خبراء أميركيون يفككون ما قصده روبيو من تصريحاته حول السودان
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
واشنطن- تناقضت تقديرات خبراء أميركيين تحدثت إليهم الجزيرة نت بشأن ما تعنيه تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو حول السودان خاصة ما تضمنته من توجيه اتهامات لقوات الدعم السريع بارتكاب فظائع، ودعوته لقطع تصدير إمدادات الأسلحة لها.
وجاءت تصريحات روبيو في ختام اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع في كندا، حيث أدان بيانها المشترك تصاعد العنف في السودان، قائلا إن "الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع تسبب في أكبر أزمة إنسانية في العالم، وحتى الآن، قُتل أكثر من 150 ألف شخص، واضطر 12 مليونا إلى النزوح من منازلهم داخل البلاد وخارجها".
ولم يتفق الخبراء حول ما إذا كانت هذه التصريحات قُصد بها التحول في الموقف الأميركي من هذه القوات، خاصة وأنها تتناقض مع تصريحات مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، الذي دعا إلى "الموافقة الفورية على الهدنة الإنسانية المقترحة بين الجيش السوداني والدعم السريع وتنفيذها".
انتقاد غير مباشر
وردا على سؤال حول مسعى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتصنيف الدعم السريع "منظمة إرهابية أجنبية"، قال روبيو "إذا كان ذلك مفيدا في إنهاء هذا الأمر، فسنفعل ذلك، لم أطلع على تفاصيل هذا المقترح، أعلم أن بعض أعضاء المجلس ناقشوه معي قبل أشهر، لكن في النهاية، نحن نريد فقط أن يتوقف العنف".
وأضاف "أعتقد أن المشكلة -للأسف- هي أن هذه القوات خلصت إلى أنها تنتصر، وهي تريد الاستمرار بمواصلة القتال، فهم لا يخوضون حربا فحسب -وهي أمر سيئ بحد ذاته- بل إنهم يرتكبون أعمال عنف جنسي وفظائع مروعة ضد النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء من أبشع الأنواع، ويجب أن يتوقف هذا على الفور".
لكن روبيو لم يصل إلى حد توجيه انتقاد علني أو مباشر لتدخل أطراف خارجية، وقال "لا أريد الخوض في توجيه اتهامات لأي جهة في مؤتمر صحفي اليوم لأن ما نريده هو نتيجة جيدة هنا"، لكنه أضاف "نحن نعرف من هي الأطراف المتورطة في توريد الأسلحة".
كبير مستشاري الرئيس للشؤون الإفريقية، مسعد بولس: تحث الولايات المتحدة الأطراف المتنازعة في السودان على الموافقة الفورية على الهدنة الإنسانية المقترحة وتنفيذها دون تأخير. إذ أن معاناة المدنيين قد بلغت مستويات كارثية، حيث يفتقر الملايين منهم إلى الغذاء والماء والرعاية الطبية. وكل…
— الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) November 13, 2025
استعداد للضغطاعتبر ديفيد شين، السفير الأميركي السابق في إثيوبيا وبوركينا فاسو، ونائب رئيس البعثة السابقة في السفارة الأميركية بالسودان، والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن تصريحات روبيو تعني أن "الولايات المتحدة خلصت إلى أن الدعم السريع هي الطرف الشرير الرئيسي في الصراع السوداني".
إعلانوأكد في حديث للجزيرة نت، أن "إدارة ترامب مستعدة أخيرا للضغط لإنهاء توريد الأسلحة إلى هذه القوات، غير أنه ليس من الواضح كيف تعتزم تحقيق هذا الهدف"، وقال "لست على علم بما إذا كانت واشنطن قد مارست ضغوطا على أطراف أخرى لإنهاء إمدادات الأسلحة إلى المتحاربين في الصراع السوداني، لكنني لن أتفاجأ إذا فعلت ذلك".
وأشار شين إلى أن "هدف واشنطن هو تحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء القتال في السودان، وأشك في أن لديها الكثير من الأهداف أو خططا أبعد من ذلك".
من جهتها، ترى ميشيل جيفن، مديرة برنامج أفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية، والسفيرة السابقة في عدة دول أفريقية، في حديثها للجزيرة نت، أن "الدعوات إلى وقف تزويد المتحاربين بالأسلحة ليست جديدة، وسبق وتضمن ذلك في بيان اللجنة الرباعية الأخير"، وأضافت "من الصعب وضع الكثير من الآمال على هذه التصريحات".
واعتبرت جيفن أن سياسة واشنطن تجاه السودان لها دوافع متضاربة، "فمن ناحية، أوضح ترامب أنه يريد تأمين اتفاقيات سلام في جميع أنحاء العالم، ومن الصعب تجاهل نطاق وحجم المعاناة الإنسانية في السودان، لكن الإدارة ترغب أيضا في الحفاظ على علاقات وثيقة للغاية مع الداعمين الخارجيين الرئيسيين لهذا الصراع، ويبدو أنها غير راغبة في تعقيد هذه العلاقات من أجل الخرطوم".
خطوة أولىمن ناحيته، قال كاميرون هادسون، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" والبيت الأبيض، والخبير في الشؤون الأفريقية بمركز العلاقات الدولية والإستراتيجية، للجزيرة نت "إنها خطوة أولى مهمة أن يعترف روبيو بأن تدفق الأسلحة إلى الدعم السريع يمثل مشكلة، ولكن عليه الآن أن يلتزم بالعمل المطلوب لجعل دعوته حقيقة واقعة".
وعن العوامل الرئيسية التي تشكل حاليا سياستها تجاه الخرطوم، قال هادسون إن "سياسة واشنطن تتشكل إلى حد كبير من خلال المنافسة الإقليمية بين حلفائها في المنطقة، الأولوية القصوى هي إدارة التوترات في المنطقة وليس إنقاذ الأرواح في السودان".
وأضاف "وقد لوحظت الصور المروعة من الفاشر، لكنها ليست كافية للولايات المتحدة للتخلي عن حلفائها، ترغب إدارة ترامب في إيجاد طريق بناء للمضي قدما ينهي القتال وينقذ الأرواح ويسمح لهم بالحفاظ على علاقاتهم المفيدة مع جميع الأطراف الممولة للحرب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل نفد صبر واشنطن من انتهاكات الدعم السريع وقررت معاقبتها؟
فتحت إدانة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الشديدة لما وصفها بالفظائع الممنهجة التي ترتكبها قوات الدعم السريع في السودان، وتهديده بمنع السلاح عنها وتصنيفها منظمة إرهابية فتحت الباب أمام تساؤلات وتكهنات عديدة فيما إذا كان هناك تغير بالموقف الأميركي لما يجري في السودان.
وجاءت تصريحات روبيو في سياق قمة مجموعة السبع التي تضم ألمانيا وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة في كندا بشأن الحرب في السودان، وقوبلت التصريحات بترحيب الحكومة السودانية في حين اعتبرتها الدعم السريع بأنها خطوة منحازة وغير موفقة.
واتهم الوزير الأميركي الدعم السريع بعدم الالتزام بالعمل بالمبادرة الأميركية الداعية إلى وقف إطلاق النار، مؤكدا أن السودان يعيش حاليا أسوأ أزمة إنسانية في العالم، داعيا الأطراف المتقاتلة إلى وقف القتال فورا.
ردود فعل متباينة
وأثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة بين طرفي الحرب في السودان، حيث رحبت الحكومة السودانية بالموقف الأميركي وعبرت عن أملها أن يكون نقطة تحول في التعامل مع قوات الدعم السريع والدول التي تمدها بالدعم العسكري والسياسي.
بالمقابل انتقد الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع لتصريحات روبيو، واعتبرها خطوة غير موفقة ومنحازة، وأضاف أنها تُفهم على أنها انتصار سياسي ودبلوماسي للجيش السوداني والمتحالفين معه.
لكن من وجهة نظر مايكل مونروي المستشار السابق للأمن القومي الأميركي والزميل الأول في معهد الشرق الأوسط فإن روبيو أراد أن يسلط الضوء ليس فقط على الفظائع المرتكبة من الطرفين، ولكن أيضا أراد التأكيد على الحاجة لتوقف أي جهة خارجية عن دعمهما.
وشدد مونروي -في تصريحات لبرنامج ما وراء الخبر- أن الدعم الخارجي سيطيل هذا النزاع ويطيل معاناة المدنيين، لذلك يريد روبيو وقف الدعم الخارجي لجماعة الدعم السريع.
خطاب متأخر
لكن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني الغالي شقيفات رفض الاتهامات الموجهة لقوات الدعم السريع، ونفى تورطها بجرائم حرب ضد المدنيين، بل اتهم المخابرات السودانية بدعم عناصر ترتدي زي الدعم السريع وتنفذ جرائم ضد المدنيين لتشويه صورة هذه القوات.
إعلانوقال شقيفات إن الدعم السريع موجود في المدن، والجهات التي تقوم بالانتهاكات توجد خارج المدن وهي جهات غير معلومة، وأكد أن الدعم السريع ألقى القبض على عدد كبير من المتهمين وسجنهم في الفاشر.
ورغم ترحيب الحكومة السودانية بالموقف الأميركي الأخير، فإن اللواء الدكتور معتصم الحسن المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الأمنية والإستراتيجية، رأى أنه جاء متأخرا.
حيث إن الولايات المتحدة تعلم من اليوم الأول للحرب أن هناك انتهاكات، حيث دُفن مواطنون أحياء وسُمموا وحُرقوا في ولاية الجزيرة.
وأشار الحسن إلى أن جرائم الدعم السريع في مدينة الفاشر تضمنت بركا هائلة من الدماء وأكواما من الجثث وحرقا ودفنا للجثث، إضافة إلى قتل الناس على أساس الهوية العرقية، وأضاف أن العالم كله شاهَد أن الشخص يُقتل لأنه من عرق معين.
وبحسب المسؤول السوداني فإن هناك مرتزقة يُؤتى بهم من جنوب السودان وتشاد وليبيا ومن "جماعات متطرفة" مثل بوكو حرام.
وحول التطورات المتوقعة، توقع الحسن أن ترفع الولايات المتحدة دعمها للدولة التي تدعم الدعم السريع وأن تضغط عليها، وأضاف أن تصنيف المليشيا كـ"جماعة إرهابية" سيمارس ضغطا كبيرا على قياداتها ومصادر تمويلها.