الشارقة (الاتحاد)
قدّم الكاتب والسيناريست الأميركي الشهير مات ويتن مؤلف «د.هاوس» و«بريتي ليتل لايرز» و«لو آند أوردر» ورشة عمل تقنية تحت عنوان: «خمس خطوات ونصف للنجاح في كتابة الحبكات»، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، مستعرضاً رؤى قيمة حول صناعة الدراما التلفزيونية وكيفية بناء قصص مشوّقة وشخصيات حية تتفاعل مع المشاهد، كشف ويتن أسرار الكتابة الناجحة، بدءاً من صياغة الفكرة المركزية مروراً بتطوير الشخصيات، وصولاً إلى إعداد العرض التقديمي (Pitch) الذي يجذب المنتجين والجمهور على حد سواء.

استهلّ مات ويتن الورشة بدعوة الحضور إلى التفكير في مسلسلاتهم المفضلة، مؤكداً أن هذه الخطوة البسيطة تفتح الباب لفهم ما يجعل العمل الدرامي ناجحاً ومؤثراً، وانطلاقاً من هذا السؤال شرح فلسفته في الكتابة، مشدداً على أن الخطوة الأولى في بناء أي مسلسل ناجح هي صياغة فكرة مركزية واضحة يمكن التعبير عنها في جملة واحدة، قائلاً: «إذا لم تستطع تلخيص فكرتك في جملة واحدة، فهي ليست ناضجة بعد».
ثم أوضح ويتن أن الجملة المركزية لا بد أن تحتوي عنصر الصراع، فهو قلب الدراما وحركتها، والصراع يمكن أن يكون داخلياً في الشخصية، أو خارجياً مع شخص آخر، أو اجتماعياً مع العالم المحيط، واستشهد بأمثلة واقعية من أعمال درامية ناجحة، منها مسلسل «د.هاوس»، و«بريكنغ باد» مؤكداً أن الفكرة القوية يجب أن تتضمن هذا التوتر المزدوج: بين ما يريده البطل وما يفعله فعلاً، وبين ما يقبله المجتمع وما يرفضه.
العرض التقديمي وانتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية، التي تتمثل في إعداد العرض التقديمي (Pitch) للفكرة، وهو نصّ أو عرض شفهي يقدّم جوهر العمل بطريقة موجزة وجذابة، تتراوح بين ثلاث إلى ثماني صفحات عند كتابته، أو من خمس عشرة إلى عشرين دقيقة عند تقديمه أمام المنتجين أو لجان القراءة.
وشدّد ويتن على أن الكاتب الناجح هو من يخلق شخصيات فاعلة لا منفعلة، معتبراً ذلك الخطوة الثالثة في مسار الكتابة، قائلاً: «إذا كانت شخصيتك تحاول النجاة، فهذا مختلف تماماً لو كانت تقاتل من أجل النجاة، فالشخصيات السلبية التي تتلقى الأحداث دون مقاومة تفقد المشاهد اهتمامه سريعاً، بينما الأبطال الذين يصنعون مصيرهم بأفعالهم هم من يُحدثون الأثر الحقيقي».
كما أوصى بأن تُكتب بعد الجملة المركزية فقرة موجزة عن كل شخصية رئيسية توضّح دوافعها العميقة وتاريخها الشخصي، مشيراً إلى أن التفاصيل الصغيرة هي ما يمنح الشخصية صدقها الإنساني، فيما اعتبر الحفاظ على التطور المستمر للشخصيات عبر كل حلقة وكل موسم هي الخطوة الرابعة في البناء الدرامي. البوصلة الإبداعية أما الخطوة الأخيرة فهي التركيز على الجملة الأولى التي تلخص جوهر العمل، داعياً الكتّاب إلى أن يحتفظوا بها أمامهم طوال مراحل الكتابة، لأنها البوصلة التي تعيدهم إلى الهدف الأصلي إذا تاهوا في التفاصيل، أما ما وصفه بالنصف بعد الخطوة الخامسة، فيقصد بها المرونة الإبداعية، أي السماح للنص بالتغيّر والتطور مع تقدّم العمل دون الخضوع التام للقواعد أو الخطط المسبقة. المكان، العالم، الحلقة التجريبية وأكّد ويتن أن وصف العالم الذي يجري فيه المسلسل يمثل عنصراً أساسياً في أي عرض تقديمي، خصوصاً إذا كان العمل مستقبلياً أو مبتكراً، فالتفاصيل الدقيقة تمنح النص مصداقية وتجذب المشاهدين، وغالباً ما يطلب المنتجون توضيح هذه البيئة منذ البداية، إلى جانب تحديد نبرة العمل (Tone) منذ البداية مع الحفاظ على إيجاز النص لتجنب فقدان انتباه الجمهور.
كما شدّد على أن الحلقة التجريبية (Pilot Story) يجب أن تعكس تعقيدات المسلسل وتوضح الصراع المركزي وطبيعة الأحداث. وختم حديثه بضرورة تركيز الكتّاب على كتابة نهاية مرضية تلمّح إلى القضايا الكبرى للمواسم المقبلة، بما يتيح بناء السلسلة وتوسيعها كسلسلة متسلسلة (Franchise)، قائلاً: «كل مشهد في الحلقة التجريبية يجب أن يعكس جوهر العمل ويبرهن على سبب نجاحه المحتمل»، مؤكداً أهمية الثقة بالعملية الإبداعية والتمسك بالفكرة المركزية طوال مراحل الكتابة.
 

أخبار ذات صلة كومان يرشح كيس سميت لخلافة بيدري في برشلونة برعاية محمد بن راشد.. مؤتمر دبي الدولي لقادة القوات الجوية ينطلق 16 نوفمبر في دورته الأكبر

المصدر: صحيفة الاتحاد

إقرأ أيضاً:

أسرار تحويل الرواية إلى شاشة السينما والتلفزيون

الشارقة (الاتحاد) 

أخبار ذات صلة بحضور الرئيس التشادي.. خالد بن محمد بن زايد يشهد افتتاح فعاليات منتدى الإمارات - تشاد للتجارة والاستثمار «ما هو الفن؟».. رحلة فكرية في جوهر الإبداع

تحت عنوان «المشهد الأول، الفصل الأول: ترجمة الرواية إلى الشاشة»، اجتمع الكاتب والسيناريست الأميركي مات ويتن، والروائي الآيسلندي رجنار يوناسون، في جلسة حوارية ضمن فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، للحديث عن فن تحويل الكلمة المكتوبة إلى صورة متحركة، وعن التوازن الدقيق بين الخيال والبنية الدرامية والواقع الإنتاجي.
وقال ويتن، صاحب التجربة الطويلة في كتابة الدراما التلفزيونية الأميركية، مثل مسلسل «هاوس» الشهير، إن العمل في هذا المجال ليس بريقاً كما يظنّ البعض، بل هو عمل شاق يتطلب صبراً ومرونة.
وأضاف: «في أحد مشاريعي بدأنا بمجرم متسلسل في الحلقة الأولى، لكن بحلول الحلقة الثالثة اختفت الفكرة تماماً، ثم توقّف العرض. القصة ببساطة لم تجد مسارها الصحيح».
وأوضح أن الفرق بين الرواية والسيناريو يكمن في عمق فهم الكاتب لشخصياته، قائلاً: «على الكاتب أن يعرف كل شيء عن بطله، من طعامه المفضل إلى الموسيقى التي يسمعها، لأن الشخصية في السيناريو تُبنى بالفعل لا بالوصف. اكتب كثيراً، شاهد الأفلام التي تحبّها، واقرأ نصوصاً لكتّاب تُلهمك، وكن محاطاً بكتّابٍ مثلك، فذلك ما يجعلك أفضل».
من جانبه، تحدّث يوناسون، صاحب الرواية الشهيرة «الظلام» التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني، عن تجربته مع الأدب المرئي قائلاً إن الطبيعة الآيسلندية هي «الشخصية الخفية» في كل أعماله.
وأضاف: «خلال التصوير كان البرد القارس جزءاً من المشهد، بدا حقيقياً وشعر به المشاهد فعلاً، وهذه الواقعية لا تصنعها المؤثرات بل البيئة نفسها».
وأوضح يوناسون أن الإعداد للعمل التلفزيوني يبدأ منذ الكتابة الأولى للرواية، قائلاً: «قبل أن أبدأ (الظلام) وضعت دراسة من صفحة واحدة أعرّف فيها كل شخصية ودورها، لأن الوضوح في البداية يمنحك الحرية لاحقاً. لا يمكن للكاتب أن يُعدّل بلا نهاية، إذ عليه -في لحظة ما- أن يترك النص يعيش».

مقالات مشابهة

  • بعد عرضه.. المخرج حسام حامد يشيد بموهبة مؤلف مسلسل «كارثة طبيعية»
  • مات ويتن مؤلف مسلسل «د.هاوس» يكشف أسرار الكتابة الناجحة لجمهور الشارقة للكتاب
  • “الخطوة السرية “التي تُحاك منذ أشهر: كيف تخطط تركيا “لمعاقبة إسرائيل”
  • أسرار تحويل الرواية إلى شاشة السينما والتلفزيون
  • الكتابة رحلة إنسانية لاكتشاف الذات في «الشارقة للكتاب»
  • الخطوة السرية التي تُحاك منذ أشهر: كيف تخطط تركيا لمعاقبة إسرائيل
  • مؤلف مسلسل "هاوس" وكاتب رواية "الظلام" يكشفان أسرار تحويل الرواية إلى شاشة السينما والتلفزيون
  • «من التمثيل إلى التأليف».. جلسة حوارية في «الشارقة للكتاب»
  • «السيارة الشمسية» في «الشارقة للكتاب»