حرب استنزاف أم مواجهة شاملة.. إلى أين تتجه الأوضاع في لبنان؟
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
بين قصف إسرائيلي متصاعد وحديث عن اقتراب انقضاء مهلة نزع سلاح حزب الله، يبدو المشهد اللبناني عالقا بين حرب استنزاف مفتوحة ومواجهة شاملة لا يريدها أحد، لكنها تبقى احتمالا قائما في أي لحظة.
ومع استمرار التصعيد الإسرائيلي على الحدود، تدور أسئلة عن المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الطرفان في اختبار ميزان الردع، وعمّا إذا كانت واشنطن قادرة على ضبط إيقاع التصعيد قبل الانفجار الكامل.
تلك هي المحاور التي ناقشها برنامج "سيناريوهات" لاستشراف مستقبل المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، والخيارات المطروحة بين الاستمرار في حرب محدودة أو الانزلاق نحو صدام شامل.
حيث رأى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، أن إسرائيل تخوض في لبنان "حربا محسوبة" تسعى منها إلى إضعاف قدرات حزب الله دون الوصول إلى مواجهة واسعة قد تفتح جبهة جديدة تشتعل فيها المنطقة كلها.
فتل أبيب، وفق قراءته، تدرك أن جبهتها الداخلية ليست مؤهلة لحرب طويلة، لكنها تجد في التصعيد المتدرج وسيلة لإعادة ترميم قوة الردع التي تآكلت بعد معركة غزة، ولهذا تواصل عملياتها اليومية في الجنوب اللبناني على نحو يسمح بضغط متواصل دون تكلفة سياسية أو عسكرية باهظة.
الردع المتبادلبينما يوضح الباحث السياسي اللبناني الدكتور علي مراد، أن حزب الله يتعامل مع المعادلة بمنطق "الردع المتبادل"، فليس في مصلحته جرّ لبنان إلى حرب شاملة تدمر ما تبقى من اقتصاده الهش، لكنه في الوقت ذاته يرى أن التراجع أمام إسرائيل يعني نهاية دوره الإقليمي والرمزي في محور المقاومة.
لذا، فإن حزب الله يوازن بين الحفاظ على صورة الرد القوي وبين عدم تجاوز الخطوط التي تستدعي حربا لا يمكن التنبؤ بمداها.
أما الكاتب والمحلل السياسي هادي القبيسي، فيؤكد أن الساحة اللبنانية صارت مسرحا لصراع إرادات أكثر منها مواجهة حدودية محدودة، فإسرائيل تحاول من خلال عملياتها اليومية فرض واقع جديد في الجنوب بما يشبه "منطقة أمنية غير معلنة"، بينما يسعى حزب الله لمنعها من تحقيق ذلك ولو باستنزاف طويل الأمد.
إعلانورصدت الحلقة أيضا، أن التباين بين الرؤية الأميركية والإسرائيلية هو أحد العوامل الكابحة للحرب الشاملة، فالإدارة الأميركية لا تريد فتح جبهة جديدة تجهض جهودها في تثبيت وقف إطلاق النار في غزة أو تضعها في مواجهة مباشرة مع إيران.
لذلك تمارس واشنطن ضغوطا مزدوجة على الطرفين، تقوم على دفع إسرائيل إلى الاكتفاء بالردع الجوي، وحث حزب الله على عدم اختبار صبرها، في وقت تفتح فيه قنوات خلفية عبر وسطاء أوروبيين لتثبيت "هدوء هش" مؤقت.
غير أن هشاشة الوضع الميداني وغياب الثقة المتبادلة يجعلان كل تهدئة مؤقتة قابلة للانفجار، فعمليات القصف الإسرائيلية في العمق اللبناني تشير إلى الاقتراب من حافة الهاوية، وكل خطأ في الحساب قد يقود إلى تصعيد لا يمكن احتواؤه.
سيناريوهات ثلاثةوهنا، يبرز السيناريو الأول، الانزلاق إلى مواجهة شاملة إذا ما قررت إسرائيل توجيه ضربة قاصمة لقيادة الحزب أو بنيته الصاروخية، وهو ما يرى مهند مصطفى أنه سيؤدي إلى توريطها في حرب مفتوحة تتجاوز الحدود اللبنانية وتعيد خلط أوراق المنطقة بأكملها.
أما السيناريو الثاني فهو الاستنزاف الطويل الذي يراه القبيسي الأكثر واقعية في ضوء ميزان القوى الحالي، فكل طرف يحقق عبره مكاسب تكتيكية دون تحمل عبء الحرب الكبرى.
ومنه، تواصل إسرائيل اختبار دفاعات حزب الله وتحسين جاهزية جبهتها الشمالية، في حين يعزز الحزب موقعه داخل محور المقاومة بإبقاء الجبهة مشتعلة بالقدر الكافي لإرباك إسرائيل وردعها عن مغامرات أوسع.
ويبقى السيناريو الثالث، الذي أشار إليه علي مراد، وهو التسوية المؤقتة التي تقوم على تفاهمات غير معلنة بوساطة أميركية أوروبية، تسمح بوقف تدريجي للعمليات وعودة الجيش اللبناني إلى المناطق الحدودية.
إلا أن مراد يرى أن هذا السيناريو يحتاج إلى مظلة سياسية داخلية قادرة على توحيد القرار اللبناني حول إستراتيجية دفاعية متفق عليها، وهو ما يظل غائبا في ظل الانقسام الحاد بين القوى السياسية اللبنانية.
ومن منظور أوسع، يوضح ضيوف البرنامج أن مستقبل المواجهة مرهون بعوامل 3، مدى استعداد إسرائيل لتحمل ضغط الجبهة الداخلية في حال توسعت العمليات، وقدرة حزب الله على ضبط إيقاع الردع دون تجاوز حدود الدعم الإيراني، وأخيرا مدى فاعلية التحركات الدبلوماسية في منع تحول لبنان إلى ساحة بديلة من غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات حزب الله
إقرأ أيضاً:
قاسم: لن نسلم السلاح.. وعلى إسرائيل أن تخرج من لبنان
أكد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الثلاثاء، مجددا أن الحزب لن يسلم سلاحه، مشيرا إلى أن ما تطلبه أميركا من لبنان هو "أوامر تُمارس عبر الضغط باليد الإسرائيلية لتطبيقها".
وأضاف قاسم أن "المبعوث الأميركي توم براك صرّح علنا بأنه يريد تسليح الجيش اللبناني ليواجه شعبه المقاوم، فكيف ترتضي الحكومة بذلك، إذا كان الجنوب نازفا، فالنزف سيطال كل لبنان بسبب أميركا وإسرائيل".
وتابع: "نحن في حزب الله نقول إن اتفاق وقف إطلاق النار يخصّ فقط جنوب الليطاني، وعلى إسرائيل أن تخرج من لبنان وتُطلِق سراح الأسرى، لا استبدال للاتفاق ولا إبراء لذمة الاحتلال باتفاق جديد، ويجب تنفيذ الاتفاق أولا، وبعدها تكون كل السبل مفتوحة لنقاش داخلي حول قوة لبنان وسيادته، ولا علاقة للخارج بهذا النقاش".
وحتى الآن لم تفلح على ما يبدو مساعي الحكومة اللبنانية لحصر السلاح في يد الدولة، مما يعني نزعه من حزب الله، استجابة لمطالب أميركية إسرائيلية، وهو ما يرجح، وفق تقارير إخبارية، اقتراب إسرائيل من تنفيذ هجمات كبيرة على معاقل الحزب المدعوم من إيران.
والجمعة، أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون التزام بلاده باتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل، الذي تم التوصل إليه قبل عام برعاية الولايات المتحدة وفرنسا.
وقال عون: "لكن للأسف، ووفقا لهذا الاتفاق، كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل كليا وبشكل كامل من الجنوب بعد مرور 60 يوما من بدئه، إلا أنها لا تزال تحتل 5 تلال، وتضاعف من اعتداءاتها على لبنان في ظل المزيد من التهديدات اليومية ضده وضد أبنائه".
ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، لكن إسرائيل لم تلتزم به، ولا تزال قواتها تشن بشكل شبه يومي غارات جنوبي لبنان، كما لا تزال قواتها متواجدة في 5 نقاط داخل الأراضي اللبنانية.