هل لعب الزيّ النازي دورًا في مراكمة ثروة هوغو بوس؟
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
تعود قصة دار الأزياء الألمانية "هوغو بوس" إلى الواجهة مجددًا، بعد أن كشفت دراسة أكاديمية حديثة عن مدى استفادة الشركة من النظام النازي، متهمةً إياها ببناء ثروتها الأولى على تصنيع الأزياء العسكرية لمؤسسات الرايخ الثالث، إضافةً إلى اعتماد واسع على العمل القسري خلال الحرب العالمية الثانية.
الدراسة، التي تحمل عنوان "تطريز النازية – إدارة العلامة التجارية لعمالقة الألبسة العالميين: حالة هوغو بوس"، أثارت نقاشًا واسعًا حول مسؤولية الشركات عن ماضيها، وكيف يمكن لعلامة عالمية أن تواصل ازدهارها رغم جذورها المرتبطة بواحد من أكثر الأنظمة دموية في التاريخ.
تكشف الدراسة، التي أعدّتها الباحثة البولندية في علم الإجرام الدكتورة ماغدالينا إيكييفيتش ساويتسكا، أن مسيرة الشركة شهدت تحوّلًا منذ انضمام مؤسسها هوغو فرديناند بوس إلى الحزب النازي عام 1931. وبعد أعوام من تأسيس مصنعه في مدينة متسينغن الألمانية عام 1924، حصل بوس على أولى عقوده الكبيرة من الحزب، لتصنيع القمصان البنية الخاصة بكوادره في بداياته.
وسرعان ما أصبحت الشركة موردًا رسميًا لزيّ مؤسسات مفصلية في النظام، أبرزها: الزي الأسود لقوات الـSS، الزي الرمادي للفيرماخت، زيّ شباب هتلر (هتلريوغند)، وزيّ كتائب العاصفة (SA).
ومع ازدياد عسكرة ألمانيا في الثلاثينيات، تضاعف عدد موظفي الشركة ووصل إلى عدة مئات عام 1944.
"عمل قسري وظروف قاسية"تُظهر الوثائق التاريخية، كما تؤكد الدراسة، أن مصنع هوغو بوس اعتمد بشكل كبير على العمال القسريين الذين جُلبوا من دول أوروبية، من بينهم، عمّال بولنديون اختطفتهم الغيستابو وسجناء يهود وأسرى حرب فرنسيون.
وبحلول عام 1940، أصبح العمل القسري جزءًا رئيسيًا من عملية الإنتاج. وتشير السجلات إلى أن العمّال ،ومعظمهم نساء، تعرضوا لظروف صعبة في أماكن السكن والغذاء والنظافة، رغم محاولات محدودة من بوس في بعض الأحيان لتحسين أوضاعهم، دون "أن يغيّر ذلك من حقيقة أن الشركة كانت جزءًا من منظومة الاستغلال النازي".
ععقوبة مخففةبعد سقوط الرايخ الثالث، خضع هوغو بوس لمحكمة إزالة النازية، وصُنّف كشخص "ملطّخ" لتعاونه الوثيق مع النظام. وفرضت المحكمة عليه غرامة كبيرة بلغت 100 ألف رايخمارك، وهي واحدة من أعلى الغرامات في منطقة رويتلينغن، ومنعته من إدارة الأعمال.
Related ليتوانيا تفتتح متحفًا جديدًا يجسّد حياة اليهود قبل الإبادة النازية ويخلّد ضحايا الهولوكوستاليمين الأمريكي يعيد إحياء خطاب النازية: هل أصبح هتلر بطلًا جديدًا؟لحساسيته ومواكبة الحصر.. فنلندا تبدأ بإزالة الصليب المعقوف المرتبط بالنازية من أعلامها العسكريةغير أن الحكم خُفف لاحقًا، بينما استمر المصنع في العمل. وتوفي بوس عام 1948، لكن الشركة لم تنهَر، إذ أعيدت هيكلتها على يد صهره وأحفاده، لتتحوّل تدريجيًا إلى علامة أزياء شبابية، ثم إلى اسم عالمي في عالم الموضة والرفاهية.
محاولات للاعتذارفي التسعينيات، ومع تزايد الضغط الدولي على الشركات التي استفادت من العمل القسري، دفعت هوغو بوس مليون دولار إلى صندوق تعويضات لضحايا الحقبة النازية.
وفي عام 2011، كلّفت الشركة المؤرخ الاقتصادي رومان كوستر بإعداد دراسة تاريخية موسعة حول الفترة بين 1924 و1945.
وتوصل كوستر، الذي أكد أنه عمل باستقلالية، إلى أن الشركة انتفعت ماليًا من عقود ضخمة مع المؤسسات النازية، واستخدمت العمال القسريين، ولم يكن بوس رجل أعمال يبحث عن عقود، بل مؤيدًا فعليًا للنازية.
ورغم نشر الكتاب وإصدار الشركة بيانًا أعربت فيه عن "أسفها العميق" للمتضررين، ترى الدراسة الجديدة أن هذه الخطوات كانت جزءًا من استراتيجية محسوبة للسيطرة على الرواية التاريخية، وليس معالجة جذرية للماضي.
صورة لامعة تخفي تاريخا قاتماتتهم الدراسة الشركة بأنها عمدت على مدى عقود إلى تلميع تاريخها عبرالتركيز على صورتها كعلامة عالمية راقية وإهمال الإشارة إلى جذورها النازية في حملاتها وعروض أزيائها والاعتماد على "الصمت الانتقائي" بشأن الانتهاكات خلال الحرب واستخدام تقارير تاريخية رسمية لامتصاص الصدمة دون تغيير في خطاب العلامة التجارية
وتذهب الباحثة البولندية إلى أن "الماضي البُنّي" للشركة لم يؤثر إطلاقًا على مكانتها الحالية. فقد أصبحت هوجو بوس رمزًا للأناقة الحديثة، بينما بقي تاريخها المظلم في صفحات الأرشيف.
"الدور الجمالي في صناعة الديكتاتورية"تربط الدراسة بين صعود هوغو بوس وبين الدور الجمالي للأزياء النازية، الذي درسه مؤرخون سابقون. فالتصاميم الحادة للزي الأسود لقوات الـSS والمظهر الانضباطي للجيش النازي كانا جزءًا من بناء صورة النظام داخليًا وخارجيًا، ما جعل من الشركات المنتجة، ومنها هوغو بوس، عناصر مهمة في صناعة "الهيبة" الدعائية للرايخ الثالث.
وترى الدراسة أن تأثير هذه الجمالية ما يزال حاضرًا، وإن بشكل غير مباشر، في توجهات العلامة التجارية اليوم.
وخلصت الدراسة، بعد فحص سياسات المسؤولية الاجتماعية الراهنة لشركة هوغو بوس، إلى نتيجتين حاسمتين وهما:
أولاً، أن تعاون الشركة مع النظام النازي واعتمادها على العمل القسري خلال الحرب العالمية الثانية أمران ثابتان وموثّقان تاريخيًا.
ثانيًا، أن معظم المستهلكين اليوم يجهلون تمامًا هذا الجزء من الماضي، في وقت لا تُظهر فيه مبادرات الشركة الأخلاقية الحالية، رغم تركيزها على الاستدامة والبيئة، معالجة جادّة لهذا الإرث.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا الصحة إسرائيل روسيا حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا الصحة إسرائيل روسيا حركة حماس ألمانيا ظروف العمل دراسة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا الصحة إسرائيل روسيا حركة حماس إيران دونالد ترامب أوروبا لبنان بحث علمي طب العمل القسری
إقرأ أيضاً:
ايداع 10 موظفيين رهن الحبس لمتابعتهم في قضية فساد طالت الشركة الوطنية للتبغ و الكبريت snta
أمر قاضي التحقيق بالغرفة الثانية بالقطب الجزائي المتخصص في قضايا الفساد المالية و الإقتصادية بسيدي امحمد بإيداع 10 موظفين رهن الحبس المؤقت بسجن قليعة لمتابعتهم في قضية فساد طالت الشركة الوطنية للتبغ و الكبريت snta بوهران
المتهمون تمت متابعتهم بوقائع فساد تتعلق بتبديد اموال عمومية واساءة استغلال الوظيفة كبدت الخزينة العمومية خسائر مالية فادحة
هذا وقد تم تقديم المتهمين عشية يوم امس من طرف عناصر المصلحة المركزية لمكافحة الجريمة المنظمة sclco بسحاولة يوم امس
امام نيابة محكمة القطب الجزائي المتخصص في قضايا الفساد المالية الاقتصادية بذات الجهة القضائية واستمر التحقيق الى غاية ساعات متاخرة .
كما وجهت للمتهمين تهم تضمنها قانون مكافحة الفساد و الوقاية منه 01/06 .