العفو الدولية: عدالة المناخ تبدأ بمحاسبة إرث الاستعمار
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
قالت منظمة العفو الدولية إن تحقيق العدالة المناخية الحقيقية يتطلب محاسبة القوى الاستعمارية السابقة عن الأضرار البيئية والإنسانية التي تسببت بها، والتي ما زالت آثارها تفاقم معاناة شعوب عديدة حتى اليوم، لا سيما في القارة الأفريقية.
وسلط تقرير للمنظمة الضوء على حالة شعب الأنتاندروي في جنوب مدغشقر، حيث أقدمت السلطات الفرنسية إبان الحقبة الاستعمارية (1924-1929) على تدمير غطاء نباتي مقاوم للجفاف يمتد على نحو 40 ألف هكتار، عبر إطلاق طفيليات معدلة وراثيا، مما قضى على نحو 100 كيلومتر من الغطاء النباتي سنويا.
وقد أدى ذلك، وفق المنظمة، إلى محو نظام بيئي حيوي كان يوفر الغذاء ويحافظ على المياه الجوفية خلال فترات الجفاف، وترك السكان عرضة للمجاعات والنزوح والموت.
ويؤكد التقرير أن موجات الجفاف في مدغشقر تفاقمت بسبب التغير المناخي الناجم في معظمه عن انبعاثات الدول الغنية ذات التاريخ الاستعماري -وفي مقدمتها فرنسا– التي ساهمت في جعل المجتمعات أكثر هشاشة أمام الكوارث البيئية.
ويشير التقرير إلى أن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ كانت قد أقرت عام 2022 بالدور الذي لعبه الاستعمار في إحداث الأزمة المناخية وتعميق أثرها على الشعوب في المستعمرات السابقة، إلا أن السياسات الدولية لم تترجم هذا الاعتراف إلى التزامات عملية كافية.
وفي مارس/آذار 2023، قادت دولة فانواتو -وهي مستعمرة سابقة لفرنسا وبريطانيا- تحركا في الأمم المتحدة لاستصدار رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات الدول في مواجهة التغير المناخي، بدعم من عدة دول أفريقية.
بيد أن الرأي الصادر في يوليو/تموز 2025 أغفل تماما ذكر "الاستعمار" أو الإشارة إلى مسؤوليته عن تفاقم الأضرار المناخية، كما تجنب الخوض في مدى امتداد المسؤولية التاريخية إلى ما قبل القوانين البيئية الحديثة.
إعلان فرصة للمحاسبةورغم تجاهل البعد الاستعماري، أكدت محكمة العدل الدولية أن التزامات الدول المناخية لا تنحصر في المعاهدات، بل تشمل أيضا القانون الدولي العرفي، الذي يحمّل الدولة المسؤولية عن الأفعال غير المشروعة إذا استمرت آثارها في انتهاك حقوق الإنسان حتى اليوم، بغض النظر عن تاريخ وقوعها.
لكن المحكمة اشترطت وجود "رابط سببي مباشر ويقيني" بين الفعل والانتهاك لفرض التعويضات، وهو ما يرى حقوقيون أنه شرط غير واقعي في حالات تشابك آثار الاستعمار مع التغير المناخي، مما يمنح القوى الاستعمارية السابقة مساحة للتهرب القانوني.
وكان الاتحاد الأفريقي قد أعلن عام 2025 "عام العدالة للأفارقة والأشخاص ذوي الأصول الأفريقية من خلال التعويضات"، وفي هذا السياق، تنظر المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في طلب رأي استشاري حول التزامات الدول الأفريقية في سياق التغير المناخي، يتضمن الربط بشكل صريح بين الظلم المناخي والإرث الاستعماري.
ويعتبر حقوقيون أن هذه فرصة تاريخية للمحكمة الأفريقية لتأكيد أن العدالة المناخية مرتبطة جوهريا بالعدالة التعويضية، وإبراز معاناة المجتمعات التي تتقاطع فيها آثار الاستعمار مع الأضرار البيئية المعاصرة، وفي مقدمتها شعب الأنتاندروي.
كما يمكن لموقف قوي من المحكمة أن ينسجم مع أجندة التعويضات الأفريقية التي أقرتها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان عام 2022، ويدفع الدول الأفريقية إلى المطالبة بجبر الضرر عن جرائم الاستعمار والعبودية، وقد يشجع على إعادة طرح القضية أمام محكمة العدل الدولية لإعطائها فرصة لتصحيح موقفها السابق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات حريات التغیر المناخی
إقرأ أيضاً:
العفو الدولية: تسليم “الهيشري” إلى الجنائية الدولية خطوة مهمة نحو المساءلة في ليبيا
اعتبرت منظمة العفو الدولية تسليم “خالد الهيشري” إلى المحكمة الجنائية الدولية خطوة بارزة نحو المساءلة في ليبيا.
وقالت المنظمة ف بيان لها إنها وثقت جرائم وصفتها بـ”المروعة” في سجن معيتيقة الخاضع لسيطرة الردع وسط إفلات تام من العقاب، وفق تعبيرها.
وحثت المنظمة ليبيا والدول الأطراف في نظام روما الأساسي على التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقاتها بشأن ليبيا.
ومثل المواطن الهيشري أمام الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية الأربعاء في لاهاي، وذلك على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وسبق أن أعلن الناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبد الله، أن السلطات الألمانية اعتقلت “الهيشري”، تنفيذا لأمر اعتقال صادر عن المحكمة في 10 يوليو 2025.
ووفق العبدالله فإن الهيشري متهم بالمشاركة المباشرة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، شملت القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي، في الفترة ما بين 2015 و2020.
المصدر: منظمة العفو الدولية + المحكمة الجنائية الدولية
المحكمة الجنائية الدوليةخالد الهيشريرئيسيمنظمة العفو الدولية Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0