الأمين المساعد للدعوة: الأزهر يولي اهتمامًا خاصًّا بقضايا الشباب
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
واصل مجمع البحوث الإسلامية فعاليات «أسبوع الدعوة الإسلاميَّة الخامس عشر» الذي تنظمه الأمانة العليا للدعوة بالمجمع بالتعاون مع جامعة عين شمس، تحت شعار «الشباب بين مقاصد الدين ومحاولات التغريب».
جاء ذلك برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وإشراف وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني، والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي؛ حيث عُقد اليوم اللقاء الثالث بكلية الحقوق جامعة عين شمس، تحت عنوان: «أزمة الشباب بين التطرف والانحلال»، بحضور فضيلة الدكتور محمود الهواري الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بالمجمع ونخبة من قيادات وأعضاء هيئة التدريس بالكلية.
في مستهل الندوة، رحب الأستاذ الدكتور ياسين الشاذلي، عميد كلية الحقوق، بعلماء الأزهر الشريف، مؤكِّدًا على الدور الوطني والتاريخي للأزهر كحصن للبلاد ضد الاستعمار والظلم، وهو دور يفخر به كل مسلم وكل عربي، كما أشار إلى أن "الأسبوع الدعوي" يمثل مبادرة هامة من الأزهر الشريف، وفرصة لطلاب الكلية للالتقاء بعلماء أجلاء وذوي ثقة، بهدف الاستنارة بالأفكار المستنيرة والوسطية التي تخدم المجتمع، منبِّهًا إلى خطورة بعض الأفكار والأخلاق التي يقلدها الشباب ظنًا منهم أنها جيدة، بينما هي في حقيقتها تمثل خطرًا كبيرًا على نسيج مجتمعاتنا.
وفي كلمته أكَّد الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة بمجمع البحوث الإسلاميَّة، أن الأزهر الشريف، بقيادة الإمام الأكبر، يولي اهتمامًا خاصًا بقضايا الشباب وفهمهم الإسلامي، وهذه المسؤوليَّة يفرضها المنهج الإسلامي القائم على الاستماع للشباب والتواصل الفعَّال معهم من خلال الحوار البناء، لأن التواصل المباشر هو السبيل الأمثل لفهم حقيقة أزمة الشباب التي تتراوح في عصرنا الحالي بين طرفي نقيض: التطرف والانحلال، والحل الجذري لكثير من المشاكل والتحديات الحياتيَّة يكمن في الالتزام الأخلاقي، ولهذا اقتضت حكمة الخالق إرسال الرسل لإصلاح حال الناس وضبط حياتهم ومكافحة الانحلال وسوء الأخلاق، مضيفًا أن من المفاهيم المغلوطة السائدة اعتبار أن الأخلاق أمر نسبي؛ فالأخلاق في الإسلام قيم ثابتة.
وأوضح «الهواري» أن الإسلام يعطي العقل دورًا في النقد والتفكير، لكنه شدَّد على أن هذا النقد يجب أن يكون ملتزمًا بضوابط شرعيَّة ومنهجيَّة صحيحة، بعيدًا عن المناهج العبثية التي تحاول المساس بالثوابت الدينية أو الأخلاقية، لأن الخروج عن هذه الضوابط هو المدخل الذي قد يؤدي إلى الوقوع في خطر الأفكار المتطرفة؛ لذلك لو نظرنا إلى القرآن الكريم (البالغ عدد آياته 6236 آية)، نجد أن كل آية تشتمل على توجيه إلهي وهداية للبشرية، وكانت أولى هذه التوجيهات هي الأمر بالقراءة، وهو توجيه صريح للأمة بأكملها بضرورة الاتسام بالوعي والبصيرة وعدم الوقوع فريسة للخداع أو التضليل، مستشهدًا بقوله تعالى: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ".
وبيَّن الأمين المساعد للدعوة أن الإيمان في الإسلام يتجاوز كونه مجرد مظاهر شكليَّة أو عبادات جوفاء، بل هو منظومة متكاملة تجمع بين الأخلاق والعبادة والتفكير، كما أن الأخلاق هي العنوان الأصيل ومرآة الإيمان الصادق، والتشريع الإسلامي برمته قام أولًا على تأسيس وبناء القواعد الأخلاقيَّة المتينة، ولو نظرنا إلى سورة الفاتحة التي تتكرر قراءتها في كل صلاة، نجد أنها تمثل أساس هذا المنهج، فهي لا تشتمل على أوامر مباشرة بقدر ما هي إقرار بالتوحيد والحمد، ودعاء بالهداية وطلب للاستعانة الربانيَّة للثبات على الصراط المستقيم.
من جانبه قال الأستاذ الدكتور محمد الشافعي، وكيل كلية الحقوق إذا كان التفكير هو ملكة فطريَّة وهبة من الله للبشر، فإن ضبط هذا التفكير وتوجيهه يعد منهجًا إسلاميًّا أصيلًا وضرورة قصوى، هذا الضبط والتوجيه يجب أن يقوم على مرجعيَّة راسخة ووسطية معتدلة، لا سيما منهج الأزهر الشريف، الذي يمثل صمام أمان الأمة في مواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة، ويضمن بناء وعي مستنير قادر على التمييز بين الحق والباطل، ويسهم في تحقيق الأمن الفكري للطلاب والمجتمع.
كما أكَّد فضيلة الشيخ يوسف المنسي، عضو الأمانة العليا للدعوة، على ضرورة الالتزام التام بالوحي الشريف، ليكون ذلك صمام أمان يجنب الإنسان الوصول إلى التطرف الفكري أو الانجراف وراء الأفكار الغربية الدخيلة التي لا تتناسب مع قيمنا الأصيلة، كما أن توجيه أصابع الاتهام إلى الإسلام لم يحدث إلا بسبب البعض ممن تبنوا هذه الأفكار وتخلوا عن النص القرآني، إما بدعوى الجمود أو بافتقاد أدوات فهم النصوص، مع أن الأصل الأصيل في معرفة الأحكام الشرعية يكمن في ملازمة العلماء الثقات، محذِّرًا في الوقت نفسه من الانحلال الذي يعني ترك الأمر بالكلية سعيًا وراء الملذات الشخصيّة، لأن كلا الأمرين (التطرف والانحلال) يقف وراءهما تقليد أعمى لأفكار وتقاليد غربية لا تتناسب مع قيمنا الدينية والإسلامية.
وأوضح عضو الأمانة العليا للدعوة أن كلتا الظاهرتين (التطرف والانحلال) سيتم استغلالهما ضد أمتنا وتصوير الدين بشكل خاطئ، بينما نحن على النقيض من ذلك؛ فنحن أمة أدب وحوار، تحترم القيم، وتقوم على التعامل الحسن والعطاء والبذل، وقيمها مستمدة من القرآن الكريم، أما الأفكار المنحرفة فهي تقوم على بتر النص من سياقه أو تشويه فهمه، والحل للوقاية من خطرها يكمن في الفهم الصحيح من خلال ضوابط منهجية محكمة، وهي الأدوات التي قام عليها العقل الجمعي للأمة طوال تاريخها، أما الادعاء بحرية النظر والتفسير المطلقة دون ضوابط، فهو أمر خطير، حيث إن هذا الأمر ينتج عنه التطرف الفكري والمجتمعي، وإذا كان الإسلام قام بالفعل على فكرة النقد والعقلية النقدية، ولكن هذه العقلية لا بد أن تضبط بأدوات تمكنها من فهم النصوص في سياقها الصحيح المتكامل.
ومن المقرر أن تستمر فعاليات «أسبوع الدعوة الإسلاميَّة الخامس عشر» الذي يحمل شعار «الشباب بين مقاصد الدين ومحاولات الاستقطاب»، بخطة شاملة على مدار خمسة أيام بدأت من الأحد ٧ ديسمبر وتستمر حتى الخميس ١١ ديسمبر، في مختلف كليات جامعة عين شمس، بمجموعة من المحاول تشمل: «التغريب مظاهره ومخاطره وسبل مواجهته»، و«محاولات تغريب المرأة وسبل مواجهتها»، و«أزمة الشباب بين التطرف والانحلال»، «الحفاظ على الوطن في ظل موجات التعريب»، و«بناء الشخصية السوية ودوها في مواجهة التغريب».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البحوث الإسلامية مجمع البحوث الإسلامية عميد حقوق عين شمس الأزهر جامعة عين شمس البحوث الإسلامیة البحوث الإسلامی المساعد للدعوة الأمین المساعد الأزهر الشریف الشباب بین
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: العقل الإسلامي في أبهى تجلياته يحتفظ لأوزبكستان بأعلى درجات التقدير
استقبل فضيلة الإمام الأكبر الاستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، سعيدة ميزريوييفا، رئيسة الإدارة الرئاسية في أوزبكستان، عضو لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانية؛ وذلك لبحث تعزيز التَّعاون العلمي والدَّعوي بين الطَّرفين.
ورحَّب فضيلة الإمام الأكبر بسعيدة في رحاب الأزهر الشريف، باعثًا بخالص تحيَّاته إلى شوكت ميرضيائيف، رئيس جمهورية أوزبكستان، الذي لا نزال نذكر له حفاوة الاستقبال حينما زرنا أوزبكستان خلال عامي 2018 و2020، مؤكِّدًا أنَّ العقل الإسلامي في أبهى تجلِّياته الفكرية والعلمية يحتفظ لهذا البلد -العزيز على كل مسلمٍ- بأعلى درجات الإجلال والاحترام، لما تركه علماؤُه الأوائل من بصمةٍ عميقةِ الأثر في الفكر والتراث الإسلامي، من أمثال الإمام الماتريدي، والترمذي، والزمخشري، والفارابي، والخوارزمي، وغيرهم الكثيرين ممَّن خرجوا من هذه الأرض الطيبة، ووصل تأثيرهم إلى العالم كله، ولم تقتصر جهودهم على الثقافة الإسلاميَّة، وإنما استفادت منهم البشرية كلها.
كما أكَّد فضيلته سعادته بأن يرى الفتاة والمرأة المسلمة أمثال السيدة سعيدة تتقلَّد أرفع المناصب في البلاد، التي حُرمت منها المرأة بسبب غلبة عادات وتقاليد جاهلية لا أصلَ لها في شريعة الإسلام، كما أعرب فضيلته عن تقديره لما تقوم به السيدة سعيدة من جهود في الدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة، وحماية الأطفال، وتعزيز التعليم والثَّقافة، ومبادراتها في الحفاظ على التراث الإسلامي.
من جهتها، أعربت سعيدة عن بالغ اعتزازها بزيارة فضيلة الإمام الأكبر، هذا الرَّمز الإسلامي الفريد، وتقدير بلادِها لما يقوم به فضيلته من جهود عالمية ملموسة لنشر قيم الأخوَّة والتعايش الإيجابي، والحفاظ على التراث الإسلامي ومجابهة الفكر المتطرف، مؤكِّدة اعتزازها بالدكتوراة الفخرية التي قلَّدتها أكاديمية أوزبكستان الإسلامية لفضيلته عام 2018، مؤكِّدة متابعتها لأحاديث شيخ الأزهر ومؤلفاته وتقديرها لمواقف فضيلته الداعمة للحفاظ على مكانة المرأة وصون حقوقها، كما نقلت تحيَّات السيد الرئيس شوكت ميرضيائيف، رئيس جمهورية أوزبكستان، لفضيلة الإمام الأكبر، وتمنياته لفضيلته بدوام الصحة والعافية، وأن يبارك الله في جهوده الهادفة لوحدة الأمة وتماسكها.
وأكَّدت سعيدة رغبة بلادها في تعزيز التعاون والتنسيق مع مؤسسة الأزهر ومجلس حكماء المسلمين، من خلال مبادرات التعليم المشترك، وتبادل الباحثين والطلَّاب، وتنفيذ مشروعات علميَّة مشتركة بين جامعة الأزهر وأكاديمية أوزبكستان الإسلامية لتحقيق التراث والمخطوطات الإسلامية التي يزيد عددها على ١٠٠ ألف مخطوط، ونشر التُّراث العلمي للإمام الماتريدي، والاستفادة من خبرات الأزهر العلمية وإمكانات أوزبكستان، وتنسيق العمل بين مرصد الأزهر ووزارة الشؤون الدينية ولجنة شؤون التعليم الديني بأوزبكستان، لتأهيل المتأثِّرين بالأفكار المتطرِّفة، وإعادة دمجهم في المجتمع بعد التأكُّد من سلامة أفكارهم.
وأكَّد فضيلة الإمام الأكبر استعداد الأزهر للتعاون مع أوزبكستان في تنفيذ هذه المقترحات القيِّمة، موجِّهًا فضيلته بإعداد لجنة مشتركة لبحث المقترحات، والبدء في تنفيذها في أسرع وقت ممكن.
وفي نهاية اللقاء، قدَّمت رئيسة الإدارة الرئاسية في أوزبكستان دعوةً رسميَّةً لشيخ الأزهر لزيارة البلاد والمشاركة في افتتاح مركز الحضارة الإسلامية، الذي يُعدُّ أكبر مركز للحضارة الإسلامية في آسيا الوسطى؛ حيث رحَّب فضيلته بهذه الدعوة الكريمة، مهنِّئًا الشعب الأوزبكستاني بهذا المركز الحضاري المهم، الذي يُعد امتدادًا للتاريخ المشرف لعلماء بلاد ما وراء النهر في خدمة الحضارة الإسلاميَّة.