المسلة:
2025-11-12@10:28:54 GMT

الإرهابي الجيّد ضيف رئيس السلام

تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT

الإرهابي الجيّد ضيف رئيس السلام

12 نونبر، 2025

بغداد/المسلة:

صفاء الحاج

أبو محمد الجولاني، الرئيس المزعوم في سوريا ورمز الإرهاب والتطرف، الذي ظلّ لسنوات طويلة على قوائم الإرهاب الدولية، سافر إلى الولايات المتحدة والتقى بـ دونالد ترامب. هذه الزيارة تمثّل صورة فاضحة لسياسة أمريكا تجاه الإرهاب. من أبرز الحقائق المطروحة في العلاقات الدولية خلال العقود الأخيرة، ارتباط السياسات الغربية بالإرهاب.

فالولايات المتحدة وسائر الدول الغربية لطالما نظرت إلى الإرهاب بوصفه أداةً لتحقيق مصالحها الخاصة، وقد أُثبت ذلك مرارًا وتكرارًا. واليوم تُعد زيارة الجولاني إلى أمريكا أوضح دليل على هذه الحقيقة. إنّ الولايات المتحدة التي دمّرت غرب آسيا تحت شعار «محاربة الإرهاب»، تستقبل الآن الرجل نفسه الذي كانت قبل أشهر قليلة فقط قد رصدت مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يُدلّ عليه، بوصفه «شريكًا في الحرب ضد داعش». هذا التحوّل ينبع من منطقٍ باردٍ في الجغرافيا السياسية؛ فالإرهاب في نظر واشنطن ليس ظاهرةً أخلاقية، بل أداة يمكن تعديلها: تارةً عدو، وتارةً حليف. هذا النهج ليس جديدًا؛ فمنذ اندلاع الحرب على سوريا عام 2011، دعمت أمريكا — باعتراف عدد من مسؤوليها — الجماعات الإرهابية وموّلتها. وأظهرت مرارًا أن الخط الفاصل بين «الإرهاب» و«المصلحة» هو ما تحدده هي لا غيرها. الجولاني، زعيم تنظيم هيئة تحرير الشام، هو أحدث تجسيد لهذا التناقض. فالرجل الذي عُرف بمسؤوليته عن قتل آلاف المدنيين، أصبح اليوم من بين ضيوف واشنطن الرسميين. لكن ثمة نقطة بالغة الأهمية هنا؛ قد يظن بعضهم أن استقبال الجولاني في البيت الأبيض يعني قرب رفع العقوبات عن سوريا أو بدء مرحلة إعادة إعمارها. غير أن هذا التصور خاطئ تمامًا، ويتناقض مع جوهر السياسة الأمريكية القائمة على المصلحة الذاتية. مثال واحد يكفي: الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية. فواشنطن قادرة باتصالٍ واحد مع تل أبيب على إيقاف تلك الغارات، لكنها لن تفعل ذلك أبدًا، لأن ترامب يفضّل إلهاء الرأي العام بشعارات زائفة عن السلام والاستثمار. هذا التناقض هو ما يكشف الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية؛ دولة تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان بينما تقتل آلاف المدنيين في أفغانستان والعراق، وتدعم المجازر في غزة واليمن، لكنها في الوقت ذاته تفرش السجاد الأحمر لإرهابيٍ مثل الجولاني. خلف هذا المشهد تختبئ خطة مشتركة بين واشنطن وتل أبيب، هدفها إنتاج سوريا ضعيفة، مقسّمة، وخاضعة. فإسرائيل تواصل ضرباتها لتدمير أي قوة مركزية في سوريا، فيما تبقي أمريكا قواعدها العسكرية في الشمال الشرقي وتوسّع نفوذها في الجنوب، لتتحكم فعليًا بالمناطق ذات الأهمية الاستراتيجية. أما الجولاني، فليس سوى أداة مؤقتة مخدوعة بوعودٍ زائفة من ترامب، وعودٍ لن تتحقق أبدًا. والخلاصة: كما كان صدّام حسين وأسامة بن لادن يومًا ما حليفين لواشنطن ثم أصبحا عدوين، فإن الجولاني أيضًا سيبلغ نهايته حين تنتهي صلاحيته بالنسبة لأمريكا.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

النفوذ الأمريكي يعود بثوبٍ دبلوماسي بعد سنوات التحالف العسكري

10 نونبر، 2025

بغداد/المسلة: يفيد تحليل المواقف الأخيرة بين بغداد وواشنطن بأن العلاقة بين الطرفين تمر بمرحلة إعادة تعريف هادئة أكثر مما هي أزمة انسحاب معلنة، إذ يبدو أن الخطاب الأمريكي الجديد لم يعد يتحدث بلغة التحالفات المؤقتة بقدر ما يذهب نحو تثبيت شراكات أمنية مستمرة، ضمن مقاربة أوسع تعيد تموضع الولايات المتحدة في المشهد الإقليمي دون إثارة ضجيج سياسي.

ويبدو أن واشنطن باتت تتعامل مع العراق كجزء من معادلة الردع الإقليمي، لا كساحة منفصلة، حيث تشير قراءات دبلوماسية إلى أن ما يجري ليس انسحاباً بل انتقالاً محسوباً نحو وجود أقل صخباً وأكثر تأثيراً، عبر اتفاقات ثنائية تضمن بقاء النفوذ الأمريكي ضمن أطر قانونية مشابهة لما هو قائم في دول الخليج.

ومن وجهة نظر محايدة، يعكس هذا التوجه رغبة أمريكية في تجنب الاصطدام مع القوى الداخلية العراقية التي تطالب بخروج القوات الأجنبية، مقابل الحفاظ على مصالح استراتيجية في بيئة إقليمية مشتعلة.

وتتحدث مصادر عراقية عن مساعٍ لتنسيق مشترك يوازن بين مطلب السيادة الوطنية والحاجة إلى دعم استخباري وأمني لا يزال ضرورياً في مواجهة التنظيمات المسلحة والتهديدات العابرة للحدود.

ولا يمكن نسيان أن تصريحات المبعوث الأمريكي الأخيرة حول “عراق بلا ميليشيات” جاءت كإشارة رمزية إلى أن معركة واشنطن لم تعد في الميدان العسكري فحسب، بل في بنية الدولة نفسها، حيث تحاول دفع بغداد نحو احتكار السلاح وبناء مؤسسات قادرة على ضبط الفصائل، وهي مهمة لا تخلو من حساسيات سياسية.

ومن الضروري الإشارة إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجد نفسه أمام معادلة دقيقة، إذ لا يريد أن يظهر بمظهر التابع، ولا أن يخسر الدعم الغربي في وقتٍ تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة. وتؤكد الأحداث أن العلاقة بين الجانبين ستتخذ شكل “الوجود القابل للتكيّف”، أي حضور متغير في الشكل لكنه ثابت في الجوهر.

وعلى صعيد آخر، تشير المراصد السياسية إلى أن النقاش حول “الانسحاب” تحوّل إلى ورقة تفاوضية أكثر منه خياراً فعلياً، فيما تؤكد المؤشرات أن واشنطن تفضّل إعادة التموضع على الانسحاب، حفاظاً على توازن القوى في الإقليم. ومن زاوية أخرى، يبدو أن بغداد تسعى لاستثمار هذا التوجه الأمريكي لتقوية موقعها التفاوضي داخلياً وخارجياً، في محاولة لكتابة صيغة جديدة لعلاقة طويلة الأمد لا تقتصر على الأمن، بل تمتد إلى التنمية والدبلوماسية والاقتصاد.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • وزراء خارجية أمريكا وتركيا وسوريا يبحثون مكافحة الإرهاب
  • السفارة الأميركية في دمشق: سوريا الدولة التسعين بالتحالف الدولي ضد الإرهاب
  • لماذا العلاقة متوترة بين أمريكا وفنزويلا؟
  • بعد تعليق العقوبات.. ما هو قانون قيصر الذي فرضته أمريكا على سوريا؟
  • النفوذ الأمريكي يعود بثوبٍ دبلوماسي بعد سنوات التحالف العسكري
  • من لوائح الإرهاب إلى البيت الأبيض.. لقاء تاريخي يجمع اليوم بين الشرع وترامب
  • تحالف «محاربة الإرهاب» يطلق مبادرة «إعلاميو السلام»
  • مسؤول أمريكي: واشنطن تضغط على حزب الله لنزع سلاحه ووقف الدعم الإيراني
  • «التحالف الإسلامي» يطلق مبادرة «إعلاميو السلام» لـ14 متدربًا يمنيًا لتعزيز دورهم في محاربة الفكر المتطرف