لجريدة عمان:
2025-11-12@18:38:20 GMT

الأونروا تريد المساعدة في إنجاح السلام

تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT

ترجمة - أحمد شافعي

بعد سنتين من حرب وحشية في غزة، يأتي وقف إطلاق النار الهش ـ وهو المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤلفة من عشرين نقطةـ ليوفر شيئا من الراحة لشعب شديد الإنهاك. ولعل الخوف المستمر من التعرض للقتل بسبب القنابل والبنادق قد تضاءل بالنسبة لزملائي في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) من الموجودين على الأرض في غزة، لكن لا يزال هناك الكثير من التخوف بشأن توفير المأوى والغذاء والمياه النظيفة في ظل اقتراب الشتاء بسرعة.

والحق أنه ما من وقت لنضيعه قبل أن نبدأ التعامل مع انتشار الجوع والمرض. فنطاق الأوجاع المادية والنفسية هائل، والتوقعات الخاصة بتوفير الرعاية الصحية والتعليم تتزايد. والأسابيع والأشهر القادمة هي التي سوف تحدد ما لو أن لحظة التحول الحالية سوف تؤدي إلى فجر جديد أم أنها محض مقدمة لمزيد من اليأس.

وإن لدى الأمم المتحدة ـ والأنروا ضمنيا ـ القدر اللازم من الخبرة والموارد لمعالجة الاحتياجات الإنسانية الملحة معالجة فعّالة وعلى نطاق كبير. لكن لا بد من السماح لنا بالعمل بحرية واستقلالية، دونما فرض لقيود قسرية وغير منطقية على الدخول أو على حركة الإمدادات والأفراد.

ولن يكون طريق التعافي في غزة مستقيمًا يسيرًا؛ فوقف إطلاق النار هش، فضلا عن أنه يتعرض لانتهاكات بصورة شبه يومية تمتحن عزيمة الضامنين له. ولو أن غاية وقف إطلاق النار تقتصر على أنه يطيل أمد غياب الحرب، دون أن يرسم طريقا مجديا إلى السلام، فليس من شأن وقف إطلاق النار الحالي إلا أن يكرر أخطاء الماضي الكارثية، في حين أن المستقبل السلمي حقا يستوجب استثمارًا حقيقيًا في حل سياسي حاسم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

لا بد من أمن أساسي لكي يترسخ التعافي ويصمد. ولا بد من دعم وقف إطلاق النار بقوة دولية لفرض الاستقرار والحفاظ على الهدوء وحماية البنية الأساسية الحيوية وضمان توافر المساعدات الإنسانية. فمثل هذه القوة هي التي سوف تحقق الفضاء اللازم لإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية.

وسوف يعتمد نجاح قوة إحلال الاستقرار، ونجاح الانتقال من الحالة الطارئة إلى الحالة المستقرة، على توفير خدمات عامة مضمونة للفلسطينيين في غزة، كما يعتمد على توفر مسار مضمون للسلام واحترام حقوق الإنسان. ولا يمكن تحقيق شيء من هذا إلا من خلال جهاز خدمة مدنية كفء يحظى بثقة المجتمع.

لقد شهدنا من قبل عواقب التهوين من الحاجة الماسة إلى توفير خدمات عامة مستقرة وفعّالة، وأبزز مثال شهدناه في هذا الصدد كان في العراق عندما تم تفكيك الإدارة المدنية سنة 2003 وما أدى إليه ذلك من فراغ في الحكم أسفر عن سنين من الاضطراب. فلا بد من أن يكون موظفو غزة وإداريوها وقادة مجتمعها جزءا من الحل، لا أن يكونوا ضحايا للتغييرات السياسية.

وتحظى وكالة الأونروا، بفضل الآلاف من موظفيها الفلسطينيين، بالقدرة والخبرة والثقة المجتمعية اللازمة جميعا لتوفير الرعاية الصحية والتعليم وغيرهما من الخدمات العامة للشعب المنكوب. فعلى مدى عقود، كان معلمو الوكالة وأطباؤها ومهندسوها يمثلون دورا حيويا في نظام فعّال من الخدمات العامة لملايين من اللاجئين الفلسطينيين في غزة والمنطقة.

ولقد جددت محكمة العدل الدولية ـ في رأيها الاستشاري الشهر الماضي ـ إبراز مهنية العاملين في وكالة الأونروا، وأبرزت دور الوكالة الإنساني الذي لا غنى عنه، وخلصت إلى أن الأونروا تبقى فاعلا محايدا غير منحاز.

وسوف تكون خدمات الأونروا التعليمية، ومن بينها برنامج مرموق لحقوق الإنسان، مفتاح الحيلولة دون ظهور التطرف الذي يتغذى على الحصار القاسي لغزة والأعمال الوحشية المرتكبة فيها على مدار العامين الماضيين. إن قرابة سبعمائة ألف طفل في عمر الدراسة يعيشون حاليا وسط الأنقاض، فما هم بمحرومين فقط من البيوت والأحباء، وإنما هم محرومون أيضا من التعليم. وإرجاع هؤلاء الأطفال مرة أخرى إلى المدارس سوف يكون أساسيا في ضمان السلام والاستقرار في غزة والمنطقة بوجه أعم.

وفي ما يتجاوز جهود الإغاثة الإنسانية واستئناف الخدمات العامة، لا بد من تمكين الشركات والمانحين من الثقة في أن السلام سوف يدوم وأن جهود إعادة الإعمار لن تضيع هباء.

وشعب غزة نفسه يحتاج إلى وعد بحياة طبيعية، فيها إسكان دائم ومستشفيات ومدارس فاعلة. وإعادة بناء غزة تعني استرداد الحكم، والعدل، والقناعة الراسخة على نطاق واسع بأن السلام لا يزال ممكنا وفقا لمعايير حل الدولتين.

ويقتضي هذا ألا يترسخ «الخط الأصفر» المشار إليه في الاتفاقية ـ والمرسوم وفقا لتنسيق أمني مؤقت ـ بما يؤدي إلى مزيد من التجزئة، إذ يصبح خطا فاصلا جديدا داخل غزة نفسها وبينها وبين الضفة الغربية.

وأخيرا، لا بد أن يبدأ العمل الصعب واللازم من أجل المصالحة، دونما تأخير. إن الإسرائيليين والفلسطينيين اليوم جيران لا يعرف بعضهم بعضا، قسمتهم الحرب، والعزلة المتنامية، وفقدان الثقة. وإنه لأمر مأساوي ومثير للسخرية في الآن نفسه، لأنهم يشتركون في تاريخ طويل وعميق من القمع والحزن والفقد لا يمكن أن يتصوره أغلبنا ناهيكم بأن يفهموه.

وتستوجب إعادة الربط بين الفلسطينيين والإسرائيليين تفكيك جهود التجريد المنهجي من الإنسانية التي أسهمت في أعمال وحشية لا تغتفر. وتستوجب اعترافا بقمع قائم منذ عقود للفلسطينيين وألم جماعي عميق تسببت فيه هجمات السابع من أكتوبر سنة 2023 داخل إسرائيل.

ومن أجل تحقيق سلام دائم، لا بد من تحقيق العدالة، ومعالجة المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي الجادة للجراح القائمة.

فيليب لازاريني هو المفوض العام لـ(الأونروا)

الترجمة عن ذي جارديان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار لا بد من فی غزة

إقرأ أيضاً:

تحذير أممي من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة مع اقتراب الشتاء

#سواليف

حذر مكتب #الأمم_المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” من #تدهور_الأوضاع_الإنسانية في قطاع #غزة مع اقتراب #فصل_الشتاء.

وأكد المكتب أن هذا التدهور يأتي نتيجة استمرار الدمار الكبير في البنية التحتية والمساكن جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع.

وأوضح أن مئات آلاف العائلات تواجه البرد والأمطار دون مأوى أو ملابس شتوية أو وسائل تدفئة، فيما شددت منظمة الصحة العالمية على ضرورة تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق لتجنب تفاقم الكارثة.

مقالات ذات صلة الاثنين .. الحرارة أعلى من المعدل بنحو 5-7 درجات مئوية 2025/11/10

وفي الوقت نفسه، أطلقت مروحيات إسرائيلية النار بشكل مكثف شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع ما اسفر عن وقوع قتيل.

وتواصل إسرائيل خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، حيث سجلت أكثر من 198 خرقا، في ظل استمرار الحصار وقيود إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وفي سياق الخروقات الإسرائيلية كشف مسؤولون أمريكيون سابقون لوكالة “رويترز” أن الاستخبارات الأمريكية عثرت على تحذيرات لمحامين عسكريين إسرائيليين من وجود أدلة على جرائم حرب في غزة.

وعمّقت هذه المعلومات الاستخباراتية المخاوف في واشنطن بشأن سلوك إسرائيل في حرب قالت إنها ضرورية للقضاء على مقاتلي حماس الفلسطينيين الذين يتمركزون في البنية التحتية المدنية، حيث كانت هناك مخاوف من أن إسرائيل كانت تستهدف المدنيين وعمال الإغاثة الإنسانية عمدا، وهو ما يعد جريمة حرب محتملة تنفيها إسرائيل بشدة.

يقول مسؤولو الصحة في غزة إن إسرائيل قتلت أكثر من 68 ألأف فلسطيني خلال حملة عسكرية استمرت عامين.

مقالات مشابهة

  • لازاريني يدعو لتمكين الأونروا من دعم غزة.. لدينا الخبرة ونريد إنجاح السلام
  • لقاء تركي مصري حول غزة وقمة «مجموعة السبع» تبحث خطة السلام
  • رأي.. شارل ميشيل يكتب: العالم عند مفترق الطرق والأخوة الإنسانية هي البوصلة الصحيحة
  • “الأورومتوسطي”: الأوضاع الإنسانية في غزة ما تزال مأساوية رغم مرور شهر على وقف النار
  • مقاتلو حماس في رفح - واشنطن تسعى إلى نفيهم وإسرائيل تريد استسلامهم
  • غزة: طريق طويل وشاق نحو التعافي
  • تحذير أممي من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة مع اقتراب الشتاء
  • قيادي بـ”حماس”يؤكد حرص الحركة على إنجاح اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • الأونروا تعلن تقديم المساعدة لأكثر من 75 الف نازح في غزة