لم يعد لليمن من خيار في ظل آلة العدوان والحصار سوى العودة إلى الأرض، والتمسك بالزراعة كـ خندق دفاعي أول في معركة البقاء والتحرر، حيث وأن استمرار العدوان والحصار الذي يهدف إلى تدمير البنية التحتية واستخدام ورقة التجويع كسلاح استراتيجي، يفرض على الشعب اليمني تبني رؤية اقتصادية شاملة تجعل من الاكتفاء الذاتي الزراعي هدفاً مقدساً وضرورة وجودية.

منذ اليوم الأول، أدركت قوى العدوان والحصار أن البوابة الأسهل لتركيع الشعب اليمني هي ضرب أمنه الغذائي، فالحصار المفروض على الموانئ والمطارات والمنافذ البرية لم يستهدف فقط الوقود والدواء، وإنما استهدف شريان الغذاء الأساسي، محاولاً شل حركة الاستيراد وفرض التبعية الكاملة، وبالتالي فقد تحول الحصار إلى سلاح فتاك، يرفع نسبة سوء التغذية ويهدد حياة الملايين، في محاولة يائسة لكسر إرادة الصمود التي أبهرت العالم، ولكن، وكما صمد الشعب اليمني في الجبهات العسكرية، فقد أطلق جبهة جديدة لا تقل أهمية: جبهة الزراعة الخضراء.

في مواجهة هذا المخطط الخبيث، برز الوعي الوطني بأهمية العودة إلى الجذور وإحياء القطاع الزراعي الذي أهملته سياسات التبعية لعقود، حيث وأن تشجيع الزراعة في اليمن يعد مشروع تحرر وطني شامل، يقوم على أساس التركيز المطلق على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية كالقمح والذرة، لتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية التي تسيطر عليها قوى العدوان وحلفاؤها، باعتبار أن كل حبة قمح تزرع في الأرض اليمنية هي بمثابة رصاصة في صدر الحصار، والعمل بجدية على بناء السدود والحواجز المائية واستغلال مياه الأمطار بكفاءة، فالمياه هي روح الزراعة، ونجاح المشروع الزراعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإدارة هذا المورد الحيوي.

ينبغي للحكومة والمجتمع توفير كل أشكال الدعم للمزارع اليمني الصامد، من بذور ومعدات وإرشاد زراعي، وحماية الإنتاج المحلي من المنافسة غير العادلة للسلع المستوردة (التي قد تسعى قوى العدوان لإغراق السوق بها لضرب الإنتاج الوطني).

لقد أثبتت التجربة اليمنية خلال سنوات العدوان، أن الإمكانات الزراعية في البلاد هائلة وقادرة على تلبية جزء كبير من الاحتياج الوطني في حال توفر الدعم والتشجيع، وهذا المسار لا يعزز الأمن الغذائي فحسب، بل يساهم في توفير فرص عمل لمئات الآلاف من الشباب الذين تضرروا من التداعيات الاقتصادية للحصار.

إن تشجيع الزراعة اليوم هو بمثابة إعلان واضح بأن الشعب اليمني لن يركع لسياسة التجويع، وإشارة إلى قوى العدوان بأن سلاح الحصار قد سقط وأن إرادة الأرض والإنتاج أقوى من آلة التدمير، وبالتالي يجب أن يصبح شعار المرحلة هو “الزراعة أساس السيادة”، فعندما يصبح غذاؤنا من أرضنا، نكون قد انتصرنا في أهم جبهة اقتصادية، وحققنا التحرر من التبعية التي كانت تشكّل نقطة ضعف تاريخية استغلها الأعداء.

وفي خضم المعركة الوجودية التي يخوضها الشعب اليمني ضد العدوان والحصار ، برز دور القيادة الثورية والسياسية كمحرك استراتيجي لإعادة توجيه بوصلة الاقتصاد نحو الاعتماد على الذات، حيث تحول دعم القطاع الزراعي رؤية ثاقبة أدركت أن كسر شوكة الحصار يبدأ من الأرض، وأن الاكتفاء الذاتي هو الجناح الآخر لـ مشروع التحرر الوطني، بعد الجناح العسكري.

ويتمثل الدور المحوري للقيادة الوطنية في تشخيص الداء ووصف الدواء، ففي الوقت الذي راهنت فيه قوى العدوان على انهيار الجبهة الداخلية عبر سلاح التجويع وحظر استيراد الغذاء والوقود، أصدرت القيادة توجيهاتها الحاسمة بتحويل القطاع الزراعي من مجرد قطاع هامشي إلى قضية وطنية عليا، من خلال اصدار التوجيهات بتكريس كافة الجهود والطاقات لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، وخاصة القمح والحبوب، لتقليص فاتورة الاستيراد الخارجي التي تستنزف العملة الصعبة وتجعل البلاد رهينة للأسواق العالمية المتحكم بها من قبل الأعداء، كما تم إطلاق مبادرات وبرامج وطنية مركزية لـ “النهوض الزراعي”، مع تشكيل لجان متخصصة للإشراف المباشر على مشاريع الري وحصاد المياه، لضمان استغلال أقصى قدر ممكن من الموارد الطبيعية المتاحة.

لقد نقلت هذه التوجيهات الزارعة من كونها عملاً فردياً إلى “جهاد بناء” جماعي ومسؤولية وطنية مشتركة، وهو ما عزز من مكانة المزارع كـ “جندي في خندق

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: العدوان والحصار الشعب الیمنی قوى العدوان

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الوادي الجديد يتفقد مزرعة النخيل ومواقع الإنتاج الزراعي التابعة لكلية الزراعة

في إطار متابعة الجامعة لمنظومة العمل الحقلي ورفع كفاءة مواقعها البحثية والإنتاجية قام الدكتور عبد العزيز طنطاوي - رئيس جامعة الوادي الجديد  بزيارة تفقدية موسّعة لمزرعة النخيل ومواقع الإنتاج الزراعي التابعة لكلية الزراعة بحضور كلٍّ من:  
الدكتور/ أيمن كساب -عميد كلية الزراعة و الدكتور / خالد عبد الحفيظ -وكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب ومدير مركز التجارب والبحوث الزراعية والدكتور / محمد كمال المشرف العام على المزرعة والدكتور/ أحمد محمود - المشرف العلمي على مزرعة الفاكهة والدكتور / عمر فتحي - المشرف العلمي على مزرعة المحاصيل.  


وخلال الزيارة تابع معالي رئيس الجامعة سير الأعمال الجارية في الخدمة الشتوية لأشجار النخيل واطّلع على جهود فرق العمل داخل صوب الخضر والزينة كما قام سيادته بتفقد مزرعة المحاصيل والوقوف على آخر تطورات خُطط الزراعة والإنتاج ونسب التنفيذ بالمواقع المختلفة.
وفي ختام جولته عقد سيادته اجتماعًا مع السادة المهندسين والعاملين بالمزرعة حيث وجّه لهم الشكر والتقدير على ما يبذلونه من جهدٍ واضح في تطوير المزرعة ورفع كفاءتها مشيدًا بروح الالتزام والعمل الجماعي ومؤكدًا على استمرار الجامعة في توفير كل الاحتياجات اللازمة لدعم منظومة الإنتاج الزراعي وتحسين جودة مخرجاتها .

طباعة شارك الوادي الجديد اخبار الوادي الجديد جامعة الوادي الجديد

مقالات مشابهة

  • وزير الزراعة الفلسطيني يبحث مع "الفاو" جهود التعافي وإعادة تأهيل القطاع الزراعي
  • فتنة ديسمبر .. خنجر العدوان الذي رده اليمن بعناية الله وحكمة القيادة
  • تنظيم مهرجان “خيرات باجل” التنموي الزراعي بالحديدة
  • ملحمة الحكمة في مواجهة فتنة ديسمبر… كيف أسقط اليمن أخطر مؤامرة داخلية برعاية العدوان؟
  • يوم التربة العالمي.. عبد السلام الجبلي: القطاع الزراعي يشهد طفرة غير مسبوقة
  • عمان الأهلية تشارك بفعاليات معرض Growtech الزراعي بتركيا
  • رئيس جامعة الوادي الجديد يتفقد مزرعة النخيل ومواقع الإنتاج الزراعي التابعة لكلية الزراعة
  • برلماني: حوكمة منظومة الأسمدة ستحسن جودة خدمات القطاع الزراعي
  • زراعة الغربية تعقد الإجتماع الشهري للارشاد الزراعي