المخا.. المدينة الساحلية تنهض من جديد وتستعيد مجدها التجاري
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
تشهد مدينة المخا الساحلية على البحر الأحمر حراكًا تجاريًا متناميًا، جعلها واحدة من أبرز المدن المحررة التي تشهد تعافيًا اقتصاديًا سريعًا بعد سنوات الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي، المدعومة من إيران. ويعزى جزء كبير من هذا الانتعاش إلى الاستقرار الأمني والبيئة الجاذبة للاستثمار التي وفرها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الفريق الركن طارق محمد عبدالله صالح.
ومن يتجول في شوارع المخا يلاحظ اتساع النشاط التجاري يومًا بعد يوم؛ فمحال جديدة تفتح أبوابها في مختلف القطاعات، من مواد البناء والحديد، إلى الأسواق الكبرى ومكاتب الصرافة التي تجاوز عددها العشرات. كما ارتفعت الإيجارات نتيجة الطلب المتزايد على المحال التجارية والمساكن، ما يعكس نمو الحركة الاقتصادية في المدينة.
كما شهد القطاع الفندقي والخدمي توسعًا ملحوظًا، مع افتتاح عدد من الفنادق والمطاعم الحديثة التي تستقبل الزوار والتجار القادمين من محافظات عدة، ما يعزز قطاع السياحة الداخلية والخدمات المرتبطة بها.
دعم رسمي ومبادرات استثمارية
يُتوقع أن يسهم ميناء المخا، الذي استقبل مؤخرًا أول سفينة حاويات، في إنعاش حركة الاستيراد والتصدير وتخفيض تكاليف النقل البحري، ما شجع التجار على توسيع استثماراتهم داخل المدينة. كما يمثل مطار المخا الدولي إضافة نوعية للاقتصاد المحلي، بعد انطلاق أولى رحلاته الرسمية عبر الخطوط اليمنية، فاتحًا الباب أمام فرص جديدة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والسفر والعلاج في الخارج.
وساهمت توجيهات الفريق الركن طارق صالح في تحويل المخا إلى نموذج للمدن المحررة والاستثمارية، عبر تسهيل إجراءات التراخيص، وتطوير البنية التحتية من طرق وكهرباء ومياه، ضمن خطة لتحويل المدينة إلى مركز تجاري مزدهر على البحر الأحمر.
وقال مدير عام مديرية المخا، الشيخ سلطان محمود، في تصريح لـ"نيوزيمن": "المدينة تسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها الاقتصادية، بدعم من قيادة المقاومة الوطنية التي جعلت التنمية أولوية بعد الأمن والاستقرار".
وأضاف خلال افتتاحه مركزًا تجاريًا جديدًا: "افتتاح مشاريع كهذه يمثل مؤشرًا واضحًا على انتعاش الحركة الاقتصادية في المدينة، ويسهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب ودعم القطاع الخاص كمحرك رئيسي للتنمية المحلية".
مشاريع نوعية وسوق مزدهر
وأوضح مالك مشروع "خياط الخليل"، صالح المشولي، أن الهدف من المشروع هو تقديم خدمات خياطة راقية تناسب مختلف الأذواق، بالاعتماد على أحدث الماكينات والخامات، مؤكدًا أن افتتاح الفرع في المخا جاء استجابة للطلب المتزايد على خدمات الخياطة الحديثة في المدينة والمناطق المجاورة.
وأشاد الحاضرون بمستوى التجهيزات وجودة الخدمات التي يقدمها المشروع، معتبرين أن "خياط الخليل" يمثل إضافة نوعية إلى سلسلة المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعزز النشاط التجاري في المدينة.
مع بدء تشغيل الميناء والمطار، واستمرار توفير الطاقة البديلة بشكل مستقر، انتعش السوق، وازدادت المؤسسات التجارية والبنوك والفنادق، لتبرز المخا اليوم كمدينة يمنية واعدة تعيد بناء مجدها التجاري القديم وتستعيد قهها التاريخي، بعد سنوات من الركود والانقطاع عن الحركة الاقتصادية بسبب الحرب.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: فی المدینة
إقرأ أيضاً:
الباب الذي يِدخل الجيش في الهدنة لا يسع الحركة الإسلامية
ياسر عرمان
كل من له معرفة بالحرب يعلم ان متغيراتها تصعب الوصول إلى السلام، ان الدماء والغضب والخسائر والتعبئة والدعاية والإعلام الحربي الذي يصاحبها والشحن المستمر للمقاتلين والحسابات العسكرية والسياسية تجعل في الغالب من الصعوبة على اطرافها القبول بوقفها.
من الممكن لخصوم وأصدقاء الجيش ان يدركوا مدى الصعوبة التي تواجه قيادة الجيش في اتخاذ القرار بالقبول بهدنة انسانية رغم طبيعتها التي وضعت لها البشرية أُسس في ضرورة حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية وتبادل الاسرى، والبحث عن المفقودين وحرية الحركة للمدنيين على ضفتي الحرب، وإيجاد بعثة لمراقبة وقف إطلاق نار انساني، تلك قضايا صعبة وحساسة وشائكة ومعقدة مضاف لها في واقعنا مزيدات الاسلاميين الذين ألحقوا أكبر خسائر بالجيش وبمهنيته لم تلحقها حتى الحرب، وأحدثوا انقسام حقيقي داخل المجتمع السوداني هذا الانقسام حرم الجيش من دعم فئات واسعة وهي فئات وطنية وديمقراطية لا تقبل بالحرب ولا بالإسلاميين الذين سعوا منذ البداية للقضاء على ثورة ديسمبر.
معلوم لديكم في قيادة الجيش ان الحرب ليست مجرد تحركات ميدانية عسكرية بل هي استراتيجية متكاملة تُحسب فيها بدقة كافة العوامل الداخلية والخارجية. مثل ما يحتاج شعبنا الآن وقف إطلاق النار الانساني كاحتياجه للماء والهواء فان الجيش يحتاجه ايضاً فهو يقربه من الشعب ويخاطب احتياجات وطنية عميقة، وليس من مصلحة الجيش وقيادته ان يشتروا استراتيجية الحركة الاسلامية، فالعالم كله يدرك اهمية بناء جيش واحد مهني غير مسيس لا يخوض حروب الريف ويعكس التنوع السوداني وضرورة تحقيق ذلك في اي حل مستدام، لكن العالم في معظمه لا صلة بأوهام الاسلاميين وأكاذيبهم التي مزقت السودان وادخلته في معارك داخليه وخارجية بل ان خروج الحركة الاسلامية وهزيمة مخططاتها من مصلحة الجيش المهني، وان ثورة ديسمبر قد حررت الجيش كما حررت شعبنا من هيمنة الإسلاميين، ولقد أكد لي ذلك الراحل الفريق جمال عمر في نقاشات مطولة في مدينة جوبا وبعض قادة الجيش الحاليين.
لعل قادة الجيش يتذكرون التجارب السابقة حينما رفض عمر البشير والزبير محمد صالح وأساطين المكر في الحركة الإسلامية الوصول لحلول في أبوجا ونيروبي وأديس ابابا ومحادثات أوسلو السرية في النرويج، وقال الزبير ان الحركة الشعبية لم يتبقى لها إلا مدينة نمولي وهي في (الطوة)، كما رفض غازي صلاح الدين إعلان مبادئ الإيغاد وهدّد قادتها بان بإمكانهم الوصول عسكرياً إلى جنوب أفريقيا، ومع اختلاف الزمان والمكان والأطراف فان الحركة الإسلامية غير مقبولة إقليمياً ودولياً، بينما الجيش يجري الآن حوارات واسعة في الفضاء الحيوي للسياسة الاقليمية والدولية بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، والباب الذي يمكن يُدِخل الجيش لا يسع الحركة الإسلامية! كما ان الشعب السوداني في غالبيته يقف مع مطلب الجيش الواحد المهني. بعد موافقة الدعم السريع على وقف إطلاق نار انساني يمكن مناقشة قضايا بناء الجيش والدولة السودانية بالكلمة والرؤية السياسية السديدة بدلاً من الطلقة والمدفع والمسيرات، ان هذه الحرب قد دفع شعبنا ثمنها غالياً، فمن كان يظن ان مدينة الخرطوم سيهجر اهلها بأكثر مما فعل كتشنر؟ ومن كان يظن ان مدني والفاشر والأبيض وكادقلي والدلنج.. الخ سيتم تحطيمهم امام أعين شعبنا؟ ما كان ليحدث ذلك لو كان الشعب والدولة في اتحادِ وفي برنامج وطني يجد القبول ويسع الجميع.
قبول الجيش بوقف اطلاق نار انساني سيعزز فرصه في الحوار بدلاً من حرب لا يدفع ثمنها سوى شعبنا والجيش لا يحتاج فقط لحوار مع الدعم السريع بل يحتاج حوار مع شعب السودان اولاً وفي فضاء مفتوح. دمرت هذه الحرب النسيج الاجتماعي ودقت أسافين عميقة بين القبائل، ونزيفها وأنينها مسموع في الريف والمدن. إذا كان الجيش يتخوف من ان تسنح الهدنة في تشكيل واقع سياسي وجغرافي وعسكري على شاكلة النموذج الليبي، فلماذا لا يتم ربط الهدنة بجدول زمني محدد وقصير للحلول النهائية؟ حتى تشكل الهدنة مدخلاً لإنهاء الحرب بدلاً من مدخل لمواصلتها، ان ادخال الشعب السوداني وقواه الحية في انهاء الحرب هو الذي سيضع حد لوقف استباحة ارض السودان وموارد شعبه إذا كان من يتحدثون بان هذه الحرب “حرب وجود” صادقين! فالحفاظ على وجود السودان لن يتم بمعزل عن وحدة شعبه.
١٣ نوفمبر ٢٠٢٥
الوسومياسر عرمان