أشهرها طبعة الباروك.. تصاميم أيقونية رسمت مشوار جياني فيرساتشي

غلب الطابع الدرامي الجريء في تصاميماته التى احتلت أشهر منصات الموضة العالمية، لتصبح تصاميماته الخيار الأول لصاحبات الذوق الراقي والجرئ، استطاع حفر اسمه بحروف من الماس ليصبح واحدًا من كبار المصممين في الوطن العربي والغربي، انه واحد هؤلاء جياني فيرساتشي Gianni Versace الذي عشق الأوبرا ولكنه احترف تصميم الأزياء.

 

بالغوص في عالم المصممين الكبار نكتشف دائماً أن الفن كان له تأثير مباشر في تنامي مواهبهم وخلق مصادر قوية تقف وراء إبداعاتهم، واحد من هؤلاء جياني فيرساتشي Gianni Versace ولا يمكن أن ننكر فضل مدينة ريدجو كالابريا في بلورة شخصيته الإبداعية عبر إرثها الثقافي الممتد، فتجلى ذلك في قدرته العجيبة في الجمع بين الطابع الفني والشعبي في أغلب مجموعاته، لقد خاطب المصمم الإيطالي الكبير الجميع بأعماله، فنجح في مواكبة ستايل الشارع مع الحفاظ على الذوق الفني في أعلى مستوياته لينافس به كبريات الدور العريقة ويحظى بتشجيع النقاد والمتخصصين، لقد كان هذا الخليط السبب وراء تهافت نجمات هوليوود على الظهور بتصاميمه في أواخر الثمانينيات وطيلة فترة التسعينيات، والقائمة تطول، ولكن ستظل أسماء مثل إليزابيث هيرلي ومادونا والأميرة ديانا هن الأبرز.

موهبة أصقلها العمل في الورش الكبرى

ولد جياني فيرساتشي في 2 ديسمبر 1946 في مدينة ريجيو كالابريا بإيطاليا وسط عائلة مهتمة بالأزياء، فكانت والدته خياطة وتعرض تصاميمها في متجرها الخاص، والذي عمل فيه فيرساتشي لاحقاً بعد أن أنهى دراسته الثانوية، ولكن التحول الحقيقي على طريق الاحترافية كان عندما قرر المصمم الراحل الانتقال إلى ميلانو في عام 1972 للالتحاق بورش عمل لأسماء كبيرة مثل فالنتينو، وكالاغان، والتي ساهمت في صقل موهبته قبل أن يعلن عن تأسيس علامته الخاصة التي تحمل اسم عائلته في عام 1978، وعين بها شقيقه سانتو فيرساتشي كمدير تنفيذي، بينما شغلت شقيقته دوناتيلا فيرساتشي كرسي المصمم ونائب رئيس مجلس الإدارة، لتظل فيرساتشي علامة فارقة في صناعة الموضة بفضل ابتكارات مؤسسها الأيقونية المرتكزة على الأنماط الاستثنائية مثل شعار رأس ميدوسا والطبعات الباروكية والألوان الغنية التي لا تزال حاضرة في عروض الدار الإيطالية إلى الآن، وفي يوم ميلاده الموافق 2 ديسمبر سنحاول أن نعرفك إلى أبرز تصاميمه الأيقونية عبر مشواره الحافل بالنجاحات.

كغيره من المصممين لم يستطع جياني فيرساتشي أن ينفصل عن طفولته والتي شكلت ذكرياتها مصدر إلهام لرحلته في عالم الأزياء، وبدا ذلك بشكل واضح عندما اختار وجه ميدوسا شعاراً لماركته، فقد استوحاه من أرض أطلال منطقة ريجيو كالابريا التي لعب فيها مع أشقائه في طفولته، فإلى الآن تزين أزياء وحقائب الدار الإيطالية بهذه الشخصية الأسطورية التي اشتهرت في الثقافة اليونانية بأنها فتاة جميلة حاولت "أثينا" أيقونة الحرب والحكمة إذلالها بجعلها بشعة ليتحول شعر ميدوسا إلى عش ثعابين زاحفة تجبر كل من ينظر إليها على الوقوع في حبها.

كانت ميدوسا عبر سنوات تألق فيرساتشي اللمسة النهائية على الحقائب الفاخرة، وحتى تحت إدارة دوناتيلا فيرساتشي رأيناها أكثر من مرة تزين الحقائب العصرية لا سيما في عرض ربيع وصيف 2022 حيث أطلت العارضات بحقائب الهاتف المحمول العصرية وقد ازدانت من الأمام بشعار ميدوسا الذهبي وزودت بسلسال من الحلقات المتشابكة.

لم يشتهر فستان دبوس الأمان Saftey Pin Dressوحده بل أيضاً عارضة الأزياء إليزابيث هيرلي التي اختارته لحضور العرض الأول لفيلم "أربعة أعراس وجنازة" في لندن في عام 1994، فقد أذهل الحضور وكان حديث الصحافة بفضل قصته التي استوحت من أسلوب البانك المرتكز على الملابس السوداء المزينة بالتفاصيل المعدنية، مثل السلاسل والأقفال، والذي انتشر في لندن في سبعينيات القرن الماضي على يد المصممة فيفيان ويستوود، لقد أعاده جياني فيرساتشي ولكن بأسلوب أكثر عصرية ونعومة فزينت الدبابيس فستانه الأسود وبدت وكأنها بديل للخياطة التقليدية، قطعة فنية أحدثت ضجة ووضعت المصمم الإيطالي على خارطة الموضة العالمية، فحظيت تصاميمه بانتشار واسع في مختلف العواصم الأوروبية.

في مجموعة ربيع وصيف 2022 أحيت دار فيرساتشي هذا التصميم الأيقوني ولكن قدمته بقصة قصيرة تعلو الركبة واستبدلت الدبابيس الميتاليك بأخرى ملونة.

سعياً وراء التفرد كان مشوار جياني فيرساتشي مليئاً بتصاميم قد تبدو تقليدية ومكررة ولكنها في الحقيقة تحمل بصمته الخاصة، فما أكثر المصممين الذين أحبوا الفساتين الميتاليك، ولكن المصمم الإيطالي وحده هو الذي قدمه بنسيج شبكي فضي وقصة انسيابية أحبتها صاحبات الذوق الجريء منذ ظهوره الأول في الثمانينيات وإلى الآن هو من القطع التي لم يمل القيمون على الدار وفي مقدمتهم دوناتيلا فيرساتشي من إدراجها في مجموعاتهم الجديدة، فسيظل الـ Silver Mesh Dress من العلامات الفارقة في تاريخ المصمم الراحل.

في مجموعة خريف 2017 رأينا الفستان الشبكي ولكن باللون الذهبي، فأعجبتنا القصة الانسيابية نفسها والشق الجانبي، فستان أيقوني عشقته النجمات، هو المعنى الحقيقي لنظرية السهل الممتنع.

لا يعتمد نجاح مصمم الأزياء فقط على موهبته بل على ذكائه في طرق أبواب جديدة وتوسيع دائرة عملائه، ولأن لندن كانت واحدة من المدن التي خطط جياني فيرساتشي لفتح فروع لمتاجره بها كان لا بد أن يمهد لهذه الخطوة بمجاراة واحد من أكثر الستايلات الإنجليزية شهرة، نتحدث عن أسلوب البانك الذي حقق شهرة واسعة في السبعينيات على يد المصممة فيفيان ويستوود وكانت الجلود من أبرز ملامحه، هنا لم يتخل فيرساتشي عن أصوله الإيطالية ولكنه نجح في خلق دمج رائع بين عالمين، وللحق النتيجة كانت مبهرة.

في عرض خريف 2018 امتزج الجلد بطبعة الترتان الكلاسيكية لصياغة القمصان وكان الستراس الذهبي اللمسة النهائية التي ذكرتنا بأسلوب البانك المحبب لجياني فيرساتشي، وأكدتها التنانير القصيرة المضلعة.

 

شف جياني فيرساتشي عن طبعة الباروك لأول مرة في أواخر الثمانينيات متأثراً بعشقه للفن، ولكنه أضفى عليها من روحه الجريئة، فلم يقدمها في مجموعاته خلال التسعينيات بشكلها الكلاسيكي بل حولها إلى أنماط أكثر ديناميكية فاستبدل الزخارف التقليدية بعناصر أكثر جرأة عبرت عن هوية الدار مثل رؤوس ميدوسا، والسلاسل الذهبية والتي زين بها القمصان والبدلات الحريرية ذات الألوان القوية.

أعادت دوناتيلا فيرساتشي إحياء هذا النمط في مجموعتها لربيع وصيف 2018 فظهرت العارضات مرتديات الأطقم الواسعة المطبعة بزخارف صفراء متداخلة على خلفية سوداء، وقد نسقت مع سكارفات من النقشة نفسها.

المصدر: بوابة الوفد