قرار إسرائيل تهجير 500 فلسطيني في النقب يهدد 39 قرية
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
القدس المحتلة- تتجه قرية "رأس جرابة" البدوية في النقب جنوب فلسطين، نحو إحدى أكثر المحطات خطورة في تاريخها، بعد مصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية على قرار تهجيرها وإخلاء سكانها البالغ عددهم 500 نسمة خلال 90 يوما فقط.
ويفتح القرار، الذي رُفض استئنافُ الأهالي ضده، الباب واسعا أمام تنفيذ مخطط أكبر يستهدف هدم 39 قرية بدوية ترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بها رغم أنها قائمة قبل قيام إسرائيل في النكبة، ويهدد تهجير ما يقارب 150 ألف فلسطيني بدوي، ومصادرة أراضيهم الممتدة على نحو 800 ألف دونم.
وفجّر الحكم موجة غضب واسعة، إذ اعتبر مركز "عدالة" لحقوق الإنسان، الذي يترافع عن سكان رأس جرابة، أن المحكمة الإسرائيلية العليا "تمنح شرعية قضائية لنظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) وتكرس سياساته في النقب"، مؤكدا أن ما يجري استمرار لنهج اقتلاع القرى البدوية.
وسط هذا المشهد، يخوض التسعيني فريج الهواشلة، أحد أبناء رأس جرابة، معركة وجودية ضد مخطط الاقتلاع. ومعه يقف أهالي القرية في مواجهة قرار يهدد بنكبة جديدة في النقب، في ظل تحذيرات من أن يشكل هذا التطور القضائي سابقة خطيرة تُمهّد لموجة تهجير واسعة في جنوب البلاد.
يستعيد الشيخ الهواشلة ذاكرة النكبة الأولى (عام 1948) وهو يتحدث للجزيرة نت من قلب قريته رأس جرابة، حيث ولد وعاش وتمسك بأرضه رغم كل محاولات الاقتلاع.
يقول إنه كان في الـ14 من عمره حين بدأت ملامح الكارثة تتشكل، ويتذكر كيف فر أبناء العشائر في المنطقة خوفا من الحرب واقتراب الآليات العسكرية اليهودية من الاستحكامات (مواقع التمركز) البريطانية آنذاك.
رغم الاحتلال والنكبة، آثر الهواشلة البقاء في أرضه، فصمد مع عائلته وواصل فلاحة الأرض وتربية المواشي. وكانت مسطحات الأراضي التابعة لقبيلته تُعرف باسم "الشعيرية" أو "مركبة الهواشلة"، وتمتد على عشرات آلاف الدونمات في منطقة "كرنب" وصولا إلى "أم دمنى"، حيث البئر التاريخية التي تغذت منها البيوت الأولى لمنطقة "ديمونا" (التي أنشئ فيها مفاعل نووي) عند تأسيسها.
يستذكر الهواشلة مشاهد التشريد الأولى، حين نزحت عائلات كثيرة نحو القدس والضفة الغربية شمالا، ثم إلى الأردن شرقا. ولم يبق في المكان سوى 10 عائلات حصلت على تعهّد خطي من الحاكم العسكري الإسرائيلي بعدم التعرض لها والاعتراف بملكيتها للأرض.
إعلانويعود بذاكرته إلى بدايات إقامة "مستوطنة ديمونا" قائلا "بعد أشهر قليلة من النكبة، جرى إحضار 4 كرافانات ووضعت فوق أراضي عشيرتنا، وسكنها 20 يهوديا. كنا نساعدهم ونزودهم بالماء من بئرنا، وكانوا يشترون منا الحليب والسكر والحبوب. لم نتخيل، حتى في أسوأ الكوابيس، أنهم يخططون لتهجير العرب من المنطقة".
"لن نرحل"
ومع توقف موجة النزوح القسري، واصل من بقي من الأهالي حياتهم على الأرض ذاتها، لكن مع تضييق متدرج بدأ يطوقهم، إذ قلصت إسرائيل مساحات الأراضي المسموح لهم باستخدامها، مقابل توسيع "ديمونا" على عشرات آلاف الدونمات التي تعود ملكيتها لعشيرة الهواشلة.
ويؤكد الشيخ فريج أن مخططات التهجير لم تتوقف، "فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استهدفت القرى مسلوبة الاعتراف بحجة تطوير النقب، لكن الحكومة الحالية تشنّ حربا على الوجود العربي، وتهدد بهدم التجمعات البدوية ومصادرة نحو مليون دونم، وإجبار السكان على الانتقال قسرا إلى بلدات ثابتة".
ويرفض الهواشلة، كسائر سكان رأس جرابة، أي حلول لا تفضي إلى الاعتراف بقريتهم. ويوضّح أن الإسرائيليين "صعّدوا الهدم والتشريد وتدمير المحاصيل ومنع رعاية المواشي. لكن هذه الممارسات لن تنال من عزيمتنا. سنظل متجذرين في أرضنا، ونفضل الموت ودفننا في تراب آخر ما تبقى لنا، على أن نُرحّل إلى أي مكان".
ويضيف "أنا أكبر من عمر إسرائيل، ورأس جرابة قائمة قبل ديمونا، ونحن أصحاب حق. منذ النكبة نصادر من أراضينا، واليوم يريدون اقتلاع آخر ما تبقى. نواجه ممارسات تطهير عرقي، ويمنعوننا من الزراعة وتربية المواشي وحتى أبسط الخدمات".
ويعيد القول "لن نغادر أرضنا حتى لو أطلقوا الرصاص على صدورنا العارية. نحن ندافع عن وجودنا. الاقتلاع إهانة لكرامتنا ودفن لهويتنا. أراضينا صودرت في النكبة، واليوم يريدون محو ما تبقى، ولن نقبل بذلك أبدا".
التهجير الإستراتيجيتعكس معاناة رأس جرابة واقعا أوسع تعيشه القرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب، التي تخوض صراعا وجوديا على الأرض في مواجهة مشاريع إسرائيلية تهدف إلى إقامة مزارع فردية ومستوطنات زراعية وبلدات يهودية فوق الأراضي العربية، كما يؤكد رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف، عطية الأعسم.
ويشير الأعسم، في حديث للجزيرة نت، إلى أن رأس جرابة تقف اليوم أمام خطر تهجير فوري، تماما كغيرها من القرى العربية التي تواجه مخططات متقدمة للإخلاء تحت ذرائع متنوعة تتمحور حول سياسة ثابتة ملخصها حشر أكبر عدد من العرب في أقل مساحة ممكنة، مقابل توزيع عدد قليل من اليهود على مساحات واسعة من الأرض.
ويشرح أن السلطات الإسرائيلية مارست، على مدار سنوات، سياسة سماها "التهجير الإستراتيجي" ضد القرى مسلوبة الاعتراف، موضحا أن رأس جرابة، المحاصرة والمعزولة عن أي تواصل مع البلدات العربية، يجري اليوم التفرد بها لدفع سكانها إلى الرحيل وإحلال مستوطنين يهود مكانهم، تحت ذريعة توسيع مدينة ديمونا وبناء حي جديد فيها.
ويضيف الأعسم أن ما يجري في هذه القرية يُعيد إلى الأذهان تجربة "العراقيب" و"أم الحيران"، حيث يجري استهداف القرى واحدة تلو الأخرى لإخلائها ووضع اليد على أراضيها، ودفع سكانها نحو البلدات الثابتة أو القرى المعترف بها.
إعلانإلا أن هذا الاعتراف، كما يقول "ظل حبرا على ورق، إذ تحولت القرى إلى ما يشبه مخيمات لاجئين تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة والخدمات الأساسية".
يرى مدير مركز "عدالة" الحقوقي، المحامي حسن جبارين، أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتهجير سكان رأس جرابة يشكل انقلابا قضائيا على حكم سابق لمحكمة الشؤون الإدارية في مدينة بئر السبع القريبة، التي ألغت في يونيو/حزيران الماضي المخطط ذاته بعد أن كشفت عن عيوب جوهرية خطيرة فيه، من بينها تجاهل دراسة الأثر البيئي، وعدم بحث إمكانية دمج سكان القرية في أي مخطط قائم.
وأشار جبارين، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الدولة لطالما بررت دعاوى التهجير بأن الهدف هو "توسيع مدينة ديمونا"، إلا أن قرار العليا -يستدرك- يكشف أن المحكمة منحت شرعية لعملية اقتلاع لا تستند حتى إلى مخطط نافذ أو حاجة حقيقية.
وبهذا "تكون المحكمة قد منحت المؤسسة الإسرائيلية تفويضا قانونيا بترحيل السكان من أراضيهم، دون هدف واضح سوى تكريس سيادة الدولة على أراضي النقب".
وأوضح أن هيئة المحكمة العليا أقرت بأن سكان رأس جرابة يعيشون في أراضيهم منذ عقود طويلة، وبعلم السلطات الإسرائيلية و"بترخيص ضمني"، لكنها في الوقت نفسه أكدت أن الدولة تستطيع سحب هذا الترخيص في أي وقت.
وهنا، يوضح جبارين، أن المحكمة العليا تتعامل مع "حق الملكية" الذي تدّعيه إسرائيل كحق مطلق لا يحتاج إلى تبرير، من دون أن تأخذ بعين الاعتبار تأثير الإخلاء على أصحاب الأرض الأصليين.
ويرى الحقوقي أن قرار المحكمة يؤكد مجددا أنها "تحولت إلى أداة قانونية في يد النظام الاستعماري الإسرائيلي".
ويقول إنها "تشرعن مبدأ الفصل العنصري بشكل علني، وتحوّل الوجود العربي البدوي في أرضه إلى جريمة، حيث تستطيع الدولة، بموجب هذا القرار، تهجير الناس متى شاءت وتحت أي ذريعة، وهو ما يعني شرعنة سياسات الهدم والاقتلاع والتهويد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات المحکمة العلیا فی النقب ما تبقى
إقرأ أيضاً:
كيفية استخراج رخصة البناء في القرى والمدن 2025.. الإجراءات والمدة الزمنية
أعلنت وزارة التنمية المحلية تفاصيل منظومة تراخيص البناء الجديدة لعام 2025 في القرى والمدن، موضحة الإجراءات الرسمية وعدد الأدوار المسموح بها وفق الضوابط البنائية المحدثة، والتي تستهدف تحقيق التخطيط العمراني الآمن والمستدام وتنظيم حركة البناء في مختلف المحافظات.
وأكدت الوزارة أن هذه التعديلات تأتي في إطار توجيهات الدولة لتبسيط الإجراءات أمام المواطنين، وضمان ضبط منظومة البناء ومنع العشوائيات، من خلال الاعتماد على المراكز التكنولوجية بالمحافظات لتقديم الخدمات بشكل إلكتروني وميسر.
إلغاء الاشتراطات البنائية الجديدة والعودة لقانون البناء الموحدوكشفت الوزارة، بعد موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن إلغاء تطبيق الاشتراطات البنائية والتخطيطية الجديدة التي طبقت مؤخرًا في المحافظات، مع العودة إلى العمل بأحكام قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008.
وأصدرت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، كتابًا دوريًا موجهًا إلى المحافظين، يتضمن اختصار خطوات استخراج تراخيص البناء في المدن من 15 إجراء إلى 8 فقط، لتسريع عملية إصدار التراخيص وتخفيف الأعباء على المواطنين.
التعليمات الجديدة ل استخراج رخصة البناءوبحسب التعليمات الجديدة، تصدر الرخصة من الجهة الإدارية المختصة ممثلة في المركز التكنولوجي أو الإدارة المحلية المسؤولة عن التخطيط والتنظيم، دون الحاجة للرجوع إلى لجان الجامعات أو تقديم عقود ملكية مشهرة، حيث يكتفى بتقديم مستند الملكية فقط.
كما ستوفر الجهة الإدارية خدمة الرفع المساحي للراغبين في استخراج تراخيص البناء، مقابل رسوم محددة، لضمان الدقة وسرعة إنهاء الطلبات.
مدة استخراج تراخيص البناءأوضح الكتاب الدوري أن المدة الزمنية لاستخراج الترخيص لن تتجاوز 26 يوم عمل في الحالات التي لا تتطلب وثيقة تأمين، و40 يومًا فقط في الحالات التي تحتاج إلى تأمين هندسي، وذلك بهدف تسريع وتيرة البناء المنظم.
ما هي الإجراءات الرسمية للحصول على ترخيص بناء-يتقدم المواطن بطلب إلى المركز التكنولوجي مرفقًا بصورة بطاقة الرقم القومي وكروكي الموقع، دون إلزامه بتقديم عقد ملكية مشهر.
-يتم إجراء الرفع المساحي خلال 15 يومًا من خلال الجهات المعتمدة.
-تصدر الجهة الإدارية بيان صلاحية الموقع خلال 5 أيام بعد مراجعة الاشتراطات التخطيطية والبنائية.
-إجمالي المدة لإصدار البيان 20 يوم عمل.
استخراج رخصة البناء-يتقدم المواطن بطلب الترخيص مرفقًا بتعاقد مع مهندس معتمد وتوكيل رسمي له، إلى جانب الرسومات الهندسية والمستند الدال على الملكية.
-يتم مراجعة الملف خلال 14 يومًا من قبل المركز التكنولوجي.
-بعد التعاقد مع مهندس إشراف ومقاول، تسلم العقود للمركز المختص.
-تحدد اللجنة الفنية الرسوم خلال 10 أيام، ثم تصدر الرخصة خلال 48 ساعة من سداد الرسوم.
-إجمالي مدة استخراج الرخصة 26 يومًا بدون تأمين، و40 يومًا بالتأمين.
اقرأ أيضاً«مدبولي»: الشركات المصرية على أتم الاستعداد لمشاركة أشقائها في لبنان في مجالات التنمية والتشييد والبناء
محافظ القليوبية يتابع حملة إزالة التعديات والبناء المخالف بقرية القلج بالخانكة
وزير الإسكان يتابع موقف التقديم على السكن البديل للمواطنين المخاطبين بقانون الإيجار القديم