لم يعد قطار الرياض مشروع بنية تحتية ضخم فحسب، بل تحول إلى عنصر مركزي في السردية الجديدة للعاصمة، سردية تتسارع فيها خطوات التحول العمراني وتتقاطع فيها الفلسفة الجمالية مع الحياة اليومية.
وفي نسخة هذا العام من احتفال "نور الرياض"، بدأت خطوط القطار ومسارات الضوء تشترك في مهمة إعادة تعريف علاقة الإنسان بالمدينة عبر الحركة والاتصال والدهشة.


ومنذ اللحظة الأولى، كان شعار "في لمح البصر" تعبيرًا دقيقًا عن هذا التلاقي بين النقل والفن، فالمدينة التي تتحرك بإيقاع سريع لم تعد تفصل بين العبور المادي والتجربة الحسية، بل بات الزمن نفسه جزءًا من المشهد الفني.
وما يحدث داخل المحطات وخارجها هو نوع من الانخطاف البصري الذي يرافق حركة القطار، ولحظة يتداخل فيها الضوء مع الذاكرة، ويتحول فيها الانتقال اليومي إلى تجربة تأملية تضع الزائر أمام سؤال الزمان والمكان معًا.

البُعدان الحركي والإبداعي

وعلى امتداد محطات ومسارات القطار، استقبلت مجموعة من الأعمال المشاركة في "نور الرياض 2025" مئات آلاف الزوار الذين يعيشون يوميًا هذا التقاطع بين الوظيفة والخيال، فكل محطة أصبحت مسرحًا لقراءة جديدة للمدينة، يتجاور فيها البُعد الحركي مع البُعد الإبداعي للأعمال الفنية.
ومع توسع شبكة القطار، أصبح للمدينة إيقاع بصري جديد ينساب فوق الأرض وتحتها، فالانتقال عبر المحطات لم يعد مجرد حركة تختصر الزمن والمسافة، بل مساحة ينمو فيها الإدراك الحسي للمكان.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } احتفال نور الرياض يقدم أول تجربة ضوئية في محطات القطار - واس
وفي السنوات الأخيرة أخذت الرياض تتعامل مع الفضاء العام بوصفه جزءًا من هويتها الحديثة، فالشوارع والساحات والواجهات تُقرأ اليوم كمشهد واحد، يتغير مع الضوء والأنشطة الثقافية وتفاعل الناس معها، ولعل احتضان القطار لأعمال "نور الرياض" يكشف عن جانب من هذا التحول، إذ يتحول مسار النقل إلى جزء من السرد الثقافي للمدينة، ويصبح المشاهد مشاركًا في تشكيل صورة الرياض الجديدة.

أخبار متعلقة هيئة الأزياء تعيد "إحياء التراث السعودي" بتدريب المصممين الواعدينالدمام 28 مئوية.. بيان درجات الحرارة العظمى على بعض مدن المملكةتجربة تنسجم مع إيقاع القطار

في محطة stc إحدى أكثر المحطات كثافة وحضورًا، تتصدر مجموعة من الأعمال الفنية لفنانين محليين وعالميين، ويتحرك الركاب بين الأرصفة وكأنهم يعبرون من وظيفة يومية إلى فضاء بصري يوقظ الحنين، فالضوء هنا لا يزين المكان، بل يعيد صياغته، وتحولت المحطة إلى فضاء يُحرك الذاكرة في لمح البصر، من صورة إلى أخرى، ضمن تجربة تنسجم مع إيقاع القطار السريع.
وأما في قلب المركز المالي، تتخذ واجهة المحطة شكلًا عمرانيًا حديثًا، فجدرانها الزجاجية ومساراتها المتعددة توفر بيئة مثالية لأعمال تعتمد على التفاعل الحي مع الفضاء، ومن أبرز الأعمال التي تتناغم مع طابع الموقع، عمل "توليفة" للفنان كريستوف بيرثونو، أحد الأعمال التي تعتمد على الضوء بوصفه حركة حية داخل النسيج العمراني، ليتحول محيط المحطة، خصوصًا الواجهة الخارجية، إلى عنصر بصري يمتد وينكمش في شبكة رقمية مُضاءة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } احتفال نور الرياض يقدم أول تجربة ضوئية في محطات القطار - واس
ويبدو البناء المعماري كأنه يعكس الصورة نفسها في طبقات من الضوء المتغير، وبفضل الموقع وارتفاعات المباني المحيطة، يصبح العمل جزءًا من المشهد الليلي للمركز المالي، لا مجرد تركيب فني داخل محطة.

ضوء يعيد قراءة المكان

وفي مركز الملك عبدالعزيز التاريخي يمثل المركز إحدى المناطق التي تجمع بين حضور الذاكرة والتراث الممتد إلى الحاضر، والأعمال المعروضة في ساحاته وممراته تتعامل مع المكان بوصفه ذاكرة مفتوحة، تعتمد على إعادة رسم الظلال ومسارات الضوء حول العمارة التقليدية، وتمر مسارات القطار محاذية للمنطقة، لتتجاور الأزمنة، من تاريخ المدينة الأول، إلى حضورها الجديد اليوم.
وبذلك يصبح الضوء أداة لإعادة قراءة المكان، من خلال تكوينات تعبر عن العلاقة بين الذاكرة والتحول العمراني.
وفي أكثر المواقع رسوخًا في ذاكرة الرياض تقع محطة منطقة قصر الحكم، وتكتسب الأعمال المشاركة بُعدًا مختلفًا، فالحي الذي شهد تشكل الهوية السياسية والاجتماعية والثقافية للمدينة يتحول مع نور الرياض إلى فضاء بصري يستعيد روح المكان بطريقة جديدة، والأعمال المنتشرة حول المحطة، خصوصًا تلك التي تعتمد على إعادة تشكيل الواجهات والساحات، تجعل الزائر يقرأ المنطقة بعيون مغايرة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } احتفال نور الرياض يقدم أول تجربة ضوئية في محطات القطار - واس
فالضوء ينساب في الأزقة المحيطة، ويبرز طبقات من العمارة التقليدية لم تكن مرئية في الإيقاع اليومي العابر.
وفي هذا الموقع تحديدًا، تتجلى قوة الشعار "في لمح البصر"، إذ تتداخل الأزمنة داخل لقطة واحدة، وتبدو المدينة وكأنها تروي نفسها من جديد.

فلسفة التحول في الرياض

ويمثل الربط بين "نور الرياض" وقطار الرياض، وجهًا جديدًا لفلسفة التحول التي تعيشها العاصمة، فالقطار الذي بدأ مهمته في تسهيل الحركة اليومية، أصبح اليوم محورًا لتجربة ثقافية تُعيد قراءة المدينة لذاتها.
وبقدر ما يتحرك القطار على مساراته الثابتة، تنفتح المدينة على مسارات جديدة من الضوء والمشاهد الفنية، لتبلور سردية تعكس قدرة التحول وتعدد أبعاده، ليكون عميقًا وحاسمًا وسريعًا "في لمح البصر".

المصدر: صحيفة اليوم

كلمات دلالية: واس الرياض المملكة العربية السعودية أخبار السعودية قطار الرياض نور الرياض احتفال نور الرياض الرياض فی لمح البصر نور الریاض تعتمد على article img ratio

إقرأ أيضاً:

مهرجان الوليمة.. تجربة حيّة تعكس تنوّع المذاقات في المطبخ السعودي

شهد مهرجان الوليمة للطعام السعودي في نسخته الخامسة الذي تنظمه هيئة فنون الطهي خلال الفترة من 27 نوفمبر حتى 6 ديسمبر 2025م في جامعة الملك سعود بالرياض انطلاقة مميزة، وسط حضور لافت منذ لحظاته الأولى.
واستقطبت منطقة التراث وفنون الطهي أنظار الزوار كإحدى أبرز محطات المهرجان، بما تقدّمه من تجربة حيّة تعكس تنوّع المذاقات السعودية وتستحضر ذاكرة المطبخ المحلي بطابعه الأصيل.
أخبار متعلقة 5 ضوابط.. ما هي ​​​​​​​اشتراطات سير الشاحنات على الطرق؟ظهور "الشوك الروسي" في منطقة الحدود الشمالية.. على ماذا يدل؟ .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } منطقة التراث وفنون الطهي تفتح للزوار نافذة على تاريخ المطبخ السعودي - واسمهرجان الوليمةوتضم المنطقة (13) محطة تمثّل مختلف مناطق المملكة، يُقدَّم فيها عدد من الأطباق الشعبية المعروفة في المدن والقرى السعودية، وشهدت المحطات إقبالًا من الزوار منذ وقت مبكر، إذ حرص الكثيرون على تذوّق الأكلات التراثية المرتبطة بكل منطقة، وتشمل أطباق المنطقة الوسطى والغربية والجنوب والشرقية والشمال.
وعبّر العديد من الزوار عن إعجابهم بالطابع التراثي للمنطقة، واصفين التجربة بأنها "رحلة في عمق المطبخ السعودي"، تجمع بين نكهات الماضي وأجوائه الأصيلة.
وأشاد آخرون بطريقة تقديم الأطباق التي أتاحت لهم مشاهدة إعداد الوصفات أمامهم بالأسلوب التقليدي، في تجربة أعادت إلى الأذهان ملامح من حياة الأجيال السابقة في البيوت القديمة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } منطقة التراث وفنون الطهي تفتح للزوار نافذة على تاريخ المطبخ السعودي - واسالهوية الغذائية السعوديةوأعرب عدد من الزوّار عن تقديرهم لجهود هيئة فنون الطهي في تنظيم المهرجان في إحياء الهوية الغذائية السعودية بروح عصرية، مؤكدين أن مستوى الإعداد وجودة التجارب المقدَّمة تعكس اهتمام الهيئة بتطوير قطاع الطهي وتعزيز حضوره محليًا وعالميًا.
وأشار الزوّار إلى أن تنسيق الفعاليات وتنوّع التجارب التفاعلية أسهما في نقل صورة ثرية عن المطبخ السعودي، ما جعل زيارة المهرجان "تجربة متقنة تستحق الإشادة".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } منطقة التراث وفنون الطهي تفتح للزوار نافذة على تاريخ المطبخ السعودي - واسمنتجات سعوديةوامتد اهتمام الزوار داخل المنطقة إلى الأسواق التراثية المصاحبة، التي قدّمت منتجات سعودية أصيلة تشمل العسل السعودي والمخبوزات وزيت الزيتون والبهارات ومنتجات الألبان والعطور الطبيعية والورد والفل الطائفي، إضافة إلى سلع شعبية تعبّر عن هوية كل منطقة، وشهدت هذه الأسواق إقبالًا من العائلات التي حرصت على اقتناء بعض المنتجات كتذكارات مرتبطة بالموروث الغذائي والثقافي للمملكة.
ويهدف المهرجان إلى تعزيز الهوية الوطنية من خلال إبراز تنوع المأكولات في مختلف مناطق المملكة، وتقديم أحدث الابتكارات في فنون الطهي السعودية، ليكون المهرجان الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، وعلامة فارقة عالميًا يحتفي بتراث المذاق السعودي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } منطقة التراث وفنون الطهي تفتح للزوار نافذة على تاريخ المطبخ السعودي - واسفنون الطهيويحظى المهرجان هذا العام بمشاركة مملكة تايلاند من خلال منطقة مخصّصة تعكس الهوية التايلاندية الأصيلة، ويقدّم الوفد التايلاندي مجموعة من أشهر أطباقهم التقليدية، إضافة إلى منتجاتهم المتنوّعة ومحاصيلهم الزراعية التي تشتهر بها تايلاند.
ويشهد المهرجان تنظيم جوائز جورماند الدولية التي تجمع ثقافات الطعام من خمس مناطق في الشرق الأوسط بمشاركة أكثر من (80) دولة، لتكريم أفضل الكتب والبرامج المعنية بفنون الطهي حول العالم.

مقالات مشابهة

  • إقبال متزايد من المواطنين على محطات القطار الكهربائي الخفيف LRT اليوم | صور
  • احتفال نور الرياض يقدّم أول تجربة ضوئية في محطات القطار
  • أكثر من 100 دولة تشارك بمؤتمر الطوارئ النووية والإشعاعية في الرياض
  • بمشاركات من 30 دولة.. انطلاق معرض التنقل السعودي في الرياض اليوم
  • محطات وسطية.. أول صورة لتجزئة تذكرة أتوبيسات النقل العام بالقاهرة - خاص
  • حضور عالمي.. تفاصيل انطلاق معرض التحول الصناعي غدًا في الرياض
  • مهرجان الوليمة.. تجربة حيّة تعكس تنوّع المذاقات في المطبخ السعودي
  • أسعار اشتراكات القطار الكهربائي الخفيف LRT وخطوات الحصول على الخصم
  • طبية وغذائية.. مركز الملك سلمان يقدم مساعدات متنوعة في اليمن