لجريدة عمان:
2025-11-28@09:27:46 GMT

احتكار الذكاء الاصطناعي لا يفيد

تاريخ النشر: 25th, November 2025 GMT

ترجمة قاسم مكي

عندما أصدرت السلطات التي تتولى فرض قانون مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة الموجِّهات الجديدة الخاصة باندماج الشركات في عام 2023 كان هنالك تفاؤل حذر بأن الدروس المستفادة من الحقبة السابقة لصفقات شركات التقنية الكبرى قد تم استيعابها.

أوضحت تلك الموجهات أن الإندماجات ستخضع للفحص ليس فقط عندما تستحوذ شركة ما على شركة أخرى موجودة ومنافسة وتتجاوز حصتها بذلك 30% من حجم السوق ولكن أيضا إذا استحوذت على منافس محتمل أو شكَّلت جزءا من سلسلة من الاندماجات.

كانت الموجة الأخيرة من شراكات الذكاء الاصطناعي اختبارا حقيقيا لهذه المبادئ. وفي العام الماضي فقط دشنت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية دراسة عن شراكات الذكاء الاصطناعي وحذرت من أضرار محتملة.

لكن المزاج تغير منذ ذلك الوقت. فالاحتكارات المحلية يعاد توصيفها الآن وتعتبر شركات وطنية في سباق جيوسياسي مع الصين.

بدأت المشكلة مع «ستارجيت» وهذا مشروع استثمار مشترك بين شركات آرم ومايكروسوفت وانفيديا وأوراكل وأوبن أيه آي بتكلفة 500 بليون دولار. مشروع بهذا الحجم ويوحِّد هذا العدد الكبير من شركات التقنية يجب أن يخضع إلى فحص «اندماج» صارم. لكن بدلا من ذلك أُعلِن عنه بواسطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إشارة إلى مباركة حكومية ضمنية له. وجرى الاحتفاء به كوسيلة لتعزيز التفوق التقني للولايات المتحدة.

وفي العام الماضي عقدت شركات اوبن أيه آي وأوراكل وكور وَيف ومايكروسوفت وأيه إم دي وسوفت بانك سلسلة من الشراكات التي تهدف إلى تمكين البنية التحتية الأمريكية الضخمة للذكاء الاصطناعي من العمل بكفاءة.

في الواقع، يثير التمويل الدائري للشركات في هذه الصفقات مخاطر انفجار فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي. (التمويل الدائري يعني اقتصار الشركات على تمويل بعضها البعض وعدم اللجوء إلى مصادر خارجية- المترجم).

لكن الذي اجتذب قدرا أقل من الانتباه مشكلةُ المنافسة التي تنتج عن ذلك. فهذه الصفقات تشكل سلسلة من «خنادق الاحتكار» عبر سلسلة التوريد بأكملها. (حسب موسوعة انفستوبيديا خندق الاحتكار مصطلح يُقصد به المزايا التنافسية القوية التي تحمي وضع الشركة في السوق في الأجل الطويل من الشركات المنافسة وعلى نحو يماثل وظيفة الخندق الذي يحيط بالقلعة - المترجم.)

يجب أن تثير الاندماجات والاستحواذات والمشروعات والاستثمارات المشتركة الكبيرة اهتمام سلطات مكافحة الاحتكار.

فالجهات التنظيمية الفيدرالية وفي الولايات أيضا لديها السلطة والأدوات التي تمكنها من العمل. يجب أن تفحص مراجعاتُ الاندماجات الكيفيةَ التي تعيد بها الصفقات تشكيل المنافسة سواء أفقيا (عندما يندمج المتنافسون أو يتعاونون) أو رأسيا (عندما تتكامل الشركات عند مختلف مستويات سلسلة التوريد بطرائق يمكن أن تزيد التكاليف للشركات المنافسة). تثير الفورة الحالية لاستثمارات وشراكات الذكاء الاصطناعي مخاوف رأسية وأفقية على السواء. فاستثمار «إنفيديا» حوالي 5 بلايين دولار في منافستها «إنتل» على سبيل المثال له دلالات أفقية واضحة في سوق الرقائق الإلكترونية التي يوجد بها أصلا تركُّز. (بمعنى تسيطر على سوقها شركات قليلة وأساسا تي اس ان سي التايوانية ثم سامسونغ الكورية الجنوبية ـ المترجم).

وعلى نحو مماثل تعمل شركات مايكروسوفت وأوراكل وكور ويف في نفس سوق خدمات الحوسبة التي تهيمن عليها قلة من الشركات. وبانضمامها إلى تحالفات مثل مشروع ستارجيت ربطت بين مصالحها الاقتصادية. ومثل هذه الشراكات الاستراتيجية تخاطر بتحييد المنافسة المباشرة بين الشركات.

تثير التحالفات أيضا مخاوف رأسية تتعلق بالحرمان من الحصول على المدخلات الأساسية (كالرقائق أو البيانات) وذلك حين تتيح السيطرةُ على أحد هذه المدخلات لشركةٍ ما ميزةً على الشركات المنافسة.

لنأخذ شراكة إنفيديا ـ أوبن أيه آي كمثال على ذلك. السؤال الذي يتعلق بمنع الاحتكار في هذه الحال هو: هل ستخص انفيديا شريكتها اوبن أيه آي بالأولوية في الحصول المبكر على أحدث رقائقها المتقدمة أم تقدمها لها بأسعار مخفضة؟ ففي سوق تشهد طلبا مرتفعا على الرقائق سيحِدُّ مثل هذا التصرف من إمكانية حصول شركات الذكاء الاصطناعي المنافِسة على أحد المدخلات الضرورية.

أيضا لهذه المشكلة ضرر آخر. فشركات تصنيع الرقائق المنافسة لإنفيديا ستجد صعوبة في بيع رقائقها إلى شركة أوبن أيه آي.

إلى ذلك، تفتح هذه الشبكة المتمددة من التحالفات الباب أمام مخاوف تقليدية تتعلق بمحاربة الاحتكار مثل الصفقات الحصرية وحَزْم المنتجات (تجميع عدة سلع أو خدمات وبيعها معا).

يفرض العديدون من مزوّدي خدمات الحوسبة السحابية التزاماتٍ على العملاء بحد أدنى من الإنفاق، وهذا يقيد العملاء ويحد من قدرتهم على تنويع مزوِّديهم بهذه الخدمات.

شراء الشركات الناشئة والمنافسة أسلوب قديم من أساليب الاحتكار وأيضا الصفقات التي توفِّق بين مصالح شركات معينة وتحيّد المنافسة المحتملة. فشركة جوجل دفعت الى آبل بلايين الدولارات كي تصبح محرك البحث الافتراضي على أجهزتها، وهذا أيضا شجع آبل على الابتعاد عن مجال محركات البحث.

كما عقدت جوجل أيضا اتفاقية لإثناء فيسبوك عن تدشين تقنيات إعلانات منافسة ومنحت بموجبها فيسبوك معاملة تفضيلية في مزاد إعلاناتها. المخاطر واضحة. مع تزايد ارتباط وتداخل الحظوظ الاقتصادية لشركات الذكاء الاصطناعي عبر الاستثمارات المتبادلة والشراكات يتآكل الحافز الذي يدفع إلى التنافس. وقد يحل محل النظام التنافسي تنسيق صامت مع حماية كل شركة «لخندق» احتكارها وفي الوقت ذاته اقتسام ريع الاحتكار مع الشركاء.

الافتراض بأن التركُّز (هيمنة شركات قليلة على السوق) يصنع قوّة خاطئ تاريخيا واقتصاديا. فالتنافس وليس الحمائية أو التركُّز هو الذي يحرك الابتكار.

على الجهات المسئولة عن محاربة الاحتكار مقاومة جاذبية خطاب «الأمن القومي» وإدراك حقيقة هذه التحالفات كمساعٍ لترسيخ النفوذ وتمديد السيطرة الاحتكارية إلى الحقبة التكنولوجية التالية.

مادهافي سينغ نائبة مدير مشروع ثورمان ارنولد وباحثة بجامعة ييل الأمريكية

الترجمة عن الفاينانشال تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی أیه آی

إقرأ أيضاً:

جوجل تكشف عن Gemini 3 Pro.. قفزة جديدة في الذكاء الاصطناعي

قبل أسابيع قليلة من الذكرى السنوية الأولى لإطلاق Gemini 2، أعلنت جوجل عن إصدارها الجديد Gemini 3 Pro، وتصفه بأنه أذكى نموذج ذكاء اصطناعي لديها حتى الآن. 

يأتي هذا النظام بقدرات تفكير متقدمة وأداء رائد في فئته في ترميز الأصوات، بالإضافة إلى مجموعة من التحسينات العملية التي تُسهل على المستخدمين الاستفادة منه في حياتهم اليومية.

 والأهم من ذلك، أن جوجل تتيح للجمهور تجربة النموذج الجديد مباشرة عبر منتجاتها وخدماتها المختلفة.

تركز جوجل على معيارين أساسيين لتقييم أداء Gemini 3 Pro. في اختبار الامتحان الأخير للبشرية، أحد أصعب الاختبارات التي تُجرى على نماذج الذكاء الاصطناعي، حقق النموذج أعلى درجة دقة جديدة بلغت 37.5 بالمئة، متفوقًا على المتصدر السابق Grok 4 بفارق 12.1 نقطة مئوية، دون الحاجة إلى استخدام أدوات خارجية مثل بحث الويب. 

وفي الوقت نفسه، يتصدر Gemini 3 Pro قوائم المتصدرين على موقع LMArena برصيد 1501 نقطة، ما يعكس تفوقه التقني في قدرات معالجة اللغة والفهم متعدد الوسائط.

يمثل النموذج الجديد قفزة نوعية في تجربة المستخدم، إذ يتيح إجابات أكثر إيجازًا وتنظيمًا داخل تطبيق Gemini، كما يقدم ميزة جديدة باسم Gemini Agent، المستندة إلى مشروع Mariner، نظام الذكاء الاصطناعي لتصفح الويب من Chrome. 

تتيح هذه الأداة للمستخدمين طلب المساعدة من Gemini في أداء مهام نيابة عنهم، مثل إدارة البريد الإلكتروني أو معالجة استفسارات محددة، بدلًا من الاكتفاء بالنصائح العامة.

لتجربة Gemini 3 Pro داخل تطبيق Gemini، يمكن اختيار "التفكير" من محدد النموذج، ويكون متاحًا لجميع المشتركين في خطط AI Plus وPro وUltra، مع القدرة على الاستخدام المتكرر قبل الوصول إلى الحد الأقصى للسرعة، وللاستفادة القصوى من Gemini Agent، يحتاج المستخدم إلى منح الأداة حق الوصول إلى تطبيقات Google الخاصة به.

ستطرح جوجل النموذج الجديد لأول مرة في وضع AI Mode بمحرك البحث، مع إتاحة الوصول لمشتركي AI Pro وUltra، كما ستضيفه إلى قسم نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي للإجابة على أصعب أسئلة المستخدمين. 

تخطط الشركة لإطلاق خوارزمية توجيه جديدة تحدد متى يجب طرح الأسئلة عبر Gemini 3 Pro لضمان الحصول على أفضل النتائج، ويتيح فهم النموذج المحسن للوسائط المتعددة إنشاء واجهات أكثر تفاعلية، مثل حاسبة قروض عقارية مباشرة داخل الاستجابة عند البحث عن التمويل العقاري.

للمطورين والمؤسسات، يتوفر Gemini 3 Pro في جميع التطبيقات المعتادة، بما في ذلك واجهة برمجة تطبيقات Gemini وAI Studio وVertex AI.

 كما أطلقت جوجل تطبيق Antigravity للترميز الوكيلي، الذي يمكنه البرمجة تلقائيًا أثناء إنشاء المهام وتقديم تقارير التقدم، بالإضافة إلى ذلك، ستتوفر أداة Gemini 3 Deep Think لوضع التفكير المحسن لمختبري السلامة قبل طرحه لمشتركي AI Ultra، لتعزيز قدرات التفكير والتحليل العميق للنموذج.

Gemini 3 Pro يمثل خطوة متقدمة في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث يجمع بين أداء فائق في معالجة اللغة، قدرات تفكير متقدمة، وفوائد عملية ملموسة للمستخدمين، سواء كنت تبحث عن مساعدة في المهام اليومية، إدارة البريد الإلكتروني، تحليل البيانات، أو استخدام أدوات برمجية متقدمة، يوفر هذا النموذج تجربة متكاملة تجعل الذكاء الاصطناعي أكثر قربًا وفاعلية في حياتنا الرقمية اليومية.

مقالات مشابهة

  • غوغل تستيقظ.. العملاق النائم يعود إلى سباق الذكاء الاصطناعي‎
  • حظر ملايين الحسابات على واتساب بواسطة الذكاء الاصطناعي.. ما السبب؟
  • أبل تتحدى هيئة مكافحة الاحتكار الهندية بشأن 38 مليار دولار غرامة محتملة
  • استقرار الكهرباء يحدد مستقبله.. مراكز الذكاء الاصطناعي تطرق أبواب العراق
  • هل يصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً للعولمة؟
  • إطلاق منصة استثمارية في قطر تستهدف شركات الذكاء الاصطناعي
  • جوجل تكشف عن Gemini 3 Pro.. قفزة جديدة في الذكاء الاصطناعي
  • سوق أبوظبي للأوراق المالية يتيح للمستثمرين الوصول إلى الشركات العالمية المحرّكة لنمو الذكاء الاصطناعي
  • شركات التأمين: المركبات التي تعرضت لأضرار بسبب السيول لا تدخل ضمن نطاق التعويض