محمد بشاري يكتب: حروب الظلّ الجديدة.. كيف تُعيد الجماعات الدينية إنتاج الفوضى عبر الذكاء الاصطناعي والهويات الوهمية؟
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
في عالم تتقاطع فيه التكنولوجيا مع الأيديولوجيا، برزت الجماعات الدينية المسَيَّسة كلاعبٍ خفيّ يشنّ حروبًا ناعمة أخطر من النزاعات التقليدية. حربٌ بلا مدافع، لكنّها قادرة على نسف استقرار دول، وتفكيك مجتمعات، ودفع شعوب كاملة نحو سيناريوهات الخراب التي شهدها اليمن وليبيا وسوريا وغزة.
إنها حروب الظلّ التي تتحرك خارج الحدود، وتستخدم منصّات رقمية، وحسابات وهمية، وتقنيات ذكاء اصطناعي، لتصنيع رأي عامٍّ مزيف ولإعادة تدوير خطاب قديم بقوالب جديدة.
اليوم لا تخوض هذه الجماعات معاركها في الميدان، بل في فضاء رقمي واسع يتيح لها التخفي الكامل خلف هويات مصطنعة، وتجنيد المتعاطفين، وتوجيه حملات التشويه ضد الدول المستقرة. التحول من “المنبر” إلى “الخادم الإلكتروني” لم يكن تطورًا طبيعيًا فحسب، بل خطة منظّمة نُسجت بعناية لخلخلة الثقة بين الشعوب ودولها، وتفكيك منظومات السلم الأهلي عبر موجات متتالية من التضليل المعلوماتي.
التجارب المريرة في الإقليم ليست ببعيدة. فاليمن، الذي كان نموذجًا لتعايش اجتماعي، تحوّل مع صعود الميليشيات إلى ساحة اقتتال بلا نهاية. وليبيا، التي هُدمت دولتها على يد الجماعات المسلّحة، أصبحت مركزًا لتجارة البشر والسلاح. وسوريا التي استبيح فيها الوعي قبل الأرض، دفعت أثمان التضليل والتحريض والاصطفاف. أمّا غزة، فقد تحولت إلى ورقة في أيدي الفاعلين الخارجيين، تُستنزف فيها حياة الأبرياء تحت شعارات تُدار من غرف مظلمة.
المعادلة لا تتوقف عند حدود الدول العربية. فالجماعات العابرة للحدود نسجت لنفسها ممراً ضخماً في قلب الصحراء الكبرى، يمتد من تندوف إلى الرڨان، مرورًا بممرات الطوارق والأزواد، وصولًا إلى ساحل إفريقيا الغربية. هناك، في تلك الجغرافيا القاسية، تُدار شبكات الإرهاب والمخدرات والتهريب، وتُجمع الأموال، وتدرَّب الخلايا، وتُبنى اقتصادات سوداء تحوّلت إلى شريان حياةٍ للجماعات التي فقدت حضورها في المدن فاتجهت إلى العراء المفتوح.
تحت غطاء “النضال الرقمي” تُطلق هذه الجماعات موجات تضليل تستهدف الدول التي تبني الاستقرار والتنمية، وفي مقدمتها الإمارات، التي باتت نموذجًا ملهِمًا في المنطقة، ومصدر إزعاج للمشاريع الهدّامة. فاستقرار الإمارات، ونجاح نموذجها التنموي، وبناءها لدبلوماسية سلام نشطة، جعلها هدفًا لحملات منظمة تستعمل أدوات الذكاء الاصطناعي، وحسابات وهمية، وصفحات مأجورة، بهدف خلق توازنات إعلامية مصطنعة توحي بوجود “رأي مخالف” يخدم أجندات خارجية.
ما يزعج الجماعات ليس خطاب الإمارات، بل قدرتها على الفعل:
قدرتها على بناء نموذج حداثي عربي متوازن، وعلى حماية أمنها، وعلى إدارة تحولات عالمية معقدة دون الوقوع في فخ الفوضى. ولذلك أصبحت الدولة هدفًا لعمليات تشويه رقمي، تُدار من بلدان تبني استراتيجيتها على إضعاف الدول العربية واستنزاف مقدراتها.
لكنّ الحرب الرقمية ليست قدرًا محتومًا. فالإمارات، بما تملكه من بنية أمنية رقمية متقدمة، ووعي شعبي صلب، وقدرة مؤسسية على إدارة الفضاء المعلوماتي، نجحت في كشف مصادر الحملات، وتعرية أساليبها، وتعزيز مناعة المجتمع ضد التضليل. النموذج الإماراتي اليوم ليس نجاحًا اقتصاديًا أو دبلوماسيًا فقط، بل نجاحٌ في صناعة الوعي وفي تطويق الحروب غير التقليدية قبل أن تتسلل إلى النسيج الاجتماعي.
لقد دخلت المنطقة مرحلة تتراجع فيها الحروب التقليدية، وتتصاعد فيها حروب الوعي. حروبٌ تُدار بالخداع لا بالبندقية، وبالهويات الرقمية لا بالجيوش، وبالتحريض الشبكي لا بالمواجهات. وفي هذا العصر الجديد، تصبح الدولة القادرة على حماية فضائها الرقمي، وتحصين مجتمعها، وفهم جغرافيا التهديدات العابرة للحدود، هي الدولة المؤهلة للعبور نحو المستقبل.
هذه ليست معركة على المعلومة فقط، بل معركة على مستقبل المنطقة:
بين مشروع يقود الشعوب إلى الفوضى والدمار، ومشروع يضع أولوية السلم والاستقرار والتنمية. والإمارات، في قلب هذا المشهد، تمثل صوتًا واضحًا:
لا مكان للفوضى… ولا مساومة على استقرار الدول.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي المقالات حروب ا
إقرأ أيضاً:
التفاصيل الكاملة لولادة أول طفل بالعالم باستخدام الذكاء الاصطناعي
كشف الدكتور وائل بدوي عضو مجلس بحوث الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأكاديمية البحث العلمي، تفاصيل ولادة أول طفل في العالم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقال إن التكنولوجيا قد تصل بنا إلى أماكن بعيدة، وأن تلك العملية من ضمن العمليات التي تتم عن بعد.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج صباح الخير يا مصر المذاع على القناة الأولى، أن الجراحة عن بعد وصلت لـ تطورات غير مسبوقة، وأن حالة ولادة الطفل بالذكاء الاصطناعي تمت عن بعد من نيورك للمكسيك فهذا يوضح التقدم الكبير.
ولفت إلى أنه بعد ولادة الطفل يؤكد التقدم الكبير، وأن الذكاء الاصطناعي قادم بقوة، وأن ذلك لن يكون له تأثير بالسلب على الطبيب، لكن الذكاء الاصطناعي سيكون مساعد للطبيب.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يحصل على وظيفة الطبيب، لكن يجعل عمله أعلى كفاءة، وبدلا من عمل 10 لـ 15 عملية جعله ينفذ عمليات أكثر، لآن الذكاء الاصطناعي يسرع العمليات.
وأوضح أنه لا يمكن إلغاء كامل للعنصر البشري، وأن هناك أطباء تتعلم طريق عمل العمل بالذكاء الاصطناعي.