القانون الدولي وسيلة للوصاية الأمريكية
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
محمد محسن الجوهري
لا نسمع عن القانون الدولي وإجراءاته العقابية إلا عندما يكون المُعاقَب خصماً لدوداً للأنظمة الغربية، أما إذا كان حليفاً لهم، فإن الحديث عنه يتبخر كلياً حتى لا يكون عقبة أمام المجرم وهو يمارس إجرامه، كما هو الحال في غزة حيث غابت كل القوانين والجهات المنادية بحقوق الإنسان أمام صلف العدو الصهيوني ومذابحه اليومية بحق النساء والأطفال.
هذه الازدواجية ليست جديدة، فالقانون الدولي يُفعَّل فقط عندما يتعلّق الأمر بأطراف لا تنسجم مع المشروع الأميركي. فقد شهد العالم كيف جرى استخدام المؤسسات الأممية والمحاكم الدولية كأدوات ضغط ضد دول وقوى اصطدمت بالمصالح الأميركية، بينما تُمنح الدول الحليفة حصانة شبه مطلقة.
فإيران مثلًا، رغم التزامها المتكرر بشروط الاتفاقيات الدولية، كانت دومًا هدفًا للعقوبات تحت عناوين سياسية أكثر منها قانونية، في حين تمر ممارسات خصومها الإقليميين بلا محاسبة. وكذلك الحال بالنسبة لروسيا، حيث تحرك الغرب سريعًا لتفعيل العقوبات وتجييش الخطاب القانوني، بينما تُرتكب انتهاكات واضحة من دول أخرى دون أن يقترب منها أحد.
حتى بعض فصائل المقاومة في المنطقة، والتي استندت في مواقفها إلى حق الشعوب في الدفاع عن نفسها وفق مبادئ القانون الدولي نفسه، وُضعت على قوائم العقوبات بمجرد أن اصطدمت بواشنطن أو عارضت سياساتها، رغم أن القانون الدولي يمنح الشعوب حق مقاومة الاحتلال ورفض الهيمنة الخارجية.
بل وحتى على المستوى الإنساني، لا يتحرك الغرب إلا عندما يخصّ الأمر دولة أو طرفًا خارج مظلته، أما حين يتعلق الأمر بانتهاكات حلفائه، فإن كل المنظمات الحقوقية التي كانت تصرخ ليل نهار تتلاشى فجأة، ويصبح «القانون الدولي» مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي.
وفي فنزويلا، رغم أنّ الخلاف السياسي فيها داخلي الطابع، إلا أنه تحوّل إلى ملف دولي بمجرد أن عارضت حكومتها سياسات واشنطن، فانعقدت جلسات لمجلس الأمن، وصدرت عقوبات تحت عنوان «الديمقراطية»، بينما لم تُتخذ إجراءات مماثلة بحق دول أخرى حليفة للغرب تمارس سياسات قمعية بحق شعوبها كدول الخليج التي لا تتعامل مع مواطنيها حتى كبشر لهم الحق في التعبير.
وفي كوبا، قلب المقاومة النابض في وجه المشروع الأمريكي، تخنق واشنطن البلاد بحصار اقتصادي وحشي امتد لأكثر من ستة عقود، ورغم الإدانة السنوية شبه الاجماعية في الجمعية العامة، لم يتحرك القانون الدولي خطوة واحدة لفرض رفع هذا الحصار، لأن واشنطن ببساطة تقف فوقه لا تحته. وهو المشهد ذاته في كوريا الشمالية، وفي العراق خلال حكم البعث، حين غضّت الولايات المتحدة الطرف عن ممارسات صدام حسين في الثمانينيات ما دام يؤدي دوره كحليف لها، لكنها ما لبثت أن ارتدت عباءة «المدافع عن القانون الدولي» بعد أن اختلف معها مطلع التسعينيات، ليظهر بوضوح أن هذا القانون لا يتحرك إلا عندما يريد الغرب معاقبة من يخرج عن طاعته.
وفي النهاية، تبقى فلسطين الشاهد الأوضح على سقوط القانون الدولي أمام ميزان المصالح الغربية؛ فبرغم كونها من أكثر قضايا العالم وضوحًا من حيث الانتهاكات الصهيونية، تُجهَض كل محاولة لتمرير أي إجراء ملزم بمجرد أن ترفعه واشنطن بفيتو واحد، وهكذا يتحول القانون الدولي، إلى مجرد ورقة تُفعَّل فقط حين تتماشى مع مصالح الغرب، وتُمزَّق فورًا عندما تمس الاحتلال أو حلفاءه، لتثبت القضية الفلسطينية أن الشرعية الدولية لم تعد مرجعًا يُحتكم إليه بقدر ما أصبحت أداة انتقائية تُستخدم حينًا وتُعطَّل حينًا آخر، وفقًا لمشيئة من يملك النفوذ لا من يملك الحق.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القانون الدولی ا عندما
إقرأ أيضاً:
محمد حفظي: المهرجانات وسيلة لوصول الفيلم العربي إلى العالمية
في إطار فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما المقامة ضمن أنشطة الدورة الـ46 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، استضاف المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية اليوم، حلقة نقاشية بعنوان "المحتوى السينمائي العربي: عبور الحدود ومشاركة القصص"، ادارها الصحفي والناقد السينمائي محمد نبيل.
وشارك في الحلقة مجموعة من أبرز صُنّاع السينما العربية: محمد حفظي، شاهيناز العقاد، علا سلامة، ورشا الإمام.
وقال المنتج محمد حفظي : ان المهرجانات السينمائية واحدة من الوسائل التي من شأنها وصول الفيلم العربي للعالمية.
وتابع محمد حفظي: بعض صناع الافلام السينمائية حين يعرضون علي فيلم سينمائي يؤكدون ان العمل يصلح للمهرجان باعتبار ان هذا سيحمسني ولكن الهدف ليس كذلك ، فالمهرجان وسيلة لتسويق العمل، فالبعض يفكر في العالمية أكثر من طرح موضوع يعبر عن المجتمع المصري.
وتطرقت الجلسة إلى الموجة الجديدة من السرد العربي التي يقودها مخرجون ومنتجون يسعون إلى تقديم أعمال تمتلك القدرة على المنافسة عالميًا دون التنازل عن خصوصيتها المحلية.
كما تناقش التحديات التي تواجه المبدعين العرب في رحلتهم بين الاعتماد على الإنتاجات المشتركة الدولية والسعي إلى بناء شراكات إقليمية قادرة على تعزيز استقلال المحتوى وتوسيع نطاقه.
وتستعرض الجلسة أيضًا كيف تسهم الأصوات العربية الجديدة في إعادة تعريف مفهوم الملكية الإبداعية، وتطوير قصص أصلية تمزج بين العمق الثقافي والجاذبية العالمية، بما يمهّد الطريق أمام السينما العربية للوصول إلى جماهير أوسع حول العالم.
تأتي هذه الحلقة ضمن سلسلة اللقاءات المهنية التي ينظمها المهرجان بهدف دعم الصناعة العربية، وتبادل الخبرات، ومنح صُنّاع الأفلام فضاءات للحوار حول مستقبل السينما في المنطقة وفرصها في المشهد الدولي.
“أيام القاهرة لصناعة السينما”أُطلقت "أيام القاهرة لصناعة السينما" كمنصّة مخصصة لدعم وتطوير الصناعة السينمائية في العالم العربي وأفريقيا، من خلال توفير فرص التمويل والتدريب والتشبيك بين صُنّاع الأفلام والخبراء الدوليين.
وتضم الأيام عدة برامج ومحاور رئيسية أبرزها: ملتقى القاهرة السينمائي، منتدى المحترفين، وورش العمل المتخصصة. وقد أصبحت اليوم إحدى أهم الفعاليات المهنية في المنطقة، لما تقدمه من فرص حقيقية لتطوير المشاريع والمواهب الناشئة.
مهرجان القاهرة السينمائي الدولييُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا، وأحد أبرز المهرجانات الدولية المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF). تأسس عام 1976، ويقام سنويًا تحت رعاية وزارة الثقافة.
ويحرص المهرجان في كل دورة على الجمع بين البعد الفني والبعد المهني، ما يجعله منصة رئيسية للحوار بين الثقافات وتعزيز حضور السينما العربية على الساحة الدولية.