آخر وزير أوقاف ملكي.. محمد أحمد فرج السنهوري
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
عندما نتأمل في تاريخ وزارة الأوقاف المصرية، وننظر في خريطة وزرائها الذين تركوا بصماتهم على مسيرة الدعوة والخدمة الدينية، يقف أمامنا اسم فضيلة الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري، شخصية مميزة رغم قصر فترة توليه المنصب.
لقد كانت فترة توليه الوزارة قصيرة جدا، لا تتجاوز ثلاثة أسابيع، من الثاني إلى الثاني والعشرين من يوليو سنة 1952.
فضيلة الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري ولد في الرابع من يناير ١٨٩١م، في قرية المندوه بمركز دسوق محافظة كفر الشيخ، ونشأ في بيئة محافظة على القيم الدينية، فحفظ القرآن الكريم في كتاب قريته، ثم انتقل لاستكمال دراسته في الجامع الدسوقي، الذي كان آنذاك يمثل منارة تعليمية، ورافدا من روافد الأزهر الشريف، يوازي في دوره ما تقوم به المعاهد في أيامنا هذه، هذه البداية العميقة في فهم الدين والعلوم الشرعية، منحت الشيخ السنهوري قاعدة صلبة، لم تلن أمام أي تحديات أو تغييرات سياسية.
بعد ذلك التحق بالأزهر الشريف، حيث واصل رحلته في الدراسة والتخصص، ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي وحصل على شهادة العالمية عام 1917.م، مما أهله للانضمام إلى سلك القضاء الشرعي، وصولا إلى منصب نائب رئيس المحكمة الشرعية العليا، قبل أن ينتقل بعد ذلك إلى العمل بالمحاماة بعد عام 1952.م.
هذه المسيرة المهنية الطويلة، التي امتزج فيها العلم الشرعي بالقانون والعمل المدني، تعكس شخصية الشيخ السنهوري التي جمعت بين العمق الفكري والروح العملية، بين الحكمة والخبرة، وهو ما جعله شخصية محترمة وموثوقة على المستويين الديني والقانوني.
لم يكن الشيخ السنهوري مجرد رجل قانون أو رجل دين، بل كان أيضا مفكرا ومصلحا، شارك في عدة لجان مهمة مثل لجنة تطوير الأزهر، وتطوير الجامعات، ودائرة المعارف العربية، واللجنة المسؤولة عن التراث، وهو ما يدل على رؤيته الشاملة لأهمية العلم والمعرفة في بناء المجتمع، وليس الاقتصار على الجانب الديني فقط.
كما قام بالتدريس في مدارس القضاء الشرعي، وتخصص بالأزهر الشريف، ومعهد الدراسات العربية، والدراسات العليا بكلية الحقوق في جامعتي القاهرة والإسكندرية، مانحا طلابه خبرته الطويلة وعمق فهمه للدين والقانون، مما جعله قدوة ومثلا يحتذى به في نشر المعرفة والوعي.
لم تتوقف مساهماته عند حدود التعليم، بل امتدت إلى العمل المؤسسي، حيث كان عضوا فاعلا في مجمع البحوث الإسلامية حتى وفاته في 14 مارس عام 1977.م عن عمر يناهز 86 عاما، مؤكدا استمراره في خدمة الدين والمجتمع حتى آخر لحظة من حياته.
من أهم قراراته خلال فترة توليه وزارة الأوقاف، إصدار قرار بتشكيل مجلس تأديب في 20 يوليو 1952.م، وهو قرار يعكس حرصه على الالتزام بالقيم والمبادئ، ومواجهة أي تجاوزات أو إخلال بالمسؤولية، حتى في فترة قصيرة جدا من قيادته للوزارة.
إن ذكر فضيلة الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري يذكرنا بأهمية العلم، والإخلاص، والروح الوطنية التي يجب أن تتحلى بها القيادة في أي زمن.
فرغم قصر فترة توليه الوزارة، فإن أثره كان كبيرا، لأنه جاء في لحظة فارقة من تاريخ مصر، تلك اللحظة التي كانت على أعتاب ثورة، فكان آخر صمام للأمان الديني والقيمي في عهد الملكية، واحتضن مسئولية الوزارة في وقت عصيب بكل حكمة واقتدار.
وهذا ما يجعل سيرته مثالا حيا على كيف يمكن للعلم والضمير والوطنية أن تتجسد في شخصية واحدة، شخصية استطاعت أن تجمع بين العقلانية والروح الوطنية، بين الدين والعمل المدني، بين الماضي الذي يودعنا ومستقبل يبنى على أسس متينة من المعرفة والضمير.
فضيلة الشيخ السنهوري، برغم قصر فترة توليه الوزارة، يظل رمزا للنزاهة، والعمل الدؤوب، والخدمة الصادقة للدين والوطن، وقيمه ومبادئه ما زالت تشع في نفوس كل من يتطلع إلى خدمة مجتمعه ووطنه بروح وطنية صادقة ودفء إنساني لا ينتهي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزارة الأوقاف العهد الملكي السيرة الذاتية فضیلة الشیخ فترة تولیه
إقرأ أيضاً:
وصول وزير الثقافة لحضور ختام مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي.. صور
استقبلت إدارة مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، برئاسة المخرج مازن الغرباوي، ولجانه التنظيمية، وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، استعداداً لحضور حفل ختام الدورة العاشرة من المهرجان، المقرر إقامتها اليوم بقصر ثقافة شرم الشيخ.
وسيحضر حفل الختام، إلى جانب وزير الثقافة، محافظ جنوب سيناء اللواء خالد مبارك، كما يشهد الحفل تكريم نخبة من نجوم الفن من مصر والعالم العربي والغربي، من بينهم النجمة إلهام شاهين والنجم هاني رمزي.
يقام مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برعاية وزارة الثقافة المصرية برئاسة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ووزارة السياحة والآثار برئاسة الوزير شريف فتحي، والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي برئاسة المهندس أحمد يوسف، تأكيدًا على دعم الدولة للفعاليات الثقافية التي تبرز الوجه الحضاري لمصر وتعزز مكانتها على خريطة السياحة العالمية، في إطار تكامل البعدين الثقافي والسياحي لخدمة أهداف التنمية الشاملة.
ويحظى المهرجان بدعم كامل من محافظة جنوب سيناء بقيادة اللواء الدكتور خالد مبارك، في إطار التعاون بين المؤسسات الوطنية لتحقيق التنمية الثقافية والسياحية المتكاملة، وبرعاية ذهبية للبنك الاهلي المصري، وشركة عين للإنتاج الفني ، وبلدية ظفار بسلطنة عمان.
وتتولى إدارة الدورة العاشرة الدكتورة إنجي البستاوي، وتحمل الدورة اسم الفنانة الكبيرة إلهام شاهين تكريمًا لمسيرتها الفنية الثرية ودعمها المستمر لقضايا المسرح والفنون، فيما يرأس اللجنة العليا للمهرجان المنتج هشام سليمان، وتحمل الرئاسة الشرفية للمهرجان سيدة المسرح العربي الراحلة سميحة أيوب.