إلى الإسلامويين الذين يشتمونني بسبب ما أكتبه عن ضياعهم للبلاد..!
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
خالد أبو احمد
مثلما تصلني رسائل الشكر والتقدير والإشادة بما أكتب عن قضية السودان المحورية (الحركة الإسلامية)، كذلك تصلني رسائل ممعنة في الشتيمة والبذاءة كلما كتبت مقالًا في سياق مشروعي التنويري عن فساد هذه الطغمة الإسلاموية شعروا بالغيظ الشديد، وفي قرارة نفسي أعتقد أن هذا أمر طبيعي جدًا؛ فمن يكشف العفن لا ينتظر وردًا، ومن يعرّي الفساد لا يُصفّق له أصحابه، أتفهم تمامًا أن تأتيني انتقادات من الذين تتضرر مصالحهم بتعريتي لفساد تنظيمهم، وكشف أباطيلهم وكذبهم وضررهم الكبير الذي أحدثوه في بلادنا، لكن غير الطبيعي أن يجمع هؤلاء على أني أكذب فيما أورده من معلومات.
وأتساءل هنا: هل سرقة موارد البلاد، مثل خطوط الطيران الوطنية، وشركات القطاع العام، وبيوت السودان في المملكة المتحدة وفرنسا، كذبٌ ومحض تلفيق مني؟ وتدمير الخدمة المدنية، وتمكين الأقارب والأصهار في مفاصل الدولة، خيالٌ من عندي؟ هل أنا من اختلق مجازر دارفور؟ هل أنا الذي فصل عشرات الآلاف من الموظفين باسم (التمكين)؟ أم أنكم ببساطة تريدون طمس الحقيقة لأن مرآتها تفضح وجوهكم؟
وأزيدكم: حين أكتب عن فسادكم الاجتماعي والأخلاقي، فليس ما أقول من نسج خيالي، ألم يقل القيادي في حركتكم الإسلاموية د. محمد محيي الدين الجميعابي مدير دار المايقوما لرعاية الأطفال مجهولي الوالدين بنفسه ”إن الدار تستقبل سنويًا ما يزيد على 800 طفل لقطاء، وأن أضعاف هذا العدد تلتهمهم الكلاب في العراء أو يُقتلون خنقًا ودفنًا في النفايات!”؟
هل أنا من قال ذلك؟ أم أحد رموزكم منكم وفيكم، ممن رأى بأم عينيه نتائج ما صنعت أيديكم؟ هل كانت أقوالي أم شهادتهم؟ فبأي وجهٍ تكذّبون ما اعترف به قادتكم؟
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد بلغ الفساد الأخلاقي حدًّا جعل القيادية الكبيرة د. سعاد الفاتح تصرخ بأعلى صوتها في أكثر من محفل، محذّرةً من التفلتات الأخلاقية التي اجتاحت المجتمع بسبب أنكم فتحتم الأبواب للتجارة بالحرام، قائلة: «أصبح هناك زواج رجل من رجل!” في إشارة إلى زواج المثليين، وأضافت: ”إن ما يحدث في السودان من تفلت لا يحدث في أي بلد أوروبي متفلت، وما يجري خزيٌ وعارٌ لا يُغتفر”.
تلك ليست كلمات خصومكم، بل صرخة من قلب تنظيمكم، من امرأة كانت رمزًا من رموز الحركة ذاتها. بل أكثر من ذلك، أقرت القيادية نفسها بفشل التجربة الإسلاموية قائلة أمام البرلمان، بحسب صحيفة (اليوم التالي) ”نحن قاعدين خاتين يدنا في الموية الباردة وننتقد، ونحن السبب في الفساد والفقر”!.
هكذا نطقت الحقيقة من داخل جدرانكم، لا من خارجها، ثم تتهمونني بالكذب والافتراء.
ولكي تكتمل الصورة، استمعوا إلى ما قاله المهندس طارق محجوب، القيادي في الحركة الإسلامية، في فيديو موثّق بتاريخ 3 يونيو 2022م، وهو يعترف بصوتٍ واضح بفشل مشروع الحركة الإسلاموية، بقوله: ”إن نظام الإنقاذ ألغى الدولة نفسها، كما ألغى المؤسسية، وكرّس الحكم الفردي المطلق، إن الضياع الذي نحن فيه سببه أننا لم نرث دولة من الإنقاذ، فقد حوّلت النظام إلى حكم فرعوني، يعيّن الرئيس كل شيء بنفسه، من الغفير إلى رئيس القضاء، ألغى الدستور والبرلمان ومجلس الوزراء، فأورثنا نظامًا بائسًا لا يعرف فيه الرجل الأول رأس الدولة من مؤخرته”.
هل هذا من بنات أفكاري؟ أم من أقوالي؟ هذه شهادات منكم، لا من خصومكم، اعترافات علنية تُدين فكرًا وممارسة دمّرت السودان وأهانت مؤسساته. فبأي منطقٍ بعد هذا تقولون إني أفتري عليكم؟
لقد ظللتم ثلاثين عامًا ويزيد تحكمون السودان باسم الله، بينما أفعالكم تُنازع الشيطان في خبثها. زرعتم الكراهية في قلوب الناس، وأهدرتم ثروات البلاد باسم “المشروع الحضاري”، وهو لم يكن إلا مشروعًا لتوريث المناصب والبيوت والعقارات والأرصدة. حولتم الوطن إلى غنيمة، والشعب إلى رعايا في مزرعة السلطان. وحين سقط نظامكم، لم تسقطوا لأنكم ظُلمتم، بل لأن الله لا ينصر من يستبيح دماء عباده باسم الدين.
أنتم من علّمتم الشباب الحقد والتطرف، أنتم من حطم مؤسسات الدولة، أنتم من أفقر الناس وشتتهم في المنافي، أنتم من حوّل الخرطوم إلى سوق نخاسة للولاءات. وكلما كتبنا الحقيقة، قلتم: “هذا يكره الإسلاميين!”، بينما أنتم أول من أساء إلى الإسلام ذاته بأفعالكم.
ليست كتاباتي كراهية لكم، بل حبٌّ لوطنٍ نهشتموه حتى العظم. وما أقوله ليس إلا شهادة للتاريخ، حتى لا يأتي جيل بعدنا فيسأل: من الذي أضاع السودان؟
أنا لا أكتب لأجل شتائمكم ولا لأجل رضاكم، بل لأجل أن تبقى الحقيقة حية، ولأجل أن يعرف الناس أن الخراب لم يكن صدفة، بل كان نتيجة فكرٍ مريضٍ وسياساتٍ خبيثةٍ وتجار دينٍ باعوا أنفسهم للسلطة والمال.
وأنا لا أكتب لكي أُغيظكم – وإن كان هذا من حقي – بل أكتب للتاريخ، تحصينًا للأجيال الجديدة حتى لا تقع في شرك حركتكم الفاسدة. فاشتموا ما شئتم، واصرخوا كما تشاؤون، لكن الحقيقة لن تتغير، والتاريخ لن يرحمكم، والسودان سيعود رغم أنوفكم.
ولأنّي أكتب بضميرٍ حي، لا أملك إلا أن أقول ما يمليه عليّ وطني وذاكرتي وقلبي. ليست القضية أن ننتصر في معركة الكلمات، بل أن نحفظ للحق صوته وسط هذا الركام من الأكاذيب التي دفعتم ثمنها للقونات وللغرف الإعلامية في أكثر من دولة، من دمنا وعرقنا، لكي تُغطوا على الحقيقة.
كلي قناعة بأن الوطن لا يُبنى بالصمت، ولا تُغسل خطاياكم بالنسيان. سيبقى قلمي شاهدًا لا يخاف في الحق لومة لائم، يكتب من أجل الذين دُفنوا تحت رماد الحروب، ومن أجل الأجيال التي لم تعرف وطنًا آمنًا بعد. لذا، سأواصل الكتابة ما دام في الصدر نفس، لأن الكلمة الصادقة هي آخر ما تبقّى لنا من وطنٍ نهشه الفساد، وأحرقه الجهل، وباعه من ادّعوا الورع والتقوى.
قال أمير الشعراء أحمد شوقي يرحمه الله:
قف دوّن رأيك في الحياة مجاهدًا.. إن الحياة عقيدة وجهاد
12 نوفمبر 2025
الوسومخالد ابو احمدالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: خالد ابو احمد أنتم من
إقرأ أيضاً:
قماطي: الاستمرار في طريق المقاومة هو الخيار الاستراتيجي الذي يضمن للبلاد أمنها
نظم "حزب الله" في مجمع السيدة الزهراء في صيدا، حفلاً تكريمياً بمناسبة "يوم الشهيد"، حضره ممثلون عن الاحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية ، الشخصيات سياسية واجتماعية، وفعاليات شعبية، علماء دين، عوائل الشهداء، إضافة إلى الأهالي الذين جددوا العهد والوفاء لدماء الشهداء.افتتح الحفل بآيات من الذكر الحكيم ، تلاه كلمة حزب الله ألقاها عضو المجلس السياسي في "حزب الله" محمود قماطي، أكد فيها على أن "يوم الشهيد ليس مجرد مناسبة للذكرى بل محطة لتأكيد الوفاء لدماء الشهداء والمضي على النهج الذي رسموه بالمقاومة والدفاع عن الوطن".
وأضاف: "تضحيات شهدائنا كانت وما زالت الضمانة الحقيقية لحماية لبنان وأهله، والمضي على خطاهم واجب وطني وأخلاقي لكل الأجيال".
وشدد على أن "الاستمرار في طريق المقاومة هو الخيار الاستراتيجي الذي يضمن للبلاد أمنها واستقرارها"، مؤكداً أن "ذكراهم ستظل نبراساً لكل من يسعى للحفاظ على كرامة لبنان وسيادته، وأن الوفاء للشهداء هو التزام دائم لا يقتصر على ذكرى واحدة في العام".
وختم: "إن الطريق الذي سلكوه هو الطريق نحو الصمود والنصر، وأن كل جيل جديد مدعو للاستلهام من تضحياتهم للحفاظ على وحدة لبنان وتعزيز قوته في مواجهة التحديات.
مواضيع ذات صلة مصادر دبلوماسية أميركية رفيعة: رفض مواجهة الوضع المسلح لـحزب الله يضمن استمرار التآكل المؤسسي بالبلاد Lebanon 24 مصادر دبلوماسية أميركية رفيعة: رفض مواجهة الوضع المسلح لـحزب الله يضمن استمرار التآكل المؤسسي بالبلاد