بوابة الوفد:
2025-12-05@21:12:44 GMT

توفيق باشا دوس.. مناضل وطنه فوق كل اعتبار

تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT

توفيق باشا دوس هو أحد الشخصيات المصرية التي تركت بصمة واضحة في تاريخ وطننا الحديث، رجل عاش ومات من أجل مصر، سياسي ووطني محب لشعبه، لم يكن مجرد اسم في كتب التاريخ، بل كان صوت العدالة والحرية، وسيف الحق في وجه الاحتلال والظلم. 

ولد في محافظة أسيوط لعائلة قبطية، لكنه لم يكن اهتمامه بالانتماء الطائفي، بل كان همه مصر وشعبها، وقد برهن على ذلك طوال حياته، خاصة عندما اختار أن يكون محاميا لولاد الشعب المصري المحكوم عليهم ظلما على أيدي الإنجليز، مدافعا عن حقوقهم ومطالبهم في العدل، قبل أن يشارك في صناعة الدستور الذي منح المصريين حرية وكرامة في دستور 1923.

كان توفيق باشا عضوا في لجنة الثلاثين، تلك اللجنة التي كتبت دستور مصر الأول بعد الثورة، وشارك بجدية وحب وإخلاص في اختيار الدستور البلجيكي كمصدر إلهام، لأنه رأى فيه الحرية الحقيقية للشعب، حرية أكبر مما كان الملك فؤاد يفضل، لكنه لم يتراجع عن موقفه، بل دافع عن آرائه وحق الشعب في الحرية والمساواة، وكان يؤمن بأن الدستور يجب أن يعكس إرادة الشعب ويضمن مشاركته في الحياة السياسية دون تفرقة بين مسلم ومسيحي، وهو موقف شجاع يستحق التقدير حتى اليوم.

وفي عام 1925، تقلد منصب وزير الزراعة في حكومة زيور باشا، لكنه لم يكتف بالمناصب أو الألقاب، بل رفع صوته اعتراضا على سياسات السرايا غير العادلة، واستقال بعد ستة أشهر، متمسكا بمبادئه وضميره الوطني. 

لقد كان من الذين يضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وكان دائما مستعدا لمواجهة أي ظلم مهما كان مصدره، وعندما شغل منصب وزير المواصلات لاحقا، لم يتوقف عن خدمة وطنه، وكان هدفه تحسين حياة المصريين وحماية مصالحهم، من مراقبة بذور القطن وحفظ جودتها، إلى الحفاظ على الاقتصاد الزراعي المهم للشعب المصري، لكنه واجه أحيانا رفض بعض المشروعات بسبب التعقيدات الإدارية، لكنه لم يتراجع عن رؤيته ومبادئه الوطنية.

توفيق باشا دوس لم يكن سياسيا في القصر فقط، بل عاش بين الناس، يعرف همومهم ويشاركهم أحلامهم، وكان قصره في الزمالك يعكس ذوقه الرفيع وحبه للفن والجمال، ولكنه لم يكن يعيش بعيدا عن واقع شعبه، بل كان قلبه مع الناس أينما كانوا، وقد خلف وراءه إرثا من المبادئ والأخلاق، ليس فقط في السياسة، بل في كل ما قام به، من الدفاع عن المحكوم عليهم إلى وضع أسس الزراعة الحديثة في مصر، وصولا إلى مشاركته الفاعلة في كتابة الدستور.

وإذا تحدثنا عن حياته الخاصة، نجد أنه كان أبا محبا، والد الحقوقية ليلى دوس والمحامي المعروف موريس دوس، علم أولاده قيم العدالة والخدمة الوطنية، كما علمنا جميعا درسا مهما: أن الوطن هو القيمة العليا، وأن الدفاع عن الحق والحرية لا يقدر بثمن. 

توفيق دوس، الرجل الذي اختار المبدأ على المنصب، الحرية على المصلحة الشخصية، والعدل على الظلم، هو نموذج مصري أصيل نفتخر به، ويظل اسمه في ذاكرة مصر رمزا للنزاهة والوطنية والكرامة، ورمزا لكل من يحب مصر بصدق، لكل من يؤمن بأن الشعب هو مصدر السلطة وأن المسؤول الحقيقي هو من يخدم شعبه لا من يخضع لأهواء الأقوياء.

توفيق باشا دوس، محام، سياسي، وزير، عضو لجنة الثلاثين، وثائر على الظلم، عاش من أجل مصر، وعلمنا أن الوطنية ليست كلمات مكتوبة على الورق، بل أفعال تنبض بالصدق والشجاعة، وأن الحرية الحقيقية تحتاج إلى رجال مثل توفيق دوس ليحموا حقوق الشعب ويضعوا أسس العدالة، لتبقى مصر دائما حرة وكريمة، وطنا لكل أبنائه بلا تفرقة، وطنا يستحق أن نحبه وندافع عنه بكل قلوبنا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دستور 1923 الثورة المصرية العدالة الوطنية وزارة الزراعة لکنه لم لم یکن

إقرأ أيضاً:

سيمفونية مصرية للنمساوى باو مجارتنر بقيادة سعد باشا على المسرح الكبير

تحت عنوان "سيمفونية مصرية" تقيم دار الأوبرا برئاسة الدكتور علاء عبد السلام حفلا لأوركسترا القاهرة السيمفونى بقيادة المايسترو محمد سعد باشا ومشاركة عازف الفيولينة عبادة أحمد وذلك فى الثامنة مساء السبت 6 ديسمبر بالمسرح الكبير .

تقديم عرضي "سجن النسا" "يمين فى أول شمال" ابتداءً من اليوم على مسرح السلام حالة نشاط فني لهبة عبد العزيز بين «الحارس» و«ابن النصابة» عمرو الليثي يكشف أسرارًا تُعرض لأول مرة عن الموسيقار عمار الشريعي القومية العربية للموسيقى تعزف مؤلفات بليغ حمدي على مسرح الجمهورية.. الأحد مكتبة المستقبل تعرض وتناقش فيلم "راقصة في الظلام" غدًا

مقالات مشابهة

  • الخديوي توفيق.. قائد مصر في زمن العواصف الكبرى
  • نوبار باشا.. رجل السياسة الذي صنع تاريخ مصر
  • عام على حكومة الشرع: الحرية المدنية السورية بين المكاسب والتحديات
  • بعد عام من التحرير.. كم سوريًا عاد إلى وطنه؟
  • جدل في مصر.. زوجة كلوني كتبت الدستور
  • لابورتا: برشلونة رمز الحرية وريال مدريد يمثل القوة
  • ترامب يطالب بـنوبل لإنهائه 8 حروب.. لكنه لا يريد أن يكون جشعًا
  • سيمفونية مصرية للنمساوى باو مجارتنر بقيادة سعد باشا على المسرح الكبير
  • تعلن محكمة سنحان أن على المدعى عليه مجدي مناضل ثابت الحضور إلى المحكمة