غارديان: الخوف يشل مكتب التحقيقات الفدرالي تحت قيادة كاش باتيل
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
كشف تقرير مسرّب من 115 صفحة، استند إلى شهادات سرية من 24 مصدرا داخل مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، أن مدير المكتب كاش باتيل "غير أهل لمسؤوليات منصبه" ويقود وكالة "تعاني من أداء متدن مزمن" يشلها الخوف وتدهور المعنويات، بحسب غارديان.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن التقييم اللاذع أعده تحالف وطني من وكلاء مكتب التحقيقات الفدرالي المتقاعدين والعاملين والمحللين، وسيقدم للجان القضائية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأميركي.
وقال التقييم أن الخوف بات يشل حيوية المؤسسة، وإن كبار المديرين داخل الوكالة أصبحوا "خائفين من فقدان وظائفهم" ويتجنبون المبادرة الذاتية بانتظار تعليمات مباشرة من المدير، مما يقلل من كفاءة المكتب.
تراكم الانتقاداتوأفادت بعض المصادر أن باتيل "يفتقر إلى المعرفة المطلوبة" لإدارة البرامج المعقدة للتحقيقات والاستخبارات داخل المكتب، حسب ما نقله مراسل الصحيفة جوزيف جدعون.
ولفت التقرير إلى أن حالة الشلل المؤسسي تعود جزئيا إلى تصريحات باتيل قبل تعيينه، حين اتهم مكتب التحقيقات بالانتماء إلى "الدولة العميقة" والتآمر ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ودعا إلى إغلاق المقر الرئيسي للمكتب في واشنطن وتشتيت موظفيها في أنحاء البلاد.
ويأتي التقييم في ظل الانتقادات المستمرة لإدارة باتيل، فقبل المصادقة على تعيينه في فبراير/شباط 2025، حثّت نحو 60 منظمة حقوق مدنية مجلس الشيوخ على رفض ترشيحه بسبب نقص خبرته وصلاته الخارجية وتصريحاته المضللة، وفق التقرير.
وأشارت غارديان إلى أن فترة حكم باتيل شهدت أحداثا مثيرة للجدل، من بينها رفضه نشر ملفات جيفري إبستين، وإعلانه المبكر عن اعتقال في قضية الناشط اليميني تشارلي كيرك قبل التراجع عنه.
كما انتُقد نائبه دان بونجينو لافتقاره الخبرة اللازمة واعتماده المفرط على وسائل التواصل الاجتماعي، وأكد بعض العملاء أنهم كانوا يعرفون عن مهام المكتب أكثر من خلال منشورات القيادة على وسائل التواصل الاجتماعي، وليس عبر القنوات الرسمية الداخلية.
قصص شخصيةوذكر التقييم أنه في 11 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد يوم واحد من اغتيال كيرك، رفض باتيل مغادرة طائرته في ولاية يوتا قبل توفير سترة مداهمة مناسبة له.
إعلانوأوضح مصدر رفيع في التقرير أن فريق التحقيق في قضية كيرك اضطر لتعليق عمله مؤقتا للعثور على سترة بمقاس متوسط.
وعندما حصل باتيل على سترة إحدى العميلات، اعترض على عدم وجود رقع لاصق الفيلكرو -التي تكون على شكل شعار مكتب التحقيقات أو تظهر رتبة العميل- في السترة ورفض النزول حتى قام عناصر "وحدة التدخل السريع للشرطة" بانتزاع الرقع من زيّهم وإلصاقها بالسترة المستعارة.
وفي حادثة أخرى، انزعج باتيل بعد علمه أن موظفيه في كوانتيكو ناقشوا طلبه للحصول على سلاح تابع للمكتب، وأمر بإخضاع جميع "المتورطين" لاختبارات كشف الكذب لتحديد من انتقده، مما أثار استياء البعض.
وغلب على التقييم الآراء السلبية، وفق التقرير، وفي حين أكد كتاب التقييم أن الهدف من الملف هو تحسين القيادة في المكتب، فإن الكثيرين استغلوا الفرصة لإسماع صوتهم والإدلاء بشهاداتهم ضد رئيس يرون أنه يهدد كفاءة مؤسستهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات مکتب التحقیقات
إقرأ أيضاً:
مش بوسة ووردة.. شهادات أهالي ضحايا فراش مدرسة الإسكندرية تكسر حاجز الخوف
من بين دهاليز الصمت والخوف المجتمعي، تندلع فاجعة تمس براءة الطفولة في قلب إحدى المؤسسات التعليمية المرموقة.
ما بدأ كهمسات خائفة بين أولياء الأمور، تحول إلى كابوس مؤكد بعد تقارير الطب الشرعي والتحقيقات الرسمية.
ليست مجرد إشاعة أو اختلاف في الروايات كما حاول البعض الترويج لها، بل هي حقيقة مرعبة عن اعتداءات جنسية ممنهجة على أطفال في مرحلة الروضة، استغلت فراغًا إشرافيًا وثقافة صمت مريبه.
هذه القصة ليست "بوسة ووردة"، كما حاول الجناة التخفيف من فظاعتها، بل عن انتهاك خطير لبراءة صغار، ترك جروحًا جسدية ونفسية عميقة، وطرح أسئلة محرجة عن دور الرقابة والمسؤولية.
"الولاد متبهدلين".. شهادات الطب الشرعي تحول المخاوف إلى يقين قاسٍ"الكلام مطلعش إشاعة ولا افتراء... ده طلع حقيقي". بهذه الجملة الموجعة، بدأت إحدى أمهات الضحايا سرد الحكاية، بعد أن تحولت شكوكها الأولية إلى يقين جارح.
جاءت صدمة الواقع من تقرير الطب الشرعي الرسمي، الذي وثق الإصابات بالكلمات الباردة للتقارير الرسمية والصور المؤلمة. "الولد حاجة بسيطة: خدوش وجروح. في بنت متبهدلة"، تصف الأم الحالة بتلقائية تعكس حجم الصدمة. الفحص الطبي كشف بوضوح أن الأمر تجاوز أي حادث عارض؛ كان هناك اعتداء جنسي على الأطفال.
ولم يكن الأمر محصورًا في ضحية واحدة أو حادثة منعزلة. تؤكد شهادات أولياء الأمور المتعددة أن الاعتداءات كانت متكررة ومنهجية. "الموضوع ده مش مرة ولا مرتين ولا تلاتة... البنات متبهدلين. يعني واضح ان الموضوع ده كان بيحصل كذا مرة في فترة".
هذا التكرار يشير إلى منهجية في الاستغلال، واستغلال لثغرة أمنية وإشرافية واضحة داخل المدرسة. "كان بيحصل في فترة مكنش فيه إشراف"، كما تؤكد الأم، مما يضع علامة استفهام كبيرة على دور الإدارة والجهاز الإداري في حماية الأطفال.
استغلال الفراغ.. كيف تحولت الحديقة الخلفية إلى فخ للبراءة؟تكشف التحقيقات وشهادات الأطفال أن الجاني، وهو فراش بالمدرسة، كان يستغل وقتًا حرجًا ومحددًا كل صباح. كان يستهدف الأطفال الذين يصلون مبكرًا إلى المدرسة عبر الحافلة، قبل وصول المشرفات والمدرسين إلى الفصول والحديقة، وفي هذه الدقائق، في الحديقة الخلفية التي من المفترض أن تكون مكانًا للعب البريء، كان يتحول إلى جاني.
كان فراش المدرسة يستدرج الأطفال واحدًا تلو الآخر، تحت ذريعة اللعب أو المساعدة، ويعزلهم. إحدى الشهادات المروعة التي أدلى بها الأطفال وروتها أمهاتهم تصف العامل بأنه "جده الشرير".
وتفصيلاً، قالت إحدى الطفلات: "هو جه مسكني من إيدي وقال ليا: لو ممشيتيش من هنا هضربك بالجزمة على دماغك". هذه التهديدات العنيفة، بالإضافة إلى الألفاظ غير اللائقة التي كان يطلقها، حسب شهادات أخرى، خلقت جوًا من الرعب ليس فقط بين الضحايا المباشرين، بل حتى بين الأطفال الآخرين الذين كان يروعهم بأسلوبه. كان "بيغلس عليهم وياخد منهم الكورة ويزعق لهم ويبرق لهم".
الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه القصة لم تكن جديدة حيث كشفت إحدى ألامهات أن ابنها اشتكى من فراش المدرسة منذ حوالي عامين، عندما اشتكى لها أن الفراش "ماسكه هو وأصحابه في حصة الألعاب وبيقول لهم العبوا ضُغط". وقتها، توجهت الأم إلى إدارة المدرسة، التي ردت بتطمين مخفف: "لا صح، المفروض ان هو ما يتعاملش معاهم". كان الرد أشبه بتبرير سلوك خاطئ بدلاً من كونها إجراءً رادعًا أو تحقيقيًا جادًا. هذا التفاعل المتراخي من الإدارة ربما أعطى الجاني إحساسًا بالإفلات، مفسحًا المجال لتصعيد الاعتداءات لاحقًا.
صدمة التعرف والأصابع المتهمة... إلى أين تتجه التحقيقات؟عندما بدأت التحقيقات الرسمية، كانت لحظة تعرف الأطفال على المشتبه فيهم محورية ومؤثرة نفسيًا. تقول وليّة أمر: "الأولاد تعرفوا عليه وجت لهم نوبة من الخوف والذعر الرهيب". ردة الفعل الجسدية والنفسية العنيفة للأطفال عند رؤية الجاني كانت دليلاً صارخًا على الصدمة التي عانوا منها وعلى معرفتهم به كسبب لها. "ده أثبت طبعًا أنهم عارفينه، وأن ده حاجة طبيعية جدًا بتحصل من أي حد معتاد عليه لما يتعرف على الجاني نفسه".
حتى الآن، قدم أربعة من أولياء الأمور شكاوى رسمية لدى النيابة، يمثلون ضحايا الواقعة ولد وثلاث بنات. ومع ذلك، هناك إشارات إلى وجود ضحايا آخرين. "في ناس مش راضية تقول وتجيب سيرة.. متخوفة طبعًا ومش عايزين يتكلموا في الموضوع ليفتحوا على عيالهم فتوحات". هذه الظاهرة، "صمت الضحايا" خوفًا من الوصمة أو من التعقيدات، تمثل تحدياً كبيراً في قضايا الاعتداء على الأطفال، وقد تحرم الجهات القضائية من معلومات كاملة.
أمام النيابة، حاول الجاني التخفيف من أفعاله بردود متهاودة. "بيقول: أنا كنت بحضنه زي ولادي وخلاص... مش هعمل كده تاني"، بحسب رواية أحد أولياء الأمور. إلا أن هذا التبرير يتناقض تناقضاً صارخاً مع حالة الأطفال النفسية والجسدية، وتقارير الطب الشرعي التي تشير إلى إصابات بالغة. "لكن لا، البنات متبهدلة"، تضيف الأم مؤكدة فداحة ما حدث.
الإدارة في قفص الاتهام.. بين التقصير والتعتيماتجهت سهام الاتهام بشكل حاد نحو إدارة المدرسة، ليس فقط لتقصيرها في الإشراف الذي سمح بهذه الأحداث المتكررة، ولكن أيضًا لطريقة تعاملها مع الأزمة بعد الكشف عنها. وفقًا لأولياء الأمور، لم تقدم الإدارة أي اعتذار رسمي أو توضيح شفاف. الإجراء الوحيد الذي اتخذته على ما يبدو كان فصل العامل.
لكن الأسرة تثير شكوكًا أعمق. يتساءلون: أين لقطات كاميرات المراقبة التي من المفترض أن تغطي الحديقة ومناطق التجمع؟ هناك اتهامات غير مباشرة من بعض الأهالي مفادها أن الإدارة قد تكون حاولت التلاعب بالدليل. "اتهم بعضهم الإدارة بمحاولة تغيير أماكن التصوير ليلاً"، وهي تهمة خطيرة إذا ثبتت، تشير إلى محاولة للتعتيم بدلاً من البحث عن الحقيقة.
هذا الموقف الدفاعي من الإدارة يزيد من جراح الأهالي ويغذي غضبهم. فهم يرون أن المدرسة، كمؤسسة موكلة برعاية أطفالهم، قد تخلت عن واجبها الأساسي في الحماية، ثم فشلت في تحمل المسؤولية عند اكتشاف الخرق. السؤال الذي يطرح نفسه .. كم من الوقت كان هذا يحدث؟ وكم طفلاً آخر تأثر ولم يجروأ أهله على الكلام؟
براءة مجروحة ومسؤولية مجتمعيةالقضية الآن بين أيدي النيابة العامة، التي تحقق مع المتهم بعد حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق. الأطفال الضحايا يخضعون للفحوصات المتخصصة في الطب الشرعي لتقييم كامل حجم الاعتداءات الجسدية والنفسية. ولكن وراء الأوراق القانونية والمحاضر، تبقى أرواح صغيرة مجروحة تحتاج إلى دعم نفسي طويل الأمد، وعائلات تعيش في صدمة وغضب عارم.
هذه الحادثة ليست شأناً خاصاً لأربع عائلات فقط؛ إنها جرس إنذار مدوٍّ للمجتمع بأسره، وللمؤسسات التعليمية خاصة. إنها تذكرنا بأن السلامة الجسدية والنفسية للأطفال هي الخط الأحمر الأول الذي لا يمكن التفريط فيه. تتطلب الحوادث من هذا النوع تحقيقات شفافة وحازمة من الجهات الرقابية في التعليم، ومراجعة صارمة لبروتوكولات التوظيف والإشراف في جميع المدارس، وخاصة فيما يتعلق بالعاملين غير التربويين الذين يتعاملون مع الأطفال.
كما تفرض علينا كمجتمع تحدياً لخلق ثقافة يجري فيها الابلاغ عن الشكوك حمايةً للطفل، ودعماً للأسر التي تتصدى لمثل هذه الجرائم، بدلاً من ثقافة الصمت خوفاً من الفضيحة. البراءة التي انتهكت في تلك الحديقة الخلفية تستحق أكثر من محاكمة للجاني؛ تستحق نظاماً يحمي كل طفل، ومساءلة تليق بجسامة ما حدث، وشفاءً يكون ممكناً لمنح تلك الأرواح الصغيرة فرصة لأن تلملم جراحها وتعود إلى براءتها، ما ان أمكن.