مجلة أوروبية: تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر كشفت عن نقاط ضعف جوهرية في بنية الأمن البحري الدولي (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
قالت مجلة أوروبية إن تهديدات جماعة الحوثي للملاحة في البحر الأحمر ليست مجرد أعمال عسكرية، بل جزءًا من ديناميكيات جيوسياسية أوسع في الشرق الأوسط.
وأضافت مجلة "Modern Diplomacy" في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الحوثيين يعملون كجهات فاعلة غير حكومية وأدوات في التنافس الإقليمي، لا سيما بين إيران والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
وتابعت "بفضل الدعم التكنولوجي واللوجستي من دول راعية كإيران، يلعب الحوثيون دورًا في استراتيجية إقليمية أوسع. وهذا يُطمس الخط الفاصل بين استراتيجيات الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية".
وقالت "تُعدّ الهجمات على السفن التجارية وسيلة فعّالة للضغط على الدول الكبرى دون المخاطر السياسية التي عادةً ما تصاحب العمل العسكري المباشر".
وذكرت أن هجوم الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر يظهر أن الاستراتيجيات غير المتكافئة أصبحت من أكثر القوى إرباكًا للأمن الدولي، وغالبًا ما تكون أكثر فعالية من القوة العسكرية التقليدية للدول.
وأكدت أن عمليات هذه الجماعات غير الحكومية لا تقتصر على تعطيل طرق التجارة العالمية فحسب، بل تكشف أيضًا عن نقاط ضعف جوهرية في بنية الأمن البحري الدولي.
وزادت "تُمثل هذه الظاهرة تحولًا كبيرًا في طبيعة الصراعات الحديثة: لم تعد الحرب حكرًا على الدول، وأصبحت الجهات الفاعلة غير الحكومية الآن قادرة على تغيير الحسابات الاستراتيجية العالمية بتكلفة أقل بكثير. تُجادل هذه المقالة بأن عمليات الحوثيين تعكس فشل النموذج الأمني التقليدي، وتُؤكد على ضرورة فهم التهديدات غير النظامية كعامل حاسم في الديناميكيات الجيوسياسية المعاصرة.
وحسب المجلة فإن انخراط الجهات الفاعلة غير الحكومية في بنية الصراعات الحديثة يكشف أن المفهوم التقليدي للأمن الدولي لم يعد كافيًا. فقد صُممت عقيدة الأمن البحري العالمي على افتراض أن التهديد الرئيسي يأتي من الدول المتنافسة. ومع ذلك، فإن أكبر التهديدات اليوم تأتي من جماعات لا تمتلك قوات بحرية رسمية، ولا تسيطر على أراضٍ ذات سيادة، ولا تخضع للمساءلة أمام المجتمع الدولي.
وقالت "بينما لا تزال الدول مُركّزة على التهديدات التقليدية، فإن جماعات مثل الحوثيين قادرة على التحرك بسرعة ومرونة وفعالية، مستغلةً كل فرصة مُتاحة. لهذا السبب، يزداد الاستقرار الدولي هشاشةً، حتى مع استمرار التقدم التكنولوجي للقوة العسكرية للدول الكبرى".
وطبقا للمجلة فإن أزمة البحر الأحمر تبرز الحاجة إلى تحول جذري في نموذج استراتيجية الأمن العالمي. وقالت "لم يعد بإمكان الدول الاعتماد على الردع الدولي كركيزة أساسية. هناك حاجة إلى نموذج جديد يجمع بين أنظمة مكافحة الطائرات المسيرة، وأمن سلاسل التوريد، والدبلوماسية الإقليمية، وسياسات استقرار النزاعات البرية. فبدون نهج متعدد الأبعاد، ستظل الدول عالقة في ردود فعل قصيرة المدى بدلًا من استراتيجيات طويلة المدى.
في نهاية المطاف، وفق المجلة فإن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر لم تعد تمثل مجرد عرقلة للتجارة الدولية، بل تُنذر بأن النظام الأمني العالمي يمر بإعادة تموضع جذرية. كما تظهر الحجج الواردة في هذه الورقة أن الاستراتيجيات غير المتكافئة قد قوضت هيمنة الدول، وكشفت عن عدم جاهزية هياكل الأمن الدولي للتعامل مع التهديدات غير النظامية.
وخلصت المجلة الأوروبية في تحليلها إلى القول "إذا فشلت الدول في تحديث نماذجها، فإن مستقبل الاستقرار العالمي سيُحدد بشكل متزايد من قِبل جهات فاعلة لا تلتزم بأي التزامات دولية، ولا تخضع لأعراف الحرب، وقادرة على تعظيم قوتها بأقل تكلفة. إن العالم يدخل عصراً جديداً من الاستراتيجية، والبحر الأحمر دليل على أن هيمنة الدولة لم تعد الركيزة الأساسية للحرب المعاصرة".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الاحمر الحوثي الملاحة الدولية الأمن البحري الدولي فی البحر الأحمر غیر الحکومیة من الدول
إقرأ أيضاً:
افتتاح مسرح قصر ثقافة الغردقة بعد تطويره الشامل
في خطوة تعكس رهان الدولة على الثقافة كأداة تغيير ناعمة في المدن السياحية، يفتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، بصحبة اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، اليوم مسرح قصر ثقافة الغردقة بعد عملية تطوير شاملة أعادت تشكيله من الداخل والخارج، ليخرج في صورة مختلفة تمامًا عمّا اعتاده أبناء المدينة لسنوات.
الافتتاح لا يُقدَّم فقط كحدث بروتوكولي تقليدي، بل كإشارة إلى توجه واضح لدمج النشاط الثقافي والفني في قلب المشهد السياحي للغردقة، تلك المدينة التي طالما عُرفت بشواطئها ومنتجعاتها أكثر مما عُرفت بمسارحها وقاعاتها الثقافية. فالمسرح، وفق التصور الجديد، لا يستهدف جمهور العاصمة أو الفرق الزائرة فقط، بل يُفترض أن يتحول إلى فضاء مشترك يجمع بين سكان المدينة والسياح القادمين إليها من مختلف الدول.
يتضمن برنامج حفل الافتتاح تقديم باقة من العروض الفنية لفرق تابعة لهيئة قصور الثقافة، بحضور عدد من الفنانين والمبدعين وقيادات وزارة الثقافة ومحافظة البحر الأحمر، في محاولة لتكريس رسالة مفادها أن المنشأة الجديدة ليست مجرد مبنى مطور، بل منصة يُراد لها أن تصبح مركزًا للحراك الفني في الإقليم. المشروع الذي شهده مسرح قصر ثقافة الغردقة لم يكن مجرد ترميم سطحي، بل تطوير متكامل للبنية التحتية والتجهيزات الفنية؛ حيث جرت إعادة تأهيل القاعات والواجهات، وتزويد المسرح بأنظمة إضاءة وصوت وديكور مسرحي حديثة، بما يضعه – وفق المواصفات التي أُعلن عنها – ضمن أكبر وأهم المسارح في منطقة البحر الأحمر، بطاقة استيعابية تصل إلى نحو 850 مقعدًا، وهي سعة لافتة إذا ما قورنت بطبيعة الكثافة السكانية للمدينة وتوزيع الأنشطة الترفيهية فيها.
المؤشرات الأولية تفيد بأن المسرح صُمم ليستوفي معايير تقنية أقرب إلى المعايير العالمية في مجال العروض الحية، بهدف استقطاب عروض أكبر وتنظيم مهرجانات وفعاليات قادرة على جذب الجمهور المحلي والزائر في آن واحد. هذه الرؤية يساندها بروتوكول تعاون مبرم بين وزارة الثقافة ومحافظة البحر الأحمر، ينص على توظيف المسرح لخدمة أبناء المحافظة وفي الوقت ذاته إدخاله ضمن خريطة البرامج والفعاليات المقدمة للسياح.
على المستوى العملي، يفتح هذا التطوير الباب أمام أسئلة جوهرية: إلى أي مدى يمكن لمثل هذا الصرح أن يغير من طبيعة العلاقة بين المواطنين والثقافة في مدينة يغلب عليها الطابع السياحي؟ وكيف سيتعامل القائمون عليه مع تحدي بناء جمهور حقيقي من الأهالي، لا يقتصر على المناسبات الرسمية أو زيارات الوفود؟ الإجابات لن تتضح في ليلة الافتتاح، لكنها ستظهر مع نوعية البرامج التي ستتوالى على خشبته، ومدى استمرارية الدعم المؤسسي له، وقدرته على أن يصبح نقطة التقاء بين الفن المحلي والجمهور الدولي الذي يزور الغردقة على مدار العام. في كل الأحوال، يشير مشهد افتتاح مسرح قصر ثقافة الغردقة بحلته الجديدة إلى محاولة لإعادة تعريف دور المؤسسات الثقافية في المدن الساحلية، بحيث لا تكون مجرد مبانٍ تكميلية، بل جزءًا من هوية المكان ورصيده الحضاري، في موازاة صور الشواطئ والمنتجعات التي اعتادتها حملات الترويج السياحي.