الجزيرة:
2025-10-15@21:34:52 GMT

أبعاد الاتفاقية الأميركية البحرينية ودلالاتها

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

أبعاد الاتفاقية الأميركية البحرينية ودلالاتها

بعد ما يقارب العامين ونصف العام على توليه السلطة والنهج المتخبط الذي أدار من خلاله العلاقات مع منطقة الخليج، يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى التركيز في الفترة المتبقية من ولايته على إعادة تشكيل العلاقات مع منطقة الخليج على أساس جديد، وكانت أحدث خطوة في هذا الاتجاه إبرام اتفاقية للتعاون الإستراتيجي مع البحرين منتصف هذا الشهر، وتشمل التزام واشنطن بتقديم المساعدات للمنامة في حال واجهت تهديدًا أمنيًا وشيكًا.

ورغم أن هذه الاتفاقية الأولى من نوعها التي تبرمها الولايات المتحدة مع دولة عربية، فإنها لا ترتقي إلى مستوى الضمانات الأمنية على غرار المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو). مع ذلك، فإن أهميتها تكمن في أنها تعكس رغبة الولايات المتحدة في تأكيد التزامها بأمن منطقة الخليج، ويمكن أن تتحول إلى نموذج أوسع لإعادة تشكيل العلاقات الأميركية الخليجية.

حقيقة أن الاتفاقية جاءت في ظل مفاوضات تقوم بها واشنطن مع الرياض حول تقديم ضمانات أمنية لها، والسماح للشركات الأميركية بالمشاركة في البرنامج السعودي للطاقة النووية المدنية مقابل انضمام السعودية إلى اتفاقات السلام مع إسرائيل؛ تُظهر بشكل عام تغييرًا جزئيًا في مقاربة الولايات المتحدة لمستقبل علاقاتها بمنطقة الخليج. في ظل حالة عدم اليقين التي تسود في الخليج بشأن مستقبل الالتزام الأمني الأميركي في المنطقة، التي ازدادت في عهد بايدن، واتجاه دول الخليج إلى تنويع شراكاتها الخارجية؛ فإن الاتفاقية مع البحرين قد تُساعد في تبديد هذه الشكوك وضخ دماء جديدة في الشراكة الأميركية الخليجية.

مع أن البيئة الإقليمية الجديدة التي نشأت في الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاث الماضية تميل نحو خفض التصعيد الإقليمي، وخلقت آفاقًا حقيقية لإنهاء العداء التاريخي بين السعودية وإيران، فإن مساراتها لا تزال غير مؤكدة تمامًا

لذلك، يهدف توقيت إبرام الاتفاقية أولا إلى إظهار أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بمواصلة دورها بوصفها راعيا أساسيا لأمن منطقة الخليج. وثانيًا إلى تحفيز الدول الأخرى -مثل السعودية- على التفكير في مزايا إعادة تعميق ارتباطها الأمني بالولايات المتحدة والابتعاد عن تطوير شراكاتها مع قوى عالمية منافسة، مثل الصين. ومع ذلك، لا يجب النظر إلى هذه الاتفاقية، والاتفاقيات المستقبلية المحتملة مع دول خليجية أخرى، على أنها تُظهر تغييرًا جذريًا في مقاربة الولايات المتحدة لدورها في الشرق الأوسط على المدى البعيد، بل تهدف أساسًا إلى إدارة عملية تخفيف الارتباط مع المنطقة بطريقة لا تُهدد الشراكات الإستراتيجية مع دول الخليج العربي، وتُعزز حماية المصالح الأميركية في المنطقة.

تكمن كلمة السر في التحول الأميركي نحو إظهار التزام أقوى بأمن منطقة الخليج في قلق واشنطن المتزايد من استغلال الصين تراجع العلاقات الأميركية-الخليجية لتعزيز حضورها في المنطقة. فضلًا عن أن المرحلة الجديدة من المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى أكدت أن استمرار الحضور الأميركي في منطقة الخليج يُشكل حاجة إستراتيجية للولايات المتحدة، خصوصًا في ضوء الأهمية التي اكتسبها الخليج في سياسات الطاقة العالمية بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

يهدف الإطار الجديد الذي تسعى واشنطن لرسمه في إعادة تشكيل علاقاتها مع القوى الرئيسية في الشرق الأوسط -خاصة الخليج- إلى منع القوى العالمية المنافسة من ملء الفراغ الناجم عن تراجع الولايات المتحدة، من دون أن يعرقل في الوقت ذاته الاتجاه الأميركي نحو تخفيف وجودها العسكري في الشرق الأوسط.

في هذا السياق، يرتكز هذا الإطار على مفهوم الردع الذي يُفترض أن يكون وسيلة لفرض تكاليف على إيران في حالة عودتها لتبني سياسات إقليمية تهدد أمن الخليج واستقراره، وفي الوقت ذاته يُساعد الولايات المتحدة في تخفيض وجودها العسكري في المنطقة بشكل مستدام.

ومع أن البيئة الإقليمية الجديدة التي نشأت في الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاث الماضية تميل نحو خفض التصعيد الإقليمي، وخلقت آفاقًا حقيقية لإنهاء العداء التاريخي بين السعودية وإيران؛ فإن مساراتها لا تزال غير مؤكدة تمامًا. ورغم النوايا الإيجابية المتبادلة، فإن فرص الاستقرار طويل الأمد في العلاقة بين الرياض وطهران لا تزال ضعيفة، وذلك بفعل الظروف الإقليمية المعقدة المحيطة بذلك المسار، وأيضًا بسبب العلاقات المتنامية بين إسرائيل وبعض دول الخليج.

هذه الأخيرة قد تؤدي إلى نهاية فترة التهدئة في حال قررت السعودية المضي قدمًا في مشروع التطبيع مع إسرائيل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار مشكلة البرنامج النووي الإيراني -خصوصًا في ظل تضاؤل فرص إعادة إحياء الاتفاق النووي والمخاطر المتزايدة من الصراع الإيراني-الإسرائيلي- يجعل الاستقرار الإقليمي الحالي هشًا وقابلا للانهيار؛ وهذا يمثل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة في سعيها لضمان استقرار إقليمي يساعدها في تقليل وجودها العسكري في المنطقة.

وقد تشجع الاتفاقية الأميركية-البحرينية دول الخليج الأخرى على إبرام اتفاقيات مشابهة في المستقبل، ولكن من غير المرجح أن تؤدي مثل هذه الاتفاقية إلى دفع دول الخليج للعودة إلى الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة في مجال الأمن بشكل خاص. هذا لأن واشنطن تظهر توجهًا واضحًا نحو تقليل حضورها العسكري في المنطقة، أكثر مما تظهر استعدادها لتعميق هذا الوجود أو حتى الحفاظ عليه من أجل ضمان أمن منطقة الخليج.

وبينما قد تسهم هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقات المحتملة في تعزيز الثقة بين واشنطن وحلفائها الخليجيين، فإنها لن تغير الواقع الذي يتمثل في أن دول الخليج بدأت بالفعل تنفيذ تغييرات كبيرة في سياساتها الخارجية خلال السنوات الماضية. وسعت هذه الدول إلى بناء شراكات متعددة كوسيلة للتحوط، وهي الآن تتعامل مع شرق أوسط جديد حيث لن تكون الولايات المتحدة مؤثرة فيه بالقدر الذي كانت عليه في الماضي.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط هذه الاتفاقیة منطقة الخلیج المتحدة فی فی المنطقة دول الخلیج العسکری فی لا تزال

إقرأ أيضاً:

ظريف يدعو طهران إلى التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة

يرى وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف أن على طهران، في ظل الظروف الراهنة، أن تعتمد نهجا جديدا يقوم على المفاوضات الحقيقية المباشرة والمتعددة المسارات والموجهة نحو النتائج.

ويشرح ظريف مقصوده بالمفاوضات الحقيقية لصحيفة الأخبار اللبنانية، بأنها تلك التي "تتجاوز أسر الماضي وتستثمر كل الإمكانيات والقدرات الوطنية المتاحة".



وأضاف أن حرب الإثني عشر يوما أظهرت أن إيران هي الدولة الوحيدة التي تمتلك الشجاعة والقدرة على توجيه ضربات إلى إسرائيل، مشيرا إلى أن إخلاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القواعد العسكرية في المنطقة قبل الرد الإيراني، وإرساله رسالة تفيد بقبوله ذلك الرد، يعكسان اعترافه بإرادة إيران وقدرتها حتى في مواجهة واشنطن.

وختم ظريف بالقول إن هذا الواقع يمنح إيران فرصة محدودة للتفاوض من موقع قوة، داعيا إلى انخراط جاد في مفاوضات مباشرة مع الغرب والولايات المتحدة.

الشهر الماضي، أكد المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، أن الضغوط الغربية والأمريكية تهدف لمنع إيران من التخصيب وفرض إملاءات وليست مفاوضات حقيقية، مشددا أن الشعب الإيراني لن يقبل التفاوض تحت التهديد، وأن السبيل الوحيد هو تعزيز القوة العلمية والعسكرية.




ولفت إلى أن إيران "لديها عشرات العلماء الكبار ومئات الخبراء وآلاف الباحثين في المجال النووي وهذا العلم والمعرفة لا يزول ولا يدمر بالقصف، وذلك تعليقا على اغتيال الاحتلال الإسرائيلي عددا من العلماء النووين في عدوانه الأخير .

وقال إن التفاوض مع الأمريكيين لا نفع له، ولا يبعد أي ضرر عن الشعب الإيراني، بل يعود بالضرر على البلاد.

ولفت إلى أن التفاوض تحت التهديد "يمس شرف الشعب الإيراني".

وأكد على أن التفاوض مع واشنطن "طريق مسدود ولا فائدة له على الإطلاق".

على جانب آخر، أكّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، بأنّ ما يُقال عن رفض إيران للتفاوض كذب؛ مبيّناً أنّ طهران ستقبل أي مقترح يتسم بالعقلانية والعدالة ويضمن مصالحها.

ولفت إلى أن أمريكا وضعت شروطا لا يمكن للإيرانيين قبولها، من ضمنها تخفيض مدى الصواريخ الإيرانية لأقل من 500 كيلو متر.




وتابع أن الأمريكيين لو يوفوا بالتزاماتهم في الاتفاق النووي الأخير، وانسحبوا من الاتفاق، ثم بعد ذلك لم يلتزم الأوروبيون، لم لجأت الولايات المتحدة إلى الخيار العسكري وقصف المنشآت النووية الإيرانية.

وتابع: "المشکلة في استغلالهم لنصوص العقود؛ إیران لم تتجنب أبداً التفاوض لحل القضایا؛ لقد أقدم هؤلاء على قصفنا في ذروة المفاوضات، وفيما یهتفون بشعار التفاوض لکنهم عملیاً یبحثون عن أهداف أخرى".

مقالات مشابهة

  • النفيسي: آن الأوان لدول الخليج أن تعيد النظر بتحالفها الإستراتيجي مع واشنطن
  • ظريف يدعو طهران إلى التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة
  • الخارجية الأميركية تلغي تأشيرات ستة أجانب بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل "تفاصيل"
  • فورين بوليسي: ترامب يقصي النساء من السياسة الخارجية الأميركية
  • الأردن يعزي الولايات المتحدة المكسيكية بضحايا الفيضانات
  • الولايات المتحدة تبدأ فرض رسوم جمركية على واردات الأخشاب والأثاث
  • الصين تبدأ فرض رسوم موانئ على السفن الأميركية
  • ارتفاع النفط مع تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • صناعة برامج التجسس.. تعاون تاريخي بين الولايات المتحدة وإسرائيل
  • على غرار الرومان والإغريق.. هل الحضارة الأميركية آيلة للسقوط؟