الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: الرضاع واجب شرعي وفطري وفوائده تتجاوز الطفل إلى الأم
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
عقد الجامع الأزهر اليوم الاثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان: "الرضاع رؤية فقهية" بحضور الدكتور جهاد محمود عيسى الأشقر، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وأ.د محمد صلاح حلمي سعد، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وأدار الملتقى الأستاذ سمير شهاب المذيع بالتلفزيون المصري.
. اليوم
في بداية الملتقى، أوضح الدكتور محمد صلاح سعد أن المولى سبحانه وتعالى جعل أمر تربية الإنسان والعناية به فطرة غريزية، تشمل الجميع، وذلك لحكمة كبرى وهي الحفاظ على دوام حياة البشر، كما جعل أمر الرضاع أمراً فطرياً وشرعياً معاً، فالمرأة فطرت على إرضاع أبنائها وتقديم ما خلقه الله لهم، واستدل على سعة رحمة الله بحادثة المرأة في غزوة حنين التي أظهرت قمة الحب والتعلق بولدها، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ فالله أرحم بخلقه من رحمة هذه المرأة برضيعها"، تأكيداً على أن رحمة الخالق تفوق أشد صور الرحمة البشرية، لذلك جعلها أمر شرعيًا "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ".
وبين أن المولى سبحانه وتعالى عبر عن شدة أهوال يوم القيامة وعظمتها في قوله: "يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ"، ويكمن السر في هذا التعبير القرآني بأنه بمثابة إخبار للإنسان أن فقدان الوعي وذهول المرضعة عن رضيعها هو أمر مستحيل فطرياً في الأحوال العادية، لأن العلاقة بين الأم ورضيعها هي أقدس وأقوى أنواع الارتباط، وكأنه سبحانه يقول: إن المرضعة لا يمكن أن تذهل عن وليدها إلا أمام أمر عظيم يفوق طاقة الفطرة نفسها، وهذا الأمر هو هول قيام الساعة الذي ينسي كل إنسان أعزّ ما يملك، مما يدل على أن الأهوال التي ستشهدها الأرض آنذاك تناهت في الفزع والشدة.
من جانبه، أشار الدكتور جهاد الأشقر إلى العناية الإلهية الفائقة بحياة الإنسان في أضعف مراحل عمره، قال تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" وهذا النص القرآني يمثل حكماً قاطعاً يلجأ إليه لفضّ أي خلاف حول مدة الرضاع، وهو في حقيقته عناية إلهية ضمنها الله للرضيع الذي لا يملك لنفسه شيئاً، مما جعل الفقهاء ينصون على وجوب إرضاع الأم لابنها لما يحمله لبنها من فوائد غذائية ومناعية عظيمة لا يمكن لأي مكون آخر أن يحل محلها، وقد أيد هذا التشريع توجيه نبوي سابق للعلم الحديث، حيث نبه النبي صلى الله عليه وسلم من "الغيلة" (إرضاع المرأة ولدها وهي حامل) بقوله: "لا تقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه"، وهو ما أثبته العلم الحديث لاحقاً من أن لبن المرأة الحامل يحمل تغيرات قد تضر بالرضيع، نتيجة فقده مادة هامة وهي مادة " اللاكتوز"، التي أثبت الطب الحديث فيما بعد صحته.
وأوضح أن الامتناع عن الرضاع الطبيعي تحت ذريعة الحفاظ على مظهر المرأة هي حجة باطلة، ذلك أن الإرضاع الطبيعي لا يقتصر نفعه على الطفل فقط، بل يفيد الأم أيضاً صحياً ونفسياً بشكل كبير، حيث يساعد على عودة الرحم إلى حجمه الطبيعي بسرعة أكبر ويقلل من خطر الإصابة ببعض الأمراض، هذا التبادل في المنفعة يجعله سلوكاً فطرياً متكاملاً يحقق الفائدة للطرفين ويقوي الرابطة بينهما، مما يدحض أي زعم بضرره الجمالي أو البدني على الأم.
يذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر الجامع الأزهر الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر الرضاع الطفل الجامع الأزهر
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر يهنئ الدكتور محمد جلال فرغلي لفوزه بجائزة الابتكار من أجل الإنسانية
فاز الدكتور محمد جلال فرغلي، عميد كلية الهندسة بنين بجامعة الأزهر بقنا، بجائزة «الابتكار من أجل الإنسانية» في نسختها الأولى في مصر، المقدمة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ومؤسسة مصر الخير ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي «صندوق دعم المبتكرين والنوابغ».
الدكتور محمد جلال فرغلي يفوز بجائزة الابتكار من أجل الإنسانيةويعد ذلك إنجازا جديدا يؤكد ريادة وتميّز مؤسسة الأزهر الشريف جامعًا وجامعة، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في مختلف المجالات العلمية والبحثية.
وتسلّم الدكتور محمد جلال فرغلي الجائزة من نشيتوسي نوجوتشي، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والدكتورة نجوى السيد، رئيس قطاع البحث العلمي والابتكار بمؤسسة مصر الخير، والدكتور تامر حمودة، المدير التنفيذي لصندوق دعم المبتكرين بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وجاء هذا التكريم تقديرًا للجهود العلمية الرائدة التي قدّمها الدكتور محمد جلال في مجال الأبحاث التطبيقية لتكنولوجيا معالجة المياه، والتي أثمرت تنفيذ وحدات مبتكرة لتنقية ومعالجة المياه منخفضة التكلفة وصديقة للبيئة، تم تطبيقها في مدن حلايب وشلاتين، وقنا، ومطروح؛ خدمةً للمجتمعات المحلية، وتعزيزًا للاستدامة في المحافظات الحدودية ومناطق الصعيد.
أستاذ بالأزهر: حفظُ الله للقرآن نور لا يُطفأ.. وتَلَقِّيه سماعًا هو الضمان ضد التحريف
ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: الإبل منظومة إعجازية متكاملة مسخرة للإنسان
الأزهر عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد: صاحب الحنجرة الذهبية الذي جاب بلاد العالم
الأمين المساعد لـ البحوث الإسلامية: الأزهر ضمير الأمة.. وقضية فلسطين في قلب رسالته
من جانبه، قدّم الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، التهنئة إلى الدكتور محمد جلال فرغلي، معربًا عن فخره واعتزازه بهذا الفوز المستحق، الذي يعكس مكانة علماء جامعة الأزهر وتأثيرهم في المحافل العلمية المحلية والدولية.
وأكد رئيس جامعة الأزهر أن ما يقدمه الدكتور محمد جلال من نتاج علمي مبتكر يسهم بصورة مباشرة في دعم جهود الدولة المصرية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وشدد رئيس جامعة الأزهر على أن هذا الإنجاز يعزز حضور جامعة الأزهر عالميًا، ويجسّد دورها في دعم الابتكار التطبيقي وربط البحث العلمي باحتياجات المجتمع، في إطار مسيرة الجمهورية الجديدة نحو بناء مجتمع علمي قادر على الإبداع وصناعة الحلول.