رواية غيمة وكواسر لأسيل عبد الحميد أمين: محاولة للتحرر من القوالب الجامدة

تركت أسيل عبد الحميد أمين عالم المقالات في جريدة القبس الكويتية وانتقلت إلى عالم الرواية، وبلا شك هما عالمين مختلفين، كتابة مقالات الرأي إطارها محدود وموغل في الواقعية والدوران، أما كتابة الرواية فضاء لا متناهي، يصنع من الأوراق أشرعة ومن الحبر بحرا غارقا في الواقع والخيال معا. فكرة كتابة الروايات والقصص حاضرة في ذهني من سنوات طويلة ولكن قد يكون عظم الشعور بالمسؤولية نحو الكتابة ما أخر تنفيذها، بالإضافة إلى أن كتابة المقالات كانت تستنفد وقتا وجهدا فكريا وذهنيا.

تحمل رواية "غيمة وكواسر" في قصتها صراعا رمزيا بين الرقة، الهشاشة، النقاء، الحلم، والتجدد، وفي جانبه الآخر القوة، الهيمنة، الصيد، الافتراس، ومحاولات البقاء على حساب الآخرين.

هي رواية عن الحب والإنسانية والأمل الذي لا يجب أن يتبدد.كما أنها دعوة للقارئ إلى التأمل في معنى القوة الحقيقية، فهل تكمن في القدرة على الافتراس أم في البقاء نقيا في وسط عالم كاسر؟

في هذه الرواية لا يبدو الصراع بين الغيمة والكواسر مجرد مشهد في السماء بل استعارة كبرى لحالة الإنسان الحالم وهو يواجه العالم محاولا أن يظل إنسانا في عصر يتسابق فيه الكواسر على اقتسام السماء. فعندما تتحول السماء إلى ساحة صيد يصبح الحلم ترفا، والإنسانية عبثا، والغيم في دورته الهادئة طريقا أعمق للبقاء. ولهذا رأت أسيل عبد الحميد أمين أن "غيمة وكواسر" هو العنوان الأنسب لها.

تحاول الرواية تسليط الضوء على المسكوت عنه من القاسم الإنساني المشترك بين البشر جميعاً بعيدا عن أي انتماء آخر عرقياً أو دينياً أو جغرافياً وحتى سياسياً. فالمساحة الفكرية التي تلعب بها الرواية هي ذلك الخط المشترك بين الإنسان وأخيه الإنسان، هذا الخط الذي ظاهره التفريق بين شيئين مستقلّين متباينين لكنه في الوقت ذاته هو خط يجمع بينهما ويلامس طرف كل منهما، وفي الوقت ذاته تحاول الرواية أن تثبت أن هذا الخط الفاصل هو خط جامع لا خط تفريق كما أرادت الأيديولوجيات الدينية والسياسية والاجتماعية. في الوقت الذي قد تفشل فيه خطوط الجمع المتوهمة ضمن الطرف الواحد من هذه المتقابلات.

رواية غيمة وكواسر ليست عن قصة فتاة كويتية تبدأ حين وصولها إلى جزيرة يونانية، بل قصة عنا جميعا، عن الإنسان الحالم والمتمرد الذي يحاول التحرر من القوالب الجامدة والقاسية التي حشره فيها المجتمع والناس والهويات والأيدلوجيات والقوى المهيمنة على هذا العالم، ولذلك لم أضع اسما للبطلة فهي تمثل الكثير من الناس في جانب أو آخر من قصتها أومن شخصيتها.

رواية غيمة وكواسر باب مفتوح على تساؤلات وأسئلة، تركت للقارئ حرية البحث عن إجاباتها. ولا يخفى في سطورها تأثير سحر المكان على بطلة الرواية وما يدور حولها من أحداث. لذا هي تعد من أدب الرحلات، تمتزج فيها الشخصيات والمشاعر الإنسانية بالمكان: وهو اليونان، الزاخرة بالميثولوجيا الإغريقية، والتي فرضت سطوتها على روح الرواية.

المصدر: الأسبوع