وبنما ثم إندونيسيا ومدغشقر والنيبال، وصولا إلى المغرب، تحرك جيل زد يقوده الطموح إلى رسم خريطة سياسية واجتماعية مختلفة في هذه البلدان. وإذا كان البعض استخفافا قد أطلق عليهم صفة العيش في عالم الخيال، ونعتهم بأبناء المنصات الرقمية، فيبدو واضحا أنهم انطلقوا من الواقع الافتراضي إلى الواقع الفعلي، والدليل على ذلك أن دعواتهم للتظاهر والاحتجاج، باتت مسموعة أكثر من أي حزب سياسي عمره عقود من الزمن، بل الأكثر من ذلك أن احتجاجاتهم تسببت في إسقاط النظام في النيبال وهروب رئيس مدغشقر، وبذلك أصبح حراكهم واعدا ومؤثرا ويشي بتنظيم احتجاجات واسعة النطاق، سواء على المستويات الوطنية أو الدولية، ولم يعد أمام السلطات الحاكمة سوى معالجة التحديات التي تواجه هذه الفئة العمرية بشكل خاص.

إن مطالب الشباب المتمثلة في العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وتوزيع عادل للثروة وإنهاء المحسوبية، خلق فرص عمل حقيقية، ودعم الفئات الاجتماعية الهشة، محاربة الفساد، حرية التعبير والكرامة والعدالة، والنهوض بمستوى الخدمات الاجتماعية، من تعليم وصحة، كلها مبادئ تضمنتها أجندات كل السلطات الحاكمة، من دون تنفيذ على أرض الواقع. وعندما يطالب بها الشباب يتم تجاهل مطالبهم، ويقابلون بالتسويف والتبرير والتهرب، وبالوعود المعسولة.

في حين أن المفارقة الكبرى هي في أن جميع السلطات في مختلف البلدان تتحدث، عن أن مستقبل الأمة يمثله الشباب، وأن أمل النهوض بالمجتمعات والدول سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، معقود على هذه الفئة. وعليه لم يجدوا خيارا آخر لهم سوى رفض الصمت والخروج إلى الشوارع، في احتجاجات سلمية، هدفها الضغط على السلطات الحاكمة، تلك التي ما فتئت تتغنى بأنها جاءت من أجل تحقيق الحياة الحرة الكريمة لهم.

إن فهم الاحتجاجات التي فجرها جيل زد، ينطلق من مستويين اثنين: الأول هو المستوى الدولي، حيث إن الاقتصاد العالمي كله يعاني من هزات كبرى، بدأت بشكل واضح منذ بداية وباء كورونا، مرورا بالأزمات الدولية الراهنة ومنها، استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة، حيث ارتفعت مستويات التضخم في بلدان العالم، وباتت المديونيات الداخلية والخارجية ضمن مؤشرات خطيرة، وهذا حرّك بشكل واضح جيل الشباب في كل العالم تقريبا، لكنه كان أكثر وقعا على جيل الشباب في البلدان النامية والبلدان المتخلفة، لأنها تعيش هذا الواقع وتدفع ثمنه يوميا.

أما المستوى الثاني فهو المستوى الوطني أو المحلي، وهنا ليس من غرابة، أو مفاجأة في الموضوع، لأن تحركات جيل زد تبدو موصولة بتحركات شعبية سابقة، فهناك مطالبات متراكمة على مدى عقود بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية أيضا. وربما أبرز مثال على ذلك هو ما سُمي بثورات الربيع العربي.

الغريب في الأمر هو أن كل الحكومات التي تذهب وتأتي في هذه البلدان، التي شهدت مؤخرا تحركات جيل زد، ومنها بلدان عربية، تكاد تكون متعاهدة على التواصل في النهج نفسه، فكل حكومة تأتي يكون برنامجها الجديد قائما على الارتداد في المستوى الحقوقي، أما في النهج الاقتصادي فهناك تغوّل في خصخصة كل شيء، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، بالتالي فإن الطبقات الأكثر معاناة هي الطبقات الهشة التي تشكل الأغلبية المجتمعية في هذه البلدان.

لقد أعطى جيل الشباب مؤشرات كثيرة على أن الوضع الذي يعيشونه لم يعد يُطاق خاصة في البلدان العربية، ولعل المؤشر الأكثر وضوحا هو موجات الهجرة الشبابية الواسعة إلى أوروبا، حيث كانت ظاهرة القوارب المُحمّلة بآلاف الشباب العربي، التي انطلقت من سواحل تونس والمغرب وليبيا، وحتى عبر السواحل التركية، دليلا مؤكدا على الأزمة التي تعيشها هذه الفئة العمرية من المجتمع. كما أنها دليل واضح على أزمة الواقع العربي المُزري، فالحكومات التي تحكم في العديد من الأقطار العربية، كان لديها متسع من الوقت للقيام بإصلاحات في كل المستويات، فلم تكن هنالك اهتزازات كبرى على المستوى السياسي، وعلى المستوى الحكومي.

كما كانت هناك وفرة مالية لا بأس بها لدى حتى البلدان غير النفطية، مما يعني أنه كان بالإمكان تجاوز الواقع العربي البائس، خاصة وقد كانت هنالك مؤشرات كثيرة تدل على أننا في حالة احتقان كبير، في ظل مستويات بطالة عالية، ووجود أعداد مليونية من الشباب العربي ليس لديهم ما يفعلونه ولا منتظمين بالدراسة. وهذه كانت وما زالت قنبلة موقوتة لم يبادر أحد لجعلها في حالة الأمان.

أما المشكلة الأخرى التي لم تبادر الحكومات العربية إلى التعامل معها بصورة إيجابية، فهي عدم السعي إطلاقا لتفعيل قنوات الاتصال مع الشباب للوقوف على احتياجاتهم. كما لم تسع نحو الحلول المُستدامة التي منها التحوّل نحو التصنيع والتحوّل نحو التكنولوجيا، وهذه كلها لم تعد خيارا، أو ترفا للبلدان العربية، بل هي ضرورة.
رغم المسافات البعيدة بين قطاعات الشباب في بلدان العالم المختلفة، لكن كان لها تأثير كبير على حث الآخرين نحو التحرك
الغريب هنا هو أنه رغم المسافات البعيدة بين قطاعات الشباب في بلدان العالم المختلفة، لكن كان لها تأثير كبير على حث الآخرين نحو التحرك. في حين أن الحكومات التي هي مسؤولة عن هؤلاء الشباب، كان التواصل بينها وبينهم مقطوعا رغم قصر المسافة. وبذلك هي لم تتلق رسائل جيل زد بالشكل الصحيح، كما أنها عجزت عن إنفاذ رسائلها إليهم أيضا. وهذه مشكلة كبرى بين الطرفين. لكن الحقيقة هي أن الطرفين لا ينطلقان من المناهج نفسها، ومن التفكير والأفكار والنُظم نفسها. والمشكلة الرئيسية في كل هذا الاختلاف هو العجز المؤسساتي والعجز الديمقراطي. فلم تستطع الحكومات أن تبني الآليات التي تدمج فئات المجتمع المختلفة، سواء كانت فئات شبابية مرتبطة بمرحلة عُمرية أو أجيالا.

لقد وجد جيل زد أن الاعتراض على السياسات التي تقود بلدانهم إلى براثن الفقر، تستحق المخاطرة بحياتهم من خلال الاحتجاج ضد أنظمة استبدادية فاسدة. ولعل الأروع جاء في قولهم أن وجودهم في الشارع لا يشكل تهديدا وليس مغامرة، وإنما هو نداء صادق من أجل الحق في الصحة والتعليم والعمل والحياة الحرة الكريمة.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه جيل زد الشباب الربيع العربي الربيع العربي تظاهرات الشباب جيل زد مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشباب فی جیل زد

إقرأ أيضاً:

محدش بيقراله أصلا.. نشأت الديهي: كاتب عربي بيروج لسيطرة إسرائيل على المنطقة

قال الإعلامي نشأت الديهي، إن أحد الكتاب يقول إن الإقليم بيتغير وهناك شرق أوسط جديد وفك وتركيب لبعض الدول وهذا صحيح.

نشأت الديهي يقترح تدريب الفنانين على الكلام قدام الناس.. فيديونشأت الديهي: مشروع علم الروم امتداد طبيعي لصفقة رأس الحكمة

وأضاف نشأت الديهي، في برنامج "بالورقة والقلم" على فضائية "تن"، أن الثابت الوحيد في الإقليم هي مصر وهذا كلام التاريخ والجغرافيا، منوها أن الكاتب يقول إن إسرائيل تعتبر تكتل، وإيران تكتل، والخليج تكتل، منوها أنه لا غنى عن القوى الإقليمية الكبرى مثل مصر وتركيا وإيران.

وتابع: هذا الكاتب يبدو أنه تأثر بذباب إلكتروني ويمكن يكون مش فاهم، لأنه بيقول إن التكتلات هيا إسرائيل والخليج وتركيا، ولم يذكر اسم إيران ولا مصر، وهذا تفكير بعض الناس الذين يزعمون أنهم مفكرين واللي في بيته محدش بيقراله.

وأشار إلى أن هؤلاء الذين يرسمون صورا وهمية بأن إسرائيل سيطرت في الإقليمي، فهذا نقص تاريخي عند البعض، فإسرائيل زرعت في جسد الأمة العربية ولا يمكن مهما فعلت فهي قطعة نشاذ في الأرض العربية، أما أن يخرج كاتب عربي ويروجب بأن إسرائيل أصبحت كتلة مؤثرة أعتقد أنه يجب أن يعيد حساباته مرة أخرى.

طباعة شارك نشأت الديهي مصر إسرائيل تركيا إيران الأمة العربية

مقالات مشابهة

  • «كشّافة الإمارات» تستضيف منتدى الشباب الكشفي العربي
  • محدش بيقراله أصلا.. نشأت الديهي: كاتب عربي بيروج لسيطرة إسرائيل على المنطقة
  • تعاون بين بنك عُمان العربي و"لجنة الرياضات الإلكترونية" لتحفيز مواهب وإبداعات الشباب
  • نحو نموذج عربي للجاهزية السيبرانية
  • أمنية الانتخابات: لدينا تنسيق عالي المستوى مع كوردستان لنقل معدات الاقتراع جواً
  • فرصة ذهبية أم مخاطرة؟ هكذا يسافر الشباب حول العالم مجاناً
  • غرفة قطر تستضيف حدثاً رفيع المستوى لذوي الإعاقة
  • رفض عربي لخطة إعادة إعمار غزة بالشروط الأمريكية.. تهدد استقرار المنطقة
  • محلل سياسي: مبادرة مصر لإعادة إعمار غزة تحظى بتأييد عربي ودولي واسع