علي جمعة: علينا أن نراقب أبنائنا ونتدخَّل في حُسْنِ الصحبة
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه مِمَّا أُمِرَ به سيِّدُنا رسولُ الله ﷺ "حُسْنُ الصُّحبة". يقول ﷺ: «المَرْءُ على دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أحدُكُم مَن يُخالِل».
اختيار الأصحابوأشار عبر صفحته الرسمية على فيس بوك الى أن رسولنا أمرنا أن نختار الأصحاب، لأن الصاحب يؤثِّر في الإنسان سلبًا وإيجابًا؛ فإن كان طيِّبًا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ونصحك في نفسك ودِينك، وإن كان غير ذلك أمر بالمنكر ونهى عن المعروف، ولم ينصحك في دينك ولا دنياك.
فالصاحب مهمٌّ في الحياة، والنبي ﷺ يضرب لنا الأمثال ويقول: «مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ حَامِلِ المِسْكِ وصَاحِبِ الكِير».
حاملُ المسك هو بائعُه، وصاحبُ الكير هو ذلك الفرن الذي يستعمله الحدَّاد في مهنته. يقول رسول الله ﷺ: «فإن صاحبَ المسك إمَّا أن تَشَمَّ منه رائحةً طيبة، أو تَبْتَاعَ منه شيئًا فينفعك في طِيبِك، أو يُحْذِيك»، أي يعطيك «يَحذُوك بشيءٍ من مِسْكِه».
فكله فوائد: إمَّا أن تشم منه الرائحة الطيبة، وإمَّا أن يُهديَ إليك، وإمَّا أن تشتري منه، وكذلك الجليسُ الصالح؛ فالجليسُ الصالح إمَّا أن ينصحك، وإمَّا أن تسمع منه الكلام الطيب، وإمَّا أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويرشد إلى الخير، ولذلك فهو كحامل المسك.
أمَّا صاحبُ الكِير فإمَّا أن يُحرقَ بدنك أو ثيابك، وإمَّا أن تَشَمَّ منه رائحةً كريهة، وكذلك الجليسُ السوء؛ فإمَّا أن تسمع منه الغِيبة والنميمة والكذب والبهتان، وإمَّا أن يأمرك بالمنكر، وإمَّا ألا يرشدك ولا ينصحك لوجه الله تعالى.
والنبي ﷺ يقول: «الدِّينُ النَّصِيحة». قالوا: لِمَن يا رسول الله؟ قال: «لِلَّهِ، ولِرَسُولِهِ، ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وعامَّتِهِم».
واجب الأب على أبنائه
وتابع: والنصيحة هي الدين؛ ولذلك يجب عليك –أيها الأب– في بيتك أن تراقب أبناءك، وأن تراقب صحبتهم، وأن تُعلِّمهم الخير وحقائق الحياة. تُعلِّمهم مثلَ الجليس الصالح والجليس السوء، وتُفهِمهم أن هذا كحامل المسك، وأن ذاك كصاحب الكير.
فالولد أو البنت إذا تركْناهم مع صحبتهم وكانت سيئة، فإن الندم يصل إلينا وإليهم قريبًا لا بعيدًا. «المَرْءُ على دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أحدُكُم مَن يُخالِل».
فالصحبة مهمة، ولذلك كان النبي ﷺ يهتم بها ويرشد إليها.
جاء أحدهم فقال: يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: «أُمُّك». قال: ثم مَن؟ قال: «أُمُّك». قال: ثم مَن؟ قال: «أُمُّك». قال: ثم مَن؟ قال: «أبوك».
لو علَّمْنا أبناءنا هذا الحديث، وعرفوا أن خيرَ صحبةٍ لهم الأبُ والأم، وقام الأبُ والأم بما عليهما من واجب الرقابة والتربية والتوجيه والإرشاد، لوصلْنا إلى جيلٍ مبارك يخلُص من كثيرٍ من المشكلات التي تكتنف عصرَنا ومصرَنا.
علينا أن نراقب أبناءنا، وأن نتدخَّل في "حُسْنِ الصحبة".
ولمّا وصل النبي ﷺ إلى المدينة آخى بين الأنصار والمهاجرين، فجعل لكل رجلٍ من المهاجرين أخًا من الأنصار؛ فهذه الأخوَّة جعلت غربةَ المهاجرين في المدينة سهلة، وجعلت المدينةَ عامرةً بصحبة طيبة، وأخوَّة راقية، وقلوبٍ رقيقة لذكر الله تعالى.
فنَشَأَتِ الجماعةُ الإسلامية الأولى على الحب، والرحمة، والأخوَّة، والصحبة الطيبة.
لماذا سمى النبي الصحابة بهذا الاسم
وسمّى النبي ﷺ الذين حوله بـ "الصحابة"، لأنه صاحبهم في حضرهم وسفرهم، وفي قيامهم وجلوسهم، وفي جهادهم وسِلْمِهم، وفي علمهم وحياتهم، فسُمُّوا "الصحابةَ الكرام" لحُسن صحبته ﷺ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة ح س ن الص حبة الأصحاب الصاحب الصحابة النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلته.. فضلها وأعظم 5 صيغ لقضاء الحاجة
يتساءل الكثيرون عن فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها، حيث تعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أجلِّ العبادات، وأقرَب القربات، وأعظم الطاعات؛ يقول الله سبحانه تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
وجاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» أخرجه مسلم في "الصحيح".
فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتهاويستحب الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الجمعة وليلتها بحسب دار الإفتاء؛ وذلك لالتماس ما في يوم الجمعة من فضلٍ ومزية ليست في غيره، ورجاء أن يوافق ذلك ساعة الإجابة، ولكون يوم الجمعة سيد الأيام، فإن أفضل ما يصرف فيه هو خدمة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إِلَّا عُرِضَتْ عَلَىَّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا» قَالَ: قُلْتُ: وَبَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: «وَبَعْدَ الْمَوْتِ؛ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ فَنَبِيُّ اللهِ حَيٌّ يُرْزَقُ» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
وعن أنس رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" و"شعب الإيمان"، والقطيعي في "جزء الألف دينار".
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 1016، ط. إدارة البحوث العلمية): [(فأكثروا عَلَيَّ من الصلاة فيه)، أي: في يوم الجمعة؛ فإن الصلاة من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها لاختصاصها بتضاعف الحسنات، إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكون إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل، هو الأكمل والأجمل، ولكونه سيد الأيام فيصرف في خدمة سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام] اهـ.
استحباب الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتهاالأمر باستحباب الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الجمعة وليلتها -هو ما تضافرت به- أقوال الفقهاء وتواردت عليه نصوص أئمة المذاهب المتبوعة: قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 518، ط. دار الفكر): [نص العلماء على استحبابها في مواضع: يوم الجمعة وليلتها] اهـ.
وقال قاضي الجماعة الشيخ أبو عبد الله الرصاع في "تحفة الأخيار في فضل الصلاة على النبي المختار" فيما نقله الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 18، ط. دار الفكر): [من المواطن التي يتأكد فيها طلب الصلاة.. يوم الجمعة] اهـ.
وقال الإمام الرافعي في "فتح العزيز" (2/ 316، ط. دار الكتب العلمية) في بيان آداب الحضور للجمعة: [إذا حضر قبل الخطبة اشتغل بذكر الله تعالى وقراءة القرآن والصَّلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويستحب الإكثار من الصلاة عليه يوم الجمعة وليلة الجمعة وقراءة "سورة الكهف"، ويكثر من الدعاء يوم الجمعة، رجاءَ أن يصادف ساعة الإجابة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 262، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يُكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة؛ لما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ» رواه ابن ماجه] اهـ.
أفضل صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة1- «اللهم صلِّ على سيدنا محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم». قال العارف بالله سيدي أبو العباس المرسي رضى الله عنه : إن من واظب على هذه الصلاة في اليوم والليلة خمسمائة مرة لا يموت حتى يجتمع بالنبي ﷺ يقظة ، وإذا كان ذلك مفيداً لرؤية سيدنا محمد ﷺ يقظة فالأولى أن ذلك يفيد رؤيته مناماً . (سعادة الدارين للشيخ النبهاني رضى الله عنه).
2- «الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ ، ضَاقَتْ حِيلَتِي ، فَاسْأَلِ الرَّحْمَنَ يَقْضِي حَاجَتِي». هذه الصلاة تلقاها الشيح حسن شداد -رضى الله عنه- مباشرة وهو في الروضة النبوية الشريفة عام 1416 هـ وقد قرأها لأمر هام (300) مرة ؛ فرأى النبي ﷺ يقول له : قم يا حسن قضى الله حاجتك.
3- «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْعَزِيزِ الْمُخْتَارِ ، النَّبِيِّ السُّلْطَانِ ، النُّورِ الْأَمِينِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ». هذه الصلاة لـ أبي السعود الجارحي.
4- «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْحَبِيبِ المَحْبُوبِ ، شَافِي الْعِلَلِ وَمُفَرِّجِ الْكُرُوبِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ». هذه الصلاة يقول عنها الشيخ النبهاني -رضى الله عنه- في ( أفضل الصلوات) : إن الشيخ حسن الغزي بالقدس الشرف لقنها لي ، وكنت قد شكوت له ما ألمَّ بي من الهم والكرب ، فبعد أن تلوتها ما شاء الله أن أتلوها ، فرج الله كربي ، وبلغني فوق أمنيتي بفضله وإحسانه ، وببركة الصلاة على النبي ﷺ.
5- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِ اللهِ الْعَظِيمِ ، الَّذِي مَلأَ أَرْكَانَ عَرْشِ اللهِ الْعَظِيمِ ، وَقَامَتْ بِهِ عَوَالِمُ اللهِ الْعَظِيمِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مَوْلَاَنَا مُحَمَّدٍ ذِي الْقَدْرِ الْعَظِيمِ ، وَعَلَى آلِ نَبِيِّ اللهِ الْعَظِيمِ ، بِقَدْرِ عَظَمَةِ ذَاتِ اللهِ الْعَظِيمِ ، فِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ عَدَدَ مَا فِي عِلْمِ اللهِ الْعَظِيمِ ، صَلاَةً دَائِمَةً بِدَوَامِ اللهِ الْعَظِيمِ ، تَعْظِيمًا لِحَقِّكَ يَا مَوْلَاَنَا يَا مُحَمَّدُ يَا ذَا الْخُلُقِ الْعَظِيمِ ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَمَا جَمَعْتَ بَيْنَ الرُّوحِ وَالنَّفْسِ ، ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، يَقَظَةً وَمَنَامًا ، وَاجْعَلْهُ يَا ربِّ رُوحًا لِذَاتِي مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ ، فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ يَا عَظِيمُ.