سؤال وجواب.. كل ما تريد معرفته عن إزالة أصفار العملة الإيرانية
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
طهران – بعد عقود من الجدل والدراسات، دخلت سياسة حذف الأصفار من العملة الإيرانية مرحلة التنفيذ بعد موافقة مجلس صيانة الدستور على مشروع قانون سعت الحكومات المتعاقبة مرارا إلى تمريره، والذي سبق وصدق البرلمان الحالي، الشهر الماضي، عليه.
وبمجرد أن أعلن مجلس صيانة الدستور، السبت الماضي، أن مشروع قانون حذف 4 أصفار من العملة الوطنية لا يتعارض مع معايير الشريعة والدستور الإيراني، صار الطريق ممهدا أمام إحدى أقدم السياسات الاقتصادية المطروحة منذ نحو عقدين في مراكز اتخاذ القرار بطهران، ويُتوقع أن يشرع البنك المركزي قريبا في عملية معقدة تستمر نحو 3 سنوات، تستبدل خلالها أكثر من 10 مليارات قطعة من الأوراق النقدية، في محاولة لتسهيل المعاملات اليومية للمواطنين.
وبعد رحلة طويلة من التأجيلات والإخفاقات المتكررة، أثارت موافقة مجلس صيانة الدستور تساؤلات جوهرية لدى الأوساط الإيرانية عما إذا كان القرار يأتي في وقته المناسب، وعن مدى فاعليته لمعالجة التضخم المتنامي.
تسعى الجزيرة نت للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها، في هذه المجموعة من الأسئلة والأجوبة:
متى تبدأ عملية حذف 4 أصفار من العملة الإيرانية؟
وفق الدستور الإيراني، لابد أن يجتاز أي مشروع قرار 4 مراحل: أولها المصادقة في اجتماع مجلس الوزراء قبل تقديم الحكومة مشروع قرار بشأنه للبرلمان، وتأتي مصادقة الأخير في المرحلة الثانية قبل الموافقة عليه في مجلس صيانة الدستور، وذلك قبل أن يوعز رئيس البرلمان -في المرحلة الرابعة- لرئيس الجمهورية بتنفيذه.
متى طُرحت خطة حذف الأصفار من العملة الإيرانية؟
عام 1993 وإثر تسجيل التضخم أرقاما قياسية، طرحت بعض الأوساط الإيرانية فكرة حذف الأصفار من العملة الوطنية لأول مرة، لكنها اصطدمت بمعارضة بعض مراكز اتخاذ القرار، ثم عاود داعمو الخطة الكرة عدة مرات حتى عام 2007 لكن لم تتخذ إجراءات عملية جادة في هذا الاتجاه.
وفي عام 2016، تابعت الحكومة الخطة ذاتها بشكل جاد حتى حدد مجلسها الوزاري العملة الجديدة باسم "تومان" وتساوي 10 ريالات لكنها تخلت عن الفكرة بسبب تسارع وتيرة التقلبات في سوق الصرف الأجنبي وسياسات اقتصادية أخرى آنذاك.
إعلانوفي الحكومة الـ12، تمت الموافقة على المشروع مرة أخرى وتم إرساله إلى البرلمان الذي صدق بدوره على خطوطه العريضة لكنه اصطدم بمجلس صيانة الدستور الذي اعترض على غموض بعض مواده.
وصادقت الحكومة الـ14، الصيف الماضي، على مشروع القرار وأرسلته إلى البرلمان الذي وافق عليه الشهر الماضي بعد تعديله والتأكيد على ضرورة تثبيت الريال كوحدة رسمية للعملة الوطنية وأن "القران" وحدة نقدية صغيرة رسمية، حتى تحول المشروع إلى قانون يوم السبت الماضي إثر موافقة مجلس صيانة الدستور عليه.
ما مبررات حذف الأصفار من العملة الإيرانية؟
يقول داعمو الخطة إن التضخم المزمن منذ عقود خفض بالفعل من قيمة العملة الوطنية في أذهان الناس حتى أضحت الأصفار في الريال لا تحمل قيمة حقيقية في السوق، وتحولت مفردات "الآلاف" و"الملايين" إلى جزء من اللهجة اليومية في الأسواق، في مؤشر صارخ على انحسار القيمة الفعلية للريال الذي لم يعد مستخدما في الحسابات اليومية للمواطنين.
في السياق، كتبت صحيفة "جملة" الناطقة بالفارسية أنه على أرض الواقع، سبق الناس الحكومة بخطوة حاسمة في التعامل مع أزمة العملة، وحذفوا عمليا الأصفار من حساباتهم منذ سنوات طويلة، واعتمدوا "التومان" الذي يساوي 10 ريالات كوحدة حسابية فعلية تحكم تعاملاتهم اليومية، مما خلق فجوة بين الواقع الاقتصادي المعيش والنظام النقدي الرسمي.
وحسب الصحيفة، أقدمت الحكومة الإيرانية على حذف الأصفار تلبية للواقع ولإضفاء الصبغة الرسمية على هذه الحقيقة الذهنية السائدة، وذلك في محاولة لمواءمة النظام النقدي الرسمي مع الممارسات الاقتصادية اليومية التي فرضها منطق السوق واستجابة للضغوط التضخمية المتراكمة.
ما هي الآلية التنفيذية لحذف الأصفار من العملة الإيرانية؟
أوضح رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، النائب جعفر قادري، أن الحكومة تمتلك مهلة 3 سنوات لاستكمال كافة المقدمات التنفيذية اللازمة، على أن تتم عملية الانتقال الفعلي خلال عامين.
وفي حديث لصحيفة "دنياي اقتصاد" تابع قادري قائلا إنه خلال المرحلة الأولى من الخطة التنفيذية ستقدم الجهات المعنية على طباعة الأوراق النقدية الجديدة مع الإبقاء على الأصفار الأربعة لكن بطباعة باهتة (لم أفهم الوصف هل المقصود طباعة محدودة أم باهتة اللون؟)، في خطوة تهدف إلى تسهيل مرحلة انتقالية تستمر ما بين سنتين إلى 3 سنوات.
وأشار قادري إلى أن الوحدة النقدية الرسمية ستبقى "الريال"، لكن مع إضافة "القِران" كوحدة نقدية معدنية صغيرة إذ سيعادل الريال الواحد 100 قران، مؤكدا أن الحذف الرسمي للأصفار سيدخل حيز التنفيذ بشكل كامل بعد انقضاء عامين من بداية التنفيذ.
ما المكاسب المرجوة من حذف أصفار الريال الإيراني وما التحديات المحتملة للخطة؟
يخطط القائمون على مشروع حذف الأصفار من الريال الإيراني لتحقيق مكاسب لوجستية ملموسة، يلخص الباحث الاقتصادي علي جمشيدي تبعاتها الواقعية وفق التالي:
التأثير النفسي: على المدى القصير، يمكنه خلق شعور بالاستقرار وثقة نسبية بين الناس لكن هذا الأثر مؤقت. خفض تكاليف طباعة ونقل الأوراق النقدية: يقلل حجم المعروض من الأوراق النقدية وتصبح إدارته أسهل. تغيير في أنظمة المحاسبة والتكنولوجيا المصرفية: يجب على البنوك والشركات تحديث برامجها وأنظمتها. احتمال حدوث ارتباك في السوق: خلال فترة الانتقال، قد تتعرض الأسعار والفواتير والعقود للخطأ أو الاستغلال. التأثير على التضخم: حذف الأصفار في حد ذاته لا يقلل التضخم، بل يكون فعالا فقط عندما يكون مصحوبا بسياسات التحكم في الكتلة النقدية والإنتاج المستدام. إعلانوتحت عنوان "حذف الأصفار؛ بداية سقوط قطع الدومينو أم ثبات اقتصادي؟" كتب جمشيدي في صحيفة شرق، أن خفض التكاليف الباهظة لطباعة الأوراق النقدية وتبسيط عمليات إدارتها لا تأتي بلا ثمن، إذ ستفرض تحديات تقنية جديدة على القطاعين المصرفي والخاص، للمواءمة مع الوحدة النقدية الجديدة.
ويحذر الباحث من أن الفترة الانتقالية لتنفيذ الخطة قد تكون مرتعا لاضطرابات سوقية محتملة، إذ يزداد خطر الوقوع في أخطاء حسابية أو حتى عمليات احتيال في تحديد الأسعار وصياغة الفواتير والعقود، متسائلا عما إذا كان سيساهم هذا الإجراء في كبح جماح التضخم بشكل حقيقي.
وبرأيه، فإن حذف الأصفار بحد ذاته ليس دواء سحريا للتضخم، ففعاليته مرهونة بمرافقته بحزمة سياسات اقتصادية شاملة، تركز على ضبط الكتلة النقدية وتحفيز الإنتاج المستدام، مشيرا إلى أن النماذج الدولية تقدم دروسا بالغة الأهمية في هذا المجال، ففي حين مثلت تجربتا البرازيل وتركيا نجاحا ملحوظا تحولت التجربتان في زيمبابوي وفنزويلا إلى كابوس بسبب التكرار المتتالي لعملية الحذف في ظل بيئة اقتصادية هشة.
لماذا يتشاءم مراقبون بشأن إمكانية معالجة التضخم عبر إزالة الأصفار؟
يعتقد الخبير الاقتصادي الإيراني محمود جامساز، أن حذف الأصفار من العملة الوطنية لن يكون علاجا جذريا للتضخم المزمن، معتبرا الخطة مجرد "مسكن نفسي" مؤقت، لأن استمرار الأسباب الهيكلية للتضخم، والمتمثلة أساسا في سياسات تمويل عجز الموازنة والإفراط في طباعة النقود، سيجعل هذا الإجراء عديم الجدوى، بل وقد يتحول إلى عامل محفز للتضخم بفعل زيادة الطلب الاستهلاكي.
ونقلت صحيفة "ستاره صبح" عن جامساز قوله إن الخطة المزمع تنفيذها قد تخلق وهما بالاستقرار يدفع المواطنين إلى الإقبال على الإنفاق بسهولة أكبر، باعتبار أن القيمة الرقمية أصبحت أصغر، لكنه يتوقع أن يسفر "هذا الانتعاش الاستهلاكي الوهمي" عن موجة تضخمية جديدة تلتهم أي مكاسب نفسية مؤقتة، وذلك في ظل عدم قدرة العرض على مجاراة الطلب المتصاعد.
ويخلص الأكاديمي الإيراني إلى أن جوهر الأزمة يكمن في تحكم الاعتبارات السياسية بمفاصل الاقتصاد، معتبرا أن أي إصلاح حقيقي يجب أن يبدأ بخطوات جريئة تتمثل في إصلاح هيكل الموازنة العامة، ومنح البنك المركزي استقلالية حقيقية، ووقف تدخل الدولة في السياسات النقدية، إلى جانب خفض النفقات غير الضرورية وتعزيز دور القطاع الخاص.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات مجلس صیانة الدستور الأوراق النقدیة العملة الوطنیة
إقرأ أيضاً:
الكويت تصدر قرارا بمنع محال الذهب من التعاملات النقدية
أصدر وزير التجارة والصناعة في الكويت خليفة العجيل، القرار الوزاري رقم 182 لسنة 2025 بشأن منع التعاملات النقدية (الكاش) للشركات لبعض الأنشطة.
ونص القرار في مادته الأولى على أن "تلتزم المؤسسات والشركات الخاضعة لإشراف وزارة التجارة والصناعة، والعاملة في مجالات تجارة الذهب والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة وما في حكمها، وكذلك الأنشطة المرتبطة بها، بعدم إجراء أي تعاملات نقدية عند إبرام العقود أو تنفيذ المعاملات، ويجب أن تتم جميع عمليات الدفع من خلال أدوات الدفع غير النقدية المعتمدة من بنك الكويت المركزي، مع الالتزام التام بتعليماته المُنظمة لذلك".
وذكرت المادة الثانية للقرار الذي دخل حيز التنفيذ ما يلي: "دون الإخلال بأي تدبير أو عقوبة منصوص عليها في القوانين ذات الصلة، تغلق كل منشأة خالفت حكم المادة السابقة وتحال إلى جهات التحقيق المختصة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقها".
بينما أشارت المادة الثالثة إلى أنه "يُلغى كل نص أو حكم يخالف أحكام هذا القرار، أينما ورد في أي قرار آخر"، وأكدت المادة الرابعة للقرار أن "على كافة المسئولين- كل فيما يخصه- تنفيذ هذا القرار ويعمل به من تاريخ صدوره، وينشر بالجريدة الرسمية".