قانون سلامة التصفح البريطاني.. حماية للطفل مقابل اختراق الخصوصية
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
لندن- بعد جدل استمر قرابة عامين، أقر مجلس اللوردات البريطاني أمس قانون "سلامة التصفح الإلكتروني"، الذي ترى فيه الحكومة البريطانية أهمية كبرى للحفاظ على سلامة الأطفال والنساء، من تعرضهم "للمحتوى الضار" عبر الشبكة.
في مقابل ذلك، يرى خبراء الأمن السيبراني أن ما طرحته الحكومة في قانونها، يستحيل أن يتم دون إضعاف قدرات تشفير الرسائل النصية، وتحقيق اختراق مباشر للخصوصية، وهو ما يعتبرونه انتهاكا لحقوق الإنسان.
وبموجب القانون الجديد، ستُفرض رقابة على شركات التكنولوجيا لحماية المستخدمين من "المحتوى الضار" في كافة تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، ويشمل ذلك برامج الرسائل النصية المشفرة مثل "سيغنال" و"واتساب".
يوافق القانون على تطبيق تقنية مراقبة تعرف باسم "المسح من جانب العميل" أو "المسح الضوئي الاستباقي"، تقوم بالبحث عن أي "محتوى ضار" تضمنه الرسالة التي يرغب الشخص بإرسالها، قبل الضغط على زر إرسال، كما تتحكم التقنية في حجب أنواع محددة من المحتوى، مثل مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال والمواد الإباحية وبيع المخدرات والأسلحة والإرهاب.
كما يمنح القانون سلطة مطلقة لجهاز تنظيم الاتصالات "أوفكوم" بطلب المعلومات من مقدمي الخدمة على الإنترنت، كما يفرض عقوبات تصل إلى السجن، في حال رفض مديري تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي الكشف عن المعلومات.
اعترضت 5 شركات تكنولوجية على التقنية التي وافق عليها القانون، معتبرة أن الأثر السلبي لمثل هذه القوانين سيمتد أثره لدول أخرى معادية، التي قد تسيء استخدام مثل هذا القانون ضد نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين.
وصرح الرؤساء التنفيذين للتطبيقات الثلاثة الأكثر رواجا في لندن، "واتس أب" و"سيغنال" و"إيليمنت" لصحيفة "إيفنينغ ستاندرد"، إن تطبيق هذا القانون يتيح مراقبة جماعية للرسائل الشخصية الخاصة، وهذا قد يؤدي إلى تدمير سمعة لندن كوجهة لرجال الأعمال.
ورغم محاولات الحكومة المتكررة في إضافة تعديلات على عدة بنود في القانون حتى يوليو/تموز الماضي، فإن رؤساء شركات التطبيقات لم يروها مجدية، معتبرين أن تمرير نص قانون "مبهم" دون إجراء تعديلات جوهرية عليه، يفتح الباب لإلغاء ميزة "التشفير من طرف إلى طرف" التي تستخدمها معظم تطبيقات الرسائل النصية في تشفير الرسائل المرسلة.
وفي تصريحات لشركة "إيليمنت" المطوّرة لبرامج الدردشة المخصصة للجيوش، وضحت فيها أن أي محاولة لإضعاف ميزة تشفير الرسائل بهذه الصورة، لن يدمر الخصوصية فحسب، بل سيسهل جرائم القرصنة الإلكترونية، وقد يصل الأمر إلى حد تهديد الأمن القومي.
????UK Govt concedes it won’t use scanning for #onlinesafetybill until it’s 'technically feasible'????
It'll never be, because any form of scanning breaks encryption. Undermining E2EE destroys privacy, aids criminals and weakens national security.https://t.co/cXDDl6jrr7
— Element (@element_hq) September 6, 2023
يقول المعترضون إن نص القانون بصيغته الحالية يمنح السلطة للتجسس على الجميع وقراءة رسائلهم، ولا ضمانة لعدم تنفيذ ذلك سوى وعود المسؤولين بالمحافظة على الخصوصية، وهو ما اعتبره المسؤولون في "واتساب" اختراقا غير مسبوق للخصوصية، وهدد على إثر ذلك بالانسحاب من تقديم الخدمة في المملكة المتحدة.
قانون بلا سياساتيعّرف خبراء السياسات سياسة القوانين المبهمة باسم "قانون الهيكل العظمي"، وقد أوضحت مستشارة السياسات في مركز "آ بي تيغريتي" للسياسات التقنية مونيكا هورتون للجزيرة نت: "إن وضع قانون "سلامة التصفح الإلكتروني" الحالي ينطبق عليه الوصف نفسه، فهو قدم تشريعا كالعظام العارية بلا لحم (سياسات)، وقد تعمّد المشرع عدم وضع آليات واضحة، ليفتح المجال أمام سلطة مطلقة تسمح لهم بالتطفل على الخصوصية".
أجرى خبراء "مركز الأبحاث الوطني للخصوصية وتخفيف الأضرار عبر الإنترنت" التابع لجامعة بريستول، أبحاثا معمقة عن تأثيرات القانون، خلال إجراء تقييمات للأدوات التقنية التي ستستخدم من خلاله.
وفي لقاء خاص للجزيرة نت مع مدير المركز أويس راشد قال "إنه حتى لو لم تقم أي من الأدوات بإضعاف أو كسر بروتوكول التشفير "من طرف إلى طرف"إي 2 إي إي"، فإنه -بكل أسف- لا ضمان لسرية الاتصالات أو استمرار عملية التشفير بعد تفعيل تقنية المسح الضوئي الموجودة في القانون.
وأضاف راشد أن القانون لن ينتهك خصوصية البالغين فحسب، بل سينتهك خصوصية النساء والأطفال الذي اراد القانون حمايتهم من الأساس، وقد أرسل المركز للبرلمان توصية رسمية من 70 خبيرا وباحثا في الأمن السيبراني، يطالبون فيها الحكومة بإعادة النظر في القانون، لما يشكله من تهديد لحقوق الإنسان.
وأوصى الخبراء بضرورة إجراء تسوية متوازنة، تضمن الحفاظ على حق الطفل الأساسي في "الأمان عبر الإنترنت"، دون المساس بحق الجميع بالخصوصية.
بدورها، تواصلت الجزيرة نت مع "ريفوجي سيفتي تيك" وهي منظمة مدنية تدعم تطبيق القانون، لسؤالهم عن أي تقييم لمخاطر إنفاذه، لكنهم امتنعوا عن التعليق.
سخرية وتهكمجاءت بعض ردود الفعل ساخرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن تزامن صدور القانون مع خبر إفلاس بلدية برمنغهام، وانتشار خبر وجود مدارس آيلة للسقوط مع بداية العام الدراسي الجديد، معبرين عن حيرتهم في انشغال الحكومة عن ذلك بسن قوانين متعلقة بمحتويات رسائل الدردشة.
Online Safety Bill pic.twitter.com/nUjBg8gVVc
— Mike Cosgrove (@mikecosgrove) September 6, 2023
وقال أوين هولدواي إنه يشعر أن القانون سيكون بمثابة "برنامج بيغاسوس حكومي"، في إشارة ضمنية إلى برنامج التجسس الإسرائيلي الشهير "بيغاسوس".
وأكدت ناشطة نسوية للجزيرة نت (رفضت ذكر اسمها) إن الأزمة الاقتصادية الحالية تجعل الجميع يلتفت للخبز والزبدة (للعيش والملح بتعبير إنجليزي) وبالتالي لا وقت للبكاء على حقوق الإنسان المنتهكة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مناقشة قانون الإيجار القديم على طاولة البرلمان هذا الأسبوع
يستأنف مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، جلساته الأحد المقبل، بمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025/2024.
ويهدف مشروع القانون إلى مواجهة التأثيرات الاقتصادية نتيجة ما شهده العالم خلال الفترة الماضية من العديد من المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، فضلاً عن تراجع سعر صرف الجنيه عن التقديرات الأساسية في الموازنة العامة الحالية مما أدى إلى زيادة مدفوعات الفوائد الخارجية وكذا المحلية.
تعديل بعض أحكام التصرف في أملاك الدولة
كما يناقش مجلس النواب مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون تعديل بعض قواعد وإجراءات التصرف في أملاك الدولة الخاصة، ويهدف مشروع القانون إلى منح فرصة لواضعي اليد لتقنين أوضاعهم متى توافرت في حقهم ضوابط وشروط التقنين، وفي الحالات التي يتعذر فيها تقنين وضع اليد لأي سبب أو إزالة التعدي مؤقتًا ولحين إتمام الإزالة تلتزم الجهة الإدارية بتحصيل مقابل انتفاع من واضعي اليد، على أن تتولى لجنة استرداد أراضي الدولة متابعة أعمال الجهات بشأن تطبيق أحكام هذا القانون، وذلك في إطار سعي الدولة إلى الحفاظ على أملاكها العامة والخاصة تنفيذًا للالتزام الدستوري.
متى يناقش البرلمان قانون الإيجار القديم؟
ويناقش مجلس النواب بجلسته يوم الإثنين مشروعَي القانونين المقدَّمين من الحكومة: الأول بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والثاني بتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.
يهدف مشروع القانون إلى تحقيق توازن عادل ومستدام بين طرفَي العلاقة الإيجارية من خلال معالجة الاختلالات الناتجة عن التشريعات الاستثنائية السابقة التي أدت إلى تدني القيمة الإيجارية وغياب العدالة الاجتماعية خاصة في ظل تغير الظروف الاقتصادية، وانتهاج فلسفة قوامها العدالة والتدرج والواقعية، حيث يرفع القيمة الإيجارية تدريجيًا ويمنح فترات انتقالية مناسبة قبل إنهاء العلاقة الإيجارية، مع ضمان عدم الإضرار بالمستأجرين من خلال منحهم أحقية في الحصول على وحدات بديلة من الدولة وفقًا لآليات منظمة.
كما يناقش مجلس النواب مشروع القانون المقدم من النائب الدكتور أشرف حاتم (وأكثر من عُشر عدد الأعضاء)، بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية العاملين بالجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان من غير المخاطَبين بقوانين أو لوائح خاصة الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 2014.
اقرأ أيضًا«مصطفى بكري» يحذر: 15 مليون مواطن يشعرون بالقلق.. و الناس تغلي بسبب قانون الإيجار القديم
قانون الإيجار القديم.. «مصطفى بكري» يحذر الحكومة من فتنة اجتماعية بسبب المادة الثانية
بكري يرد على رئيس الوزراء في قانون الإيجار القديم