جلسة حوارية لويل سميث تفتح صندوق الذاكرة وتعيد صياغة دور الحكاية
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
الشارقة - فيصل بن سعيد العلوي
كشف النجم العالمي ويل سميث أمام جمهور الدورة الرابعة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب جانبًا غير مألوف من حياته وتجربته، وانتقل من مساحات الشهرة والأضواء إلى مساحات تتعلق بالوعي والذاكرة والضعف الإنساني والقوة الداخلية، جاءت الجلسة التي حملت عنوان «ويل سميث - قوة السرد القصصي» وأدارها الإعلامي أنس بوخش متتبعة مسارًا يقترب من الاعترافات الشخصية والرؤية والتجربة النفسية التي مر بها «سميث» عبر مراحل مختلفة من حياته.
وبدا حديث ويل سميث موجّهًا إلى نقطة واحدة تعود إليها معظم أفكاره: «الحكاية ليست مجرد وقائع وإنما هي طريقة لفهم العالم». وفي إجابة على سؤال طرحه أنس بوخش حول اللحظة التي لمس فيها تأثير القصة، قال «سميث»: إنه أدرك ذلك حين قرأ رواية الخيميائي لباولو كويلو، حيث فتحت له باب السؤال عن القوة غير المرئية التي تتحرك خلف المادة، وأن الإنسان مهما كان محاطًا بالتحديات والضغوط يظل يحمل داخله طاقة تدفعه للنهوض، وأن الحكايات العميقة تملك قدرة على ربط البشر ببعضهم حتى لو لم يتشاركوا لغة واحدة أو ثقافة واحدة.
وحول مفهوم الرحلة الإنسانية في السرد، قال «سميث»: إن ما طرحه جوزيف كامبل عن النموذج الأصيل للأبطال يتكرر في كل ثقافات الأرض، وإن القصة التي تعبر من جيل إلى جيل هي تلك التي تلامس جوهر الإنسان وتضعه أمام ذاته، وأن الحكاية لا تنجح لأنها تحكي بطولة مطلقة، بل لأنها تكشف النقص والخوف والصراع الداخلي الذي يعيشه الإنسان في رحلته.
وفي محور آخر طرح «بوخش» سؤالًا عن الفارق بين العمل العابر والعمل الذي يبقى، فقال «سميث»: إن القصة الجيدة ليست ما يظهر في سطح الأحداث بل ما يختبئ تحتها... وإن الجمهور يلتقط الصدق حتى لو لم يعلن بشكل مباشر، وإن الإنسان يملك حساسية عالية تجاه النبرة الداخلية التي تصدر من النص أو الموسيقى أو التمثيل. وأكد أن الحكاية التي تبقى هي تلك التي تتسلل بهدوء إلى داخل الإنسان وتستقر فيه دون أن ترفع صوتها.
ثم انتقل «بوخش» إلى سؤال عن المعاناة ودورها في تشكيل تجربة سميث، وهنا قال النجم العالمي: إن الألم مرحلة ضرورية، وإن الإنسان لا يطلب المعاناة لكنها حين تأتي تحمل معنى كبيرًا... وإن السنوات الماضية جعلته يرى نفسه بطريقة مختلفة، وإن الضغوط والانكسارات ليست نهايات بل بدايات جديدة حين يتعامل معها الإنسان بشجاعة... وقال: إن المعاناة تكشف أقنعة النفس وتظهر طبقات الشخصية، وإن لحظات الضعف الشديد تكون غالبًا لحظات اتصال أعمق بالروح.
وفي إجابة على سؤال حول كتابة السيرة الذاتية، قال «سميث»: إن كتابة تجربته لم تكن مشروع نشر بل كانت مواجهة صريحة مع ذاته، وإن الكتابة أعادته إلى مواقف قديمة لم يكن يرى حقيقتها من قبل، وإنه اكتشف أثناء الكتابة أن هناك قصصًا من طفولته ونشأته ما زالت تتحكم في اختياراته من دون أن يدرك ذلك... ودعا الحضور إلى كتابة قصصهم لأن الإنسان لا يعرف نفسه حقًا إلا حين يجلس ويعيد ترتيب الذاكرة بكلماته الخاصة.
وحول علاقته بالصورة العامة سأله أنس بوخش عما إذا كان يشعر بأن الناس يفهمونه، فأجاب «سميث» قائلًا: إن من الصعب على الإنسان أن يفهم ذاته تمامًا، فكيف ينتظر أن يفهمه الآخرون؟ فالناس يرون جانبًا واحدًا من حياة الممثل، بينما يعيش هو في خلفية كاملة من المشاعر والتجارب والتحديات... والصراحة مع النفس هي الطريق الأول لفهم الآخرين، لأن من يقبل نقصه يصبح أكثر رحمة تجاه غيره.
ثم طرح بوخش سؤالًا عن وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها النفسي، فقال «سميث»: إن الصور المصقولة والمثالية تخلق واقعًا مزيفًا يقيس الناس أنفسهم من خلاله، وإن الاستهلاك المستمر لهذه المحتويات يشبه تناول الحلوى طوال اليوم... وإن الحل ليس في قطع التكنولوجيا بل في خلق توازن؛ حيث إن الإنسان يحتاج إلى وقت للهواء والقراءة والطبيعة كي يستعيد وضوحه الداخلي؛ لأن الوعي يختنق حين يمتلئ بآراء الغرباء.
وحول معنى النجاح الحقيقي قال «سميث»: إن النجاح الخارجي لا يمنح السعادة، وإن الجوائز والأضواء ليست دليلًا على الارتياح الداخلي، وإنه اكتشف أن المعنى في حياته يأتي من مساعدة الآخرين، فالقيمة الحقيقية تنبع من الداخل لا من الخارج، والإنسان قد يحقق كل شيء لكنه يظل فارغًا إذا لم يعرف ما الذي يعطي حياته اتجاهًا عميقًا.
ثم طرح «بوخش» سؤالًا عن المرحلة التي يعيشها سميث اليوم، فقدم إجابة تشبه الاعتراف الهادئ، فقال: إنه يشعر بأنه في مرحلة انتقالية تشبه مرحلة الشرنقة التي تستعد فيها اليرقة للتحول، فجزء كبير من شخصيته لم يظهر بعد، وكل ما قدمه حتى الآن لا يمثل إلا نسبة صغيرة مما يريد أن يقدمه للعالم... فهو يعيش وسط حالة من الصمت والتأمل لإعادة تشكيل رؤيته.
وحول سؤال عن علاقة الإنسان بخوفه أجاب سميث بأن أفضل الأشياء في الحياة تقع خلف أكثر الأماكن التي نخافها، وأنه كان يشجع أطفاله دائمًا على مواجهة مخاوفهم لأن الحياة تكافئ الإنسان حين يدخل مناطق لا يعرفها... فالخوف ليس عدوًا بل هو اختبار، وإن الإنسان يحتاج إلى الشجاعة ليخوض المجهول من أجل تحقيق حلم أو بناء علاقة أو اتخاذ قرار مصيري.
وفي ختام الجلسة، قال «سميث»: إنه يشعر بأنه لم يصل إلى نهايات قصته، وإن ما يبحث عنه اليوم ليس دورًا جديدًا ولا جائزة جديدة، بل معنى أوسع قادر على إعادة تنظيم حياته وتوجيهها... وهذه الرحلة ما زالت طويلة، وإن الجزء الذي لم يتكلم بعد من روحه هو ما ينتظر أن يخرج إلى العالم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إن الإنسان
إقرأ أيضاً:
«الصحة» تنظم جلسة حوارية عن الثقافة وتحسين جودة حياة المصريين
نظمت وزارة الصحة والسكان جلسة حوارية بعنوان «الثقافة وتحسين جودة حياة المصريين»، ضمن فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية (PHDC’25)، المنعقد تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الفترة من 12 إلى 15 نوفمبر الجاري.
واستعرضت الجلسة دور الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في تحسين جودة حياة المواطن المصري من خلال مشاريع ثقافية نوعية، مع مناقشة تطبيقات إلكترونية أعدتها وزارة الثقافة، كما تناولت آليات توفير الخدمات الثقافية للمناطق الحدودية والعشوائية والإسكان البديل، ومنظومة مكتبات مصر العامة المتنقلة.
وأبرزت الجلسة جهود المركز القومي للترجمة بالتعاون مع الجامعات المصرية في ترجمة الأعمال العالمية الفريدة، وتنفيذ مبادرات ثقافية لبناء جيل واعٍ يعزز الترجمة كجسر حضاري يسد الفجوات بين الشعوب، يدعم التنمية البشرية، ينشر المعارف، ويحسن جودة الحياة من خلال حوار مستمر بين الحضارات.
شارك في الجلسة: المهندس حمدي السطوحي، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة، والدكتورة رشا صالح، مديرة المركز القومي للترجمة، والدكتورة حنان موسى، رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث الثقافية، والدكتور أحمد أمان، المنسق العام لمكتبة مصر العامة، والمهندس محمد أبوسعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، والدكتورة هايدي شلبي، مدير الإدارة المركزية للشؤون الفنية بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري.
اقرأ أيضاًرئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة العراقي لبحث تعزيز التعاون المشترك
وزير الصحة يستقبل نظيرته البحرينية لبحث ملفات التعاون المشترك
السلامة والصحة المهنية ورش تدريبية على إجراءات الحماية المدنية بإدارة القصير الصحية