12.3 % نمو اقتصاد إمارة أبوظبي غير النفطي خلال الربع الثاني
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أعلن مركز الإحصاء - أبوظبي عن تقديرات إحصائية للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للربع الثاني من عام 2023، تظهر نمواً كبيراً في الاقتصاد غير النفطي لإمارة أبوظبي بنسبة 12.3% مقارنة بالربع الثاني من عام 2022، ما أدى لتحقيق نمو بنسبة 3.5% في الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها، وهو ما يعكس تنافسية اقتصاد الإمارة ومرونته إزاء التحديات الاقتصادية العالمية.
وتشير التقديرات إلى مواصلة نمو كافة الأنشطة الاقتصادية غير النفطية خلال الربع الثاني من عام 2023، ليسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي للإمارة أعلى قيمة ربعية له منذ عام 2014 عند 154 مليار درهم، بعدما حقق قيمة قياسية في الربع الأول من هذا العام والتي تجاوزت 146 مليار درهم.
ووفقاً للنتائج الأولية التي نشرها مركز الإحصاء - أبوظبي، وصلت قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارة في الربع الثاني 2023 لأعلى مستوى لها عند 287 مليار درهم، مدفوعةً بنمو كافة الأنشطة غير النفطية واستمرار صعود مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 53.7%، ما عزز من نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للإمارة بنسبة 9.2% في النصف الأول من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
استراتيجية التنويع
وقال معالي أحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي: «يؤكد استمرار الأداء القوي لاقتصاد أبوظبي في ظل التحديات المتزايدة في المشهد الاقتصادي العالمي نجاح استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الإمارة وقدرتها على التكيف مع التقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية. ويعكس ذلك نجاح استراتيجياتنا الشاملة والسياسات الحكيمة والإجراءات المتخذة للتعامل مع الدورات الاقتصادية والمنظومة المحفزة للأعمال في تعزيز مكانة الإمارة بوصفها قوة اقتصادية مؤثرة ووجهة مفضلة للمواهب والأعمال الاستثمارات. ونجدد التزامنا بتحقيق أهداف «اقتصاد الصقر» للوصول إلى آفاق جديدة من التنمية المستدامة.»
ويواصل اقتصاد أبوظبي نموه القوي والإيجابي بالاستفادة من جهود التنويع الاقتصادي المستمرة، وتسارع نمو الأنشطة غير النفطية، والارتكاز إلى بنية تحتية اقتصادية قوية، وأطر تشريعية تنافسية، وإصلاحات حيوية، وسياسات ومبادرات استباقية، بما في ذلك استراتيجية أبوظبي الصناعية، التي تعمل منذ إطلاقها في يونيو 2022 على تسريع التحول في الأنشطة الصناعية وتعزيز مكانة الإمارة بصفتها المركز الصناعي الأكثر تنافسيةً في المنطقة.
وفي هذا السياق، قال سعادة عبدالله غريب القمزي، المدير العام لمركز الإحصاء - أبوظبي بالإنابة: «ما زالت الأنشطة غير النفطية تحقق معدلات نمو استثنائية تؤكد مكانة اقتصاد الإمارة وقدرته على مواجهة التحديات التي يمر بها الاقتصاد العالمي. وتثبت التقديرات الإحصائية الربعية للناتج المحلي الإجمالي تقديم اقتصاد الإمارة ميزة تنافسية للمستثمرين بفضل النمو المتراكم للقطاعات الاقتصادية الحيوية. وقد ساهم هذا النمو الكبير في زيادة القيمة الكلية لاقتصاد الإمارة إلى أعلى قيمة لها في الربع الثاني من عام 2023 عند 287 مليار درهم، بفضل المساهمة الكبيرة لقطاعات الصناعات التحويلية والبناء والتشييد والقطاع المالي.»
أفضل أداء
وتشير التقديرات الإحصائية التي نشرها مركز الإحصاء - أبوظبي إلى أن نشاط التشييد والبناء يستمر في تحقيق معدلات نمو استثنائية في الربع الثاني من عام 2023 على أساس سنوي وصلت إلى 19.1% مقارنة مع نفس الربع من عام 2022، مسجلاً أعلى قيمة مضافة ربعية منذ عام 2014 عند 25.3 مليار درهم بفضل قدرة النشاط على تحقيق معدلات إنجاز مرتفعة، كما بلغت مساهمة هذا النشاط في إجمالي الناتج المحلي للإمارة 8.8%.
ووفقاً للبيانات التي أعلنها المركز للربع الثاني، واصل نشاط الصناعات التحويلية نموه صعوداً بنسبة 7% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي ليسجل القطاع أعلى قيمة مضافة ربعية له أيضاً منذ عام 2014، محققاً ما يقارب 25 مليار درهم خلال الربع الثاني من عام 2023، وصولاً لأعلى نسبة مساهمة له في الناتج المحلي الإجمالي عند 8.7%. ووصلت مساهمة هذه الأنشطة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 16.2% خلال نفس المدة.
وحقق نشاط تجارة الجملة والتجزئة أعلى قيمة مضافة ربعية له منذ عام 2014 عند 16.7 مليار درهم لتصل نسبة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني عند 5.8%. وبلغت نسبة النمو الكلي في هذا النشاط حسب التقديرات الإحصائية 13.4% خلال الربع الثاني من عام 2023.
القيمة المضافة
ووصلت القيمة المضافة لنشاط المعلومات والاتصالات ونشاط الصحة العامة لأعلى مستوى لهما أيضاً منذ عام 2014 عند 8 مليارات درهم و4.6 مليار درهم على التوالي، حيث بلغت معدلات النمو الربع في النشاطين على أساس سنوي خلال هذا الفترة 14.5% و9.8% على التوالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يعكس الأثر الإيجابي للسياسات الاقتصادية الحكيمة التي اتبعتها حكومة إمارة أبوظبي لتطوير خدمات المعلومات والاتصالات والصحة العامة.وتشير الأرقام الإحصائية الخاصة بالربع الثاني لعام 2023 إلى نمو استثنائي للقطاع المالي، حيث حقق أعلى نمو منذ عام 2014 عند 29.7% مع نمو القيمة المضافة لهذا القطاع لأعلى قيمة ربعية لها خلال خمس سنوات بأكثر من 18 مليار درهم بفضل السياسات المالية والمصرفية التي تتبعها الإمارة لتعزيز المكانة التنافسية لها محلياً ودولياً.
وتشير التقديرات إلى ازدهار نشاط النقل والتخزين ونشاط خدمات الإقامة والطعام، حيث بلغت معدلات النمو 16.9% و13.6% على التوالي خلال الربع الثاني من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: خلال الربع الثانی من عام 2023 فی الناتج المحلی الإجمالی الفترة من العام الماضی اقتصاد الإمارة غیر النفطیة ملیار درهم غیر النفطی أعلى قیمة فی الربع
إقرأ أيضاً:
هندسة اقتصاديات الإعلام: المشروع السعودي
في عالم تتسابق فيه الدول على تطوير اقتصاديات الإعلام، لم يعد إرسال بريد إلكتروني بلغة إنجليزية موحدة إلى شركة عالمية كافيًا لإقناعها بالاستثمار أو الشراكة. فالمسألة لا تتعلق بالرسالة، بل بفهم لغة السوق والسياق والثقافة. وعندما نتحدث عن دول ناطقة بالفرنسية، أو الإسبانية، أو اليابانية، فإننا لا نخاطبها بكلمات، بل بمنظومات من القيم والسلوكيات والتوقعات وتطوير محتوى محلي يجذب تلك الاقتصادات.
من هنا تنبع الرؤى الاستراتيجية التي ترى أن جذب اقتصاديات الإعلام إلى المملكة العربية السعودية لا يكون فقط عبر العروض النظرية أو الملتقيات والمعارض الدولية، بل من خلال بناء جسور فاعلة من خلال التواصل متعدد اللغات، تقودها كفاءات سعودية تفهم الواقع العالمي ميدانيًا، وتتمكن من التنقل بين العواصم لا كزائرين، بل كمبادرين يعرضون نماذج ومشاريع قابلة للتنفيذ، حاملين معهم منظومة متكاملة من التشريعات الذكية، والبنية التحتية المرنة، والدعم اللوجستي المستدام، والنجاحات المحلية، والرؤى الحكومية الواضحة التي توائم بين الهوية والربحية، وبين التمكين الثقافي والاستثمار العالمي.
إن الإعلام اليوم بوصفه قوة ناعمة تُشكّل الوعي الجمعي وتعيد إنتاج صورة الوطن في ذهن المواطن وفي أعين العالم الخارجي، يتطلب عدم اختزاله في أبعاد مالية فقط، أو اعتباره مجرد وسيلة لزيادة الوظائف أو الترفيه، فهذا يجعل المشروع الإعلامي هشًا على المدى المتوسط والبعيد، معرضًا للتآكل أو الابتلاع من قبل موجات العولمة الثقافية. لهذا، أؤمن أن الربحية الحقيقية لا تُبنى على تطوير المحتوى المحلي الإعلامي الحالي، بل إعادة تقديمه بلغة العصر وفهم السياق. وهذا ما يجعل المملكة العربية السعودية حالة فريدة: فهي تمتلك رصيدًا ثقافيًا وروحيًا وتاريخيًا عميقًا، وجذورًا حضارية ضاربة في التاريخ تجعل من الاستثمار في اقتصاديات الإعلام فرصة لزيادة الناتج المحلي.
ومع نضج الرؤية السعودية وثمارها المتحققة في مختلف القطاعات، يبرز الإعلام اليوم كركيزة مؤهلة لبناء اقتصاد وطني واعد، الذي يتطلب عملاً تكامليًا تشترك فيه التشريعات، والبنية التحتية، والنماذج التجارية، وتمكين الكفاءات لصناعة هذا الاقتصاد. ولقد قطعنا شوطًا معتبرًا، إلا أن الوقت قد حان لهندسة المشروع الإعلامي السعودي بجرأة تتجاوز التردد، مستندين إلى قيادة داعمة وكفاءات قادرة. خصوصا وإن التحولات الرقمية عالميا فتحت المجال لاعتماد نماذج هجينة: مثل الاشتراكات المدفوعة، والرعاية المؤسسية، وإنتاج المحتوى القابل للتصدير عبر منصات السينما ومن خلال صناعة الوثائقيات والبرامج. كما نحتاج إلى تطوير صناديق استثمار إعلامية تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحديدا، وتُحفّز ريادة الأعمال الإعلامية. كما أن المناطق الإعلامية بدورها يجب أن تتجاوز دور الحاضنة إلى كونها منظومة إنتاج متكاملة، تقدم المعدات، وتستقطب المواهب، وتدعم خدمات ما بعد الإنتاج، بما يفتح الباب أمام تصدير المحتوى إلى الأسواق العالمية، ويمنح السعودية موقعًا تنافسيًا في خارطة الإعلام الدولي.
ومن خلال تجربتي المهنية والعلمية الممتدة لأكثر من ٢٠ عاما محليا وعالميا لا سيما أثناء دراساتي في إسبانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وسويسرا والبرتغال، ورصدي المتعمق لنماذج مثل كندا وكوريا الجنوبية، تيقنت بأن تحقيق التوازن في بناء اقتصاد إعلامي ممكن وواقعي. فالنموذج الكندي يوفّق بين الاستقلال المالي وحماية الهوية المحلية بذكاء مؤسسي، بينما نجح النموذج الكوري في تصدير الثقافة الشعبية عالميًا دون المساس بلغتها أو روحها الاجتماعية. وهنا تكمن فرصتنا في السعودية: أن نبني اقتصادًا إعلاميًا متينا يلهم العالم لقصتنا الناجحة، ويحوّل الثقافة إلى منتج تنافسي، مع المحافظة على أصالة القيم والبعد التاريخي والحضاري والديني للمملكة.
ما طُرح سابقًا لا يكفي لتطوير اقتصاديات الإعلام؛ فلا بد من تمكين الكفاءات المحلية والحوكمة، فالكوادر السعودية تمتلك الموهبة والذكاء، لكنها بحاجة إلى بيئات تعليم إنتاجي، لا إلى تدريب تقليدي. ومن خلال إشرافي ومشاركتي في مشاريع إعلامية داخل المملكة وخارجها، لمست كيف يتحول الشاب من هاوٍ إلى محترف عندما يدعم مشروعه، ويتم تمكينه من التعامل مع الأدوات الرقمية، ودعمه لتوزيع أعماله. ولذا فالتمكين لا يعني التدريب فقط، بل توفير منصات واقعية لاختبار القدرات، ومشاريع تُظهر الطاقات وتُراكم الخبرات. أما الحوكمة، فهي ليست رقابة فحسب، بل يجب أن تكون أداة استراتيجية تُحفّز الاستثمار والابتكار من خلال ترخيص سريع لا يفرّط في الجودة، وحماية ذكية للمحتوى المحلي دون إعاقة المنافسة، وتقديم حوافز جذابة للمنصات العالمية لإنتاج محتوى سواء بلغة المستثمر أو بلغة سعودية. وفي الحقيقة فإن بعض هذه السياسات تم تطبيقها وبدأت تظهر نتائجها، لكنها تحتاج تسريعًا لتواكب إيقاع رؤية 2030.
بقي القول، إنه في هذا السياق المتغير، أؤمن أن بناء اقتصاد إعلامي سعودي فاعل لن ينجح بحلول آنية وقتية، أو جزئية، أو بأفكار متناثرة بين القطاعات الإعلامية، أو تجارب محكومة عليها بعدم النجاح، بل بقيادة متوثبة تعي أن الإعلام هو رافعة اقتصادية وهوية وطنية في آنٍ واحد. ومن خلال مسيرتي الممتدة في بيئات دولية متعددة، أدركت أن توطين الإعلام لا يعني التضييق أو الاعتماد على أفكار حالمة وتنظير وبالعقلية الواحدة، بل بتوسيع الأفق ورؤية تستثمر في الإنسان والمحتوى والتقنية. إن الإعلام السعودي اليوم أمام فرصة تاريخية لتشكيل نموذج إعلامي يصدر القيم، ويستثمر في المحتوى، ويُنتج اقتصادًا ثقافيًا مستدامًا. ومع قيادة داعمة، وكوادر قادرة، وسياسات مرنة، يمكننا هندسة مستقبل إعلامي ينتج للعالم بلغة سعودية، ويُنافس بثقة، ويقود بإبداع.
ــ
صحفي وأكاديمي.
الإعلاماقتصاديات الإعلامقد يعجبك أيضاًNo stories found.