له انعكاسات اجتماعية خطيرة .. أبو الغيط عن فقدان الوظائف لصالح الأنظمة الذكية
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
ألقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة خلال مشاركته في أعمال “قمة الذكاء الاصطناعي نحو المستقبل”، المنعقدة في تونس يومي 1 - 2 ديسمبر الجاري، تحت شعار “من مجتمع المعلومات إلى مجتمع الذكاء”، بحضور نخبة من قيادات المنظمات الدولية والخبراء وصناع القرار في مجال التكنولوجيا الرقمية.
واستهلّ الأمين العام كلمته بتوجيه التحية إلى دورين بوجدان مارتن، الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، وسفيان الهميسي وزير الاتصالات التونسي، وتوفيق جلاصي المدير العام المساعد بقطاع الاتصال والمعلومات في اليونسكو، وسيلفيا سولف مدير الأجندة الرقمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، ولاسانا كوني الرئيس المدير العام لسمارت إفريقيا، ومحمد بن عمر المدير العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، إضافة إلى الحضور من الخبراء والمتخصصين.
وعبر أبو الغيط عن سعادته بالمشاركة في هذا اللقاء الدولي الذي يجمع نخبة من الباحثين والخبراء لبحث مستقبل الذكاء الاصطناعي وكيفية توظيفه كأداة استراتيجية لدعم التنمية المستدامة في العالم، خاصة في المنطقة العربية، في مرحلة يشهد فيها العالم تحولاً جذرياً تقوده التقنيات الذكية التي أصبحت ركناً أساسياً في مسار التنمية.
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعيووجّه الأمين العام الشكر للجمهورية التونسية على حسن تنظيم واستضافة فعاليات القمة، مثمناً دور المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات في دعم التعاون العربي في المجال الرقمي.
وأشار أبو الغيط إلى أن شعار القمة “من مجتمع المعلومات إلى مجتمع الذكاء” يجسّد التحوّل الكبير الذي تقف البشرية على أعتابه، حيث يشمل الذكاء الاصطناعي الشامل (AGI) مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والعسكرية والطبية والتكنولوجية، مضيفاً أن الوصول إلى هذا النوع من الذكاء يعني قدرة غير مسبوقة على حل المشكلات ومضاعفة حجم الاقتصاد العالمي عبر خفض التكاليف.
وأوضح أن العالم لا يعرف بدقة الزمن المتبقي لتحقيق هذا الاختراق الذي يعتبره البعض “آخر اختراع بشري”، إذ ستتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي لاحقاً مهمة الابتكار نفسها. لكنه شدد على أن المستقبل يحمل بقدر ما يحمله من فرص، مخاطر كبيرة تستدعي اليقظة.
ولفت الأمين العام إلى أن أكبر التحديات يتمثل في سباق التسلح المحموم بين القوى الكبرى والشركات العملاقة للاستحواذ على ريادة الذكاء الاصطناعي، وهو سباق ضخم في حجم الاستثمارات إلى حد قد يهدد بحدوث “فقاعة” إذا لم تحقق هذه الشركات عوائد سريعة.
وتساءل أبو الغيط عن الضوابط التي ستتحكم في هذه القوة الهائلة التي تملكها أنظمة الذكاء الاصطناعي:
من يضع قواعد تشغيلها؟ كيف نضمن أن تكون في خدمة البشرية جمعاء؟ كيف نأمن القرارات التي يتخذها حفنة من قادة الشركات تحت ضغط المنافسة؟ وكيف نضمن توزيعاً عادلاً لثمار هذه التكنولوجيا؟
كما حذر من الانعكاسات الاجتماعية الناتجة عن فقدان الوظائف لصالح الأنظمة الذكية، وما قد يترتب على ذلك من اضطرابات اجتماعية خطيرة، إضافة إلى المخاطر العسكرية المحتملة إذا تطورت أسلحة ذاتية التشغيل قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياة آلاف البشر.
في المقابل، أكد أبو الغيط أن الذكاء الاصطناعي يقدم آفاقاً واسعة في مجالات التعليم والصحة وصناعة الأدوية ومكافحة الأمراض، مشيراً إلى أن التكنولوجيا تظل أداة محايدة، ويحدد البشر وحدهم كيفية توظيفها إما لتحقيق الخير أو التسبب بالضرر.
ورغم محدودية عدد الدول المسيطرة على قطاع الذكاء الاصطناعي عالمياً، قال الأمين العام إن أمام الدول العربية فرصة حقيقية لإيجاد مكان مؤثر لها، مشيداً بالشراكات التي أقامتها بعض الدول العربية، خصوصاً في الخليج، مع الشركات الكبرى، بما يعزز حضورها في استثمارات الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية الرقمية، ومنها مراكز البيانات العملاقة الجاري إنشاؤها.
ودعا أبو الغيط إلى أن تواكب الدول العربية هذا التطور بمعرفة دقيقة، وبناء قدرات بشرية مؤهلة في مجالات البرمجة والتكنولوجيا الرقمية، وتنفيذ برامج تدريب تحويلي واسعة لمواجهة التحولات السريعة المتوقعة في سوق العمل.
وأشار إلى أن جامعة الدول العربية تولي اهتماماً متزايداً بالذكاء الاصطناعي، إيماناً بقدرة المنطقة على تحقيق نقلة نوعية في هذا المجال، مستفيدة من الإمكانات الهائلة التي تمتلكها ولم تُستغل بالشكل الأمثل بعد.
واختتم بالقول إن هذا الاهتمام تجسد في سلسلة من الخطوات المهمة خلال العام الحالي، أبرزها اعتماد مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات “الاستراتيجية العربية للذكاء الاصطناعي” مطلع العام، بهدف توحيد وتعزيز الجهود العربية في هذا المجال الحيوي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أحمد أبو الغيط الذكاء الاصطناعي جامعة الدول العربية تونس الأمين العام لجامعة الدول العربية استخدامات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی الدول العربیة الأمین العام أبو الغیط إلى أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في المدارس: أي الدول الأوروبية يعتمد معلموها هذه التقنيات أكثر من غيرها؟
يتفاوت اعتماد المعلّمين على الذكاء الاصطناعي في أوروبا، إذ تُبدي بعض الدول حذرًا أكبر من غيرها. ويستخدم معظم المعلّمين هذه التقنيات خصوصًا في التحضير للدروس، فيما يتوقع خبراء أن يتسع نطاق استخدامها خلال السنوات المقبلة، مع التأكيد على أهمية الاستخدام المسؤول.
أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءا من الحياة اليومية، وقد تطورت الأدوات والفرص التي تقدمها الشركات الكبرى في هذا المجال بسرعة خلال الأعوام الأخيرة، والتعليم ليس استثناء؛ إذ يكشف مسؤولون ومعلمون وباحثون كيف يستخدم الطلاب أدوات مثل "ChatGPT" لإنجاز الواجبات، وفي الوقت نفسه يتيح الذكاء الاصطناعي دعما قيّما للمعلمين. وبحسب مسح "التدريس والتعلم الدولي" (TALIS) التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، يختلف استخدام المعلمين للذكاء الاصطناعي بشكل ملموس في أنحاء أوروبا حتى عام 2024؛ ففي 32 بلدا، تتراوح نسبة معلمي المرحلة الإعدادية الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي بين 14 في المئة في فرنسا و52 في المئة في ألبانيا، ويبلغ المتوسط 32 في المئة في الاتحاد الأوروبي (EU-22) مقابل 36 في المئة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (27 بلدا). يشمل تعريف الاستخدام في المسح عمليات التنبؤ واقتراح القرارات أو توليد النصوص، سواء في التدريس أو لتيسير تعلم الطلاب خلال 12 شهرا السابقة للمسح. ولا تظهر أنماط إقليمية قوية بوضوح، رغم أن دول أوروبا الغربية تميل إجمالا إلى معدلات استخدام أدنى مقارنة بغرب البلقان وشرق أوروبا؛ وإلى جانب ألبانيا، بلغت نسبة المعلمين الذين استخدموا الذكاء الاصطناعي مرة واحدة على الأقل اثنين من كل خمسة أو أكثر في ثمانية بلدان/اقتصادات، هي: مالطا (46)، التشيك (46)، رومانيا (46)، بولندا (45)، كوسوفو (43)، شمال مقدونيا (42)، النرويج (40) والمنطقة الفلمنكية في بلجيكا (40).
لماذا تختلف معدلات استخدام الذكاء الاصطناعي؟أقل نسب الاستخدام سُجّلت في بلغاريا (22)، هنغاريا (23)، المنطقة الناطقة بالفرنسية في بلجيكا (23)، تركيا (24)، إيطاليا (25)، فنلندا (27)، مونتينيغرو (28) وسلوفاكيا (29). وتفسّر الفوارق بعدة عوامل: فقد أوضح متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن الحكومات تبنّت مواقف سياسية متباينة حيال الذكاء الاصطناعي في التعليم، ما قد يؤثر في وعي المعلمين واستخدامهم للتكنولوجيا، وقال لـ "Euronews Next": "بعض البلدان كانت أكثر استباقية في قيادة استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي تشمل قطاع التعليم، فيما اتخذت أخرى نهجا أكثر حذرا إزاء الذكاء الاصطناعي واستخدام النماذج التوليدية في الصفوف، عبر قواعد أشد صرامة بحسب عمر الطلاب". ولفت روتشن لي، مدير مشروع أول في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أن "البنية التحتية، والقيود التقنية مثل الجدران النارية، والمواقف الاجتماعية تجاه استخدام التكنولوجيا في المدارس، والسياسات التي قد تشجّع أو تثني المعلمين عن استخدام الذكاء الاصطناعي" يمكن أن تفسّر هذه الفوارق، مضيفا لـ "Euronews Next": "نرى علاقة قوية على مستوى الدول بين حجم التدريب المقدم على استخدام الذكاء الاصطناعي ومستويات استخدامه". وأشار بن هيرتز وأنطوان بيلجين، مديرا الشؤون البيداغوجية والبحث في "European Schoolnet"، إلى أن التباينات الواسعة تعكس بيئة كل بلد وسياساته وثقافته التعليمية، مع تبنّي بعض الدول موقفا وطنيا أكثر احترازاً؛ فإتاحة الدعم العملي مثل التدريب والبنية التحتية تُعد عاملا مسرّعا حاسما، وتؤكد بيانات TALIS أنه في الأنظمة ذات الاستخدام الأعلى، يكون المعلمون أكثر احتمالا لتلقّي تعلّم مهني في الموضوع. وعلى سبيل المثال، بدأت فرنسا هذا العام تنفيذ تدريب وطني على الذكاء الاصطناعي في المدارس العامة (بعد جمع بيانات TALIS)، مضيفين: "الحذر، وغموض القواعد، ومحدودية البنية التحتية عوامل محتملة تفسّر بطء الاعتماد، خاصة في مجال جديد وجدلي مثل الذكاء الاصطناعي". كما تشير مارتينا دي ريدولفو، منسقة السياسات في اللجنة النقابية الأوروبية للتعليم (ETUCE)، إلى أسباب إضافية مثل توفر وجودة التدريب، وعبء العمل، ونقص المعلمين، والدافع الشخصي والفضول، وقالت لـ "Euronews Next" إن هذه العوامل تسهم في الفجوة بين الأنظمة.
لِمَ يستخدم المعلمون الذكاء الاصطناعي؟من بين المعلمين الذين استخدموا الذكاء الاصطناعي، يقول في المتوسط داخل الاتحاد الأوروبي (EU-22) قرابة الثلثين (65 في المئة) إنهم يوظفونه للتعلّم بكفاءة عن موضوع ما وتلخيصه، ويستخدمه 64 في المئة لتوليد خطط دروس أو أنشطة، ما يدل على أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم أساسا في تحضير المعلم نفسه. وتشير النتائج أيضا إلى أن الاستخدامات المباشرة داخل الصف أو المواجهة للطلاب أقل شيوعا، وأن مهام التقييم هي الأقل استخداما؛ ويرجّح هيرتز وبيلجين أن كثيرا من المعلمين سيواصلون استخدامه "خلف الكواليس" في الحاضر والمستقبل القريب، فيما يرى روتشن في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساند المعلمين في الأعمال الإدارية، بما يحرّر وقتهم وطاقتهم لمهام أقرب إلى التدريس المباشر.
أغراض أخرى ونِسَبها:
مساعدة الطلاب على ممارسة مهارات جديدة في سيناريوهات واقعية (49) دعم الطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة (40) الضبط التلقائي لصعوبة مواد الدروس وفق احتياجات تعلم الطلاب (39) توليد نص لتغذية راجعة للطلاب أو للتواصل مع أولياء الأمور/الأوصياء (31) مراجعة بيانات مشاركة الطلاب أو أدائهم (29) تقييم أو تصحيح أعمال الطلاب (26) ما التالي للذكاء الاصطناعي في المدارس؟يتفق الخبراء على أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم ينمو بثبات وسيواصل التوسع، مع التحذير من ضرورة الاستخدام المسؤول ووضوح الإرشادات والوعي بما قد ينطوي عليه من مثالب. ويشير هيرتز وبيلجين في "European Schoolnet" إلى أنه مع الوقت سيتفاعل الذكاء الاصطناعي مباشرة أكثر مع الطلاب، مثلا عبر اقتراح أنشطة مُصمَّمة شخصيا أو تقديم تغذية راجعة آنية، لكنهما يقولان: "ينبغي أن يظل المعلم الطرف الرئيسي بين الطالب والتكنولوجيا حفاظا على استقلاليته وإشرافه الأخلاقي ودوره الرعائي". وتشدد اليونسكو على الدور المحوري للمعلمين مع اتساع استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، إذ قال متحدثها: "يجب أن تُكمل أدوات الذكاء الاصطناعي عمل المعلمين لا أن تستبدلهم، وأن يتوافق استخدامها مع المعايير الأخلاقية والأهداف التربوية، مع الحفاظ على استقلالية المعلمين والمتعلمين وخصوصيتهم". وتتوقع دي ريدولفو اتساع الاستخدام بين المعلمين والطلاب، لا سيما مع الأدوات التوليدية، لكنها تبرز هاجسا آخر: "نظرا إلى النقص الحاد في المعلمين الذي نواجهه في أوروبا، نرى مخاطر ملموسة على تأهيل المهنة ومهاراتها"، كما لفتت إلى قيد في مسح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: فالبيانات لا تقول شيئا عن وتيرة هذا الاستخدام، ولا عمّا إذا كان المعلمون يستخدمون الذكاء الاصطناعي بانتظام أم جرّبوه مرات قليلة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة